أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالرحمن مطر - شتورلسن وحالول في رائعةٍ ملحمية: سْنورا إدّا















المزيد.....

شتورلسن وحالول في رائعةٍ ملحمية: سْنورا إدّا


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 4626 - 2014 / 11 / 7 - 14:26
المحور: الادب والفن
    



المدونة الشعرية للتراث الآيسلندي القديم سْنورا إدّا، يقدّم من خلالها سنوري شتورلسن، ملحمة فريدة، وضعها في القرن الميلادي الثالث عشر، مستلهماً تاريخ الأقوام النوردية، فيما يعرف اليوم بالدول الاسكندنافية وأيسلندا بالطبع. وقد عني فيها بجمع المعارف الإنسانية المستندة الى الوقائع التاريخية، والتراث الشعري لتلك المنطقة الذي ظلّ لقرون طويلة تراثاً شفوياً.
نقلت سْنورا إدّا إلينا بعضاً من شعر البلاط. ذلك الفن الذي كان سائداً في الدنمارك والنرويج والسويد، مشفوعة باساطير تعود إلى عهود الوثنية التي احتفى بها شتورلسن، على الرغم من ثقافته وتربيته المسيحية، التي أتاحت له محاكاة النصوص المقدسة عبر أعماله الأدبية التي وصل منها سْنورا إدّا..الكتاب الذي بين أيدينا.
ثمة متعة فائقة، تضاف الى المعرفة العميقة التي يقدمها هذا الكتاب،في مطالعتهن من حيث المادة التاريخية الموغلة في الأسطورة: حكايات التاريخ وصراعات الخير والشر، وتجلياتها عبر السنون. صراعات الآلهة والبشر والحيوانات. وعن الأحداث التي كان لها اثر في صياغة الأفكار وتضاريس الحياة، وتكونات الأرض التي تتداخل في الذاكرة، مثل تلك الأرض التي غاص في أعماقها محراث غفيون لتخلخلها وتجرها الثيران(أبنائها الأربعة) غرباًإلى داخل البحر، ولم تتوقف إلا عند احد المضائق:
استجرت غفيون بالإضحاك
من غلفي الأمير الكريم
ما اتسعت به رقعة الدانمارك
حين فاح العرق من حيوانات للجرّ،
ثيران ذات رؤوس ثمانية
تجر امامها غنيمة سليبة:
جزيرةً واسعةً مُعْشِبَة.
حكاية المرأة الجميلة غفيون التي آنست الملك غلفي، فاقتطتع من مملكته محراثَ أربعة ثيران بيوم وليلة فولدت آيسلندا. هي حكاية عليسة، أو الأميرة الفينيقية أليسار، التي بنت قرطاج.
روح الشعر فيما كتبه شتورلسون، لا تقلّ أهمية عنه، لغة النص الملحمي الفائضة بأثير ذائقة رفيعة، تدفع بالقارئ للتنقل في واحة التاريخ والمعرفة، بجمالية رهيفة الخطى، كأنك تنقل روحك بين الزهرة وعطرها. هكذا هي ترجمة د.موسى الحالول، دون مبالغة، في تذوق عذوبة النص بما يحتويه من أسماء اعلام وأمكنة، وصفات، لم يعتد القارئ العربي على نطقها او تداولها، بما لها من خصوصية بعيدة عن اللغات الأكثر تداولاً كالانجليزية، وهو ما يدفعك حقيقة لتلمّس مصاعب ترجمة العمل، والجهد الفائق الذي بذله د.الحالول من أجل إيصال النص بالصورة المميزة التي وقفنا عليها. لتشكل الترجمة إضافة معرفية الى الكتاب نفسه، في نصّه العربي.
سْنورا إدّا هي عمل ملحمي، يؤرخ لسيرة ملوك النرويج وما جاورها، ويتناول الأساطير المتصلة بتحوّل النورديين وانتقالهم من فرسان الى آلهة. وهم الذين وفدو من بلادهم الأصلية في طروادة. أو ما يمكننا القول، أنها المنطقة الممتدة مابين الشام و تراقيا. أقول الشام استناداً للمكتشفات التاريخية التي أعادت أصول النورديين الى هجراتهم الأولى من بلاد الشام عبر تركيا وصولاً الى الدول الاسكندنافية. ويرى سنودي شتورلسن أن النورديين قد هجروا طروادة بعد سقوطها.. و أن تفوقهم الحضاري في بناء مجتمعاتهم الجديدة، جعل منهم ملوكاً مقدسين، ومن ثمّ آلهة.
يتناول الكتاب قصة الخلق والتكوين، في أحد جوانبها، من خلال " مخاتلة غلفي "، ويتحدث المؤلف في " المقدمة " عن " وجود الله الخالق " وعن تقسيم العطاء، وسمات الأرض. عن القوي الجبار المتحكم بعناصر الطبيعة. كما يشير إلى أن العالم مقسّمٌ إلى ثلاثة: افريقيا، آسيا وأوروبا.ويعتبرها " مناطق من العالم باهرة الجمال والروعة،فالأرض هناك تدرّ منتوجات خاصة كالذهب والأحجار الثمينة، وهي مركز العالم ".
فنشتاين أولاسن، مدير معهد آربي ماغنسن، جامعة آيسلندا، يرى أن سْنورا إدّا " تمثل مصدراً رائعاً من مصادر المعرفة التي امتلكها الآيسلنديون في العصور الوسطى، ومثالاً على تكامل المعرفة العالمية، مع المعرفة التراثية التي ورثها الآيسلنديون عن أجدادهم. بل إنها – قطعاً- مصدرٌ فريدٌ من مصادر التراث، وبهذا هي أكثر قيمة ".
ويضيف أولاسن أنه " لولا شروحات سنوري، والمصادر الباهرة التي يحيل عليها، ولا سيما الإشعار عن الموضوعات الأسطورية، لَلَفَّ الغموض والإبهام معرفتنا بمعتقدات الشعوب النوردية قبل مَقْدَمِ المسيحية. إن نصّ سنوري ذو قيمة بذاته " ونضيف إلى رأي أولاسن أن ترجمة حالول إلى العربية، بهذا القدر من المعرفة والجهد اللغوي، قيمة بحدّ ذاتها أيضاً.
يتحدّث الكتاب عن أودن، واحدٌ من سلالة مونون أحد اهم ملوك طروادة، وقد اشتُهِرَ بحكمته ومآثره، كما يتمتع بموهبة فائقة في العرافة، كزوجته فريغيدا. رحلته الشهيرة من طروادة شمالاً الى مايعرف اليوم بالسويد، ولقائه بالملك غلفي، هي محور الباب الأول " مخاتلة غلفي "، الذي اقتطفنا منه المحراث. وفيه يتحدث كبير الآلهة عن تكون الأرض ونشوء الحياة، التناسل والهجرات وبناء المدن والحروب..من خلال أسئلة غلفن لما يسمى ملك الملوك الذي يقدم المعارف وسيرة التاريخ وحكايات الأيسير..حكايات العمالقة والأقزام..كمن يعيش حلماً يسرده غلفي يبتدأ بدخول قصر يلتقي فيه ملك الملوك، وينتهي بلحظة صحو ليدرك بأنه في سهل واسع ممتد..وحيداً في العراء ملهماً بوحي المعرفة.
الباب الثاني هو " مقتطفات من لغة الشعر"وفيه يتحدث شتورلسن عن منشأ الشعر والهدنة التي نجمت عن اتفاق رعته الآلهه، عن كاسفير الحكيم الذي لا يعجزه سؤال،فقتله الأقزام واعتصروا دمه الذي مزج بالعسل، ومن يأخذ منه سقيا يصير شاعراً أو علاّمة.
كتاب الحكايات التي يوجز سردها عن الشعر، مثلما يتحدث فيها عن منشا الذهب، ومايجره امتلاكه والتنازع عليه من نزاعات ومؤامراتـ، تبدأ ولا تنتهي كي تكشف لك معدن الأنسان، في ذلك الزمان، الذي يستلهم فيه قيم الحضارة التي قامت قبل آلاف السنين..بل ملايينها.
نحتاج إلى كثير من الملاحظة والتركيز، لتعقب شخوص شتورلسن في الملحمة، وتحولاتها وسياقات الحكايات وتجليّاتها، بكل ما للإثارة السردية من جمالية تتزاوج مع المعرفة.
يضم الكتاب دراسة حول المؤلف والكتاب بمثابة تقديم كتبها فنشتاين اولاسن، ويليها مقدمة المؤلف سنوري شتورلسن، وبابين هما: مخاتلة غلفي ويشتمل على 67 نصاً. أما الباب الثاني فهو مقتطفات من لغة الشعر ويحتوي على 24 نصاً. يضاف اليها كشّافاً بأسماء الآلهة والعمالقة وغيرهم ممن ورد ذكرهم في سْنورا إدّا.
صدر الكتاب (2013)عن مشروع كلمة-هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، بتوقيع المترجم السوري د.موسى الحالول أستاذ الأدب المقارن، وله ترجمات مهمة منها: المجموعة القصصية الكاملة لإرنست همينغواي، وهكذا تكلم الفايكنغ، حكايات إيسوب، كتاب بين الركام:ملحمة جلجامش العظيمة، العربي الغائب عن الأنظار:وعود الثورات العربية ومخاطرها..وغيرها.
أما سنوري شتورلسن فهو مؤرخ وشاعر وسياسي آيسلندي ولد عام 1170م، امتهن الشعر والكتابة، وترأس مجلس التشريع الآيسلندي/الأولثنغ. كتب السيرة التاريخية النثرية، ويحتل اسمه مكان الصدارة في تاريخ الأدب الآيسلندي في القرون الوسطى.
______________
• كاتب سوري



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشمال السوري بين فكي داعش والنصرة
- يوم في حياتي: الكتابة والعشق!
- السوريون : موتٌ..وغرباء
- المأزق التركي في الحرب على داعش
- الأسد و داعش والنزوح العظيم
- الضربات الجوية وغياب المرجعية الوطنية السورية
- المتنمرون على المدنيين
- في المعتقل
- نظام الأسد يقصف المدن برعاية دولية
- الدور الأميركي المفقود في المنطقة
- داعش تعزز مكانتها كقوة اقليمية في المنطقة
- عرسال والأسد وحرائق البلد
- الإخوان المسلمون وشهوة السلطة
- الإخوان المسلمون يستعيدون دورهم في الائتلاف الوطني السوري
- قيامة الماء !
- نتنياهو-الأسد: الوحشية الدامية من غزة الى حلب
- المستبّد النجيب: لامكان للسوريين في بلدهم !
- المعارضة السورية في دوّامة الخواء !
- الرقة بين استبدادين..والفرات شاهد على الألم !
- مركز الدراسات المتوسطية : موقف واشنطن والقوى الإقليمية حيال ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالرحمن مطر - شتورلسن وحالول في رائعةٍ ملحمية: سْنورا إدّا