أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - برهان المفتي - هذا اليوم














المزيد.....

هذا اليوم


برهان المفتي

الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 6 - 21:38
المحور: الادب والفن
    


هنا نشتري الأخبار الجاهزة من مكاتب بيع الأخبار المنتشرة ، نفعل ذلك كل يوم. أنا أشتري الخبر صباح كل يوم قبل أي شيء أفعله، ثم أرجع إلى البيت ، أفتح الخبر على الطاولة التي أحلق عليها وجهي، فتتساقط شعرات على الخبر، وتتشكل صورتي مع كل خبر. وحين أنتهي من حلاقة وجهي تكون صحيفتي جاهزة، الخبر والصورة، فأخرج إلى صالة البيت وأقرأ صحيفتي على الجميع وهم يرون تلك الصور ذات الرغوة الكثيفة مع كل خبر ! وفي الخبر الرئيسي، حيث هناك أضع ما يسقط من وجهي حين الإنتهاء من الحلاقة ورش المرطب و عطر ما بعد الحلاقة لتفادي تهيج الوجه، تكون صورتي معطرة ذات لمعة
جميلة ! الكل في المدينة يفعلون ذلك.
ولكن، حين ضرب فيروس غريب المدينة، إنتشرت حساسية مرضية تصيب بشرة الوجه، لم أحلق وجهي أياماً نسيت عدها، لم أخرج لأجلب أخباري ، ستتراكم تلك الاخبار بحسب سياسة محلات بيع الاخبار، فلا يجوز رمي الأخبار القديمة، ولا التصرف بها، بل أن لكل شخص رقمه الخاص يستلم به أخباره من أي محل، فقط يعطي رقمه للموظف الذي في المحل، ليستلم رزمة أخباره الخاصة. طالت لحيتي، وتداخل فيها الشعر الأبيض مع الأسود، وخوفاً من أن تكون لحيتي مأوى للقمل، قررت الحلاقة رغم الحساسية التي أصابت بشرة وجهي. ولكني قبل ذلك، سأخرج لأستلم أخباري المتراكمة.
الكل في الشارع بلحى طويلة، الفيروس ضرب الجميع حتى النساء، أرى نساءاً بلحى ، الفيروس لا يعرف الفرق، لحى على الوجوه جميعها. أصل إلى محلي المفضل لشراء الخبر، إزدحام أمام المحل، الكل يريد أن يرجع بخبره ويبدأ بحلاقة لحيته خوفاً من القمل، ربما تحمّل تهيج البشرة أفضل من غزو القمل ! في ذلك الأزدحام، تشابكت اللحى، صارت الوجوه متداخلة، يعلو الصياح، هستيريا اللحى المتشابكة، جميعاً ننتف ما في وجوهنا من شعر غريب ونحاول فك التشابك، بل أن البعض قد أخرج شفرة الحلاقة وبدأ يحلق وجهه أو وجه غيره في هذا التداخل، كما أرى سيدة تحف وجهها، وشابة قد أخرجت علبة إزالة الشعر من جيبها ، وبدأت تزيل الشعر من وجهها. بعد حين، كانت الوجوه لا شعر فيها، متهيجة بسبب النتف والحلاقة المستعجلة ، وفي تلك الهستيريا، سقطت رزم الأخبار وأمتزجت كل رزمة مع غيرها ، صارت رزمة أخبار إمتزج فيها الجميع، والشعر قد إنتشر عليها وعلى كل خبر فيها.
صور عديدة قد تشكلت على هذه الرزمة صور لا تشبهنا رغم أنها تشبهنا...نعم هي كذلك، لا تشبهنا في التفاصيل وتشبهنا في الأجزاء....وبالنتيجة صور ليست نحن، الأجزاء لا قيمة لها، الناس يرون مع كل خبر الصورة الكاملة، هذه الصور ليست لي وليست لأي أحد في المدينة، والأخبار هنا، أراها، أخبار لا أعرفها ، تتكلم عن أشياء ليست هنا ، حروف تحركت من أماكنها، نقاط سقطت، نقاط أرتفعت...فقرة زادت كلماتها، فقرة إختفت في سطور أخرى.... وتستمر الهستيريا...حتى بدأ التهيج في البشرة يحدث تشققات، تسارعت لتصبح جروحاً تنز دماءاً.
تحت أقدامنا الضاربة الآن صحيفة أخبارها ليست أخبارنا، صورها ليست نحن، فقط دمائنا هي دمائنا من جروح نعرفها....هذا هو الخبر لهذا اليوم...والفيروس يفتك بوجوهنا!



#برهان_المفتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربما تعرفونهم
- حكاية ما
- الوقت الضائع
- حكاية صرخة
- التحوّل
- المباراة
- مكتب دائرة السماء
- شجرة القتلى
- نجاح الإيزيديين وفشل التركمان
- الخطأ
- خارج الماعون
- الوجوه
- رحلة كيس
- الهيئة الوطنية العليا للإستدامة المجتمعية
- من الچايخانة إلى البرلمان - رحلة الشاي العراقي
- أنا...أنت والآخر
- إتباع بالمكروه
- موسم الليل
- أهل الكف
- أنا هنا...ثم هناك


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - برهان المفتي - هذا اليوم