أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد حمدان - ياحضرات المثقفين .....لطفا بتاريخنا السياسي 2 هل نحن أمام سايكس - بيكو جديدة















المزيد.....



ياحضرات المثقفين .....لطفا بتاريخنا السياسي 2 هل نحن أمام سايكس - بيكو جديدة


عبد المجيد حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 4628 - 2014 / 11 / 9 - 18:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يا حضرات المثقفين ....... رفقا بتاريخنا السياسي
2
هل صحيح أننا ، في عالمنا العربي ، نواجه سايكس – بيكو جديدة ؟
في مقدمة الحلقة السابقة أشرت إلى انشغال مثقفين ، مفكرين وسياسيين ، في محاولات تفسير لظاهرتين اكتسحتا عالمنا العربي في العقود الأخيرة . تمثلت الأولى في صعود جماهيرية وعضوية تنظيمات الإسلام السياسي ، وكانت موضوع حلقتنا السابقة ، فيما تمثلت الثانية في حالة التمزق والتفتيت التي تطبق على خناق عدد من دولنا العربية ، وهي موضوع هذه الحلقة . وقلنا أيضا أن حالت التمزق هذه تعزى إلى عودة التآمر الاستعماري على أوطاننا ، متمثلا في سايكس – بيكو جديدة ، تستهدف رسم خريطة جديدة لعدد من الدول العربية ، بتفتيتها إلى دويلات صغيرة وضعيفة ، تسهل مهامه في السيطرة على ثرواتنا العربية ، والبترولية في المقدمة . وقلنا أيضا أن هذه التفسيرات ليست فقط غير دقيقة ، بل وتحمل قدرا من الإهانة للتاريخ ، بتجاهلها لحقائق موضوعية ، ناتجة عن قراءة غير متأنية لهذا التاريخ . والسؤال الآن : لماذا وكيف كان ذلك ؟
مدخل :
التآمر الاستعماري على منطقتنا العربية قائم ومتواصل . هذا أمر لا شك فيه . ولا شك أن الاستحواذ على الثروة البترولية هو محور هذا التآمر . لكننا نعرف أن الاستعمار نهب ثروات شعوب أخرى ، وبعضها بترولية ، ربما أهم من ثرواتنا البترولية ، كما يواصل التآمر عليها ، بغرض مواصلة الاستحواذ على ، فنهب تلك الثروات . والسؤال الذي لم نتعب أنفسنا في محاولات البحث عن إجابة صحيحة له ، هو ؛ لماذا يفشل التآمر الاستعماري على غيرنا ، ويواصل النجاح معنا ؟
و نعرف أيضا أن الفزاعة التي تقض مضاجعنا ، ولكنها غدت ملجأنا ، أو مشجب متاعبنا ، وهي مؤامرة سايكس – بيكو ، لم تقتصر علينا وحدنا . ولم نكن نحن الضحية الوحيدة ، المتفردة لها ، ولأمثالها . فالمنتصرون في الحروب ، وعلى مر التاريخ ، و من ثم في الحرب العالمية الأولى ، أزالوا من الوجود ، مزقوا ، فككوا ، قسموا ، ألحقوا ، وبسطوا سلطانهم على أراضي وشعوب الدول المهزومة . وكمثال ، وعقب الحرب العالمية الأولى ، حدث لإمبراطورية النمسا – المجر ، ولممتلكاتها ، ما حدث للخلافة العثمانية وممتلكاتها . ولم تسلم ألمانيا ذاتها من هذا المصير ، حيث انتزعت منها مقاطعتي الألزاس واللورين وضمتا إلى فرنسا ، كما وجردت من مستعمراتها في أفريقيا – ناميبيا والكاميرون - . وفي الحرب العالمية الثانية ، لم يقف الأمر عند تقسيم واحتلال ألمانيا ، واحتلال اليابان ، وفرض شروط مهينة ومذلة عليهما . والسؤال الذي يواصل مجابهتنا بقوة ، ونواصل التهرب من الإجابة عليه هو : لماذا تعافى الآخرون مما حل بهم ، وتواصل عقدة سايكس – بيكو تلبسنا والسيطرة على عقول مثقفينا ، مفكرينا وسياسيينا ؟
الاستعمار :
محاولة الإجابة على السؤالين السابقين تلزمنا بوقفة مطالعة لتاريخ الاستعمار . بداية تتوجب الإشارة إلى أنه يترسب في ذهن القارئ العربي أن بلادنا ، أمتنا وحدها ، وربما بمشاركة محدودة لأمم أخرى ، هي من وقع عليها بلاء الاستعمار . على الأقل هذا ما توحي به بعض المناهج المدرسية ، وكتابات المفكرين والمثقفين ، وأقوال الساسة ، المتناولين لهذه المسألة . أما الحقيقة فغير ذلك تماما . الحقيقة أن الحقبة الاستعمارية التي حلت على شعوبنا العربية كانت الأقصر في كل التاريخ الاستعماري ، كما وأن وطأة هذا الاستعمار على بلادنا ، رغم قسوتها ووحشيتها، كانت الأخف أيضا ، قياسا لما حدث مع الأمم الأخرى . فكيف كان ذلك ؟
في منتصف القرن الخامس عشر أطاح الأتراك العثمانيون بآخر إمبراطورية أوروبية ، هي الإمبراطورية الرومانية الشرقية – البيزنطية . ولم يكتف الأتراك العثمانيون بإنهاء وجود هذه الإمبراطورية وضم ممتلكاتها إلى ملكهم السعيد ، وإنما حولوا عاصمتها – القسطنطينية - إلى عاصمة لإمبراطوريتهم الناشئة ، محولين اسمها إلى اسطنبول – مهد أو عاصمة الإسلام . وبعدها انطلقوا لاجتياح بلدان جنوب شرق أوروبا ، وضمها إلى ملكهم ، ومحولين البحر الأسود إلى بحيرة تركية عثمانية ، ومثله السواحل الشرقية لبحر الإدرياتيك الفاصل بين إيطاليا ويوغوسلافيا السابقة – دول البلقان - ، فالنصف الشرقي من البحر الأبيض المتوسط ، وكل سواحله الجنوبية ، . وكان أن دولا أوروبية عديدة – أرمينيا ، شبه جزيرة القرم ، جنوب أوكرانيا ، مولدافيا ، رومانيا ، بلغاريا ،ودول البلقان الست التي شكلت يوغوسلافيا ، ألبانيا ، اليونان ، ونصفي المجر والنمسا - فقدت حريتها وسقطت تحت نير العبودية العثمانية ، والتي دامت لقرون عدة على بعضها . ماذا يسمي مثقفونا هذا الحال ؟ ألم يكن استعمارا غاشما ، نهب ثروات تلك البلدان ؟ ومع ذلك تعافت وسبقتنا في كل شيء ، ولا يبكي ساستها ، مفكروها ومثقفوها هذا الماضي ، ولا يضعونه مشجبا يعلقون عليه آثامهم .
ولم يكتف العثمانيون باحتلال جنوب شرق أوروبا ، وتحت دعوى نشر رسالة الإسلام ، كما يزعم كثيرون ، وإنما ارتدوا لاحتلال أرض عالمنا العربي ، وربما ليعيدوا نشر رسالة الإسلام !!! ، وبسطوا ظلهم على كامل الهلال الخصيب ، شبه جزيرة العرب ، وكامل الشمال العربي الأفريقي . والسؤال : ألم ينهبوا ، ألم يمتصوا ثرواتنا وخيراتنا ؟ والجواب : نعم فعلوا ذلك ، وفرضوا علينا حالة من التخلف والجهل والمرض والأمية ، ظلت الأسوأ في كل مراحل حياتنا .
سقوط غرناطة :
ورغم اعتيادنا القول أن ثورة الاتصالات والمواصلات ، حولت عالمنا إلى قرية صغيرة ، ورغم أنه بات بمقدور كل من يدفعه حب المعرفة ، أو حتى الفضول ، ليس فقط الإطلاع على وقائع وحقائق تاريخية كثيرة ، بل والإلمام بها وربطها ببعضها البعض أيضا، فإن متناولي هذه المسألة ، من مثقفينا ومفكرينا ، لا يفعلون ذلك . ولدهشة الفضولي يجد أنه ، وبعد أقل من أربعة عقود على سقوط القسطنطينية ، سقطت غرناطة ، آخر الممالك العربية الإسلامية في الأندلس ، منهية وجودا عربيا إسلاميا على الأرض الأوروبية ، تجاوز سبعة قرون . كما وأن دهشة الفضولي ، كما حيرته تبلغ الذروة ، حين يفاجأ بأن سقوط غرناطة وقع في كانون ثاني – يناير العام 1492 ، وبعد أقل من عشرة أشهر – في تشرين ثاني – نوفمبر ، كانت بعثة كريستوفر كولومبوس الأولى التي جهزها النظام الجديد ، قد بلغت شواطئ العالم الجديد ، فاتحة عصر الاكتشافات الجغرافية وعصر الاستعمار أيضا .
وما يثير الدهشة أكثر أن الإسبان – ملوك قشتالة - اتجهوا لاستعمار ونهب خيرات العالم الجديد ، تاركين الشمال العربي الإفريقي الذي كان قادته يرتعدون منهم خوفا . وإثر نشوء مملكة البرتغال ، بعد النهاية المفجعة للأندلس بقليل ، ركب البرتغاليون البحر ، في اتجاه معاكس لحركة جيرانهم الإسبان ، مكتفين بغنيمة البرازيل ربما . وبدوران فاسكو دي غاما حول أفريقيا ، عبر رأس الرجاء الصالح ، انفتح طريق الاستعمار واسعا نحو العالم القديم ، قارة آسيا على وجه الخصوص .
ومرة أخرى تدهش القارئ الفضولي حقائق صارخة ، منها ذلك الذي أشرنا إليه من التلازم بين ما عرف ببدء عصر الاكتشافات الجغرافية وبدء عصر الاستعمار . ومنها أن الدول الأوروبية المطلة على سواحل المحيط الأطلسي ، والمالكة للأساطيل البحرية ، وليس الغرب الاستعماري ، كما درجنا على القول ، هي من احتكر عملية الاكتشافات الجغرافية ، ومن ثم استعمار البلدان والشعوب الجديدة . ومنها أن تفوق هذه البلدان الحضاري ، وخصوصا في نوعية السلاح ، والتخلف النسبي لشعوب البلدان المستعمرة – بعضها كان من أصحاب الحضارات العريقة - ، هو ما مكن تلك الدول من تحقيق ذلك الانتشار الهائل للاستعمار والاستعباد لشعوب الأرض ، والنهب لثرواتها . وفي التدقيق نرى أن ست دول فقط ، هي : اسبانيا صاحبة السبق والبداية ، ثم البرتغال ، فهولندا وبعدها بريطانيا ، فرنسا وبلجيكا ، هي كل الدول التي يشار لها بوصف الاستعمار . ومتأخرا جدا ، وفي بداية القرن العشرين ، حاولت كل من ألمانيا وإيطاليا اللحاق بالركب ، والحصول على حصة من عالم تم تقسيمه بين الدول الست السابقة ، محققة نجاحا محدودا ولوقت قصير أيضا . وإذا أضفنا القيصرية الروسية ، والتي عادة لا يشار لها ، لهذه المسيرة ، واستعمارها لوسط آسيا ، والقفقاس – أرمينيا ، جورجيا وأذربيجان - ، فنحن نحكي عن سبع دول مستعمِرة ، وليس عن غرب استعماري ، كان جزء كبير منه مستعمَرا بالفعل ، وجزء آخر ، رغم امتلاكه للمؤهلات الاستعمارية ؛ الأساطيل والسلاح ، نأى بنفسه عن هذه العملية برمتها – الدول الإسكندنافية على سبيل المثال .
لا يعنينا هنا نشوب ، وتطور الصراع ،على إعادة تقسيم الغنائم بين الدول الاستعمارية ، وغلبة الدولتين الأقوى ، بريطانيا وفرنسا . في النتيجة استقر الحال ، حتى بداية القرن التاسع عشر ، على استحواذ الدول الست السابقة ، على كامل العالم الجديد ، وبضمنه آلاف الجزر المتناثرة في البحار والمحيطات ، ثم على كامل العالم القديم – كل آسيا باستثناء اليابان وتركيا ، وكل أفريقيا ، باستثناء أثيوبيا التي احتلتها إيطاليا قبيل الحرب العالمية الثانية ، ومعظم أوروبا - . وينسى مثقفونا أن بريطانيا ، وحتى بعد انزياح ظل الاستعمار عن عالمنا العربي ، استمر استعمارها لدول أوروبية ، مثل إرلندة ، مالطا وقبرص ، وما زالت ، حتى يومنا هذا ، تقبض على جبل طارق .
كوارث استعمارية : -
وهربا من مواجهة واقعنا ، وما يحفل به من مآسي ، اعتدنا تعليق كل متاعبنا ومصاعبنا على مشجب الاستعمار . فهو ، الاستعمار البريطاني والفرنسي ، والأمريكي لاحقا ، بنهبه لثرواتنا البترولية ، المسؤول عما نعانيه من تخلف ، وجهل وفقر ، وصعود وتحكم النظم الاستبدادية . والمدهش تصوير الأمر لأجيالنا اللاحقة ، وكأن الاستعمار ، بسنوات عمره القصيرة ، نقلنا من نعيم جنان الخلافة العثمانية ، إلى جحيم حالة التخلف التي نعيشها . والمدهش أيضا مواصلة مثقفينا ومفكرينا تجاهل الحقيقة المفجعة ، بأن حال التخلف الذي كنا نغرق فيه ، وما رافقه من الجهل والفقر والمرض ، شكل العامل الأساس لنجاح الاستعمار في احتلال بلداننا التي كانت جزءا من خلافة ما زالت توصف بالعظيمة ، ويحن بعضنا إلى استعادة أمجادها .
تنص مناهجنا المدرسية على أن الاستعمار ، بنهبه لثرواتنا ، ومؤامراته المستمرة علينا ، هو المسؤول عن حالة التجهيل التي نعيشها ونعايشها . ونخلق عند أجيالنا وهما فتصورا وكأن هذا الاستعمار كان نعيما للآخرين ، وشرا مستطيرا ووبالا علينا وحدنا . ولقد أشرت أن استعمار بلادنا العربية ، كان الأقصر زمنيا ، باستثناء عدن وعمان ، وساحل بحر العرب ، بين سائر بلدان العالم . فوقائع التاريخ تقول ، أن الاستعمارين الفرنسي والبريطاني ، توجها نحو العالم العربي ، إثر ظهور ضعف الخلافة العثمانية ، مع بداية القرن التاسع عشر . كانت الجزائر أول من سقط في شباك الاستعمارين الفرنسي والبريطاني ، والذي امتد 130 سنة . تليها تونس و75 سنة ، فمصر قرابة 70 سنة ، موريتانيا 60 سنة ، السودان 58 سنة ، جنوب العراق والمغرب 44 سنة ، شمال العراق ليبيا وفلسطين 30 سنة ، وأخيرا سوريا ولبنان 26 .
هذه كما نرى أزمان قصيرة جدا ، لا يمكنها أن تقلب مسارا حضاريا إلى التخلف ، أو تنقل بلدا كسوريا من نعيم الخلافة إلى بؤس " العلمانية !". وهي أزمان قصيرة مقارنة بقرون استعمار الهند وأمريكا اللاتينية ، وجنوب شرق آسيا وجنوب شرق أوروبا الخ .
وعن نهب الثروات كان القطن المصري أهم تلك الثروات أيامها . ولا أظن أن أحدا يمكن أن يفكر بأن نهب المستعمرات ، كالهند والصين ، وكامل جنوب شرق آسيا ، والأمريكتين ، وأفريقيا ، كان أرحم من نهب خيرات بلادنا . لقد حازت الهند ؛ وكانت تضم باكستان وبنغلادش وجزيرة سيلان -سريلانكة آنذاك ، بثرواتها المتنوعة والهائلة ، على لقب درة التاج البريطاني . ومن أجل تأمين هذه الدرء بسطت بريطانيا سيطرتها على كامل الخليج العربي ، ثم ولدرء خطر خط حديد برلين بغداد المحتمل عنها ، سارعت بريطانيا وقبل الحرب العالمية الأولى ، لاحتلال جنوب العراق فالبصرة ، ثم التمدد شمالا إلى بغداد والموصل ، قبل بدء تطبيق اتفاقية سايكس – بيكو بسنين. ومن أجل تسهيل وتقصير زمن الوصول إلى الهند وباقي المستعمرات ، في شرق وجنوب شرق آسيا ، تم حفر قناة السويس ،بعد تأمين وضمان السيطرة على باب المندب وكامل شواطئ البحر الأحمر وبحر العرب .
والآن ؛ هل يحتاج مثقفونا فعلا لتذكيرهم بأن نهب ثروات بلدان جنوب شرق وشرق آسيا ، كان أفظع بما لا يقاس من نهب ثرواتنا ،بما فيها المكتشفة حديثا ، أي البترول ، وأن هذا التذكير لا يقصد منه التهوين ، أو التقليل من شأن فظاعة النهب الاستعماري لثروات بلداننا ؟
أما عن وطأة الاستعمار ، وقد سبق وقلت أنه كان الأخف على بلداننا العربية ، فسأكتفي بذكر التالي : إن مراجعة سريعة لتاريخ الاستعمار توضح أن الاستعمارين الإسباني والبرتغالي ، كانا الأشد وطأة في التاريخ كله . فهذان الاستعماران انطلقا في عصور الظلام الأوربية . وهما من قادا لواء تلك العصور – محاكم التفتيش - . والإسبان أوقعوا ببلدان أمريكا اللاتينية كوارث لا حصر لها ، كوارث تتنوع ما بين نهب لا مثيل له لثروات تلك البلدان ، وبين حملات إبادة للسكان الأصليين ، وتدمير لحضاراتهم العريقة ، حضارتي المايا والأنكا ، على سبيل المثال ، لا الحصر . وكان أن نجح الاستعماران ، الإسباني والبرتغالي ، في محو حضارات ، وثقافات ، وتراث وديانات تلك الشعوب وفي إحلال ديانتهم المسيحية ، ومذهبهم الكاثوليكي ، ولغاتهم - الإسبانية والبرتغالية – وعاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم بديلا لها ، ولدرجة أن اسمي قارتي أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى تبدل إلى أمريكا اللاتينية .
وحين تحررت هذه الشعوب ، والتي كانت الفلبين في آسيا قد انضمت إليها ،فقد فعلت ذلك عبر ثورات دموية هائلة . وكان زوال ظل الاستعمارين الإسباني والبرتغالي عن القارتين الأمريكتين ، الوسطى والجنوبية ، وكامل جنوب الولايات المتحدة ، أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، أول انحسار لظل الاستعمار عن العالم . لكن هذه الدول – قرابة الست والثلاثين – وقعت فريسة لاستعمار من نوع جديد ، هو الاستعمار الأمريكي . ووبدل أن تنطلق هذه البلدان ، مستندة إلى ثوراتها المجيدة ، إلى رحاب الحرية والديموقراطية والتنمية والتطور ، سيقت إلى مسار معاكس . فقد تعاقب على الحكم فيها حكام مستبدون وفاسدون ، وانقلابات عسكرية – زادت عن المائة في إحداها ، وفي أقل من ثلاثة عقود - ، وبدرجات لم تشهدها ولم تعرفها بلادنا العربية . ورغم كل ذلك ، ورغم المؤامرات الأمريكية ، وأطماعها في ثروات هاتين القارتين ، شديدتي الغنى والتنوع ، والبترولية منها في المقدمة ، فإن هذه البلدان من أكثر بلدان العالم تسامحا ومساواة بين مواطنيها ، متعددي الجنسيات والقوميات والديانات والثقافات ....الخ . وهي تتعافى ، ولا تحكمها العقد الاستعمارية . والأهم من كل ذلك تتكسر مؤامرات أمريكا على أعتاب بلدانها ، مثل كوبا وفنزويلا والبيرو والإكوادر – الثلاثة الأخيرة بترولية – والأرجنتين وبوليفيا والبرازيل .....الخ . ليعود السؤال الذي لا يزال ، ويجب أن يقض مضاجعنا : لماذا يتعافى كل هؤلاء من عقد الاستعمار ، وتستحكم فينا ؟ ولما ينجحون في صد المؤامرات عليهم ويتواصل فشلنا ؟
وماذا عن الهند والصين ؟
كانت الهند ، درة التاج البريطاني ، بمكوناتها الأربع ، سابقة الذكر ، تسمى بشبه القارة الهندية . وأطلق اسمها على المحيط المحاذي لسواحلها ، وللساحل الأفريقي الشرقي ، ثالث أكبر المحيطات . ولأن تعداد سكانها ، في مطلع القرن العشرين ، زاد على أل 400 مليون ، أي زاد عن عشرة أضعاف سكان العالم العربي ، أواخر أربعينات القرن الماضي ، كان لا بد من اشتقاق ثقافة جدية في السياسة ، تمكن بريطانيا ، بطاقتها البشرية المحدودة ، من حكم شبه القارة الشاسعة هذه . ولأن الهند تضم قوميات وإثنيات متنوعة ، تحكي بلهجات ولغات كثيرة ، وتدين بأديان وتنقسم إلى طوائف عديدة ، فقد شكلت البيئة المناسبة لخلق وتطبيق هذه الثقافة السياسية الجديدة ، سياسة فرق تسد ، سيئة الصيت والسمعة ، والتي عانينا بعض تجلياتها في فلسطين .
ومن أجل عيون درة التاج هذه ، وشقيقاتها في جنوب شرق آسيا ، أو الهند الصينية كما كانت تعرف آنذاك ، وبحضاراتها العريقة ، عملت بريطانيا ، ومعها فرنسا ، على السيطرة على كامل الطرق البحرية المؤدية إليها . سيطرت على كامل البلدان المطلة على المحيط الهندي ، ثم على الخليج العربي فجنوب العراق ثم شماله ، درءا لخطر خط حديد برلين - بغداد المحتمل كما سبق وأشرنا . ومن أجل تسهيل ، وتقصير زمن الوصول إليها ، تم حفر قناة السويس ، وإحكام السيطرة على سواحل بحر العرب ، ومضيق باب المندب وسواحل البحر الأحمر ، كما سبق وأشرنا أيضا . وبعد أفول عصر الاستعمار استقلت كل هذه البلدان . ويبرز السؤال : هل توقف الاستعمار القديم ، ووريثه الأمريكي الجديد ، عن الطمع في ثروات تلك البلدان ، وبعضها البترول ، وما هو أثمن من البترول ؟ وهل توقف التآمر على وحدة تلك البلدان ،بمكوناتها الإثنية المتنوعة ، وقومياتها وأديانها وطوائفها العديدة التي يفترض أن تشكل التربة والبيئة الخصبة لنجاح هكذا تآمر ؟ والجواب : بالقطع لا . ويعود السؤال : لماذا تفشل المؤامرات الإمبريالية ، حيث يفترض لها النجاح ، وتنجح عندنا حيث يفترض لها الفشل ؟
وكانت الصين بمئات ملايينها ، وحضارتها العريقة ، تشكل حالة صعبة على الاحتواء الاستعماري وتحتاج لأكثر وأشد فاعلية من سياسة فرق تسد ، سيئة الصيت والسمعة . وتفتق الذهن الاستعماري عن فكرة جهنمية . فلتثبيت استعمار الصين كان لا بد من دفع مئات ملايينها إلى حالة من البلادة ، فانعدام القدرة على أي فعل . تم ذلك بإغراق الصين بالمخدرات ، والأفيون على وجه الخصوص . وبعد نجاح الثورة الاشتراكية واستقلال الصين العام 1949 ، فوجئ النظام الجديد بإدمان مائة مليون صيني على الأفيون ، أي أكثر من ضعف سكان عالمنا العربي آنذاك . ومع ذلك ورغم ثقل هذه المأساة الكارثة ، تعافت الصين وتنطلق بسرعة صاروخية نحو آفاق التنمية والتطور . ويبرز السؤال من جديد : هل توقفت الأطماع الاستعمارية عن الصين ، والتي لم تنحسر عن جزء منها ، هو هونغ كونج ، إلا قبل نحو العشرين عاما ، وعن نهب ثرواتها ؟ ولماذا تفشل المؤامرات عليها وتنجح عندنا ؟
وأخيرا ، وليس آخرا ، إذا ما انتقلنا إلى إفريقيا ، حيث شعوبها لا تملك حضارات لا عريقة ولا غير عريقة ، وحيث وصلها الاستعمار وهي على حالتها البدائية ، وحيث بلغ النهب لثرواتها حدودا وصلت حد صيد شبابها وبناتها وبيعهم في أوسع وأحط وأوحش سوق للرقيق عرفه العالم على مر تاريخه ، لنعود ونسأل : هل توقفت الأطماع الاستعمارية ، قديمها وحديثها ، عن مواصلة نهب ثروات القارة الإفريقية ، وبعضها البترول – نيجيريا مثلا - ؟ وهل توقفت المؤامرات على وحدة وحرية شعوبها ؟ ولماذا تفشل هذه المؤامرات هنا ، وحيث تتوفر لها كل مقومات النجاح ، وتنجح عندنا ، حيث المفترض توفر مقومات فشلها ؟
سايكس – بيكو :
لا أملُّ من تكرار القول أن مثقفينا ومفكرينا يستخدمون حكاية سايكس – بيكو ، لا كفزاعة ، بل كشماعة ، يعلقون عليها ، كما على غيرهم ، قصورهم في الوصول إلى جذور ، ففهم العيوب والعلل التي تعاني منها شعوبنا العربية . قلت مرارا ، وأكرر ، أن ما توصف بمؤامرة سايكس – بيكو ، ما هي إلا حالة عادية ، كانت تعقب الحروب التي تنتهي بمنتصر ومهزوم . ظل المنتصر يلغي وجود المهزوم، ويضم مُلكَه إلى ملكه . في حروب الممالك والإمارات والسلطنات العربية والإسلامية ، كان المنتصر يذهب إلى حد إلغاء ماضي المهزوم ، بتدمير قصوره وآثاره الحضارية ، وتحويلها إلى خرائب . وإذا كان المنتصر حلفا ظل تقسيم أملاك التحالف المهزوم، باتفاقية مكتوبة أو شفوية ، أمرا متعارفا عليه .
وعقب الحرب العالمية الأولى لم يقتسم الغالبون – الحلف البريطاني الفرنسي – أملاك الدولة العثمانية فقط ، بموجب اتفاقية سايكس – بيكو ، بل واقتسموا أملاك حلفائها أيضا ، ألمانيا وأمبراطورية النمسا المجر ، التي زالت من الوجود . وعلى أي حال ، وحتى لو قبلنا بمقولة مؤامرة سايكس – بيكو ، التي كانت عرفا عالميا كما أشرنا ، فإنها اقتصرت على جزء ضئيل من العالم العربي ، وليس عليه كله كما يقال . طالت بلاد الشام وشمال العراق ، الذي كانت بريطانيا قد احتلت جنوبه ووسطه قبل هذه المؤامرة . والانتداب – الاستعمار – دام ربع قرن على بعضها ، سوريا ولبنان ، وقرابة ثلث القرن على بعضها الآخر – فلسطين ، الأردن ، شمال العراق - . وكون أن الانتداب على فلسطين انتهى بالنكبة وإقامة إسرائيل ، لا يجعل من سايكس – بيكو ، حدثا فريدا في التاريخ ، وبعبعا نخيف به شعوبنا كلما دعا الداعي .
والسؤال الذي اعتدنا مواصلة الهروب من محاولة الإجابة عليه : لماذا كرس استعمار ربع قرن حالة التقسيم لبلاد الشام مثلا ؟ لماذا نجح كمال أتاتورك في منع تطبيق سايكس – بيكو على تركيا ، وأعاد توحيدها ، واستمر تقسيم بلاد الشام إلى سوريا ، لبنان ، فلسطين والأردن ؟ لماذا بعد زوال هذا الاستعمار الذي دام ربع قرن فقط ، لم تعد هذه البلدان الأربعة إلى الوحدة ، ومواجهة إسرائيل ،واستعادة فلسطين ؟ وكيف ولماذا ترسب في عقل مواطن كل بلد منها أن بلده وشعبه غدت أمة مستقلة ، تناصب شقيقتها التنافس والعداء ، بدل التكامل والمودة ؟ هل أسباب استمرار الفرقة ترجع إلى غياب الحريات ، وفقدان الديموقراطية ، وحكم النظم الاستبدادية ، وفشلها في محو عار فلسطين ، وفي التنمية والتطور وحل سائر المشاكل القائمة ، كما اعتدنا أن نقول؟
إمبراطورياتنا الإسلامية :
لقد اعتدنا مطالعة أجوبة سهلة ، والأدق مسطحة ، للأسئلة المعقدة السابقة . ومع أن بروز ظاهرة إرهاب تنظيمات الإسلام السياسي ، أضافت لتعقيدات الأسئلة السابقة ، تعقيدات إضافية ، إلا أن تسطيح الإجابات تواصل . ولم نتذكر يوما أن العالم اللاتيني – ومنه شعوب أمريكا اللاتينية – شهد قمعا واستبدادا ، ونكبات ، ونهبا للثروات ، أقسى بكثير مما شهدته شعوبنا العربية . ومع أن الكاثوليكية كانت قائدة عصور الظلام في أوروبا ، إلا أن الشعوب اللاتينية لم تفرز ظواهر إرهاب ، مرتكز إلى العقيدة الدينية ، وبهذا العمق والاتساع والوحشية التي تشهده منطقتنا . والأمر ذاته تكرر مع الهند وعقائدها الهندوسية ، والصين ، والهند الصينية ، وعقائدها البوذية والكونفوشية ؟ وغني عن الذكر أن العالم المسيحي الأرثوذكسي لم يشهد ، لا في الماضي ولا في الحاضر ، مثل هذه الظواهر . والأمر ذاته ينطبق على العالم المسيحي البروتوستانتي والأنغليكاني . ومن جديد يبرز سؤال شديد التعقيد : إذن كيف ولماذا ومن أين ننفرد بهذه الظاهرة المشينة ، دونا عن العالم كله ؟
بعض الإجابة أخذت تأتي في صورة تساؤل ، راح يشق طريقه في الفكر العام مؤخرا . هل هي خاصية جينية ننفرد بها عن باقي العالم ؟
في تقديري أننا ننفرد بعدم قراءة واعية لتاريخنا . تعالوا نحاول مرورا سريعا عليها . لقد تعاقبت على حكم أمتنا العربية ، في القرون الثلاثة عشر الماضية ، خمس إمبراطوريات إسلامية ، تحت مسمى الخلافة ، تخللتها إنقاطاعات محدودة ، صليبية ومغولية . الراشدية ، والأموية ، والعباسية ، والفاطمية والعثمانية . ومع أنها جميعا حكمت باسم الدين ، وبعضها تربع على عرش قطبية العالم – الخلافة العباسية - ، إلا أنها تشاركت في سمة عامة ، تمثلت في عجزها المطلق عن تقديم نموذج واحد للحكم الرشيد ، يملك حلولا ناجعة للمشكلات القومية والإثنية والدينية والطائفية والطبقية والجنسية ....الخ التي تطبق على خناق عالمنا العربي الآن .
فرغم أننا نتشدق جميعا بمقولة :" ليس لعربي على أعجمي إلا بالتقوى " ، فإن هذه المقولة لم تشهد تطبيقا في عصر من عصور الخلافة . وعلى العكس ، شهدت في الخلافات العربية تعميقا للتمييز على أساس قومي . فالخلافتان الراشدية والأموية كانتا عروبيتين بامتياز . وإمعانا في إهانة وإذلال أهالي البلدان المفتوحة ، أطلقنا عليهم وصف العلوج والأعاجم . وحتى الخليفة العادل عمر بن الخطاب لم ينج من داء العنصرية البغيض هذا . فهو من أطلق ، في مرسوم تحرير العبيد العرب ، مقولته الشهيرة :" إنه ليقبح بالعرب ، أن يملك بعضهم بعضا وقد وسع الله عليهم فتح الأعاجم " . وزاد الطين بلة بأن بادل العبد العربي بعبدين غير عربيين ، لإتمام عملية التحرير هذه . والمرور على تاريخ الخلافة الأموية يرينا إلى أي حد بلغ الاستعلاء العربي على الأقوام الأخرى . وفي الخلافة العباسية ، ورغم ما شهدته ، ومنذ البداية ، من رفع لشأن العنصر الفارسي ، إلا أن الاستعلاء العربي لم يتراجع . وظلت تهمة الشعوبية ، أي انحياز الأديب أو الشاعر أو المفكر ، لنبي جلدته ، تهمة تودي بصاحبها إلى التهلكة ، مثلما وقع لعبد الله بن المقفع على سبيل المثال . وفي الخلافة العثمانية رد الأتراك على صاع الاستعلاء العربي بصاعات من الاستعلاء التركي . وإذا ما تذكرنا أنه في الخلافتين العباسية والفاطمية ، نشأت ممالك وسلطانات وإمارات ، بحجم إمبراطوريات ، من جنسيات مختلفة ، نرى إلى مدى تعمقت ظواهر التمييز على أساس إثني وقومي ، وما تبعها من عنف فأحقاد ، وتباغض وتناحر واقتتال . وباختصار عمقت الخلافات الإسلامية ظاهرة الصراع على أساس الانتماء القومي ، بدل حلها بسن وتطبيق تشريع المواطنة .
ولم يكن الموقف من أتباع الديانات الأخرى ، وعلى مدار تاريخ الخلافات ، بأفضل من نظيره القومي . ظل التمييز هو السمة الدائمة . أتباع الديانات الأخرى ، وفي أحسن الأحوال ، ذميون يدفعون الجزية وهم صاغرون . وهم بحكم دياناتهم ممنوعون من تبوء المناصب العامة ، عملا بقاعدة : لا ولاية لغير المسلم على المسلمين . والحالات التي برز فيها ذميون فردية ومحدودة جدا . وأكثر من ذلك ، وإذا كان الذميون قد حظوا بقدر من التسامح فالراحة ، في فترة من فترات ازدهار الدولة ، فقد وقعوا تحت طائلة التنكيل والاضطهاد في فترات أخرى أطول . وباختصار سجل التاريخ الإسلامي فشلا ذريعاً في حل مشكلة تنظيم العلاقات بين الأديان . وترسخت مشكلة رفض قبول الآخر ، بما تحمله من مظاهر التمييز وعقد الاضطهاد ، وما يترتب عليها من تراكم الكره والحقد وتبادل للبغضاء ، وعلى مر كل تلك القرون .
وإذا ما انتقلنا إلى مشاكل الصراع المذهبي والطائفي ، الطافية على سطح الأحداث الآن ، طالعتنا شدة وعنف تعقيداتها على طول مسار هذا التاريخ . فمن البدء ، ومنذ الفتنة الكبرى على الخليفة الراشدي الثالث ، عثمان بن عفان ، لم تجد الخلافات الإسلامية وسيلة لحل الصراع المذهبي ، غير آلية ووسيلة العنف الدموي . الاجتثاث ، واقتلاع الخصم ، وإزالته من الوجود كان الحل للصراعات المذهبية . بدأ هذا مع الخوارج ، ومن ثم مع المعتزلة والقرامطة ، وحتى مع أصحاب المذاهب السنية ، التي تقلصت ،نتيجة ذلك ، من 97 إلى أربعة .
ومع الطوائف كان الفعل أشد وأكثر دموية . والصراع بين السنة والشيعة قدم نموذجا وتلخيصا كافيا لهذه المسيرة الدموية الهائلة . زاد من تعقيد المسألة تعاقب ظهور الدول السنية والشيعية ، فتعاقب عمليات الثأر والانتقام . فالخلافة العباسية مثلا قامت على أساس الدعوة لآل البيت ، التي فهمت أنها دعوة لاستعادة حق خلف علي بن أبي طالب في الحكم . ولما انتصرت الدعوة ، وانفرد أبناء العمومة ، بنو عبد الله بن عباس ، في الحكم ، لم يكتفوا بكل ما فعلوه من تنكيل ببني أمية ، وصل حد هدم كل ما أحدثوه من عمران ، وحد إخراج هياكلهم العظمية من القبور وجلدها ، بل وانداروا على أحفاد علي ، وعرضوهم لتنكيل ومذابح لم يفعلها بنو أمية . وحين قامت الخلافة الفاطمية ، وهي شيعية ، أذاقت بني العباس من ذات الكأس وأكثر . وذات الطريق سارت عليه الدولة البويهية ، الشيعية ، وخليفتها السلجوقية السنية . ومن جديد قمع واضطهاد وأحقاد وبغضاء وكراهية ، وتراكم ينمو على مر العصور .
وأما عن الاضطهاد الطبقي ، وعلى أساس الجنس ، الرجل للمرأة ، فالحديث يطول ويطول . وإذا ما أضفنا لكل ذلك فعل قرون الظلام التي جاوزت التسعة ، وانتصار النقل على العقل ، ودفع الأخير إلى حالة من الغيبوبة شبه التامة ، لرأينا أن ذلك التراكم الكمي لكل تلك المصائب ، القومية والدينية والمذهبية والطائفية وعلى أساس الجنس واللغة .....الخ ، وصل إلى حالة التغير النوعي التي نشهدها ، و انفجارات الإرهاب التي نعايشها .
لقد حدث التراكم على مدار ثلاثة عشر قرنا ، فهل كانت كافية لإحداث تحول جيني يدلل عليه ما نحن عليه اليوم ؟ ربما نعم وربما لا . لكن البحث عن حلول في الإسلام الوسطي ، كما يرى الكثيرون ، هو أكثر من جري وراء سراب . هو جريمة متكاملة الأركان . لقد فشل الإسلام السياسي ، بكل تراكيبه ، مما قبل الوسطي ، وإلى ما بعد الوسطي ، في بناء نماذج تتبعها البشرية في حل مشاكلها . وقليلون منا ربما يتذكرون أن نظم الحكم التي استرشدت بالعقيدة اللاتينية ، فشلت هي الأخرى في ذلك . وفقط حين فصلت أمم بين شؤون الدين والدنيا ، وبعد أن أحالت شؤون الدنيا لدولة مدنية تتالت الحلول . كفالة الحريات والحقوق على اتساع تنوعها ، بناء الديموقراطية ، وإرساء مبادئ المواطنة على أساس المساواة ، وضمان حماية القانون شكلت أعمدة هذه الحلول . فهل نصحو ، وهل نفعل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟








#عبد_المجيد_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا حضرات المثقفين .......رفقا بالتاريخ الحزبي 1
- بوكو حرام في نيجيريا ....داروين حرام في فلسطين
- في الذكرى ال 66 للنكبة ....ولكن آفة شعبنا قياداته
- انحدار التعليم إلى أين ؟ وإلى متى ؟ .....التلقين وطريق الخرو ...
- تلك نظم ولى زمانها
- تقاطعات بين الديان 2 صفات الآلهة
- تقاطعات بين الأديان 1 عبد المطلب ( جد الرسول ) هل كان نبيا
- حوار أملاه الحاضر 19 عدالة الإسلام 3 فلسطين اللبن والعسل
- حوار أملاه الحاضر 18 عدالة الإسلام 2 العبودية
- حوار أملاه الحاضر 17 العدالة في الإسلام 1 الغنائم
- من فتنة عثمان إلى فتنة مرسي
- حوار أملاه الحاضر 16 خروج مؤقت آخر عن المسار
- عبد المجيد حمدان- كاتب وباحث واحد قادة اليسار الفلسطيني- في ...
- وبات لزاما عليتا التصرف كدولة
- حوار أملاه الحاضر 15 الشريعة وتطبيق الحدود 5 خروج مؤقت عن ال ...
- حوار أملاه الحاضر 14 الشريعة وتطبيق الحدود ...حد الجنايات 4 ...
- حوار أملاه الحاضر 13 الشريعة وتطبيق الحدود ...حد الجنايات 3 ...
- حوار أملاه الحاضر 12 الشريعة وتطبيق الحدود ....الجنايات 2 حد ...
- قراءة في ثورة الشباب المصري 18 الإخوان ودولة الخلافة
- حوار أملاه الحاضر 11 الشريعة وتطبيق الحدود حد الجنايات 1


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد حمدان - ياحضرات المثقفين .....لطفا بتاريخنا السياسي 2 هل نحن أمام سايكس - بيكو جديدة