في دورته 36 مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ..السينما لغة سيميائية في غاية من الدلالات والابداع

عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 4632 - 2014 / 11 / 13 - 15:30
المحور: الادب والفن
    

الذاكرة المرئية تتجه نحو آفاق جديدة

عصام الياسري
بمسرح المحكي في قلعة صلاح الدين في العاصمة المصرية "القاهرة" افتتح مساء يوم الاحد 2014.11.09 مهرجان القاهرة السينمائي الدولي "الدورة 36" وسط اهتمام فني واعلامي كبير، ومشاركة نخبة من المتخصصين في شؤون السينما من فنانين ونقاد أتوا من انحاء مختلفة من العالم. وكان على هذه الدورة أن تنعقد في العام 2013 إلا أن رئيس المهرجان الناقد سمير فريد الذي اوكلت اليه في العام 2013 مهام رئاسة المهرجان قد ارتأى بناءً على معطيات موضوعية، سياسية وحرفية، تأجيله لفترة عام. ليستطيع وهو المتابع وصاحب الخبرة في شؤون السينما والاعلام مشواره وفق خطط مدروسة، ويؤسس كما أشار في حديث لنا معه، لمهرجان سينمائي رفيع المستوى بحلة وبرامج جديدة تجعل منه شأناً ذو أهمية عالمية يضاهي المهرجانات الدولية الاخرى.
وعلى الرغم من الضجة الاعلامية التي اثيرت على مدى عام ونصف حول المهرجان واسلوب تنظيمه، استطيع القول بأن اللجان وادارة المهرجان "من الشابات والشباب" الذين سهروا على تنظيمه، قد بذلوا قسطا كبيرا من الجهد لانجاحه ليكون مهرجانا سينمائيا محتلفاً عن المهرجانات السابقة ويبلغ حقول الحرفية والمعرفة. ورغم هذا الجدل، تبق القيّم الابداعية في اختيار العروض السينمائية التي تضمنها برنامج المهرجان، عروضا ذات ابجديات قيمة اذا ما قورنت ببرامج مهرجانات عالمية أخرى. تعتبر صناعة السينما من منظور ابداعي وتعبيري وجمالي، فناً متميزاً، ذو أهمية بالغة في حياة المجتمعات، كونها، أي السينما بالصوت والصورة "لغة سيميائية" لها ادواتها التعبيرية التي تميزها عن باقي مجالات الثقافة. بالنسبة لمصر على المستوى العام، فليس ثمة وسيلة تستطيع أن تجعل من السينما شأناً هاما في حياة المجتمع مثل مهرجان القاهرة سيما في الظرف الراهن، كونه أي الفيلم احد الوسائل التنويرية لمواجهة التخلف والاستبداد، أيضاً نشر الوعي الترفيه.
في الهواء الطلق في فناء االقلعة شهد افتتاح المهرجان الذي يستمر عشرة أيام، حشد كبير من النجوم والفنانين والصحافيين الذين شاهدوا استعراضا فنياً وثقافياً ممتعاً، تم خلاله، تقديم "جائزة نجيب محفوظ" لكل من الفنانة نادية لطفي والفنان الالماني فولكر شولندورف والفنان المغربي نور الدين صايل تكريما لاعمالهم الابداعية. وتحتفي دورة هذا العام، باستقرار الاوضاع على مختلف الصعد واهمها السياسية والمضي باتجاه بناء مصر الجديدة. ويقول منظمو المهرجان إن صور ميدان التحرير في قلب القاهرة أصبحت جزءا من الذاكرة المرئية للعالم، وإن انتعاش الثقافة والفنون سيلقي بظلاله على تطور مصر وبالتالي نقلها لمواجهة الارهاب وفتح آفاق زاهرة نحو المستقبل.
وعلى هامش المهرجان تقام بعض الندوات والابحاث الفكرية حول مهرجانات السينما العربية يشارك فيها كل من: محمد بوغلاب "ايام قرطاج السينمائية" ابراهيم دسوقي "مهرجان الاسكندرية" ناجح حسون "مهرجان دمشق" سامي حلمي "مهرجان الاسماعيلية" خالد الخضري "مهرجان مراكش" زياد عبدالله "مهرجان دبي" بشار ابراهيم "مهرجان ابو ظبي". وهناك فعاليات ثقافية اخرى ابتكرها المهرجان مثل: معرض صور "مئوية بركات" ومعرض فن تشكيلي للفنانة الاماراتية "نجاة مكي" ومعرض المطبوعات السينمائية.
افتتح مهرجان القاهرة، الأكبر جماهيريا من ناحية الاهمية ونوع وحجم العروض في العالم العربي، فعالياته بعرض الفيلم "القطع" من اخراج فاتح آكين، وهو انتاج الماني بمشاركة فرنسية بولندية تركية كندية روسية ايطالية، تدور أحداثه خلال فترة الحرب العالمية الاولى حيثما الامبراطورية العثمانية إتسعت حدودها وبلغ اضطهادها للقوميات الاخرى وخاصة الارمن حده، انتج الفيلم في العام 2014 وطوله 138 دقيقة.. وبفيلم "انجلنرا الصغيرة" سيختتم المهرجان اعماله، وهو فيلم روائي يوناني انتج عام 2014 وطوله 132 دقيقة ومن اخراج باتيتلس فولجاريس، وتدور احداثه بين 1930 و 1940 في جزيرة يونانية تشتد فيها المنافسة في صناعة الشحن وكسب السوق تجارياً.
بالاضافة الى قسم افلام المسابقة الدولية التي تتضمن الروائي والتسجيلي والقصير في المهرجان، هناك اقساما لعروض متنوعة هامة اخرى ـ قسم الافلام الكلاسيكية الطويلة والقصيرة، افلام عن السينما، الافلام الوطنية، عروض خاصة، وقسم مهرجان المهرجانات. وابتكر المهرجان نوعا آخر من العروض ولاول مرة، هو اقامة المعارض التشكيلية والجمع بين كل الفنون داخل كل الاقسام.. وسيعرض المهرجان في هذه الدورة 16 فيلماً من 14 دولة في اطار عروض المسابقة على المستوى الدولي، أحد عشر فيلما روائياً وثلاثة تسجيلي واثنان الرسوم المتحركة من ايطاليا ايران فرنسا فلسطين امريكا الصين الدومينيك اليابان استراليا مصر اسبانيا اليونان. و 15 فيلماً في العروض الخاصة و 16 فيلماً في مهرجان المهرجانات و 8 أفلام عن السينما، وكلاسيكيات الافلام الطويلة 11 فيلماً. أما افلام التكريم الخاصة باليونان ضيف الشرف على هذه الدورة فهي 11 فيلماً، كما هناك 12 فيلماً "رسوم متحركة ـ كارتون" عن السلام، فيما ستقام العديد من المؤتمرات الصحفية وعروض الكتب المتعلقة بالمهرجان.. وتتكون لجنة التحكيم الدولية من 9 اعضاء و3 من لجنة تحكيم الاتحاد الدولي لنقاد السينما "فيبريسي".
يكتسب مهرجان القاهرة لهذا العام وفي ظروف حرجة تمر بها مصر أهمية قصوى، فمسألة نجاحه بالنسبة للفنانين وللثقافة أمراً في غاية من الاهمية، سيما وانه تعرض في فترة تأجيل انعقاده الى محاولات تهميش ونقد عبثي كادت ان تعصف به وبتاريخه. الامر الذي جعل اصحاب الفن والثقافة والاعلام والسياسة لان يرفعوا خلال المهرجان اصواتهم دفاعاُ عنه وأهمية استمراره باعتباره واحدأ من أهم وسائل التحدي الفاعلة لمواجهة التخلف والارهاب الذي تتعرض له مصر والمنطقة.. بيد أن المهرجان وبسبب الاوضاع وعدم خبرة الكادر المشرف على ادارته، أيضاً، إفتقار الكثير من المقومات الفنية والحرفية، قد سهلت طارئة سقوطه في بعض الاخطاء التكنيكية، وان كانت بسيطة ألا أنها نالت من بعض جوانبه الجمالية. بالنهاية فان نجاح المهرجان وعودته الى حاضنة الثقافة سيسهم بشكل وآخر في تعزيز مكانة مصر داخلياً وعلى كل المستويات.

#عصام_الياسري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات