أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسعد العزوني - خبير علم الإجتماع الأردني د.فيصل غرايبة يدعو للإهتمام بالشباب العربي















المزيد.....



خبير علم الإجتماع الأردني د.فيصل غرايبة يدعو للإهتمام بالشباب العربي


أسعد العزوني

الحوار المتمدن-العدد: 4626 - 2014 / 11 / 7 - 15:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ورقة بعنوان :"اندماج الشباب العربي في مجتمع المعرفة"
قدمها للمؤتمر الرابع للمؤتمر العربي –التركي للعلوم الإجتماعية


خبير علم الإجتماع الأردني د.فيصل غرايبة يدعو للإهتمام بالشباب العربي


عمان –أسعد العزوني
قدم خبير علم الإجتماع الردني د.فيصل الغرايبة ، ورقة بحثية مطولة بعنوان "إندماج الشباب العربي في مجتمع المعرفة " إلى المؤتمر العربي-التركي الرابع الذي نظمه منتدى الفكر العربي في الأردن ومعهد التفكير الإستراتيجي في انقرة ،بجامعة البترا الأسبوع الماضي ، ركز فيها على الشباب ودورهم وضرورة العناية بهم والأخذ بيدهم ، ولأهمية ما ورد فيها ، آثرت نشرها كاملة دون تصرف :
تنبهت دول العالم إلى الشباب باعتبارهم محركاً للاتجاهات والمواقف إزاء الأحداث حاضرا، وصانعاً لأنماط وشروط التنمية والتطور مستقبلا. وأخذت تطرح على نفسها سؤلا كبيرا فحواه، هل الشباب جزء من الحل أم أن الشباب جزء من المشكلة؟ وعند محاولة الإجابة على التساؤل، نجد أن الشباب إيجابياً عماد الإنماء الاجتماعي والاقتصادي وهو أداته وهدفه في نفس القوة باعتباره القوة القادرة على البناء وإعلاء البنيان الاجتماعي، إذ يشكل طاقة مجتمعية ضخمة،عندما يحسن استثمارها والاستفادة منها، واذا لم تجد هذه الطاقة من يستثمر قوتها ويوجهها بما يفيد المجتمع صار الشباب قوة قادرة على تدمير الانجاز التنموي وخلق الاضطراب الاجتماعي.اذ أن شعور الشباب بالقوة في ظل تقلبات نفسية سريعة وغير محسوبة، يحرض على الجنوح نحو العنف والعبث والتخريب، وإذا ما تنامى هذا الشعور فسيعرضهم إلى الإغواء، خاصة إذا صاحبته قدرة مادية وحظوة اجتماعية تغض الطرف أو تتسامح تجاه الممارسات الخاطئة والمؤذية نحو الآخرين ونحو المجتمع، مما يسمح باختراق الخطوط الحمراء لمسار السلوك،في ظل وهن الضبط الاجتماعي وتراجع القيم في تأثيرها في نفس الشباب وسلوكه.
وباعتبار أن الشباب يشكلون نسبة من مجموع السكان في المجتمع العربي عامة وفي المجتمعات القطرية العربية تكاد تصل إلى 50%، فانهم يشكلون مستقبل المجتمع، ويؤلفون طاقته الفاعلة والمحركة،وقوة ضاغطة على المجتمع من أجل أن يغير منهجه في التغيير وفحواه وسرعة إنجازه، بينما يقاوم جيل الكبار التغيير الاجتماعي بعادته، ويتمسك بعاداته وتقاليده وقيمه.
موقف الشباب من التغيرات المجتمعية:
يتقبل الشباب التغيرات العالمية الحادثة ويتماشى معها، ويكيف سلوكه للتوافق معها،لذا فانه يسهم بإحداث تغييرات في النظم الاجتماعية أو الأدوار الاجتماعية، ولهذا تأخذ الدول الواعية باعتبارها خصائص الشباب عند وضع سياسات التنمية الشاملة والتخطيط لمشروعاتها،لتكفل توفر القوة الدافعة للتنفيذ في الحجم المناسب والنوعية المطلوبة وفي الوقت المتوقع، وبذلك يضمن المجتمع مشاركة شعبية واعية في برامج التنمية، تعكس آمال اللجيل الجديد.
لقد تنبهت المجتمعات الطامحة للنمو والتقدم إلى تنمية قطاع الشباب والاهتمام بالشباب الذي يستفاد منه في الغد.من هنا نبعت فكرة العمل مع الشباب كعملية استثمارية مادتها الأساسية الشباب ووسيلتها الأساسية المؤسسات التي تقوم بالاستثمار، ويشرف عليها نخبة من الخبراء والقادة الذين يفهمون الشباب ويقدرون على التعامل معهم.
ولما كانت القيادة فن تحريك الناس نحو الهدف، فإن مجتمع المعرفة مطالب بصقل هذا الفن لدى الشباب وتنميته ليساهموا في تحريك الناس في مجتمعهم ولينظموا أنفسهم ليتحركوا نحو الهدف، والذي يتمثل في تحقيق مستوى أفضل من المعيشة وجانب أوفر من السعادة، نتيجة التكيف مع معطيات المعرفة والمعلومات.الأمر الذي يتطلب محاورة الأبناء، لخلق قناعات وترسيخ قيم تترجم إلى سلوك. وإدراك اهتمامات الشباب ومقابلتها بشكل يربطها بمستقبل مجتمع المعرفة بجهود الشباب،ويمتد هذا إلى مهارات الشباب لتنميتها وإضافة الجديد إليها بما يتوافق مع متطلبات الحياة العصرية.
العمل مع الشباب في مجتمع المعرفة:
تقوم فلسفة رعاية الشباب على ادراك الشباب للمشكلات وأوجه النقص في مجتمعه والعيوب العالقة بالمعرفة والمبادئ، وقدرته على وضع الحلول والتوقعات،في ضوء حصيلة معرفية وبروح علمية موضوعية توصله إلى النتائج المرغوبة،مع الاهتمام بالابتكار والاتجاهات والميول لدى الشباب، بما يؤمن للمجتمع جيلاً قادراً على أن يبتكر ويبدع في سبيل تقدم مجتمعه بأساليب أكثر مناسبة لروح العصر وأكثر قدرة على مواجهة التحديات،في ضوء المعطيات المتجددة في مجتمع المعرفة.




قامت محاولات عدّة لتحديد احتياجات خاصة بالشباب العربي في إطار ثقافة المجتمع العربي،زاوجت بين معطيات الثقافة وإنجازات التنمية، وراعت طبيعة الحاجات لدى الشباب في إطارها الإنساني.اذ تبرز لدى الشباب العربي الحاجة إلى بناء الجسم السليم وتحقيق اللياقة البدنية،والاتزان الانفعالي وهو بحاجة إلى الشعور بقيمة ذاته واستقلالها النفسي عن الأسرة وإلى فهم الذات بما لديها من ميول وقدرات واستعدادات، وكذلك الحاجة إلى تنمية القدرة على التفكير الواقعي الموضوعي والحكم على المواقف وتكوين الرأي تجاهها،وإبداء وجهات النظر بتفكير مستقل لا يحتمل الإيحاء أو الوصاية أو فرض الآراء من قبل الكبار،وإلى فهم واجبات المواطن وحقوقه والشعور بالمسؤولية واحترام الوقت والقدرة على اتخاذ القرار أو المشاركة في صنعه.
حق الشباب في التعبير المشاركة:
لهذا فإن العمل مع الشباب العربي في مجتمع المعرفة مطالب في عصره الحديث أن يستفيد من الدعوات العالمية بهذا الشأن، وأن يستجيب لنصائحها في تعامله مع هذه الشريحة الطامحة المتجددة المنطلقة،وهي دعوات تنطوي على الاعتراف بحق الشباب في التعبير عن نفسه وفي التخطيط لمستقبله وفي المشاركة في بناء مجتمعه أو إعادة البناء من جديد.ويقتضي الأمر كذلك الالتفات أكثر إلى دور الشابات على وجه الخصوص،وهو الدور الذي ما يزال مختلفاً بالنسبة لدور الشبان في الخوض في الحياة العامة، ويتطلب تشجيعهن على دخول آفاق الحياة في مجتمع المعرفة، وإفساح المجال لإبداعهن وابتكارهن في مختلف المجالات، لتعوض ما فات القطاع النسائي في المجتمع العربي من فرص، وما يدعو الى التفاؤل أن الفتاة العربية المعاصرة تثبت أنها تتساوى وقد تتفوق في قدراتها وجدارتها الشبان العرب في مختلف المجالات.
إن العمل مع الشباب لا ينقطع عن العملية التعليمية في المعرفة والعلم والدراية ومنهجية التفكير، ويتجلى ذلك في اكتشاف المتفوقين والنابغين من الشباب أساس الطبقة العلمية في المجتمع ورواد الابتكار والاختراع والإبداع، بما يناسب اغناء المعرفة. مما يبرزدور الشباب في عالم متجدد يفرض متغيراته، ليستفاد من روحه الخلاقة والمبدعة ومن طبيعة استعداداته بما يمكن من مواكبة المستجدات والتكيف الايجابي معها،اذ أن الجهود المجتمعية لا يمكن أن تثمر إذا ما افتقدت روح التجديد والإبداع أو لم تضمن وجود الاستعداد والقابلية لدى أبنائها لمواكبة المتغيرات والتعاطي معها بشكل مألوف ومتجاوب.
اطار دور قادة الشباب في مجتمع المعرفة:
لذا فان دور قادة الشباب يمكن تأطيره على النحو التالي:
- تنمية الروح الجماعية لدى الشباب، بما يعزز روح الانتماء ويضبط تعاملات الشباب فيما بينهم.
- تنمية روح المبادرة لدى الشباب، مما يطلق طاقاتهم في الإبداع والابتكار.
- تأكيد قيم التسامح والتآخي واحترام الاختلاف في الرأي والتعدد بالاتجاهات والقناعات.
- تشجيع الشباب على الانفتاح على الثقافات الأخرى بمختلف فرص اللقاءات والزيارات والاطلاع بالوسائل الحديثة والسريعة،
- إفساح المجال أمام الشباب للتطوع لخدمة المجتمع وبث قناعات تساعد على الاندماج في مجتمع المعرفة
وعلى الرغم من المناداة بتفعيل دور الشباب في الحياة العامة في مجتمعهم، فإنه يلاحظ ابتعاد الشباب عن نشاط منظمات المجتمع المدني وعزوفهم عن الإنضمام إلى الأحزاب،اذ لا تشكل برامجها جاذبية لدى الشباب في تفكيرهم الذي يتماشى مع روح العصر.1فهذه الاحزاب والمنظمات لا توفر للشباب مناخ الحوار والمناقشة وإبداء الرأي، لا بل تسودها روح الوصاية والهيمنة والسيطرة لقيادات تقليدية. هذا على الرغم من إن اتجاه الشباب إلى التجديد والتغيير في عصر المعرفة الذي يشهد تغييرات سريعة في التقنيات والاستخدام العلمي، يشعرهم بضرورة الانخراط في العمل السياسي رغبة في تحقيق التغيير والإصلاح، ويتيح لهم المشاركة فيه. إن العديد من الدول تدرك هذه الخاصية لدى شبابها، فتفتح الأبواب وتقيم المنابر أمامهم م ليشاركوا في الحياة العامة، وتوظف هذا التوجه لتفاعل أسرع مع ضرورات التحول إلى مجتمع المعرفة.
موقف الشباب من التحديات المجتمعية في مجتمع المعرفة:
إن الأوضاع العالمية الجديدة تضع المجتمع العربي وسائر المجتمعات النامية في عصر المعرفة أمام تحديات كبرى قوامها الحزم والثقة بالنفس والاعتماد على الذات.ولعل من أهمها: هو التحدي التعليمي الذي يتطلب أن نضع التعليم في أولويات العمل الوطني في مجتمع المعرفة وأن نحشد الإمكانيات واختيار الأساليب والاستراتيجيات التي تأخذ بالاعتبار المتغيرات العالمية الجديدة. ,ولا يقل التحدي السكاني أهمية عن سابقه، إذ إن معظم الدول العربية يتجاوز معدل الزيادة السكانية فيها 2% ، مما يضاعف الضغوطات الكبيرة على الموارد المحدودة كالأرض والماء والغذاء، وسيكون 40% منهم تحت سن 15 عاماً أي في سن التعليم الأساسي لا سن الإنتاج.
وتضع الثورة المعرفية العالمية العرب أمام التحدي التقني المعلوماتي،إذ كسرت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة الحواجز ويسرت وصولها إلى جميع الأفراد وعبر مختلف المجتمعات في العالم. مما يحول دون قدرة المؤسسات المهتمة بالتنمية البشرية لمواكبة هذا التقدم التكنولوجي، والذي اعتبر الموجة الثالثة من التطور، والتي امتازت بالسرعة والتركيز واحتوت على أفكار وخدمات في نفس الوقت.
كما أصبح تحدي المخدرات تجارة وتعاطي تحدياً قوياً للمجتمعات حكومات وشعوباً،وأصبح الشباب الضحية الأولى لها، مما يؤثر على معدلات الإنتاج والتنمية وعبء المؤسسات ويقلل- من اهتمام الشباب بالمستقبل. أما التحدي الخامس فهو التحدي البيئي كانجراف التربة وملوحة المياه وقطع الغابات وانقراض أنواع من الحيوانات ومخلفات الصناعة والتصحر، مما يؤثر على مستقبل الأقطار العربية وعلى أجيالها القادمة.
يضاف إلى ما سبق تحديات فقدان الهوية والضغوطات الاقتصادية والأمراض المستعصية كالسرطان والايدز، إلى جانب التحدي الأمني الذي يواجه الوطن العربي برمته، وكذلك التحديات السياسية التي تهدد المواطن وخاصة الشاب كالديمقراطية وحرية التعبير والمشاركة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
مداخل العمل مع الشباب في مجتمع المعرفة:
تتعدد المداخل للعمل على خلق جيل واع من الشباب يشعر بالمسؤولية ويتحمل الأعباء ويتكيف مع الظروف ويشارك في الجهود لتنمية المجتمع وتطويره.
يركز المدخل النفسي على توازن شخصية الشباب، مما يضمن له الانتقال إلى الجيل المنتج، بينما يركز المدخل الرياضي على أن العقل السليم في الجسم السليم،أما المدخل الذهني فإنه يركز على استنارة الشباب وقدرته على التفكير الايجابي وتكوين المواقف والآراء نحو مختلف القضايا الحياتية، بينما يعطي المدخل السياسي الأهمية الأكبر للتربية القيادية، ليتمكن من تحمل الأعباء ومواجهة المصاعب والسعي لتحقيق الأهداف.
تقودنا التجربة إلى اقتراح المدخل المتكامل كأنجع المداخل للعمل مع الشباب،وخاصة في مجتمع المعرفة التي تتعدد فيه مصادر المعرفة وأنواعها،ولكنها تتكامل فيما بينها،وينظر إلى الشاب كشخصية متكاملة بأبعادها الأربعة الجسمية والنفسية والعقلية والاجتماعية،وهو يجمع بين مختلف النظم الاجتماعية ومؤسسات المجتمع وتنظيماته لتقوم بجهد واضح في العمل مع الشباب، لتوفر أمامهم فرص النمو والتقدم في مجلات المعرفة و تقنياتها الحديثة، ويقوم على أربعة محور تتمثل بالتواصل مع الشباب،والتوسع في إمكانية عطاء الشباب،وتنمية قدرات الشباب،وتقديم القدوة الصالحة للشباب.
فيقوم العمل على الحوار مع الشباب والإصغاء إلى اقتراحــاتهم ووجهــات نظـرهم. ومناقشتهم بطريقة ديمقراطيةً عقلانية تشاركية ليس فيها استعلاء أو استخفاف بقدراتهم وآفاق تفكيرهم. ويراعى فيه روح الفريق والمنطق الجماعي للتفكير والإنتاج.
وكذلك العمل على إدماج الشباب في العمل بمختلف فعالياته، واطلاعهم على أساليب متطورة للعمل مما يزيدهم حماساً واندفاعاً وإيجابية.كما يفترض في الكبار أو المسؤولين وصناع القرار بث الاطمئنان في نفوس الشباب بأن ملاحظاتهم سوف تؤخذ بالاعتبار ويستفاد منها في تقييم الانجاز. وتحرص القيادة الواعية على الاستمرارية الناجحة والمنتجة للمؤسسة تجعل من ممارساتها دروساً للشباب تكسبهم المهارة وتهيئ لهم الظروف لتولي المسؤولية. أما عند الحديث عن الانتماء عند الشباب،فإن إحساس الشباب بالانتماء قضية هامة ذات ارتباط وثيق بالوعي بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. ومن هنا تبرز أهمية المسؤولية الاجتماعية، وضرورة حملها وجداناً وواقعاً في ممارسات الشباب اليومية وتفاعلهم المستمر مع قضايا مجتمعهم
وتكمن المسؤولية في قدرة الشاب على الاستجابة على نحو صحيح لتحديات الحياة بما يتفق مع طبيعته كإنسان،وقد قدم عالم التربية "جيل" في كتابه " في فن المواطنة" فكرته عن القيادة الذاتية، لم يكتسبها بصورة نظرية خالصة، بل طبقها بالممارسة في عدد من المدارس،حيث أدرك بأنه لا وسيلة لمحاربة الفساد والقضاء على عدم الاكتراث بالأمور العامة عند الشباب،أنجع من تعويد الجيل الجديد على ممارسة المسؤولية وعلى المساهمة في خدمة المصلحة العامة. ويرتبط بمفهوم المسؤولية الاجتماعية بمفهوم الاعتزاز الوطني، الذي يشعر الشاب من خلاله بأنه مواطن صالح يتمتع بحقوقه ويقوم بواجباته،ويشد المواطن إلى المجتمع الكبير"الوطن"،ولا يشعر بالاغتراب، لا بل يشعر بأن مستقبل الوطن ومستقبله كمواطن مستقبل واحد وأن كل منهما لأجل الآخر.
تنمية الاعتزاز الوطني في نفوس الشباب في مجتمع المعرفة:
يحتاج الاعتزاز الوطني إلى تنمية في نفوس الشباب، لتمثل عملية الانتقال من"المواطنة المجردة" إلى"المواطنة الحقة"،أي الانتقال من حالة الشعور بالانتماء للوطن وإدراك الواجبات والإحساس بالروابط التي تربط الشاب بالوطن من خلال المصالح والأهداف والآمال، إلى حالة الاندفاع القوي لتنمية الروابط المشتركة بين أهل الوطن على أساس التعاون والعمل.
وتهدف تنمية الاعتزاز الوطني إلى المساعدة على تنمية الفكر والوعي والاتجاه السليم، لدى الشاب وتنمية استعداده للقيام بأدوار إيجابية في حياة المجتمع، كما تهدف إلى التوجيه الفكري المتزن الذي يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل ويوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع، ويبعث روح الاعتزاز بحضارة الأمة وتاريخها والاتجاه نحو التطوير والإبداع. وهذه جميعها تلخص مرامي المعرفة في العصر الحديث.
إن ما يستدعي القيام بتنمية الاعتزاز الوطني هو تلك الاتجاهات السلوكية الظاهرة لدى الشباب في مجتمع المعرفة المعاصر مثل ضعف الثقة بالثقافة الوطنية وعدم احترام التراث والانسياق وراء الأفكار الوافدة والانبهار بحضارات الآخرين والسطحية في التفكير ومقابلة الأحداث العامة بفتور وحالة اليأس من الإصلاح والشعور بالإحباط والتأثر بالدعاية والرغبة في تداول الشائعات مع عدم التحقق من صحتها. وجميعها يعبر عن حالة اختلال معرفي يضاف إليها ضعف تأثير التعليم في تغيير الاتجاهات وتعميق الانتماء الوطني لدى الشباب.
مستقبل الشباب في مجتمع المعرفة:
يشكل مستقبل الشباب في المجتمع ومستقبل المجتمع على يد الشباب، محورين للرؤية المستقبلية نحو الشباب. يأخذ الأول بعد المسؤولية المجتمعية نحو الشباب، بينما يأخذ الثاني بعد المسؤولية الشبابية تجاه المجتمع. وفي تقاطع البعدين تتضح الرؤية أن الشباب منجز للتنمية وصانع للمستقبل ومكون لمقومات الحياة،كما تتضح الجهود الواجبة لكي يشكل الشباب مستقبل المجتمع وحدوده الحضارية. هذا التقاطع يعكس مطالب الشباب من المجتمع واستعداد المجتمع لتحقيق المطالب. فالعلاقة بين الشباب والمجتمع تفاعلية تبادلية تحركها مبادرة احد الطرفين تجاه الآخر، وهو يؤدي استحقاقا للآخر وفقا لقاعدة تتبنى نقل موقع الشباب من بين الأغلبية الصامتة إلى القوة الطليعية الفاعلة.. بإتاحة الفرص للقوة الفتية لتطرح الآراء وصياغة الأفكار عن التصور المبدئي لمستقبل المجتمع، وتترجمه إلى خطط وبرامج، ومن ثم تشارك في نقلها إلى واقع اجتماعي .
تصل هذه القاعدة المجتمع إلى وضعية متقدمة من مصفوفة ثقافية متطورة،تستبدل التقليدي والمتخلى والمنقطع، إلى تقاليد متجددة وقناعات وصلات، تقوم على التفاهم والتعاون، وتواصل يقوم على الوضوح وادراك للحقائق والإمكانيات والممكنات.وتوفر هذه القاعدة للشباب الفرص المتكافئة للاطلاع من اجل بناء معرفة واعية تلاحق المتجدد والمتطور من اكتشافات العلم،وما انتهت إليه الجهود للوصول إلى الحقيقة، في ما من شانه الرقي بمستوى الحياة وتنمية قدرات الإنسان. مثلما توفر هذه القاعدة للشباب فرص التفاعل مع الأحداث على المستويات المحلية والوطنية والعالمية في المجالات كافة، تفاعلا فكريا وجدانيا عمليا، مع استبعاد ظروف النقد السلبي أو الانسحاب الاختياري أو الإقصاء الجبري.
تتعدى هذه القاعدة ذلك إلى تهيئة الشباب لدخول سوق العمل ووفقا لمتطلبات الإنتاج والتسويق، ويجنب الشباب مشاعر السخط، أو يحملهم على الهجرة، مما يشكل نزيفا للدافعية المنتجة وإهدارا للطاقة، بل ويجعلهم معينا للأجيال المقبلة في مجابهة متطلبات جديدة واحتياجات متجددة في مجتمع المعرفة المتقدمة، التي تهيئها معطيات الحياة المعاصرة،والتي تقوم على الانفتاح العالمي،الذي ييسر الاطلاع ويزيل الحواجز بين الثقافات.
هناك تباشير لتهيئة البنى الاجتماعية ونظمها ووظائف هذه النظم لمجتمع المعرفة،وكذلك تهيئة الإنسان العربي للتجاوب والتفاعل والتكيف مع التغييرات الاجتماعية والثقافية في معظم الأقطار العربية، التي وضعت استراتيجيات وطنية للشباب تتضمن رؤاها في مد شبكة الترابط بين شرائح المجتمع وترسم معالم صيرورة الشباب كصمام أمان لمستقبل المجتمع ، وذلك في ضوء دراسات للقضايا التي تشغل الشباب ويعنى بها المجتمع كالتعليم والتدريب والعمل والمشاركة والبيئة والترويح والحقوق المدنية والمواطنة والثقافة والإعلام والصحة، ودعمت هذه الدراسات بحملات الاستماع التي استهدفت الشباب في المدارس والجامعات والمواقع الإنتاجية والباحثين عن عمل والمتقدمين للوظائف وذوي الاحتياجات الخاصة والمنحرفين والمتسربين من المدارس، شارك فيها ممثلو المؤسسات الحكومية والمجالس البرلمانية والبلدية والنقابية والحزبية.
لقد ساعد على انبثاق الرؤية الوطنية نحو مستقبل الشباب في المجتمع ومستقبل المجتمع على يد الشباب التقارير القطرية للتنمية البشرية لعام 2000، والتي بادرت إليها الأمم المتحدة من خلال برنامجها الإنمائي في الدول العربية،وتمحورت على الشباب كقوة فاعلة مستهدفة في عمليات التنمية،ومن ثم تكون القوة الدافعة لدخول مجتمع المعرفة والتفاعل مع معطياته،
يتابع الشباب العربي عبر أسرع وسائل الاتصال الخطوات التنموية في العالم، ويلاحظ محاولات اللحاق العربية بهذا الزخم التنموي والانجاز الحضاري،والذي يتم وفقا لمتطلبات العصرنة وشروط الحداثة في عصر الاتصال والمعرفة والعولمة،التي تجلت في الانفتاح العالمي تجاريا وصناعيا وإعلاميا وثقافيا وسياحيا والهجرة العمالية والتعليم تخصصا وبحوثا علمية.وأصبحت المجتمعات العربية غير قادرة على تجاهل هذه الصور الحضارية والانجازات التنموية المحيطة،ووجدت نفسها مندفعة للتفاعل مع محيطها العالمي والتفافات الأخرى،مما ولد الرغبة وخاصة في صفوف الشباب فيها في التقليد والمحاكاة.
ولكن التغير الحاصل عن هذا التفاعل والانفتاح، انه رغم فتحه الآفاق لفرص حياتية جديدة مادية ومعنوية تتضمن إضافة خبرات ونمو قدرات وتحسن مهارات،إلا أنها مصحوب بالتوتر والاضطراب الذي يصاحب التغيير عادة ، إذ أن الإتقان والدقة في التعامل والتكيف مع التغيير لا يتحصل بسهولة. من هنا يأتي دور الأسرة والمدرسة والجامعة ووسائل الاتصال والثقافة والمعلومات في مساعدة الشباب على اختيار البدائل الأفضل ولى إتباع السلوك المناسب،أما إذا ما حاولت مجتمعاتنا العربية التمسك بالمثل والأهداف المعنوية السليمة، ولتدرأ عن نفسها مخاطر الانحراف والخوف والتداعيات السالبة ذات الأثر المميع على تماسك المجتمع وذات الأثر المعوق لمسيرة التنمية، فإنها بحاجة إلى الاستماع إلى الشباب وتلبية مطالبهم لا من اجلهم كأفراد إنما من اجلهم كمجتمع،على قاعدة تكافؤ الفرص واحترام كرامة الإنسان.في الوقت الذي يبحث الشباب فيه عن "الذات"، و"المكانة" و"الاستقلالية"،ومن خلال هذه الحلقات تتشكل ثقافته، وتتبلور رؤيته لمستقبل المجتمع في ظل التغيير المتسارع في عصر المعرفة.
التهيئة الواجبة للمستقبل المنشود والمتوقع:
عندما نتحدث عن ثقافة العصر فان العولمة كظاهرة عالمية وكثقافة بدأت تنتشر في العالم المعاصر، والتي يجري التحدث عنها بطرق مختلفة، تتراوح بين الترحيب التام والاندماج الكامل كحتمية عالمية لمختلف المجتمعات، ومن بينها المجتمع العربي ، وبين الرفض التام والدعوة لمقاومة هذه الظاهرة الغريبة والثقافة الوافدة واعتبارها ضربا من ضروب الهجمة الامبريالية الجديدة، التي لا تكتفي بإلغاء الفواصل الثقافية والحواجز السياسية بين الثقافات والشعوب، بل تمهد لإحلال ثقافة واحدة مسيطرة على عقول الأجيال الجديدة واتجاهاتها وهويتها وولائها .
لذا فان من الأجدى أن نفكر كيف نهيئ أنفسنا كأصحاب حضارة ننتمي إليها أو ثقافة نعتز بها،للاندماج في تيار العولمة،الاندماج التشاركي التفاعلي التكاملي على أساس متكافئ من المعطيات الثقافية والقناعات الفكرية التي تنظر إلى العولمة كظاهرة عالمية يتمثل فيها الجميع من كل الاتجاهات وفي كل الأنحاء، ألا تنتمي العولمة إلى العالم اجمع،لغة وثقافة وهوية،والعلم للجميع بمختلف اللغات والثقافات والهوية؟ ومن أحرى من الشباب في فهم هذه الرسالة ومن أجدر منهم بحملها في فتوة حياتهم إلى مجتمع الإنتاج الأمين والاستقرار الآمن والتفاهم المتبادل بين أبناء المجتمع الواحد وبين شعوب العالم .
أصبحت تكنولوجيا المعرفة المفتاح الأساسي للتنمية والتقدم في المجتمع المعاصر منذ بداية القرن الحادي والعشرين،وقد غزت مختلف مجالات النشاط الإنساني وأحدثت ثورة اتصالية عارمة، أدواتها أقمار صناعية وحواسيب وفيديو وكابل وانترنت والشبكة العنكبوتية وبنوك معلومات وتلفزيون،تماثلي أو رقمي،وأقراص صلبة وتفاعلية،دخلت مختلف حقول حياتنا وما إلى ذلك من أوجه وميادين الحياة البشرية، محدثة تغييرا كبيرا في طرائقنا بالعيش والتخاطب واكتساب المعرفة،وفي تنظيم حقول العمل والإنتاج،ومتجاوزة الحدود الجغرافية والسياسية،ومغيرة معطيات الزمان والمكان والمسافات،إنها تحل في قرن جديد تقاس فيه قوة الأمم وحضارتها بقدرتها على التحكم بالمعلومات وتوظيفها لأخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
معاينة ميدانية لأثر احدى مفردات مجتمع المعرفة على الشباب:
إدراكا لكل هذه المؤثرات على حياة المجتمع وإدراكا لأهمية الشباب في حياة المجتمع كذلك،فكرت في دراسة تأثير واحدة من مفردات مجتمع المعرفة، وأعني" الانترنت"أحاول أن أعاين من خلالها تأثير هذه المفردة الحديثة المتطورة على عنصر هام في النظام الاجتماعي الكلي،وأعني "القيم الاجتماعية"،ولدى الشباب على وجه الخصوص،متخذا من المجتمع الطلابي في الجامعة الأردنية في عمان،والتي أحاضر فيها بشكل غير متفرغ،ميدانا للمعاينة الميدانية، للمؤثر والمتأثر في الجدلية القائمة بين فئة مهمة من العنصر السكاني في المجتمع الأردني(كقطب أول)ومنظومة القيم في هذا المجتمع (كقطب ثاني)،والانترنت كمستحدث اتصالي في المجتمع (كقطب ثالث).
أولا:الإطار المنهجي:
يتوافر عديد من الدراسات التي تطرقت لموضوع الانترنت، ركزت على أن الانترنت وسيلة لا تختلف عن باقي وسائل الاتصال، فهو صديق للانسان ما دام استخدامه محدوداً بالاستغلال الصحيح، ويتحول إلى عدو عند حدوث عكس ذلك،إلا أن الفوائد الثقافية والعلمية للانترنت لا يجوز أن يحرم منها الإنسان. وهو وسيلة تجميع وتنظيم واسترجاع وآلية متميزة. أشار دارسون إلى أخلاقيات العمل على الانترنت،وعن أهمية القواعد التي تحكم المستخدم عند العمل على الانترنت، فهي تحوي المحرمات الثلاث المعروفة – الجنس، السياسة، الدين- تحويها نصاً وصوراً وأفلاماً.واوصت هذه الدراسات بأن نبعد الخوف والحذر عنا،وأكدت على أهمية الأخلاقيات والقيم العربية عند التعامل مع المعلومات على الانترنت، وأنه ليس هناك سلطة على الانترنت ولا رقابة، لن يحكمنا على الانترنت إلا التزامنا ورقابتنا الداخلية،ولكن هناك وسائل تساهم في ضبط استخدامها. كوضع القوانين والسياسات اللازمة لضبط الاستخدام،وتحديد المسئول عن تنفيذ الضوابط.
وتأسيسا على ما ورد في الدراسات السابقة يتبين أن أكثر من يتعرض لتأثيرات شبكة الانترنت هم الشباب في مختلف أنحاء العالم، ومنهم الشباب العربي الذي تجتاحه في عصر المعلومات والمعرفة تيارات ثقافية ذات حجم هائل في كثافتها وسرعتها، بشكل لم يحدث لشباب أي جيل من الأجيال السابقة.وأول ما يتعرض للتغير عند الشباب نتيجة لهذه التيارات الثقافية هو القيم، لا سيما و أن مختلف الأيدولوجيات المتصارعة في المجتمع العالمي المعاصر تبذل الجهود للتأثير على قيم الشباب من خلال هذه التيارات الثقافية المنقولة عبر الأثير في الإذاعة والتلفزيون، أو المطبوعة على شكل كتب ومجلات وأفلام ، وشرائط الفيديو والكاسيت إلى آخر هذه الوسائط الثقافية والإعلامية الخطيرة أعجوبة القرن أي الانترنت، فما مدى هذا التأثير للانترنت على قيم شبابنا الاجتماعية؟
وتستمد الدراسة أهميتها من أهمية المشكلة مدار البحث التي تتصل بالآثار السلبية التي يعكسها الانترنت على المجتمع، وهو أحدث وسيلة للاتصال في القرن الحالي ويتوقع لها أن تنمو.
تسعى الدراسة للوصول إلى مدى تحقيق الاستفادة المثلى للانترنت بين أوساط الشباب،والتعرف على أهم القيم الاجتماعية الخاصة بالشباب ودور الانترنت في التأثير عليها.
علما بأن الإنترنت شبكة عملاقة،تزود المستخدمين من بخدمات عديدة لنقل الملفات والأخبار والوصول إلى الآلاف من قواعد البيانات والحوار مع آخرين حول العالم، والوصول إلى الكتب والمجلات والصحف والصور والألعاب، وتؤمن الشبكة اتصال آلي وفوري ومباشر بالنصوص والأصوات والصور الثابتة والمتحركة. فهي الطريق السريع للمعلومات Information Superhighway. ولا توجد دولة أو مؤسسة أو شخص يتحكم في الانترنت.ولكن توجد جمعيات تطوعية تنسق التطابق بين أنظمة الاتصال الفني. وهو يمثل اختراقاً طبيعياً للحدود الجغرافية والسياسية للدول والأقاليم ممايمكن استثماره للتقريب بين وجهات النظر والتفاهم بين الشعوب.
قال عالم التربية الكندي ماكلوهان Marchall Mcluhan،أن التواصل الالكتروني سيعيد تشكيل العالم على هيئة قرية تعيد تشكيل الوعي وتوجيه أنماط التفكير وتنظيم العلاقات والمنظمات الاجتماعية. ويبدي الخبراء تخوفاً كبيراً من تعرض المستفيدين من الانترنت لاستقبال المشروع والممنوع، كنقل المواد الإباحية والمواد التي تشجع على العنف والإرهاب،والتسلل لشبكات الاتصال وقواعد المعلومات في المصارف والمؤسسات المالية والعسكرية،والتحول إلى وسيلة عالمية للسرقة والإحتيالات والتجسس.
ويجري الحديث بتزايد عن متاعب صحية في العينين والظهر، وكذلك العزلة الاجتماعية للمستخدمين،وتفكك الأسرة وانحراف الأبناء،فتح الانترنت للأطفال آفاقاً واسعة، وخلق منهم أطفالاً غير تقليديين، وابتعاد الأطفال مع هذا القادم الجديد إلى عالم آخر يعيش فيه وحده، فأصبح لا يرغب في الحركة والنشاط واللعب الجماعي، وأبتعد عن التلقي الصحيح للمبادئ الحسنة والعادات الحميدة، فأصبح الطفل يستقى مبدأه مما يأخذه من ذاك البطل الذي يراه في ألعابه الالكترونية.
ولما كانت القيم معايير وأحكام تتكون لدى الفرد من خلال تفاعله مع مواقف الحياة اليومية،تمكنه من اختيار أهدافه وتحديد ميوله واتجاهاته، وتعكس طبيعة الوجود الاجتماعي للأفراد والمجموعات وداخل تكوين اجتماعي واقتصادي معين كما أنها نتاج لهذا الوجود وتتصف بالثبات النسبي، إلا أنها تتغير بتغير الظروف،وتكتسب قوة في توجيه سلوك الأفراد.
لقد جاء "رالف بارتون بري" بالنظرية العامة للقيمة، التي اعتبرت أن أي اهتمام بأي شيء يجعله ذا قيمة،بينما يرى "ثوراندايك" أن القيم تفضيلات،وأن الإيجابية منها والسلبية تكمن في اللذة أو الألم لذي يشعر به الإنسان. ويرى "عيسى" ان القيمة تستمد فعاليتها من حالة الرضا والتبجيل التي يمارسها الأفراد والجماعات في تصرفاتهم.،وتعتبر نظرية "بري" الفكرة الأخلاقية قيمة إذا جعلها الفرد مركزاً لاهتمامه وشعر بقيمتها، فالأشياء في ذاتها ليست خيرة كما أنها ليست شريرة، ولكن اهتمام الإنسان بها هو الذي يرفع قيمتها أو يخفضها، وعلى ذلك فأن ما نسميه قيمة إيجابية يمكن أن تقل قيمتها في مجتمع آخر وتتحول من قيمة مهمة إلى قيمة تافهة، وقد لا تتدرج في عداد القيم. فالقيم من نسيج الخبرة الإنسانية وهي جزء لا يتجزأ منها،وهي تنطوي على عدة معاني كالاهتمام أو الاعتقاد أو الرغبة أو السرور أو اللذة أو الإشباع أو النفع أو الاستحسان، والتي يحسها كل منا على نحو خاص به وهي عناصر وجدانية وعقلية غامضة، تعتمد على الشعور الداخلي للشخص،ولا يمكن أن تقاس كما تقاس العناصر الطبيعية، وهي كالذوق مسألة شخصية،وليست شيئاً مجرداً مستقلاً في ذاته عن سلوك الشخص، بل متغلغلة فيه، تنبع من نفسه ومن رغباته لا من الأشياء الخارجية،تختلف عند الشخص تبعا لحاجاته ورغباته وتربيته وظروفه، كما تختلف من شخص إلى آخر، ومن زمن إلى آخر ومن مكان إلى آخر، ومن ثقافة إلى ثقافة ومن شعب إلى آخر.
ترتب القيم نفسها ترتيباً هرمياً:فتهيمن بعض القيم على غيرها وتخضع لها، فكل إنسان يحاول أن يحقق كل رغباته ولكنه لا يستطيع، فيحاول أن يخضع الأقل قبولاً عند الناس للأكثر قبولاً تبعاً لترتيب خاص،لا تتخذ القيم في سلم القيم مرتبة ثابتة جامدة لا تتغير بل ترتفع وتنخفض وتعلو وتهبط وتتبادل المراتب والدرجات فيما بينها تبعاً لظروف الفرد وأحواله ورغباته واهتماماته.
هنالك مجموعة من القيم تنسق سلوك الفرد حسب مقتضيات مصلحة المجتمع الذي يعيش فيه، تقوم بخدمة النظام الاجتماعي واستقراره في الحياة العامة ومنع الخلل فيها، ومن ابرزها التي تهم شريحة الشباب الجامعي:الحرية في التفكير والاختياروالبحث،والصدق،والأمانة.
ثانيا:الإجراءات المنهجية:
نظراً لحداثة العهد بالانترنت وبمدار البحث بشكل عام،فإن هذه الدراسة دراسة استطلاعية تحاول تحديد خصائص ظاهرة تأثير الانترنت على القيم الاجتماعية للشباب الجامعي، اعتمدت على جمع البيانات وتفسيرها وتحليلها للوصول إلى تعميمات بشأن الموضوع مدار الدراسة،بالاعتماد على منهج المسح الاجتماعي بالعينة، في استطلاع آراء مجتمع الدراسة حول شبكة الانترنت وتأثيراتها على القيم الاجتماعية للشباب،بما يناسب سعي الدراسة إلى معرفة آراء شريحة معينة من المبحوثين واتجاهاتهم حول القضية، وباستخدام الاستبيان كأداة للاتصال بمجتمع الدراسة وهم مجموعة من طلبة الجامعة الأردنية في عمان، بمختلف كلياتها، وهم من فئة الشباب، ومن كلا النوعين الذكور والإناث،خلال الفصل الدراسي الاول من العام الجامعي 2013-2014.وكعينة عشوائية بسيطة عددها 56 فردا، 18- 26 سنة.
لقد عكست معطيات الدراسة الميدانية الإجابة على تساؤلاتها وذلك على النحو التالي:
- أن 23 من أفراد العينة يستخدمون الانترنت في حدود (ساعة واحدة – 3 ساعات) أي ما نسبته 41.1%، كذلك فإن 35.7% يستخدمون الانترنت لأقل من ساعة واحدة، أي أنه لا توجد مشكلة في حجم الاستخدام، حيث أن معدلات الاستخدام طبيعية وفي حدود الاستخدام المعقول.
- أن أكثر المواقع التي يقبل عليها الشباب الجامعي المواقع الفنية والأغاني بنسبة 48.2% يليها مواقع المحادثة والدردشة بنسبة 42.9%، وقد تعود الأسباب لهذا الإقبال إلى عدة عوامل أهمها الحاجة الملحة للترويح عن النفس بعد قضاء يوم طويل بين أروقة الجامعة والكتب والامتحانات، حيث يجد الشباب في الانترنت المتنفس الوحيد بعيدا عن أجواء الدراسة. أما بالنسبة للمواقع العلمية والثقافية فقد حصلت على نسبة 28.6% ، وذلك لأن الانترنت مكتبة ثقافية علمية تحتوي على جميع المعارف يستفيد منها الطالب الجامعي بغرض الدراسة والبحث العلمي. أما أقل نسبة سجلت فهي 8.9% وقد كانت من نصيب المواقع الجنسية والإباحية، وهذا دليل واضح على وعي الشباب الجامعي بمدى خطورة تلك المواقع في تكوين شخصيتهم ومدى تأثيرها السلبي والضار.
- أن توفير الانترنت الكثير من الوقت والجهد قد احتلت الترتيب الأول بمتوسط وزني مرجح قيمته (158) اذ أن الانترنت احد ابرز وسائل الاتصال الحديثة لها دور في اختصار الزمان والمكان وتوفير الوقت والجهد.
- حصلت عبارة -أجد في الانترنت وسيلة مناسبة لتوفير اتصال مباشر بيني وبين العالم الخارجي- على متوسط وزني مرجح بلغ (152) =الترتيب الرابع.نظرا لسهولة استخدام الانترنت والتكلفة البسيطة إذا ما قورنت بوسائل الاتصال المباشرة اذ يستخدم الشباب البريد الإلكتروني أو برامج الدردشة للتواصل مع أقرانهم وذويهم سواء في داخل البلد أو خارجه,ولا توجد وسيلة أخرى لحد الآن توفر هذه الخدمة.
- أن (39.3%) من مجتمع العينة يؤمنون أن مزايا الانترنت أكثر من سلبياتها أما (51.8%) أجابوا (إلى حد ما) وتعود أسباب تلك الإجابات إلى تعطش الشباب لكل ما هو جديد ويحقق المتعة والفائدة في آن واحد وهذا ما يمكن الحصول عليه في شبكة الانترنت.
- أجاب (5.4%) فقط أنهم يفضلون التسوق الالكتروني عن التسوق التقليدي، وسبب هذه النسبة القليلة أن هذه الطريقة لم تحظى بانتشار واسع ولازالت الطرق التقليدية هي السائدة في المجتمع.
- حصلت عبارة -إن الجلوس الطويل أمام الانترنت يؤدي إلى متاعب صحية في العينين والظهر- على المرتبة الأولى بمتوسط وزني مرجح بلغ (156)، اذ أشار (82.1%) من أفراد العينة إلى صحة العبارة السابقة، و(14.3%) أجابوا (إلى حد ما )، أما النسبة المتبقية وهي (3.6%) أجابوا بـ(لا)، فجميع الأعراض السابقة هي نتيجة الجلوس الطويل والمتواصل أمام شبكة الانترنت.
- حصلت عبارة- أرى أن الانترنت وسيلة للغزو الثقافي والفكري- على متوسط الأوزان (123)، وقد كانت إجابات أفراد العينة على النحو التالي (37.5%) نعم، (44.6%) إلى حد ما، (17.9%) لا، ويعود ذلك إلى كون ذلك سيؤثر على ثقافتنا وهويتنا بشكل أكبر من قدرتها على التأثير أو ‏مواجهة الموجة التي تحملها تكنولوجيا المعلومات بين طياتها.‏و كانت بعض الدراسات السابقة أفادت أن ثورة المعلومات اقترنت بمفهوم (الاختراق الثقافي) الذي تمارسه دول ‏وجهات معينة بما يخدم مصالحها وأهدافها.
- حصلت عبارة -اعتدت على زيارة المواقع التي تعرض مواد إباحية من صور وأفلام-على متوسط وزني مرجح قيمته (71) بالرتبة العاشرة ضمن العبارات، ذلك عدم اهتمام الشباب بتلك المواقع الهابطة. فقد أجاب (5) من أفراد عينة الدراسة بنعم أي ما نسبته (8.9%).
- اتضح أن للانترنت تأثير كبير على احد ابرز القيم الاجتماعية وهي قيمة الحرية، فالعبارة التي احتلت المرتبة الأولى لمتوسط الأوزان المرجح كانت على النحو التالي - الحرية في الانترنت لا تعني التعدي على حرية الآخرين- بقيمة (147)، ويرجع السبب في ذلك إلى انتشار مفهوم الحرية لدى الشباب وارتباط مفهوم الحرية الشخصية بحرية الآخرين، وإيمانهم بضرورة عدم التعدي على حرية الآخرين ولا وجود للحرية المطلقة. حيث أجاب غالبية أفراد مجتمع العينة بالإيجاب على العبارة السابقة بنسبة (75%) ويعود ذلك لوعي الشباب الجامعي بمفهوم الحرية.
- جاءت عبارة - إن الحرية التي تتيحها شبكة الانترنت تعتبر سلاحاً ذو حدين- في المرتبة الثانية بمتوسط وزني مرجح (141) لأن الانترنت شبكة غير متناهية الأطراف وتفتح آفاقاً للحرية لا يمكن حصرها في مكان أو بيئة أو حضارة معينة، وهذه الحرية قد تكون ايجابية وتأتي بثمارها على المستخدم الذي يعي الغرض من استخدامه للانترنت، وقد تكون سلبية إذا كان الغرض من الاستخدام هو اختراق الحريات. وهذا ما أكد عليه (58.9%) من أفراد العينة ممن أجابوا بـ(نعم)، أما (33.9%) فقد أجابوا (إلى حد ما) مما يعني شعور شبه نسبي بمفهوم الحرية.
- حصلت عبارة - يساعد الانترنت على المناقشة والنقد البنّاء دون تحيز-على متوسط وزني مرجح بلغ (135) اذ أن الانترنت متنفس بديل للشباب وخاصة في المجتمعات التي تضع قيودا وضوابط أمام حرية الرأي، حيث يكون الحوار بناءاً وموضوعياً ودون تحيز لسلطة أو جهة معينة. من ناحية أخرى فإن (51.8%) يرون أن الانترنت يساعدهم على المناقشة والنقد البنّاء دون تحيز، وقد يعود ذلك إلى حاجة الشباب إلى اللقاءات و المنتديات الحوارية التي تنمي لديهم المهارة والقدرة على المناقشة وتبادل الآراء. كما أن هناك (37.5%) يرون إن الانترنت تساعد على المناقشة والنقد البنّاء إلى (حد ما) وقد يعود السبب في ذلك إلى عدم استثمار الانترنت بالشكل الأمثل الذي يحقق هذه الميزة.
- حصلت عبارة- الاقتناع بالوضع الشخصي الحالي- على متوسط وزني مرجح بلغت قيمته (142)،اذ أجاب (64.3%) إنهم مقتنعون بوضعهم الحالي مما يعطينا انطباع إلى أن طلاب الجامعة الأردنية لديهم اقتناع بوضعهم الحالي،وحصلت عبارة - تأييد فكرة الدراسة وتلقي العلم والمعرفة من خلال الجامعات الالكترونية العالمية- على متوسط وزني مرجح بلغ (107)، ويعود ذلك إلى انتشار هذا الأسلوب في المجتمع ولو في مراحل أولية وزيادة إقبال الشباب على هذا النوع من الدراسة الإلكترونية وهم في منازلهم بدل تكبد عناء التنقل و الدوام. فقد أشارت النتائج الإحصائية إلى أن (28.6%) من أفراد العينة يجدون في الانترنت وسيلة جيدة للدراسة ويحبذون هذا النوع من الدراسة، وهناك (33.9%) أجابوا (إلى حد ما)، و (37.5%) لا تعجبهم فكرة الدراسة في الجامعات الالكترونية أبداً، وقد يعود السبب في ذلك إلى الاعتياد على الدراسة التقليدية داخل الحرم الجامعي وعدم تقبلهم لفكرة الدراسة الالكترونية، علاوة على تطلبها لمهارات دقيقة الإتقان، وتبعد الشاب عن الجو الجامعي في إطاره الاجتماعي.
- حصلت عبارة-يوجد في الانترنت الكثير من المعلومات المضللة على متوسط وزني مرجح بلغ (143)،أجاب (62.5%) بنعم على العبارة السابقة، وقد يرجع السبب لاحتمال وقوعهم بمواقف أثناء تعاملهم مع الانترنت تثبت وجود معلومات مضللة غير صحيحة على الشبكة، كما أن (30.4%) أجابوا (إلى حد ما)، فربما كانوا على علم بعدم صحة جميع ما يكتب أو يشاهد على الانترنت إلا إنهم لم يمروا بتجارب شخصية أثبتت صحة ذلك، ووضحت عبارة -الصدق في القول تعبير عن الشخصية الواضحة-قيمة الصدق على أنها تعبير عن الشخصية الواضحة، مما أدى إلى حصولها على متوسط وزني (135)، بنسب (53.6%) نعم، (33.9%) إلى حد ما، و(12.5%) لا، وهي دليل واضح على تمسك الشباب الجامعي بقيمة الصدق بغض النظر عن التأثير السلبي للانترنت على هذه القيمة.
- حصلت عبارة - سهولة انتحال إبداعات الغير دليل على عدم وجود للأمانة العلمية على الشبكة- المرتبة الأولى بمتوسط وزني مرجح بلغ (120)،أجاب (42.9%) بـ(نعم) حيث انه لا وجود للأمانة العلمية على الشبكة وسهولة انتحال إبداعات الغير من دراسات وبحوث ومؤلفات وكتب دون رقابة، ولا توجد قوانين رادعة لمثل هذه السرقات العلمية،أما(28.6%)أجابوا(إلى حد ما) مما يعني إن هؤلاء يؤيدون وجود الأمانة العلمية على شبكة الانترنت نسبيا، وهناك نفس النسبة السابقة ممن أجابوا بـ(لا)،ومن ذلك يتضح أن الآراء تتفاوت وتختلف من شخص لآخر بمدى وجود الأمانة العلمية على شبكة الانترنت.
- أن (96.4%) يرون أن إفشاء أسرار الآخرين وتشويه سمعتهم باستخدام شبكة الانترنت فعل منافي للأخلاق العامة والقيم الاجتماعية والمبادئ الأخلاقية،اذ حصلت عبارة -القيام بإفشاء أسرار الناس على الانترنت وتشويه سمعتهم- على الترتيب الأخير،نظراً لوعي الشباب بقيمة الأمانة والمحافظة على أسرار الناس وذلك نابع من التنشئة والبيئة التي اكتسب الفرد قيمه فيها>
- إن (26.8%) يجدون أن الانترنت سلاح ذو حدين، فإن استخدم بالطريقة الصحيحة أدى إلى نتائج ايجابية وفوائد جمة، أما إذا استخدم بطريقة خاطئة فانه يعكس نتائج ضارة على الفرد والمجتمع.كما رأى (16.1%) أن للانترنت تأثيرات سلبية ومباشرة على القيم الاجتماعية أكثر من كونه ايجابياً،اذ وهنت العلاقات الاجتماعية،وتراجعت الصداقات حتى ندرت،وخلى المجتمع من الجلسات الجماعية،الإضافة إلى عدم الحضور الفعّال في الكثير من المناسبات.بينما يرى (16.1%) انه لا توجد سلبيات للانترنت وان لمواقع الانترنت تأثير إيجابي على الشباب من حيث تنمية الفكر والوعي،وان الإنسان الذي يحترم قيمه لا ينجرف وراء لما للانترنت من تأثيرات سالبة.
- اقترح (30.4%) من أفراد العينة حجب الوكالة التي تقوم بخدمة المواقع الإباحية ووضع ضوابط لمنع دخول الشباب والمراهقين لتلك الموقع التي تسبب تفشي الانحراف والرذيلة في المجتمع.ودعا(16.1%)للتمسك بالقيم الاجتماعية والأخلاقية والدينية للوقاية من الآثار السلبية للانترنت،واقترح (8.9%) توعية الشباب من أخطار سوء استخدام الانترنت،ودعا (3.6%) لاستخدام الانترنت عند الضرورة فقط وعدم استخدامه كوسيلة لملء الفراغ.
نتائج الدراسة:
في ضوء ما تم عرضه،نحاول صياغة النتائج التي لها صلة مباشرة بأسئلة الدراسة وفرضياتها،على النحو التالي:
1- إن نسبة كبيرة من طلاب الجامعة هم من مستخدمي شبكة الانترنت،وغالباً ما تستخدم الانترنت بغرض التسلية والترفيه أو البحث عن المعلومات التي تفيدهم في التحصيل العلمي.
2- يمثل الانترنت نقلة تكنولوجية وحضارية كبرى،جعلت من المتابع مواطناً حراً في اختيار مصادر معلوماته وعنصراً منتجاً لا مجرد مستهلك لها،مع تنوع استخدامات الانترنت وتتعددها تبعا لاهتمامات مستخدميه وميولهم،فهناك من يبحث عن المعرفة والتحصيل العلمي أو عن المتعة والترفيه والتسلية والاستفادة من وقت الفراغ, وقلة عن عبث.يضاف إلى ذلك أن كل وسيلة اتصال جديدة تدخل إلى المجتمع لا بد وان تواجه بالرفض والنقد في بادئ الأمر، كونها قد أتت من ثقافة غربية.
3- ينطوي الانترنت على سلبيات عديدة، ولعل من أهمها أنها تساعد على الغزو الفكري والثقافي، وتبث مواد إباحية، وتسرق المعلومات والبرامج من خلالها،إضافة إلى عدد من المشكلات الصحية والاجتماعية المترتبة على طول الاستخدام والجلوس أمام شاشة الحاسب الآلي. علاوة على أنه من الصعوبة بمكان السيطرة على هذه السلبيات تماما، وخصوصاً في صفوف الشباب.
4- لا تلوح ظاهرة ادمان في حجم استخدام الانترنت لدى الشباب الجامعي الأردني،اذ أن (41.1%) يستخدمونه لمدة تتراوح بين ساعة واحدة إلى 3ساعات في اليوم،بينما حجم الإدمان على استخدام الانترنت العالمي-أكثر من 5 ساعات في اليوم- بلغ 4.11 مليون شخص بالعالم .
5- يحقق الاستخدم القويم للانترنت النفع والفائدة المرجوة منه،أما إذا أسيء استخدامه فانه يؤدي إلى التفكك الاجتماعي والتخلي عن القيم الاجتماعية كالحرية والطموح والصدق والأمانة، لقد أظهرت النتائج أن مجتمع الشباب الجامعي الأردني متمسكا بالقيم الاجتماعية مع وجود تأثير سلبي ناجم عن عولمة الاتصال بشكل عام.
مقترحات:
انطلاقا من نتائج الدراسة التي استعرضت آنفا، نقترح ما يلي:
1- استثمار إيجابيات شبكة الانترنت لما فيه صالح الفرد والمجتمع، وتبليغ الرسالة الصحيحة عن القيم الاجتماعية والدينية الصحيحة.
2- الاستفادة من الانترنت في الحقل الأكاديمي،ولتطوير العملية التعليمية بإدخال الانترنت في الفصول الدراسية واستبدال المناهج الدراسية والكتاب التقليدي بالكتاب الالكتروني.
3- الاستفادة من وسائل الإعلام،في التنبيه إلى ما تسببه شبكة الانترنت من أضرار على مستخدميها وتنبيه الآباء والأمهات بضرورة مراقبة الأبناء أثناء ساعات الدخول الى الشبكة العالمية
4- اتخاذ المؤسسات والشركات الهامة الاحتياطات اللازمة لمنع المتطفلين من الدخول إلى شبكاتها المحلية والعبث بها، وكذلك الأمر بالنسبة للأشخاص من خلال استخدام برامج الحماية لمنع هؤلاء المتطفلين.
5- تحذير مستخدم الانترنت من المضار الصحية،بتقليل عدد الساعات المستغرقة في الاستخدام اليومي،وعدم الاستمرار في استخدامه لساعات طوال.
6- عدم اللجوء إلى الانترنت دائماً في الاتصال والتخاطب مع الآخرين وما إلى ذلك،حتى لا يكون هناك نوع من الإدمان والتعود.
7- الاهتمام بالتنشئة الاجتماعية السليمة والقائمة على القيم الاجتماعية والمبادئ الأخلاقية التي يؤمن بها المجتمع حتى ينتج جيلا قادرا على مواجهه التحديات التي يفرضها العصر.
8- التخطيط للبرامج التي تساعد على شغل وقت الفراغ لدى الشباب وخصوصاً في الإجازة الصيفية من خلال الأندية والمراكز الشبابية والاجتماعية، واعتماد الانترنت كوسيلة علمية تساعد على تطوير القدرات والمهارات واكتساب المعلومات وليست وسيلة لقضاء وقت الفراغ فقط.
9- حجب جميع المواقع الإباحية من قبل الوكالة التي تقدم خدمة الانترنت في البلاد.
10- ممارسة الرقابة الذاتية الداخلية أثناء تصفح الانترنت، والتحلي بالأخلاق الفاضلة والالتزام بالقيم الاجتماعية الحميدة.
خاتمة:
في ختام هذه الدراسة التي دخلت الى مجتمع المعرفة من عالم الشباب وفحصت تأثير اهم وسائل الحصول على المعرفة في العصر الحديث على الشباب، نقول أن شبكة الانترنت توفر معلومات في مختلف مجالات المعرفة بتوفر عنصر السرعة بانتقال المعلومات وسريتها،ولها جوانبها الترفيهية والتجارية والخدمية العديدة والواسعة، كما انها من الوسائل التكنولوجية الحديثة التي تجذب الأفراد وتحقق لهم إشباعا مقبولاً في مجالات مختلفة ترفيهية وعلمية وطبية وثقافية، الا أن لشبكة الانترنت مساوئ وسلبيات كثيرة،ففي ذات الوقت تؤدي إلى انسحاب هؤلاء الأفراد من الحياة العامة والعلاقات الأسرية والاجتماعية وتعرضهم للأمراض النفسية والاجتماعية.وإذا ما أخذنا الحيطة والحذر في استخدامنا للشبكة،وإذا ما تمسكنا بمبادئ الدين وبالقيم الاجتماعية السليمة وأرشدنا أبناءنا إلى الطريق السليم والصحيح لاستخدام الشبكة،فإننا سننعم بمزايا هذه الأداة الفعالة والمفيدة على المستويين العام والخاص.
اما مجتمع المعرفة فهو الساحة الثرية المعطاءة التي ينبغي دخولها دون تردد أو توجس. فان المستقبل لهذه المعرفة الواسعة والمتعمقة، والمتطورة في اسايب الحصول عليها، والاستناد اليها في التخطيط للتنمية الشاملة وتأمين مستقبل الأجيال القادمة، والتي يؤمل منها- اي الأجيال- ان تطور وتتطور لما فيه سعادة الانسان وبناء الأوطان وخير البشرية.
المراجع:
أ‌- مؤلفات علمية:
1- السويدي– جمال سند: وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية: من القبيلة الى الفيسبوك،الطبعة الثالثة 2014.
2- علي-نبيل:الثقافة العربية وعصر المعلومات، عالم المعرفة،الكويت،2001.
3- عمر- معن خليل، البناء الاجتماعي أنساقه ونظمه،عمان، دار الشروق للنشر والتوزيع،1999.
4- غرايبه- فيصل محمود: الشباب ورؤى المستقبل(محكم)، بالمشاركة ،سلسلة كتب المستقبل العربي (48)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت2006.
5- غرايبه- فيصل محمود: الثقافة العربية وتحديات العصر(محكم)، أمانة عمان الكبرى،عمان، 2005.
6- غرايبه- فيصل محمود: الشباب.. الواقع والمستقبل(محكم)، سلسلة كتاب الرياض، مؤسسة اليمامة، الرياض، 2010.
7- الهادي- محمد محمد: تكنولوجيا الاتصالات وشبكات المعلومات، المكتبة الأكاديمية، القاهرة، 2001.
8- النجار- رضا: شبكة الانترنت وتوظيفها لدى الهيئات الإذاعية والتلفزيونية العربية، منشورات اتحاد إذاعات الدول العربية، تونس، 2002.
9- يونغ- كمبرلي، ترجمة ثلجي، هاني أحمد: الإدمان على الانترنت، بيت الأفكار الدولية، عمان، 2003.
ب‌- مجلات علمية:
10- أحمد - سمير نعيم: أنساق القيم الاجتماعية ملامحها وظروف تشكلها وتغيرها في مصر،مجلة العلوم الاجتماعية،جامعة الكويت، العدد الثاني، 1982.
11- الخليفي- محمد بن صالح: تأثير الانترنت في المجتمع، مجلة عالم الكتب، العدد المزدوج 5و6، دار ثقيف للنشر والتأليف، 2001.
12- عبد الرحمن- صالح عبد الله, شفيق فلاح علاونة وآخرون: بناء مقياس القيم الاجتماعية في الإسلام، مؤتة للبحوث والدراسات، الأردن، 1991.
ج- مؤلفات غربية:
13-Adams, Gerald and Michael Berzonsky. Blackwell Handbook of Adolescence. UK: Blackwell, 2006
14-Barron, Christie. Giving Youth a Voice: A Basis for Rethinking Adolescent Violence. USA: Fernwood, 2000.
15-Biglan, Brennan. Multiproblem Youth. USA: Guilford Press, 2004.
16-Corolyn, Judy. Adolescent Parenthood: A Guide to Best Practice and Research. UK: Psychology Press, 2005.
17-Fahmy, Eldin. Young Citizens: Young People’s Involvement in Politics and Decision Making in the UK. UK: Ashgate, 2005.
د- مواقع الشبكة الألكترونية:
18-http://www.bafree.net/forum/viewtopic.php?t=
19-http://www.lahaonline.com/Daawa/ -2002.doc_cvt.htm)
20-http://www.balagh.com/mosoa/ejtma/2z0t6e2u.htm)





#أسعد_العزوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السؤال الكبير :أين الشعب؟
- عبد الحسين شعبان :إسرائيل تستعجل تفتيت العالم العربي
- توقيع رواية -أَعْشَقُني- لسناء الشّعلان في المربد
- الأردن الرسمي ..برافو وإلى مزيد
- حفل ”اُمسية في كراكاس- تضيء ليل عمان
- المرصد الأورومتوسطي يصدر تقريرين حقوقيين شاملين حول جرائم ال ...
- رسالة عربية إسلامية – مسيحية
- المؤتمر العربي التركي الرابع للعلوم الاجتماعية يناقش قضايا ا ...
- قراءة في كتاب -الكويت والخليج العربي في السالنامة العثمانية ...
- إشهار -قافلة العطش- في بلغاريا
- د. أبوغزاله متحدثاً رئيسياً في مؤتمر القيادات الاستراتيجية ل ...
- جريمة سيناء الإرهابية الأخيرة تدبير سيساوي
- حمى الله المحروسة مصر ..ولكن
- قراءة في الديوان ا لأول للشاعر المهندس خيري رمضان -وقفت بها-
- الدخان الأسود
- دعوة الدكتور طلال أبوغزاله للانضمام إلى لجنة بريتون وودز الت ...
- الإسلام الأمريكي
- اعتصام أمام مقر الصليب الأحمر في عمان للتضامن مع القائد الأس ...
- في اليوم الأخير لمؤتمر -داعش- والتدخل الأجنبي: التداعيات على ...
- رسالة تضامن مع الشهداء الصحفيين في غزة بعنوان ( شعبنا العربي ...


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسعد العزوني - خبير علم الإجتماع الأردني د.فيصل غرايبة يدعو للإهتمام بالشباب العربي