أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناصر ثابت - قصيدتان عن النوم














المزيد.....

قصيدتان عن النوم


ناصر ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 4623 - 2014 / 11 / 3 - 08:41
المحور: الادب والفن
    


قصيدتان عن النوم
شعر ناصر ثابت
-1-
لا أحب من النوم إلا بدايتَه
يتباطأ نبضيَ
حتى يحنَّ السريرُ عليَّ
ويفتحَ بابَ الفضاء.
لا أحبُّ من النوم إلا بدايتَه
واسمَه
غالباً ما أزفُّ إليهِ أناي
في طقوسٍ سمائيةٍ
أتقدمُ منه
بكل خشوعٍ وأُبهةٍ
يتباطأ نبضي قليلاً
ثم أعبرُ ذاك الجدارَ الحريريَّ
ما بين وعيي وبين الحُلُم
أتلاشى ببطئ
وأغرفُ من خمرةِ الكائناتْ
اتشظى على مَهَلٍ
أتنشقُ رائحةً مثل نثرِ الأناجيلِ
أخبو قليلاً.. قليلاً
ثم أنفذُ من خلل الغيم
نحو الغموضِ المدلل، في وهلةٍ كالسديم
فهو النومُ
أسهو، وأغفو، وأغرقُ في غيمةٍ، ثمَ أحلمُ، أدخلُ في عتمةٍ إحتفاليةٍ، أتجاوزُ جمرَ البداياتِ، أمشي بلا هدفٍ، وأغطُّ كطفلٍ بحضنِ الهباءْ
أتغاضى عن الإستعاراتِ، أقرأ أسماءَ كل الدروبِ، وأسمعُ صوتَ غناءٍ خفيفٍ، وألمسُ وجه السماءِ قليلاً، أحطُّ على كوكبٍ شاردٍ، وأشمُّ غبارَ الأناجيلِ، يحضُرني الشعرُ، أصحو وأنهضُ، أنفضُ ما فاضَ من عسلِ النومِ عن جسدي، وألملمُ ما تركَ النومُ في جعبتي من بقايا العَدَمْ.
وألملمُ ما فاضَ من مفرداتِ الكتابةِ، أسرعُ نحوَ القلمْ
وأسجلُ أحلاميَ الفاخراتِ
على ورقٍ فوضويٍّ
وأكتبُ عن زهرةِ المارجاريتا
فكأن الكتابةَ وحيُ المناماتِ فوق الورقْ
وهو النومُ،
بحرُ الضراعةِ
غيبوبةُ الروحِ في أوجها
هدنةُ الليلِ بعد اكتمالِ السهرْ
وهو ترجمةُ الوقتِ في حلقاتِ التصوفْ
وخروجٌ عن النص في لحظاتِ الزحامْ
واقتباسُ الكلامِ الخصوصي من مفردات الكنائس
مطرٌ للشرودِ الطويلْ
هدنةٌ لاختبار العزيمةِ في شطرنج الحياة
زئبقُ السردِ، حين يحنُّ علينا ويقتبسُ المستحيل
قمرٌ للكلامِ الخرافي
صومعةٌ للأيائلِ،
ملحمةٌ للهدوءْ
هو مذبحةٌ الوعيِ في سيرةِ الكائنات
هو آخرُ تلٍّ نصادفه في دروب النعاس
وفي طرقات الأرق
وهو كنز ثمين لمن يأرقونْ

لا أحبُّ من النومِ إلا بداياتِه
واسمَه
بعد ذلك أترك للذاتِ حريةً كاملة
لتمارس فلسفة الانعتاق

-2-
والنومُ يؤلمُ
مرةً يهدي قصائدَه إليَّ
ومرةً يبدو خجولاً، أو بخيلاً
تنضَبُ الأحلامُ فيهِ، فلا تراني أو أراها
أو تجفُّ كأنها نبعٌ عقيمْ
والحلمُ أرضٌ خصبة شعريةٌ
لكن ذاكرتي هي الفُلكُ الغريبُ الواهنُ المثقوبُ
تسقطُ منه ألفاظي، وأنساها هناك
وإذا اعترتني اليقظة البيضاءُ أسأل: أينَ أحلامي؟
وأين قصائدي ذهبت وذابتْ؟
إن القصيدةَ مثل خارطة الفضاءِ الرحبِ،
أحيانا تضللني، وأحيانا أضللها
ولكن النهاية واحدة.

النومُ يؤلمُ
سابقٌ لأوانه هذا الأوانُ
أنا أجوبُ تلالَ ذاكرتي فلا أجدُ الهباءَ ولا الرموز
وأجوبُ أحياءَ الكلامِ، وأشتمُ التاريخَ
أقتحمُ الحديقةَ دونَ فائدة،
أحاول ان أترجمَ لوحةَ القدرِ الجديدةَ والقديمة
غيبٌ يعاندي، وأسمائي تذوبُ على المدى، مثل الهوى

النومُ يؤلم
دائماً أبكي وأفرحُ في المنامِ
ولا أفيق لكي أعيدَ طفولتي
وأظل فيه بلا حضورٍ أو إرادة
كم كنتُ أسبحُ في محيطِ الوقتِ، ثم أذوبُ في وطن الفراشة. هذه الشمسُ التي سقطتْ على صدري سأعبدُها بصدقٍ، فالمسافاتُ الكبيرةُ قد تدلُ على الألوهة، والسياسةُ قدرة المعبودِ أن يرمي الكلامَ على حدودِ مسيرة التاريخِ، في الأعلى بلا أرض ولا شجرٍ لأن الأغنياتِ نصيبُه

والنومُ يؤلم،
قصتي بدأت هناكَ، أنا الغريبُ على الغروبِ، شرقتُ بالغيمِ الغني ولم أكن سبباً لهذا النومِ، أغفلتُ الحكايةَ، والقصيدةُ منبعُ الأسرارِ تكشفُ ذاتَ شاعرِها العميقةَ، كي تفيضَ على الدروب عيوبُه.

النومُ يؤلمُ،
دائماً سأظلُّ مسكوناً بهاجسه، وأدخلُ معبدَ الرؤيا، وأسبرُ غورَه وأجوبُه.
أنا كوكبٌ كالتلِ مهجورٌ، فلا عندي صديقٌ قد يزورُ حكايتي، ويشمُّ أزهاري، ولا عندي عدو مبدعٌ يأتي ليقضمَ فكرتي تُفاحة خضراءَ، ثم يعدِّني لأعيدَ ساعة مولدي، وأنا الذي يدنو إليه غروبُه!



#ناصر_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لفظتان متعانقتان
- من سيرة الرجل الذي خذل المدينة
- ارتباك
- شارع فارغ - نص ناصر ثابت
- لا
- -عاشقٌ فوضويٌ- - للشاعر ناصر ثابت
- أسمعُ صوتكِ
- ألمٌ حقيقيٌّ على تقاطع الطرق
- نظريات المؤامرة... بين الحوار والإقناع والسخرية..
- دربٌ طويلُ
- هباء
- في سان هوزيه، أمضيتُ بعض الوقت مع ذكرياتي النيئة
- قهوة تستحضرُنا
- أكرر نفسي
- حلم بحرف الغين
- غبشٌ خفيفٌ


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناصر ثابت - قصيدتان عن النوم