أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لقمان الراوي - النضال الديمقراطي ، نحو ميثاق سياسي جديد















المزيد.....

النضال الديمقراطي ، نحو ميثاق سياسي جديد


لقمان الراوي

الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 5 - 15:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن أي حركة سياسية كانت أو غير سياسية و مهما بلغت من الرفعة و السمو في سلم التكامل ، ليست غاية في ذاتها أو قيمة مطلقة ، بقدر ما هي تعبير عن تطلعات إنسانية و اجتماعية تهدف إلى استيعاب الواقع و متطلباته و وسيلة لإنضاج الوعي الشعبي و تقريبه من اللحظة التاريخية لحظة إدراك الطموح المتوخى و صناعة التغيير المنشود .
بدء ذي بدء و قبل الخوض في غمار الأسطر و الكلمات ، لا محيد عن وقفة تأمل في مسار تجربة و محاولة سوسيوـــ سياسية ، شيء لها أن ترتبط بتاريخ المغرب الحديث ، مستلهمة خصوصيتها من كونها تجسيدا واقعيا و انعكاسا صريحا لمطالب الشرائح المجتمعية قاطبة دون ابتخاس أو تمييز ، اختير لها اسم حركة 20 فبراير ليكون شامة عز في وجنة المستقبل ، و تذكيرا دائما بيوم الفصل و القطيعة مع مغرب الضبابية و القمع و الظلام . فهذه الحركة بوصفها حركة تغيير بدأت بالأساس كحركة سيالة ، متجددة ، ديناميكية ، كلية و متدفقة تنصهر فيها الثقافة و الإنسان و المجتمع و السياسة و المجال ، و تستمد ديمومتها و حيويتها من منظومة فكرية متكاملة ، تقوم على الرؤية المعرفية و الاستشرافية للواقع المعيشي و الانخراط في متابعة قضاياه على مستوى الشعار و الممارسة ، و هي حركة متأرجحة بين مد و جزر ، قد تقوى أو تضعف ، تشتد أو ترفق تبعا للمناخ الموضوعي و الذاتي ،إذ لا ينبغي فهمها على أنها وليدة انسياب خطي و تراكمي للأحداث و الوقائع ، أو أنها حركة رد فعل ، أو تأثر بما يدور في الفلك الإقليمي و لا تخضع لأي غاية أو نهج فكري ، فككل مثيلاتها من تيارات من تيارات مقاومة الظلم ، و من رحم معانات و بؤس الجماهير المغربية انبثقت الحركة لتعبر عن خط شبابي قائظ و اتجاه حداثي تقدمي أمن بالسلم و دشن نمطا حضاريا منفتحا على دروب المستقبل ، و عنوانا جديدا للتفكير الواعظ و الممارسة الهادفة ، علقت عليه الآمال العريضة للخروج بالواقع السياسي من بوتقة العدمية و العقم و التمييع و انتشاله من مستنقع التقليد و التحييد و الخمود المفتعل ، و العمل على استتباب منطق منفتح يكون أساسا لإطار فعل تنويري نوعي قابل لإيقاظ الأمل و تحريك الطاقات ، بما يسهم في إرساء دعائم مغرب فسيح ناضج ، في أفق الانخراط في الأوراش النهضوية ، يسوده الانسجام و يتسع للجميع ، تلتحم فيه كل مكونات الشعب و روافده و يرضي كل المتطلبات السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية و الثقافية ، يحرص على الدفاع و صيانة و توسيع الحريات الشخصية و العامة ، لا مكان فيه لا للقمع و الفساد و لا موطئ قدم للظلامية و الإلغاء و الريع و الاعتقال السياسي ، مغرب شعاره الرئيس المواطنة الكاملة و البعد كل البعد عن مشارف النفق المظلم .
بإعراضنا عن دعاوى المخذّلين للهمم و صم الأذان عن الأصوات المثبطة للآمال ، نرى أنه لن يختلف قارئان للمشهد ، في أن حركة الشباب أفلحت في كسر رتابة الصيرورة التاريخية و إرباك صمتها الرهيب ، و ذلك بإسقاطها القناع عن بنية اجتماعية هشة ، مثخنة بجراح أركيولوجية و مأزق عميقة و مشاكل عويصة ، لا يمكن عظ الطرف عنها إلا بضروب من التضليل و التأويل و المغالطة ، مهما بدت و تجلت ، فلن تكون إلا كالجزء الظاهر من جبل الثلج العائم ، كما كان لها الفضل في إلغاء جانب كبير من الاغتراب ، الصنمية و الشكوكية و سد الطريق أمام دوغمائيات نقدية حالمة باعتلاء السدة ، رغم عجزها عن تحليل الواقع و تفسيره و اختزال نفسها في الكلمات دون برنامج دون تصور و لا منظور و انكفائها نحو التقليد و إحياء الأحلام الماضوية ، التي تستمد مقوماتها من الزمن الغابر ، عبر اعتماد خطاب القدامة المتعالي ، الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه أو خلفه ، نموذجا لخطاب الحقيقة ، على الرغم من قصوره و انكماشه في الصبغة الشعارية دون أدنى تطبيق .
إن الحراك الذي شكلت أدبياته كابوسا قض مضاجع بارونات الفساد ، أعظم من أن يمنى بالفشل جراء تقاطر محاولات الوأد البائسة ، على تعدد أشكالها و تجلياتها ، بما في ذلك دفع الإسلاميين إلى امتطاء عمل حكومي أعرج ، هذا من جهة و من وجهة نظر معاكسة ، فمن نافلة القول أن تراجع زخم الحراك و غيابه المديد عن الأضواء لدليل و مؤشر على أن الجولة الأولى من معركة الشعب ضد الفساد و الاستبداد ، ربما حسمت إلى هذا الحد أو ذاك لصالح العقل الأمني ، بصريح العبارة ربما نجحت الأقطاب المناوئة للتحرر بمعية من الرجعية المحلية ، في خلخلة بنا الحراك و عرقلت مساره التغيري ، و تحويره من نظرية علمية عملية ذات أبعاد في الصميم ، إلى خطاب سياسي إيديولوجي ، يبشر بأبدية الشمولية لكن في حلة جديدة ، و انتفاء إمكانيات استئصال شأفة الأزمة وخلود واقع الحال و انحصاره في دائرة الخنوع و الانكسار و الإذلال ، ساهم في ذلك ضعف الحراك على مستوى التأطير السياسي والمدني و انجلاء معظم النخب الفكرية عن ركبه ، و انفصام الوشائج و اتساع رقعة الحيلولة بين الشباب الحركي و الجماهير الشعبية ، و ما تلاه من انعكاسات سلبية على نضالاته ضد الإقصاء و الاستعباد و فاعلية رسالته في حياة الفرد و المجتمع .
إن من جملة ما تشي به شفاه الأحداث ، أن دعاة الظلام ، التخلف و الجمود ما فتئوا يتربصون بهذا الوطن ، بغية إسقاطه في دوامة من النكبات من خلال التدليس ، التحايل ، النصب و النفاق ، و دس المؤامرات الخبيثة الهادفة إلى اغتيال تطلعات الشرفاء و سرقة أحلام البسطاء ، في النهضة ، الصحوة و الانبعاث المنشود ، بقلب أسئلة التغيير إلى أجوبة ميتة و تحويل ما كان غريبا مستنكرا لا مألوف إلى أمر مألوف ، و ما كان حصيلة تفاعل مع الواقع إلى معطى واقع ، و ما كان وسيلة تحرر و انعتاقٍ من سطوة الإقطاع و الاستلاب إلى مجال ضيق للمزايدات الايدلوجية ، السياسوية و الديماغوجية المقيتة ، قد يمتزج فيها الدال بالمدلول ، الغامض بالمرموز و المرئي بالمقدس ، الطاهر بالمدنس .
قد لا يكون من المهم اليوم إصدار الأحكام القيمية أو التنبؤ بمصر الحراك في الأفق المنظور ، بقدر ما يهم إبراز الخطوات ، المعطيات و الشروط المفرزة للفاعلية و النجاعة في رحلة الكفاح من أجل التغيير ، فما من شك أن الخلل موجود و أن نجاح حركية الشباب رهين بإعمال ترسانة من الشروط في مسلسل النضال و الممانعة ، إذ بإغفالها لن يتسنى له القيام بدوره الطبيعي في قيادة الأمة نحو التحرر من تيم الحرمان و الخنوع ، و عليه فإن اندمال جراح الحراك و استمراريته في خط النجاح مرتبط بمدى استيفائه لما يلي :
1 ـــــــ المضي نحو الوحدة ، الألفة و التضامن رغم تباين النزعات و اختلاف معطيات و مراتب المحيط الطبقي و الأوضاع الاجتماعية المتناقضة ، و الاهتداء إلى مفاعيل و آليات الحداثة من نقاش موضوعي حضاري و مفاوضات هادفة خلاقة ، تستند على الحوار المستمر المثمر ، و التجافي عن دواعي التقويض ، التفكيك ، الحفر ، الانفصام و القطيعة الكلية مع أشباح الماضي ، بالكف عن الاعتقاد أن الحقيقة وراء ظهورنا لا أمام أعيننا .
2 ـــــ العمل على صياغة أرضية واضحة وفق رؤية تشاركيه منصفة لمقاربة سياسية و اقتصادية أكثر عدالة ، يمكنها ترجمة نظرية الإصلاح و أجرأتها على الواقع الملموس ، تقوم أساسا على تعميق الهوة بين الفعل السياسي و عودة ممارسات الماضي و التضخم المفرط للذات من جهة و ضمان الشفافية و النجاعة بتقريب المسافة بين المستويات السياسية و الاجتماعية من جهة أخرى .
3 ـــــــ الإلمام و التقيد بالوعي الديمقراطي و التبصر بمرتكزاته و بنياته ، فمسألة الديمقراطية ليست قضية سياسة و حسب ، بقدر ما هي ضرورة وطنية و تاريخية لا مناص عنها ، تمليها أولوية الانصهار بين أبناء الوطن الواحد المتباينة مرجعياتهم ، أراءهم و مشاربهم الفكرية ، قضية تعايش و تقدم ، قضية ممارسة عقلانية سلمية في الفكر و العمل في القول و التعبير ، قضية مجانبة للانسداد و للنزعة الإقصائية للأخر المختلف ، فدمقرطة أو علمنة الحياة السياسية آلية فصل لا إلغاء، و لا تعني بأي وجه تهميش المخالف و تحقير تصوراته أو مباركة اجتثاته .
4 ــــ الالتئام الجدي و الدائم حول مطلبي رفض الاستبداد ـــ كونه التهديد الأني و المستقبلي للتماسك الاجتماعي ـــ و إسقاط الفساد بصفته وليد زواج كاثوليكي بين المال و السلطة تغلغل عميقا في الهرم الاجتماعي و الإداري و السياسي ، في رحلة تقهقر في محاور الزمن نكسا إلى سنوات التخلف .
إن أي حركة سياسية أو غير سياسية ، قبل أن تكون إطارا للنضال ينبغي أن تكون رسالة ، و صوت الضمير المتجاوز لأذان الطين ، الرافض لمضاهر التسلط ، القمع و الرجعية .


………………………………………………………
لقمان الراوي



#لقمان_الراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لقمان الراوي - النضال الديمقراطي ، نحو ميثاق سياسي جديد