أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - توفيق أبو شومر - المعلمون بين غوركي وتشيكوف














المزيد.....

المعلمون بين غوركي وتشيكوف


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 4632 - 2014 / 11 / 13 - 09:27
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


"آه لو كان عندي نقود لأقمتُ مصحَّا للمدرسين المرضى!
آه لو تعرف حاجتنا للمدرسين الجيدين المثقفين، ينبغي علينا أن نحيطهم بعناية خاصة، بأسرع وقت ممكن، فلا نستطيع أن نُؤسس شعبا مثقفا ثقافة واسعة بدون معلمين واعين ، فالدولة ستنهار بلا هؤلاء.
فالمدرس ينبغي أن يكون فنَّانا ومصوِّرا متيما بعمله!!
أما عندنا، فالمدرس عاملٌ يدوي، قليل الثقافة، جائعٌ مقهور، خائف على كسرة خبزه!!
يجب ألا نُذلَّ كرامته، فمن الحماقة أن نُعطي رجلا مدعوٍا لتربية الشعب، مرتبا شهريا حقيرا!!
لا يجوز أن نسمح له بأن يسير في أسمالٍ بالية، يرتعش من البرد، وفي الثلاثين من عمره يُصاب بالتهاب المفاصل والرئة، الناجمة عن دخان المدافئ المهترئة، عارٌ علينا هذا. إن ما يحدث عندنا هو امتهانٌ لإنسانٍ يؤدي عملا رائعا مهما!!"
انتهى الاقتباس(من كتاب: مؤلفات مختارة، لأنطون تشيكوف)"
النصُّ السالف كتبه ، مبدع رواية الأم (مكسيم غوركي) عام 1887 يتحدث فيه عن أبرز أمنيات زميله المسرحي الكبير( أنطون تشيكوف) حين دعاه إلى منزله!!
هي ليست نبوءة ، وإنما هي لغة العقل، ولغة مَن يرغبون في بناء المجتمع بناء عقليا وروحيا، فبناءُ الإنسان هو جوهرُ الصراع منذ الأزل!
لقد اهتدى غوركي إلى أبرز لَبِنَات البناء، وأهم قواعد الأساس، وهو المعلم، فبدونه يصيرُ البناءُ خرابا،
مَن يتابع حالةَ المدرسين في معظم الدول( النائمة) سيجد أنها لا تُولي عناية للمدرسين، بل إنها تضطهدهم، وإليكم بعض أمثلة الاضطهاد:
المرتب الشهري الضئيل يقع في المرتبة الأولى، وتأتي بعده بالضبط المقررات والمناهج المدرسية المُحبطة، ونظام النجاح الآلي، ويلي ذلك الإدارة المدرسية البيروقراطية، وأساليب متابعة وزارات التعليم للمدرسين، واكتظاظ الفصول المدرسية، وتقييد حرية المدرسين، وإشغالهم بأنصاف وارباع الدرجات والسجلات، مع وجود الكمبيوترات!
إنَّ كلَّ أشكال الاضطهاد السابقة أرغمت معظم المدرسين لممارسة أسوأ الحرف والمهن في العالم، وهي مهنة التدريس الخاص!!
وصار مألوفا عند معظم المدرسين المضطهدين، أن يركبوا موجة الثراء، باحتكار آليات التدريس للمقررات المدرسية وتحويلها إلى مهنةٍ مُربحة، وتفكيك كتب المناهج إلى أحاجٍ وألغاز، وإعادة صياغتها في كتب تجارية ربحية، لا ينجح الطلاب إلا بالاستعانة بها، وهذا يشمل الجامعات والمعاهد أيضا.
وظهرت طائفةٌ أخرى، مهنتها إعداد البحوث والدراسات، ووسائل الإيضاح من التُجَّار المحترفين،
يكتبون الأبحاث والدراسات بأسماء الطلاب الراغبين في الحصول على النجاح، وبعد أن يشتريها الطلابُ الذين لم يكتبوا فيها حرفا واحدا، يُسلمونها إلى أساتذتهم ومعلميهم، ويضع المعلمون الدرجات عليها، وهم يعلمون أنها ليست من إبداعات طلابهم، بل إنها أبحاثٌ مشتراة من سوق الأبحاث والدراسات السوداء!
فالنجاحُ والتفوُّق يُمنحان للورق، وليس للطلاب أنفسهم ولكفاءتهم!!
وصار مألوفا أن يتحول المدرسُ من صاحب رسالة تربوية وطنية، إلى صاحب مهنة تجارية!!
ووصل الأمر بكثيرٍ من هؤلاء إلى معاقبة وطنهم، فصاروا يعتبرون عملهم اليومي في مدارسهم، وسيلة لاصطياد الطلاب الموسرين، لغرض جني الأرباح، وأصبحَ عملهم المسائي الخاص حتى طلوع الفجر هو الأهم، أما دوامهم في عملهم الحكومي فهو استثناءً للاستراحة!!
ولعلَّ أخطر ما في ذلك، هو قناعة معظم طلابنا بأن العلوم التي يدرسونها في مدارسهم لن توصلهم إلى الحياة إلا عبر سماسرة الدروس الخصوصية، وصار مألوفا أن تُخصص الأسرُ جزءا من دخلها الشهري لتغطية نفقات هذه الدروس!
ولعل أخطر ما في هذه السمسرة أن كثيرين من الطلاب الأذكياء، لم يعودا يثقون في ذكائهم وقدراتهم على الإبداع والتفوق، بفعل نظام الامتحانات العقيم، المصمم خصيصا للمدرس السمسار!!
فأصابهم الإحباط وغدوا مقتنعين بأن النجاح والتفوُّق لا يمكن أن يكون إلا على يد مدرس محترفٍ سمسار، محترفٍ فقط بالإجابة على أحاجي الاختبارات.
وأخيرا:" إن ما تُعطونه للمعلمين مِن مرتباتٍ وحوافز، يعود ربحا وفيرا لأبنائكم، وهو السلم الموصل إلى العُلا "



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاموس عوز الخائن والمسيح وحماس
- سجود البعير وعجين السمبوسه
- مستقبل القدس بعد حادثة شايا
- أغلفة البضائع أثمن من البضاعة
- المقدس الرجل والمدنس المرأة
- الأعياد بين الدين والدولة
- احذروا داعش على أبوابكم
- من قصص الإعمار في غزة
- الهجرة النفسية والإحباط
- شهادات متمردي وحدة 8200
- جرائم بيئية في غزة
- قصة الطفل دانيال وقصة أطفال غزة
- لاتفخروا بنضالكم على أهلكم
- زراعة نُطف جنود غولاني
- جامعات العباءات وجامعات الإبداعات
- تيمورلنك يعود إلى العراق
- أطفال غزة فرائس الصحفيين
- الفرق بين دعم الخطة ودعم الشفقة
- فقه التفسيرات في قصف الطائرات
- يجب إعلان جيش إسرائيل جيشا إرهابيا


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - توفيق أبو شومر - المعلمون بين غوركي وتشيكوف