أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي حسين الموسوي - مطر ... مطر .... عاصي... طول شعر راسي














المزيد.....

مطر ... مطر .... عاصي... طول شعر راسي


هادي حسين الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 4623 - 2014 / 11 / 3 - 16:03
المحور: الادب والفن
    


شتاء عام 1957 لم يبرح مخيلتها... كل شيء اتسم بالجمال ...المطر المصحوب بالرعد والبرق ...الشارع الاسفلتي الملاصق للسفارة البريطانيه... بيوت منطقة - الكريمات - القديمه الرابضه على خد نهر - دجله - .... بائعة الحليب تجوب الازقة الضيقة بأبقارها تحمل حليب الافطار للاسر الميسورة.. وسيارة العم - حميد - القديمه ذات الهدير المخيف ... صور المرشحين لانتخابات مجلس النواب .... هذه الصور وغيرها تجول بذهن - إيمان - جميلة الحي وقت ذاك ... كانت تخرج مع اقرانها من البنين والبنات عند هطول المطر لينشد الجميع وهي معهم :ــ
مطر ... مطر... عاصي طول شعر راسي
في حين الصبية ينفردون بنشيد يختزنون فيه حبهم لارض بلادهم :ـــ
هذي الكاع وما ننطيها ... سبع سنين نحارب بيها
كانت ايمان تغبطهم لتميزهم الذي يتيح لهم التصرف كيفما شاؤا وتسأل نفسها :-- لماذا يحق للاولاد ما لايحق للبنات؟؟
..........................
في عام 1960 تعرفت ايمان ذات العشر سنوات على وليد... كان يأتي مع امه الى بيتهم ويقص عليها ما يحفظ...لقد حدثها عن ثورة الرابع عشر من تموز 1958 وكيف ان شقيقه الكبير احد قادتها ... كانت تسمعه بكل جوارحها ...... وكان يجيد تكوين الصور البطوليه التي اتسم بها شباب الثورة.. كرهت من خلال تلك الاحاديث كل اركان ــ النظام البائد ــ .... وفي يوم صيفي قائظ صارحها بحبه لها ... ارتعبت وصارت تختبيء عند مجيئه مع امه...
.....................
إيمان تركت بيت والدها بزواجها من شاب خريج كلية الاداب ــ لغات ــ وسكنت في محلة ــ ابو سيفين ــ كان ذلك عام 1965... كان زوجها رومانسيا حالما يحبها ويحب عمله في دائرة حكوميه... لقد سئمت من حبه الحالم رغم صدقه وعفويته ووجدت في بيت اهلها الامل والمتنفس .. تركب باص ــ الامانه ــ من الرصافة الى الكرخ ... يضيع الحزن عند مرآها امها المتفائلة دوما ... تعود الى بيتها ومعها حزمة من الفرح تحيا بها سبعة ايام ....
...................
قيل لها ان انقلاب 1968 نسخة مكررة من انقلاب 1963 المشؤوم ... فكرت إيمان بأنقلابات العراق ولم تجد لها جدوى ... القائمون بها هم المستفيدون ...
رزقت بطفلها الاول بعد سنتين من زواجها... وبعد سنتين جاء الثاني ... في عام 1980 جاءت سيارة بيضاء لتقلها هي وولديها الى التوقيف .......... علمت بعد فتره ان زوجها معتقل وان عليه واسرته مغادرة العراق ... انهم ((تابعيه)) اي انهم اجانب ...
اسابيع مرت لتلتقي الاسرة في عاصمة عربيه ... توجهوا نحو مكتب الامم المتحدة لاجل اللجوء ... اسابيع اخرى تم قبول لجوئهم الى احدى دول اوربا ...
قيل لها بعد وصولها السويد هي وزوجها واولادها اللذين صاروا ثلاثة بعد مجيء ابنتهم في تلك العاصمة العربيه:ــ ان اسرتها ستتمتع بنفس الحقوق التي ينالها المواطن السويدي..
.............................
سألت إيمان ابنها البكر :ــ ماذا تعرف عن وطنك العراق؟
قال :ــ انا وانت وابي واخي ولدنا في العراق ...
ردت عليه بحرقة :ـــ اين ذهبت احاديثي معكم حول بلدكم ودينكم وتأريخكم؟؟ اين صارت ذكرياتكم عن ابو سيفين والكريمات...
قال :ــ إن حديثك عن بلدنا السابق يعنيك انت وابي ... فأنا لا اشعر بما تشعرين ... ان ذاكرتي تبدأ عند السيارة البيضاء التي اعلمتنا بأننا غرباء ... وعلينا ان نبحث عن وطن ...
تحدرت دموع ايمان ونشج صوتها ببكاء مر وهدر صوتها :ــ
مطر .. مطر .. عاصي ..... طول شعر راسي
ورأت من خلال الدموع بنات حارتها يلعبن ــ التوكي ــ ويتقافزن حول ــ الحبل ــ ويمددن ايديهن لدعوتها فتمتد يداها لتلتمع من بلل عينيها......... ولمحت اشباحا تسبح في نور متراقص ... تلك الاشباح ولديها واختهم ... لاحظت جمود اشكالهم وهتفت :ــ ليسوا اولادي .. واستمرت بالبكاء على الكريمات وأمها.. وراحت تردد:ــ
هذي الكاع وما ننطيها .... سبع سنين نحارب بيها
إنكفأت على مقعدها وتمددت ... فيما بقت نظراتها شاخصة نحو ثلاثة اشباح يحلمون بكل شيء عدا الكريمات وابو سيفين...




#هادي_حسين_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرفان حمدان : بأي حال جئت ياعيد؟؟؟!!!
- من اوراق الحب السياسي!!
- لا امر لمن لا يطاع
- مشمش والمعضلات الثلاث
- 14تموز نعمة ام نقمة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- تفتيت العراق حلم يهودي يحققه الاكراد !!!
- فضائل المرحوم
- البستان المنتهبه
- مدينة كان اسمها الكرادة
- ارنبنا غزال!!!!!!!!!!!!!
- ضياع دوله... مقابل تاج!!
- العراق ... و... تماسيح السياسة
- فيصل الثاني القربان لعراق تناهشته الذؤبان
- للوصول محطات ومراحل
- وعود عرقوب
- لميعة زوجة الحكومه
- ولاء نوري السعيد لمن؟؟
- على وجه اليتيمه غاب القمر
- (خطيه) الشعب اكل حق الحكومه
- العراق هو انت


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي حسين الموسوي - مطر ... مطر .... عاصي... طول شعر راسي