أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أنس القاضي - ظاهرة (وضع اللثام )للمرأة وسُبل معالجتها إجتماعياً















المزيد.....

ظاهرة (وضع اللثام )للمرأة وسُبل معالجتها إجتماعياً


أنس القاضي

الحوار المتمدن-العدد: 4629 - 2014 / 11 / 10 - 20:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


 اللثام  ما زال من أكثر القضايا جدلاً وحساسيةً في المجتمع  والذي عادةً ما يربط بالدين والعُرف والتقاليد ومفاهيم - الطًهر و  الشرف - ،ضخت الجماعات الأصولية طوال ثلاثة عقود  خطاب عدائي تجاه مظهر المرأة وخاصة وجهها وشعرها ،  إلى حد ترويض اللغة في الوعي الجمعي لتخدم أيدلوجيته ، فيكاد يُصبح الحجاب أو اللثام  جزء من العقيدة الدينية . حتى أن مُفردة (سافرة) لم يَعد أحد يجرؤ أن يتلفظ بها ،وحين سماعِها يتبادر للذهن معنى الانحلال الأخلاقي ، بينما سافرة تعني الكاشفة وجهها وأسفر الشيء إذ ظَهر ." لقد وضعت أمي اللثام وهي بسن الثمانين "  قالها أحدُهم بألم إذن فنحن أمام ظاهرة مُعقدة  جداً ، ولكن ليست خارقة فهي مُعطى تاريخي ما أن تُفكك أساساتها المادية والفِكرية سيَزول هذا التناقض وتكون العلاقة بين وجه المرأة أو شَعرها  والمُجتمع شيء طبيعي  .  وبقدر ما هناك جيل من الفتيات التي لا يُفكرن بارتداء هذا اللثام منذ التنشئة واللاتي يتمردن عليه فيما بعد ، كما أن الموضة المتجددة  تثور عليه بطُرق أُخرى من داخلة سوى في شكله ضيق واسع   أو لونه غير الأسود وملون ومطرز أحيانا  أو صفاته لامع شفاف .الخ  وتعكس هذهِ الموضات  التراكم الكمي الذي سيؤدي إلى إحلال هَذه الظاهرة  . وبالجانب الأخر هناك أيضاً جيل منذ التنشئة يُكسى بالسواد وخاصة في المناطق الريفية /القبلية ، كما أن هناك أرياف لم يغزها هذا الكائن الأسود بعد ، ومازالت تحتفظ بأزيائها الشعبية ، هذه القضية نادراً ما تُتناول بفكر جدلي يمس بُعدها الاجتماعي : أي كونها نتاج ظروف اجتماعيه موضوعية  في الخط الحلزوني لتطور المُجتمعات   ، بل تناقش في حقل الوعي والمثاليات -الدين الأخلاق الأعراف- ، فنزع اللثام والحجاب بالقوة  بالنسبة  تطرف علماني في التضاد مع الحُرية والديمقراطية ، ويراه آخرين  ومؤامرة تهدد الإسلام والمُسلمين وتشيع الانحلال الأخلاقي  ، وفرضه أيضاَ  كهنوت وإستبداد ورجعية ولو كان بالخطاب وليس بالقوة   .  بينما الحجاب ، هو في حقيقته تَمظهر اجتماعي ولم يأتي من خارج التاريخ والمُجتمع ، إذن معالجة هذه القضية تتم بمعالجة الظروف الاجتماعية (اقتصادية و أيدلوجية ) التي أنتجته ، فنزع اللثام لا يحتاج قرار سياسي فوقي وغلبه برلمانية  ، كما أن فرضه أبدياً على المجتمع ليس مشيئة جماعه دينية  ،  ومن يحدد بقائه وتحلله هي الظروف الاجتماعية التي أنتجته  .

القضية لو قاربنا حقيقتها  بشكل مبسط :  كُنا مجتمع فلاحي  ، كانت العائلة مفتوحة بين أولاد وبنات الأعمام والأخوال والجيران ..لأن المجتمع الفلاحي يحتاج إلى مشاركه جماعية في العمل على الأرض وتربية الحيوانات وهذه المشاركة الواسعة  تحتاج مناخ طبيعي في التعامل بين الذكر والأنثى  غير التضييق والكبت الجنسي ، فكان ألزي المعتاد للرجال والنساء وقت العمل والراحة هو الزي الشعبي البسيط ، فلاحي يمكن العمل به وزينته ونقوشة تعكس جمال الطبيعة ووجدن الناس ، ولم يكن ظهور الوجه أو الشعر مُشكلة بنظر المجتمع ، ومازالت بعض جداتنا على ذالك النمط القديم وخاصةً الريفيات، وكان الخِطاب الديني يقدس القيم الأخلاقية ،ولا يجعل من هَذه القيم قُماش يُرتدى ويُنزع يُشترى ويُباع  . كانت الانحرافة الأولى في السبعينات وبداية الثمانينات مع "الفورة النفطية الخليجية " عندما هاجر معظم الفلاحين اليمنيين والعمال إلى السعودية ودول الخليج للعمل ، وباتوا  يرسلون   الأموال إلى المدينة والريف ولم تعد  أُسرهم  بحاجه للعمل بالوتيرة السابقة ، فبدأ الإنتاج الزراعي اليمني ينكمش ومعه تنكمش العلاقات العامة وتضيق ، وفيما بعد عاد المهاجرين برسوب ثقافية  (سلفية وهابية) تهين المرأة ، وبثقافة استهلاكية نظراً لوفرة المال ، وبدأت تتسلع معها  العلاقات الاجتماعية وتتفسخ وتنغلق أكثر فأكثر ،ومع ضُعف القوى التَقدمية لصالح القوى الأصولية    مع انهيار الزراعة  في الريف وبهذه الفترة لعبت معاهد الاخوان المسلمين دورا مدمرا والجماعات التي عادت من الجهاد الافغاني  . وفي المُدن كان هناك دوراً في اختفاء ألزي الشعبي وهو عمل النساء بهذه المصانع البسيطة والمعامل التحويلية الصغيرة ، لأوقات مُعينه وعودتها للبيت ، وبما أن هذه العلاقات الإنتاجية للبرجوازية الصغيرة لم تقم كبرجوازية ثورية على أنقاض النظام الإقطاعي لتهدم معه أيدلوجيتة الدينية نحو العلمانية ،على غرار الثورة البرجوازية الأوروبية،  بل كحالة مشوهة حدث بها تعايش لنمط ما قبل الرأسمالية مع العلاقات الرأسمالية  فانعكس هذا الإنتاج المشوه على العُمال نفسيا  انعكس بدوره على أزيائهم وسلوكم ، فلم ينصهر العمال والعاملات كيد واحده ليتخلق لدى المجتمع نظرة جديدة فقد كان عمل المرأة محصور جداً وعلى حالات خاصة للعائلات الفقيرات والمُعدمة   ،وهكذا فإن هذا الإنتاج المشوه، للعاملات لم يساعدهن التحرر فلم تحدث هناك عملية إنتاجية تحرر المجتمع من الأنماط ما قبل الرأسمالية ورواسبها الثقافية مع الثقافة الوهابية الدخيلة في نفس الفترة الزمنية ،  بل كرس هذا الانغلاق إذ وصل الأمر إلى أن يعملن النساء في المصانع وهن يرتدين اللثام  ، ولم تزل النظرة الدونية ترافقها .. للقضية بعدين واحد مادي رئيسي  وهو تغير التشوه الذي حدث للريف  من انهيار الإنتاج الزراعي وبدأ زراعه المنتجات النقدية كالقات ،ومشاكل البرجوازية الصغيرة البنيوية ، والثاني الثقافة الاستهلاكية والوهابية ، إذن لمعالجة القضية  نحتاج للعمل على هَذين البعدين وليس على احدهما ؛ لكي نبدأ بنزع هذا الغطاء الأسود رويدا رويداً أي أن يخلعه المجتمع بنفس ولا يصبح حالة نخبوية تتصادم مع المجتمع ، وبالتراكم .

الخطوات العَمَلية التي نحتاجها :  هي حملة تنوير تقودها الدولة صاحبة المشروع المدني بجهازها التعليمي  والثقافي  المناهج ودعم الفن بشتى ألوانه ، وإحياء الفعاليات والمهرجانات الأدبية والفنية المختلفة  والمُختلطة ،  هذا الوعي التقدمي لا يمكن زرعه إلا على أرضية مادية يكون هوَ كوعي ناتج مُعبر عن تطورها وليس مَفروضاً عليها  ،أي بالتزامن مع خلق علاقات إنتاجية جديدة عمالية وخدمية ودعم القطاع الزراعي وتنمية الثروة الحيوانية ، وإشراك المرأة في هذه العلاقات الإنتاجية الاقتصادية ،  وفي السلك الحكومي ، والحزبي ،ومنظمات المُجتمع المدني،  ودعم تعليمها ، وخلق فرص عمل متساوية ..الخ الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية المرافق لها تنمية ثقافية كما أسلفنا ، وهذه هي الطريقة الوحيدة  الناجحة والكفيلة  بأن يسقط الناس عنهم اللثام والحِجاب ، بكل سلاسة .. تراكم اقتصادي ثقافي يغير نظرة الرجل للمرأة ويعزز ثقة المرأة بنفسها كشريك في البناء لها ذاتها ، وشخصيتها الخاصة  ، وليست جسد مَشبوه عوره، خلق لملذات الرجل، يجب الخجل منه ، واخفائه وإمتلاكة وإستثمارة  ، وشرف المرأة عملها كما قال الزعيم التقدمي جمال عبد الناصر ، الجديد يهدم القديم ديالكتيكياً . فلا يحدث التحول الاجتماعي بقرار سياسي وكبسة زر  .



#أنس_القاضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب على الإرهاب نضالٌ أُممي
- أنصار الله.. السلاح والديمقراطية
- المرأة بين تناقضات الواقع المادي وإشكالية النص القانوني
- نضال النقابات العُمالية السورية
- براعم الإنتصار
- منظمات المُجتمع المدني (كمنضمات إستخبارية )
- محمود عباس وصناعه نموذج (سادات)فلسطيني
- (صنعائي) لناديه الكوكباني
- العنف التربوي (فرض الحجاب)
- ما أقسى على العاشق أَن يكون شاعراً !
- رابعة- قِصَةُ مُلصق
- زواج القاصرات عقود رأس ماليه دينية ،وغياب الدولة المدنية..
- الحزب (اللا اشتراكي) اليمني...!
- الاستبداد البريطركي
- انتفاضة البحرين و الكيل بمكيالين
- سوريا -سيناريو العراق ،والبعد الديالكتي
- سجل أنا شيوعي
- ماذا بعد رسالتان لم تَرُدي عليهما...!
- أنا وأبو الكوك وقناة spacetoon.
- ثورة على بيروقراطية الأحزاب اليسارية


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أنس القاضي - ظاهرة (وضع اللثام )للمرأة وسُبل معالجتها إجتماعياً