أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - التحضير لفيلم أميركي في هنغاريا على طريقة -الربيع العربي-















المزيد.....

التحضير لفيلم أميركي في هنغاريا على طريقة -الربيع العربي-


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 4630 - 2014 / 11 / 11 - 23:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سنة 1956 اندلعت الاحداث الضخمة المشهورة في المجر، وانشق الحزب الشيوعي الحاكم حينذاك على نفسه، وأيد جزء كبير منه اجراء الإصلاحات في النظام القائم، وتعزيز الاستقلالية حيال القيادة السوفياتية، وثارت قطاعات جماهيرية واسعة ضد الأجهزة البيروقراطية للحزب والسلطة، وتدخلت المخابرات الغربية بقوة لتوسيع الانشقاق، ووقفت البلاد على شفا حرب أهلية طاحنة، وحينذاك تدخلت القيادة السوفياتية الخروشوفية وارسلت الجيش الأحمر لدعم الجناح المحافظ وسحق التدخل الخارجي والجناح الإصلاحي والليبيرالي. وقد لجأ حينذاك رئيس الحكومة الإصلاحي ايمري ناجي وبعض القادة الإصلاحيين الاخرين الى السفارة اليوغوسلافية في بودابست، فوعدهم خروشوف بتأمين محاكمة علنية عادلة لهم اذا سلموا انفسهم، وقد سلموا انفسهم بناء لهذا الشرط الذي لم ينفذ بالطبع. وتم ابعاد ايمري ناجي الى سجن في رومانيا. وفشلت محاولات تطويعه في فترة السجن. وأخيرا أجريت له "محاكمة" سرية على الطريقة الستالينية التي كان الكاراكوز النيوستاليني خروشوف يتبجح بانتقادها، وتم إعدامه سرا سنة 1958.
نزعة الاستقلال الوطني للهنغاريين
وان لجوء ايمري ناجي ورفاقه الى السفارة اليوغوسلافية (وليس الأميركية او أي سفارة غربية أخرى)، ومن ثم موافقتهم على تسليم انفسهم مقابل اجراء محاكمة علنية لهم، يدل على ان ايمري ناجي لم يكن عميلا غربيا ولم يكن يسعى لانقاذ جلده، ولم يكن عدوا للاتحاد السوفياتي وان كان يعارض هيمنة القيادة السوفياتية، بل كان ذا نهج وطني ـ استقلالي (على الطريقة اليوغوسلافية التي كان يقودها تيتو في حينه)، وكان على استعداد للمغامرة بحياته مقابل اتاحة الفرصة له للدفاع عن نهجه خلال المحاكمة العلنية. ولكن الخائن النيوستاليني نيكيتا خروشوف (الذي يعمل ابنه سيرغيي اليوم عميلا مكشوفا للسي آي ايه ويعيش في أميركا) لم يتح له هذه الفرصة. والان يمكن القول ان خروشوف ذهب الى مزبلة التاريخ، اما "طيف" ايمري ناجي، او نهجه الاستقلالي ـ الوطني، فلا يزال يظلل هنغاريا والشعب الهنغاري الذي يمتلك حسا وطنيا رفيعا. ويقول بعض المطلعين ان النهج الوطني ـ الاستقلالي لغالبية الهنغاريين سيفعل فعله في الاحداث التي ترهص بها هنغاريا اليوم.
الاسفين الأول في صرح "اتفاقية يالطا" المعادية للشعوب
وكانت احداث المجر سنة 1956 اول هزة كبرى تصيب المنظومة السوفياتية في أوروبا الشرقية بعد الحرب العالمية الثانية واتفاقية يالطا لتقاسم النفوذ العالمي بين القيادة الستالينية والغرب الامبريالي، وقد انتهت هذه الدورة التاريخية بهدم جدار برلين في اعقاب فتحه في 1989، وانهيار المنظومة السوفياتية في أوروبا الشرقية على اثر ذلك، ومن ثم الانهيار التام لاتفاقية يالطا، التي كانت تحد من دعم الشعوب السوفياتية لحركات التحرير والحركات الشيوعية والتقدمية في العالم.
وسيكون من الصعب الان، بل من الخطأ الفادح، النظر في الاحداث التي جرت وتجري وستجري من الان فصاعدا في هنغاريا، بدون النظر الى خلفية "احداث" او "ثورة" او "انتفاضة" او "شغب" (كما يسميها مختلف الأطراف) 1956، والعوامل المحركة لها، ولا سيما العامل الاستقلالي ـ الوطني. بل ان بعض الباحثين يرى انه مثلما دشنت "احداث 1956" التي انطلقت أولا من داخل "الحزب الشيوعي الهنغاري"، وزعزعت اول ما زعزعت هيبة هيمنة القيادة البيروقراطية السوفياتية السابقة على أوروبا الشرقية، موجهة طعنة نجلاء الى اتفاقية يالطا لتقاسم النفوذ العالمي بين القيادات الامبريالية الغربية والقيادة الستالينية؛ فإن هنغاريا هي مرشحة الان لان تكون في طليعة بلدان أوروبا الشرقية (الاشتراكية سابقا) في التمرد على الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والهيمنة الأميركية، وذلك بالضبط بدءا من الأوساط الهنغارية اليمينية المحافظة والرأسمالية، الموالية للغرب والمعادية للشيوعية، وذلك انطلاقا من المواقف الاستقلالية ـ الوطنية، التي تأخذ في الاعتبار ـ أولا ـ المصالح القومية لهنغاريا والشعب الهنغاري.
العلاقات الروسية ـ الهنغارية تعود الى وضعها الطبيعي
وتؤكد كل المعطيات ان العلاقات الهنغارية ـ الروسية أصبحت تدخل من جديد في صلب الحياة السياسية لهنغاريا. وهذا ما يجعل من الضروري القاء نظرة الى طبيعة هذه العلاقات منذ احداث 1956.
اذا تجاوزنا جدلا مرحلة خائن الشيوعية الأكبر يوسف فيساريونوفيتش دجوكاشفيلي (ستالين)، فإن الخائن النيوستاليني نيكيتا خروشوف ارتكب ثلاثة أخطاء كبرى، ترقى الى مستوى الجرائم والخيانة الوطنية والاممية، بحق شعوب الاتحاد السوفياتي والمنظومة السوفياتية السابقين، عامة، وبحق الشعب الروسي خاصة. ونكتفي بالإشارة الى بعض تلك الأخطاء ـ الجرائم:
بعض جرائم الخائن النيوستاليني خروشوف
ـ1ـ بدلا من إعادة ضم أوكرانيا الى الوطن الام روسيا، قام خروشوف بـ"إهداء" شبه جزيرة القرم الى أوكرانيا سنة 1954، مما عزز الاتجاه الفاشستي والشوفيني المعادي لروسيا في أوكرانيا، وهو اتجاه مرتبط بشكل وثيق بالغرب الامبريالي بدءا من النازية الهتلرية و"الكاثوليكية" البولونية المعادية لروسيا الارثوذكسية والعميلة تقليديا للغرب منذ أيام "الإمبراطورية الرومانية المقدسة".
ـ2ـ بدلا من تأييد الاتجاه الإصلاحي ـ الاستقلالي ـ الوطني في الحزب الشيوعي الهنغاري، ودعمه أيديولوجيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا، ودفعه لتصفية الحساب وسحق الاتجاه العميل والموالي للغرب في هنغاريا، قام خروشوف بالاستخدام التعسفي للجيش الأحمر، ونواته الرئيسية الروسية، لضرب وسحق الاتجاه الإصلاحي ـ الاستقلالي ـ الوطني في الحزب الشيوعي الهنغاري، بحجة ضرب الاتجاه العميل الموالي للغرب؛ وهذا ما اضعف الى اقصى حد الحزب الشيوعي الهنغاري ككل، ووجه طعنة للنفوذ السوفياتي (والروسي)، وعزز مكانة الاتجاه العميل والموالي للغرب في هنغاريا وأضفى عليه طابعا "وطنيا".
ـ3ـ بدلا من تعزيز علاقات الصداقة والاخوة السوفياتية (والروسية) ـ الصينية، بمعزل عن أي خلاف أيديولوجي حقيقي او مزعوم، انتهجت القيادة الخروشوفية في حينه سياسة مدروسة (تطبيقا لاتفاقية يالطا التي سبق ووقعها ستالين، والتي تم بناء "لروحها" حل الكومنترن الشيوعي العالمي) لتحطيم وحدة الحركة الشيوعية العالمية ووحدة شعوب ودول المعسكر الاشتراكي بشكل عام، وزرع الشقاق الحاد بين الاتحاد السوفياتي والصين الشعبية بشكل خاص، ومحاصرة الصين ومقاطعتها اقتصاديا ومحاولة تجويعها وتطويعها، بالتنسيق الكامل، المكشوف والمستور، مع الدوائر الامبريالية والصهيونية العالمية.
ولا شك ان هذه الارتكابات خلفت ارثا سلبيا كبيرا للدولة الفيديرالية الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ناهيك عن كل الإرث السلبي الذي خلفته الستالينية والنيوستالينية.
روسيا المعاصرة تعمل على إزالة آثار الجرائم الستالينية والنيوستالينية
ولكن بعد طي صفحة المرحلة الخيانية الغورباتشوفية ـ اليلتسينية، التي هي امتداد "طبيعي" للمرحلة الخيانية الستالينية ـ النيوستالينية، وبعد ان استعادت بقوة هويتها القومية، بدأت الفيديرالية الروسية العمل بثبات لإزالة مخلفات الأخطاء ـ الجرائم الكبرى من الماضي. فتحسنت بشكل ممتاز العلاقات الروسية ـ الصينية، وبدأت علائم ظهور محور روسي ـ صيني يضطلع بدور مكوّن رئيسي في السياسة الدولية لا يستطيع احد تجاوزه. وفي الازمة الأوكرانية الأخيرة استعادت روسيا شبه جزيرة القرم، بسرعة خاطفة، وبشكل قانوني ودمقراطي وسلمي تماما، وهي تنتهج الان سياسة ثابتة، هادئة وطويلة النفس لاستعادة أوكرانيا الى الوطن الام روسيا ولو ـ مرحليا ـ تحت شكل من اشكال الكونفيديرالية، التي تحفظ لكييف نوعا من التميز والاستقلالية الشكليين كالعلم والنشيد الوطنيين ومركز رئاسة الجمهورية وحرسه الفولكلوري. وفيما عدا هذا "الحل الواقعي" الذي يحفظ شكليا ماء وجوه الجميع، فإن السياسة العنجهية الغربية التي تنظر الى السلافيين كعبيد، والتي تريد تحويل أوكرانيا الى "جمهورية موز أميركية لاتينية" او حتى "مستعمرة افريقية بيضاء"، ـ هذه السياسة هي كفيلة ـ في الحساب الأخير ـ بدفع جماهير الشعب الاوكراني السلافي ـ الأرثوذكسي الابي الى الزحف على الركب نحو الحدود الروسية ـ الأوكرانية المصطنعة، راجية العودة الى حضن الوطن الام روسيا العظمى، الكفيلة وحدها باستعادة كرامة الاوكرانيين وإعادة اوكرانيا الى الحياة الطبيعية.
هنغاريا ستعود دولة إقليمية كبرى في أوروبا الوسطى
اما بالنسبة لهنغاريا، فإن روسيا تجاوزت بكبرياء أخطاء المرحلة الستالينية ـ الخروشوفية، وهي تنظر بصبر وتسامح وترفع الى الحملات العنصرية المعادية لروسيا التي لا تزال تشنها الأوساط الفاشستية واوكار السي آي ايه والموساد في هنغاريا، ومع ان الذي يحكم هنغاريا منذ سنوات طويلة هو حكومات اليمين ويمين الوسط، التي كانت معادية تقليديا للشيوعية ولا تكن أي تعاطف مع روسيا، فإن روسيا تتعامل مع هنغاريا تعامل "الصديق عند الضيق"، ولا سيما في ظروف الازمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة التي انعكست بشكل مأساوي على بلدان أوروبا الجنوبية والوسطى، بما فيها هنغاريا. وتنطلق روسيا من مبدأ مساعدة هنغاريا على العودة للاضطلاع بدور دولة إقليمية قوية و"كبرى" في وسط أوروبا، قادرة على ان تقول "لا" لحلف الناتو ولألمانيا وبولونيا وإيطاليا وفرنسا.
وفي هذا الصدد تقول مختلف الاحصائيات ان هنغاريا التي يبلغ عدد سكانها عشرة ملايين نسمة تعتمد على روسيا بنسبة 70 ـ 80% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي. وفي الفترة الأخيرة عقدت هنغاريا مع موسكو صفقة بقيمة عشرة مليارات يورو لكي تقوم مؤسسة الطاقة النووية الروسية "روس أتوم" التي تديرها الحكومة باجراء توسيعات في محطة الكهرباء النووية الهنغارية "باكش"، وهي المصدر الرئيسي لتزويد هنغاريا بحاجتها من الكهرباء الرخيصة، التي تساعدها في مواجهة الازمة الاقتصادية العالمية. وستتم تغطية هذه الصفقة بقرض مخفض الفائدة من قبل الحكومة الروسية، ويتم تسديد القرض خلال 21 سنة. وقد مكنت هذه الصفقة الحكومة الهنغارية التي يترأسها فكتور اوربان رئيس حزب "فيديس" (اتحاد الدمقراطيين الشباب) (حزب قومي ـ يمين وسط) من تخفيض أسعار الكهرباء، خلافا للاتجاه السائد في أوروبا. وروسيا هي أيضا اكبر شريك تجاري لهنغاريا خارج الاتحاد الأوروبي، حيث بلغت قيمة الصادرات الهنغارية الى روسيا 2.55 مليار يورو عام 2013، مما يعتبر سندا رئيسيا للإنتاج والدخل الوطني في هنغاريا.
بناء على هذه المعطيات الواقعية، فإن هنغاريا استطاعت الصمود اقتصاديا وعدم الوقوع تحت عبء المديونية الخارجية والشروط المجحفة والمذلة التي يفرضها البنك الدولي والبنك المركزي الأوروبي.
الهنغاريون يشككون في النظام الاقتصادي العالمي
وكانت هنغاريا قد انتقلت الى الرأسمالية سنة 1989 ثم انضمت الى الاتحاد الاوروبي، ولكن قسما كبيرا من الهنغاريين ظلوا يشككون في النظام الاقتصادي العالمي السائد والقيم الليبيرالية لاوروبا الغربية.
هنغاريا تعارض العقوبات ضد روسيا
وقد نقلت رويترز عن رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان ان بلاده تعارض فرض الاتحاد الاوروبي عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب "تدخلها" المزعوم في أوكرانيا. ونقلت جريدة فيلاغاسداشاغ (الاقتصاد العالمي) اليومية عن أوربان قوله "انه من الافضل تجنب العقوبات الاقتصادية لانها ليست في صالح أوروبا ولا المجر." ووصف العقوبات بأنها... "كمن يجدع أنفه ليغيظ خصمه".
وقال أوربان إن الازمة الاوكرانية والعقوبات السياسية منذ ان فرضت لم تؤثر على الصفقة النووية للمجر مع موسكو حتى الان وأنه يأمل في ان يبقى الحال على هذا النحو.
ويتصف اوربان بنزعته القومية، مما يكسبه شعبية خاصة، وتصفه بعض وسائل الاعلام بأنه يشبه رئيس جمهورية افريقيا الجنوبية جاكوب زوما.
اوربان يستفز انجيلا ميركيل
ويتهم اوربان البنوك الأجنبية بأنها تحاول ان تستغل الناس العاديين، وقد اثار حفيظة المستشارة الألمانية انجيلا ميركيل حينما صرح ان المانيا النازية سبق وارسلت الدبابات لاحتلال هنغاريا (كانت هنغاريا حليفة لهتلر خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن قبل نهاية الحرب اخذت حكومتها تفاوض الحلفاء سرا لاجل الاستسلام، فأرسل هتلر الدبابات واحتل هنغاريا واجبرها على متابعة الحرب الى ان سقطت بودابست تحت ضربات الجيش الأحمر).
ويناهض صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي
كما خاض اوربان حربا إعلامية مع صندوق النقد الدولي حينما ملأت شوارع بودابست الإعلانات التي تقول ان هنغاريا لن تخضع لاملاءات الصندوق. كما قال ان جيشا من البيروقراطيين في بروكسل يهاجمون سيادة هنغاريا. وتعلق امرأة مسنة تعتني بزوجها المقعد: ان اوربان يدافع عن الشعب الهنغاري، وهو ليس مطية للاتحاد الأوروبي، وهذا امر جيد.
"الربيع الأميركي" على الابواب
وفي السنوات الأربع الأخيرة، بعد فوز حزب "فيديس" بالأكثرية في انتخابات 2010 وتشكيل اوربان للحكومة، اتهمته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنه يقوض الآليات الدمقراطية وحرية التعبير في هنغاريا، وبأنه يطبق "النموذج البوتيني للحكم" أي "الدمقراطية الواجهوية"، التي يتم فيها مركزة السلطات، والقضاء، والمحكمة الدستورية، ووسائل الاعلام، والبرلمان في ايدي حزب واحد.
كما اتهمته المجموعات اليهودية بأنه لا يفعل ما فيه الكفاية لمواجهة الحملات "المعادية للسامية".
واتهمه صندوق النقد الدولي بأنه يهدد الاستقرار المالي للبلاد.
كما اتهمته عدة شركات اجنبية ذات توظيفات كبرى في هنغاريا بأنه يمارس ضدها سياسة "صيد الساحرات".
وجاء موقف هنغاريا المعارض لفرض العقوبات على روسيا (كالقشة التي قصمت ظهر البعير) ليزعج تماما الكتلة الغربية خارجيا وأعداء روسيا العنصريين داخليا. وبسحر ساحر، تحركت المظاهرات المعادية للحكومة على طريقة "الربيع العربي" المشؤوم. وكانت اكبرها المظاهرة التي سارت في شوارع بودابست منذ اسبوعين وشارك فيها حوالى 100 الف متظاهر. وكان المحرك الظاهري للمظاهرات هو الاحتجاج على عزم الحكومة فرض ضريبة على استخدام الانترنت في سنة 2015. وقامت حملة احتجاج للغرض نفسه في الفايسبوك شارك فيها حوالى 250 الف شخص. وسمعت في المظاهرات هتافات تطالب باستقالة فيكتور اوربان.
وسائل الاتصال الحديثة في الستراتيجية الامبريالية
وتقول الحكومة الهنغارية ان الضريبة الجديدة ستساعدها على جمع مبالغ تساهم في الاحتفاظ بنسبة عجز منخفض للميزانية دون مستوى 3% مما هو احد شروط عضوية الاتحاد الأوروبي. ولكن رويترز تقول ان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ينتقدان حكومة اوربان بأنها تريد استخدام ضريبة الانترنت كمدخل لتقييد الحريات والحد من حرية نقل المعلومات.
وفي هذا الصدد ينبغي التذكير ان شبكة الانترنت وأجهزة الاتصال الحديثة، مع كل ايجابياتها، تقدم لأجهزة المخابرات الامبريالية والصهيونية إمكانية خرق سيادة الدول، وإدارة وتوجيه المجموعات التجسسية (بل كل فرد على حدة) والتخريبية والارهابية بشكل فوري وتفصيلي ودقيق. وهو ما أكدته تماما احداث ما يسمى "الربيع العربي" المشؤوم، واحداث الانقلاب الفاشستي في أوكرانيا.
البرلمان الروسي قصف بأمر مباشر من واشنطن
ومن اهم ما يذكر على هذا الصعيد هو انه لدى اندلاع الازمة الدستورية بين يلتسين والبرلمان الروسي في أيلول ـ تشرين الأول 1993، ووقوف البرلمان والمحكمة الدستورية ضد يلتسين، فإن العميل يلتسين كان على اتصال دقيقة بدقيقة مع البيت الأبيض الأميركي، وان الأوامر بقصف البرلمان الروسي بالدبابات، باسم "الدمقراطية!" بلا شك، قد صدرت تحديدا من البيت الأبيض الأميركي. وهذا ما لا يمحى من تاريخ العلاقات الروسية ـ الأميركية، ولن تنساه ابدا جميع الأجيال الروسية.
وحكومة فيكتور اوربان ذات النزعة الوطنية ليست غريبة عن هذه الأجواء. وهي تدرك تماما ان سيادة هنغاريا هي تحت المقصلة.
الفيلم الأميركي القادم
ويقول بعض الخبراء ان هنغاريا مرشحة كي تكون مسرحا لفيلم أميركي جديد، يجمع بين نسخة معكوسة عن احداث 1956 ونسخة معدلة عن الانقلاب الفاشستي الأخير في أوكرانيا.
واذا كانت الدبابات الروسية ستكون الغائب الاكبر عن مثل هذا الفيلم (وربما تحل محلها الطائرات والدبابات الناتوية)، فإن "شبح بوتين" سيكون ـ كما هو الان ـ حاضرا بقوة، خصوصا وان المجريين ـ كما تقول موسوعة ويكيبيديا ـ هم "شعب يعود أصله إلى وسط وشمال ما يسمى الآن روسيا".
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا تستعد لحرب كونية شاملة
- طاعون -التحول الدمقراطي الغربي- في بلغاريا
- الكتلة الغربية تهدد السلام وأمن الشعوب وكل الحلول تأتي من مو ...
- روسيا ستحطم التحدي الغربي في اوكرانيا
- الحرب الاقتصادية الروسية ضد الكتلة الغربية
- اوروبا ستدفع ثمن العنصرية الغربية ضد روسيا
- حرب البدا ئل وسقوط الائتلاف الحاكم في اوكرانيا
- الناتو بمواجهة روسيا: نمر من كرتون
- تيوس الناتو تتنطح للصخرة الروسية
- الفاشودمقراطية الاميركية تنتحر سياسيا وعسكريا في اوكرانيا
- روسيا تهز العصا لليابان ايضا
- روسيا تنتصر على ازمة الانهيار الدمغرافي
- المحور الروسي الصيني
- الفاشستية الاوكرانية تكشف عن وجهها الوحشي
- سقوط -اتفاقية يالطا- والسياسة الاقتصادية الجديدة لروسيا في ا ...
- انتهت خرافة القطب الاميركي الاوحد
- اوكرانيا تتجه بسرعة نحو الحرب الاهلية
- المحور الروسي الصيني العتيد يشق طريقه على الساحة الدولية
- المنتصرون على النازية الهتلرية كابح حازم للعدوانية الفاشية ا ...
- انتصار جديد للديموقراطية الشعبية على الديموفاشية الاميركية ف ...


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - التحضير لفيلم أميركي في هنغاريا على طريقة -الربيع العربي-