أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - المغرب غدا















المزيد.....

المغرب غدا


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1299 - 2005 / 8 / 27 - 11:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


يبدو ، و بجلاء ، أن المشهد السياسي و الحزبي المغربي لازال مقيدا بالعديد من المعوقات والمقومات السياسية والدستورية والتشريعية والادارية، تجعل المجتمع المغربي يكرس ،من حيث لا يدري و من حيث يدري ، جملة من آليات إنتاج و إعادة انتاج نفس الأنساق السياسية القائمة، و ذلك بفضل فاعلين ونخب جديدة ، وبتأسيس لتجارب تتمظهر كأنها ، على الآقل خطابا و مظهرا، قطعت قطعا كليا مع التجارب السياسية السابقة في إدارة و تدبير الشأن العام و التعاطي معه، و بذلك قد يُعتقد أنه هناك تأسيس لتجربة نوعية جديدة مغايرة . لكن على أرض الواقع المعيش يتبين و بجلاء أن هناك استمرارية بل أكثر من ذلك فالمرء في المغرب يشعر و بالمملموس كأن التاريخ المغربي يعيد و قد يبدو و أنه مستنسخا في أكثر من قضية حاسمة.

و يرى أغلب المحللين السياسيين أن أسباب الانحصار السياسي و احتناقه ترجع إلى غياب الإرادة السياسية الفعلية لدى السلطة في المغرب، في إعادة التعاطي مع مبدا اقتسام السلطة على قاعدة الديمقراطية بمفهومها الكوني . لاسيما وأنه تأكد بما لايدع أدنى مجالا من الشك أن التطورات السياسية التي عرفها المغرب وعبر كل التجارب الانتخابية والاستشارية لم تؤد إلا إلى ديمقراطية مشوهة وغير متوازنة لأن السلطة في المغرب غير قابلة للتداول وأن الانتخابات تجري بدون رهانات سياسية واضحة، ولا تشكل بثاتا مجالا للتباري أو التنافس الديمقراطي حول البرامج والمشاريع المجتمعية . و بالتالي لا يمكن أن يسفر عن ذلك ، سوى أجهزة متجاوزة قبل شروعها، جهاز تنفيذي ضعيف، ومجردا من الصلاحيات التنفيذية الحقيقية، ولا دور له إلا الحرص على تطبيق القوانين، و مما زاد من تهميش الحكومة في ظل العهد الجديد، تلك السلطات الواسعة التي منحت للولاة والعمال على المستويين الاقتصادي والسياسي .
و يقول المتخصصون في القانون الدستوري و كذلك المحللون السياسيون أن عدم اعتماد الفصل الحقيقي للسلط، وتمركزها في يد المؤسسة الملكية، أعطى لحكم هذه المؤسسة سلطة مطلقة، أصبح معها الملك، وفقا لمنطوق الدستور، له صلاحية تعيين الوزير الأول دون التقيد بما يسفر عنه الاقتراع في الانتخابات ( و هذا ما أوضحه تعيين إدريس جطو على رأس الحكومة بعد انتخابات 27 شتنبر 2002). كما يمنح الدستور الملك صلاحية وضع حد لمهامه، ومهام الوزراء، لأن الحكومة مسؤولة أمامه قبل أن تكون مسؤولة أمام البرلمان و هذا ما ينص عليه الفصل 60 من الدستور المغربي ، وبذلك تصبح الحكومة تحت الإمرة، والسلطة ذات رأسين من الناحية الشكلية و المظهر ، لكنها ذات رأس واحد من الناحية الفعلية و العملية و بذلك ينتفي دور الوزير الأول المعين.
و اعتبارا لهذا الوضع اهتم البعض بمحاولة ترصد المنحى العام لمستقبل المغرب و قد انفرزت جملة من الرؤى ذات مسارات متباينة. و لعل من الاحتمالات التي قد تؤيدها صيرورة تطوات بعض العوامل البارزة حاليا ، هو احتمال سير المغرب نحو نظام حكم شمولي يجد مرتكزه في المشروع المجتمعي الأصولي، الذي يتغدى ويتطور من فشل المشروع الديمقراطي، و الذي يزيد من تقويته الفشل الذريع و الساطع لتجربة التناوب السياسي والتراجع الكبير للكتلة الديمقراطية بالبلاد ، وكذلك منحى تردي الأوضاع الاجتماعية و المعاشية العامة لأوسع فئات الشعب المغربي. إلا أن هذا الاحتمال قد تقلصت إمكانية حدوثه بفعل أحداث 16 ماي الارهابية بالدار البيضاء، و التي أول ما فرضته هو تفكيك البنية السياسية للاتجاهات المتشددة و المتطرفة، و سرعت ، بشكل ملفت للنظر، بالإدماج الكلي للاتجاهات المعتدلة، و على رأسها حزب العدالة والتنمية في نسق النظام السياسي، وتراجع اتجاهات أخرى على صراعها البين على السلطة و على رأسها جماعة العدل والاحسان بقيادة عبد السلام ياسين. و كل هذا ساهم في سيادة نوع من الخوف لدى عموم المواطنين مما يمكن أن يؤدي إليه المشروع الأصولي .
و المنحى الثاني يتجه نحو ابقاء على الوضع السائد على ما هي عليه مع إمكانية التراجع إلى الوراء على بعض المكتسبات المحققة و بعض التطورات التي عرفها المغرب . و في أفضل الحالات الرجوع إلى نمط تيكنوقراطي في التدبير و الاعتماد على خطة وضع وزير أول تيكنوقراطي على رأس الحكومة مهما كانت نتائج الاقتراع . و بالموازاة مع ذلك الاستمرار في الاعتماد على المؤسسات غير دستورية ( الصناديق و المؤسسات الخاصة المرتبطة بالقصر)، تقوم به ما كان من المفروض أن تقوم به حكومة فعلية. علما أن المؤسسات غير الدستورية تشتغل بمال الشعب لكن خارج مسؤولية الحكومة لكونها ترتبط مباشرة رأسا بالمؤسسة الملكية، كما أنها غير خاضعة للمراقبة التنفيذية والتشريعية. و قد تقوى هذا المنحى بفعل اتخاذ العديد من الاجراءات والتدابير، وسن الكثير القوانين المقلصة فعلا و فعليا من مساحة المجال المدني و الحريات لفائدة المجال المقدس و الإقرار بالمزيد من الخطوط الحمراء، كقانون محاربة الارهاب و كقانون الصحافة ومشروع قانون الأحزاب. وقد تمكن تعميق هذا المسلسل بفعل أحداث 16 ماي التي تمخض عنها قانون الارهاب، الذي قوى، و بشكل قوي، من عنصر الهاجس الأمني الذي ثابتا من توابث سياسية القائمين على الأمور بالبلاد ، وما ترتب عن ذلك من تقليص مجال الحريات والتجاوزات الأمنية التي رافقت تلك الأحداث و التي تم الاعتراف بحدوثها بما لا يترك أي مجال من الشك .
و بخصوص المنحى الثالث و هو ما يطمح إليه أغلبية المغاربة فهو نظام حكم ديمقراطي حقيقي. إلا أنه و بشهادة الجميع أن هذا المشروع غير قابل للتحقق في المدى المنظور. و مما يقوى هذا الشعور الفشل الكبير لتجربة التناوب التي خرجت منه أحزاب الكتلة الديمقراطية مفككة، و التي مازالت إلى حد الآن لم تقو قطعا على تحقيق و لو الجزء اليسير من ما تسميها الحد الأدنى من مشاريعها وبرامجها، بل هي الآن لا تسعى إلا إلى البحث عي كيفية مواجهة التصدعات السياسية والتنظيمية التي تنخرها. و قد زادت من تكبيل أفقها بإسقاطها لمطالب الاصلاحات الدستورية من حسبانهاو من أجندتها الراهنة إن كانت فعلا تتوفر على ما يمكن أن نسميه أجندة سياسية أصلا. و مما يقوي شعور بأن أحقاق نظام ديمقراطي حقيقي غير قابل للتحقق في المدى المنظور، الضعف الحالي للقوى الحية الحاملة لمشروع التغيير الديمقراطي الحقيقي . كل هذا يدفع إلى الاعتقاد أن إمكانية تحقيق إقامة ديمقراطية حقيقية، غير قابلة للانجاز في المدى المنظور إلى حد الآن .

لذلك يرى الكثيرون أن إشكالية الاصلاحات الدستورية تكتسي أهمية قصوى في سلم ترتيب الأولويات حاليا بالمغرب لأنها هي الوحيدة الآن التي من شانها إعادة أنعاش الشعور بإمكانية الاقرار بنظام ديمقراطي فعلي بالمغرب في المدى المنظور، لاسيما و أن تجربة الاصلاح السياسي التي وضعتها أحزاب الكتلة الديمقراطية في أولوية برامجها و حاولت باشرتها من موقع الحكم قد آلت إلى الفشل الذريع الذي زاد من إحباط المغاربة .

و بالضبط هذا الفشل الذريع يؤكد هو كذلك ، إن كانت هناك حاجة من التأكيد ، ضرورة الاصلاح الدستوري كمدخل مركزي و حيوي و ربما وحيد الآن ، لعملية التغيير الديمقراطي الحق، إنه حجز زاوية أي انتقال ديمقراطي مستقبلي بالمغرب طال الزمن أم قصر.لأنه بكل بساطة يعتبر اصلاح أولوي قصد فصل حقيقي للسلط، ولمنح هوامش كبرى لمؤسسة الحكومة ومؤسسة الوزير الأول، ولإعطاء إمكانيات حقيقية للمؤسسة التشريعية في المراقبة والتشريع الفعليين . و إصلاح من هذا النوع بالمغرب حاليا يتطلب إرادة سياسية قوية، قادرة على القطع مع كل أشكال التدبير و الادارة و التسيير السابقة في كل المجالات و مختلف الميادين، لأنه بكل بساطة لا يمكن تأسيس مجتمع ديمقراطي حقيقي على قاعدة البنى السياسية العتيقة مازال يتحكم فيها أشخاص أدانهم التاريخ سواء بالفساد الأكيد و بإقتراف انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان بالجملة بل هناك منهم من اقترف جرائم في حق الانسانية. و بذلك يكون الاقرار بإصلاح دستوري جذري هو أقصر السبل و أفضلها للعباد و للبلاد لتمكين المغرب ليصبح بلدا ديمقراطيا في المدى المنظور و ما عدا هذا فكل شيئ ممكن ما عدا الديمقراطية.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا مناص من إدراك فحوى الديمقراطية
- استطلاع الرأي حول الهدف الرئيسي من الدستور
- الديمقراطية المستوردة و مستقبل العرب...مجرد فكرة
- معضلة البنية الاقتصادية المغربية
- التنمية و السوق
- هكذا كان قدرنا
- الاستثمار و الفساد
- التنمية تستوجب شروطا
- إلى أين؟...مجرد تساؤل...
- الشباب و التغيير بالمغرب
- المخزن و البادية بالمغرب
- واشباباه
- لماذاهذه الاشكالية؟
- الدعم المغربي للقضية الفلسطينية
- بعض مشكلات الشباب المغربي
- شركة التبغ تصر على الاستمرار في استبلاد المغاربة
- العاطلون في نفق مظلم
- عدة ممتهني مهنة المتاعب
- مقررات حـزب الطـليعـة الديمـقراطي الاشـتراكـي
- محاربة الفقر ... لكن أي محاربة؟؟؟؟


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - المغرب غدا