عندما ركل الدواعش العقل

محمد أبو هزاع هواش

الحوار المتمدن-العدد: 4629 - 2014 / 11 / 10 - 11:36
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

شاهدت منذ بضعة أيام فيديو إعدام ثلاث جنود علويون من القوات الموالية لبشار الأسد في الرقة ضرباً وركلاً من قبل أهل الرقة السنة بعدما جلب أعضاء مايسمى بالدولة الإسلامية هؤلاء الأسرى ووقدموهم للجماهير الغاضبة. قبل تنفيذ الحكم قام أحد مسؤولي الدولة الإسلامية بقراءة نص يشرح فيها بعض الأمور. قال هذا الشخص، وهو تونسي وليس بسوري، مايلي:

"الحمد لله معز المؤمنين بنصره ومذل الكافرين بقهره ومصرف الأمور بأمره الذي جعل الأيام دولا بعدله والصلاة والسلام على الذي أعلى منارة الإسلام بسيفه. بإذن الله سبحانه وتعالى سنقوم بإذن الله، بحد الله، بحكم الله تعالى على هؤلاء العلوية..ياأهل الرِقة الكرام نحن لم نحرم إخواننا من هذا الأجر العظيم .. هؤلاء النصيرية ياإخواني اللذين قتلوا إخواننا وأغتصبو أعراض أخواتنا واللذين قتلوا أكثر من 60 أخ في شارع تل أبيض ونحن بإذن الله لإخواننا عوام المسلمين أن يضربوهم حتى القتل."

عندما نتمعن بهذا النص وقائله وماذا فعل "عوام المسلمين" بعد ذلك يمكننا التوصل بكل عقلانية أن العقل قد ركل في الرقة. هذا المشهد السوريالي اللذي قاد الاوركسترا فيه التونسي ذو اللحية الكثة والقميص الباكستاني المكوي مدعوما ببعض النينجا من جنود الدولة الإسلامية لدليل على أن الحرب الأهلية السورية قد جعلت سوريا مرتعاً للأمراض العقلية.

بالطبع من أول علائم الجنون هو الإعتقاد بأن هناك شخص أحسن من شخص أخر بسبب دينه. العقل يقول أن الأفعال والأقوال هي الحكم الأول على من هو عاقل ومن هو مجنون. فعندما يأتي شخص مسلم فقير ليس لديه حذاء يلبسه أو عمل يعمله أو شهادة يحملها أو موهبة يفيد البشرية منها ويعتقد بأنه أفضل من أخرين ناجحين في حياتهم بسبب دينه فهذا من علائم الجنون. عندما يعتقد المسلمون أن الله قد أعزهم بالإسلام وبهذا فهم أفضل من بقية البشر فهذا من علائم الجنون.

شاهدت هذا التونسي في عدد من فيديوهات الدولة الإسلامية حيث يظهر بقميص باكستاني مكوي نظيف في كل الأحيان. تذكرت وجهه لأنه يتكرر في كثير من فيديوهات مايسمى بالدولة الإسلامية. لايلبس هذا التونسي اللباس الأسود المخصص لجنود تلك الدولة، بل يلبس اللون البيج المائل للبني أو الأبيض. يمكنك رؤيته ينشد الأغاني الجهادية في الكثير من حلقات الدواعش الدعوية التي تحول سكان سوريا من بشر إلى وحوش، وكذلك يمكنك رؤيته عندما أستعرض الدواعش قوتهم في مدينة الرقة عندما صرح بأن دولة الإسلام قد أعلنت بسبب دعم الله. هل هناك جنون أكثر من هذا؟

هل هناك جنون أكثر من جنون هذا الداعشي التونسي اللذي يقول بأن هؤلاء الجنود الأسرى الثلاث هم المسؤولون عن مجزرة بحق سنة أهل الرقة؟ هل يعتقد هذا الداعشي التونسي أننا السوريون ننسى مافعلوه بأفراد عشيرة الشعيطات عندما أعدم الدواعش بدم بارد المئات من السوريين أفراد عشيرة الشعيطات؟ أم نسينا مئات الجنود اللذين قتلهم الدواعش بعدما قادوهم عراة في الصحراء؟ أم نسينا حمامات الدم التي أقامها الدواعش لخصومهم من السوريون المعارضون للأسد؟ هل يعتقد هذا الغريب القاتل المخرب الموجود على الأرض السورية أن السوريون من الجنون ليصدقوا بأنه أتى للدفاع عن أعراضهم؟ ماهو عدد الأطفال أو النساء السوريات اللذين أعتدى عليهم جنسيا هذا التونسي وأمثاله؟ كم من إمرأة سورية وقعت ضحية عدوان جنسي من قبل هذا التونسي وأمثاله؟ يمكنك رؤية مايفعله هؤلاء الغرباء مع أطفال سوريا في فيديوهاتهم… ماذا يفعل هؤلاء السعوديون والتوانسة والشيشان وكل حثالة الأرض في بلدي سوريا؟ هل لسوري عاقل أن يصدق مايتفوه به هؤلاء الدواعش وأمثالهم من المتأسلمين؟ هل لي لأصدق مايعتقد به هؤلاء المجانين حول نهاية الزمان في بلاد الشام؟ هل أصدق أن هناك معركة ستقع في دابق ويخرج فيها محارب من المسلمين ليقاتل بالسيف والترس محارباً من الروم شمال حلب؟

هل لدى هذا الداعشي خط تليفوني مباشر مع الله؟ هل لدى ابو بكر البغدادي خط مباشر مع الله؟ هل للعدناني والقحطاني والطيزاني والشيشاني علاقة مباشرة مع الله؟ لاأعنقد هذا وكل من يعتقد هذا مجنون من دون عقل بكل بساطة…

عندما يأتي هذا التونسي الذي لايعرف كيف يلفظ مدينة الرقة السورية ويقود جماهيرا لقتل جنود بشكل جنوني هل يعني هذا أن العقل قد ذهب وأن كل من شارك في هذا العمل الهمجي هو مجنون؟ بالطبع هناك علاقة بين الأمراض العقلية والعنف بهذا الشكل. عندما يأتي هذا التونسي ويخرف بالكلام ويقول أن الله جعل الأيام دولا بعدله ويسمعه الكثيرون من "العوام" ولايدرون مايقول بل يسمعون له مايأمرهم به بقتل جنود أسرى وقتلهم بالركل حتى الموت: هل يعني هذا أن العقل قد ركل أيضاً؟ هل ذهب العقل عندما يأتي هذا الشخص المضطرب نفسيا الذي ينشد احيانا ويفتي بالقتل أحيانا أخرى ويقود الجماهير في بلد ليس بلده لقتل ثلاث أسرى بوحشية مذهلة؟

بالطبع يعتبر هذا التونسي نفسه من الخواص وليس من العوام. وبالطبع يأكل هذا التونسي اللحم بينما الشعب السوري لايجد خبزا يسد فيه بطنه الخاوي، يسبي النساء ويبيعهم، ويصدر الأحكام بقتل السوريين وتتبعه الجماهير السورية: أليس بأمكاننا أعلان موت العقل؟ ألا يدري سكان الرقة أن هذا القاتل الدموي وعصابته يريدون أن يورطوهم ويستغلوا غضبهم، أين ذهب عقلهم؟ ركلو العقل وأعلنوا موته.

#محمد_أبو_هزاع_هواش (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات