أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - محاولة تناقض _ قصة قصيرة















المزيد.....

محاولة تناقض _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4622 - 2014 / 11 / 2 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


_ تماما هذا ما يحدث دائما , إنها تفعل تماما ما أجده صحيحا لأنني سوف أفعله مع كنتي .
_ ولكن ليس صحيحا أن تكون العلاقة بين أفراد المنزل الواحد بهذه الحدية , أظن أن المحبة شرطا ضروريا لبقاء الحياة وأستمراريتها .
_ من المؤكد أنها تفعل ذلك بداع الحب والحرص .
_ كلامك هذا يخيفني , فكيف لأم تحرص على أن تجعل حياة الجميع معها سلسلة من المشاكل ونزعم أنها تعمل ذلك بداع المحبة , هذا مرعب ... هذا مخيف.
دافعت السيدة الشابة عن موقف جارتها العجوز وكأنها تدافع عن حالها الشخصي فيما الضيفة أخذتها علامات التعجب والحيرة , لا تريد أن تختلف معها على مسألة لا تخص الطرفين كما لا تريد أن تنهي اللقاء وهي مستاءة من موقف تلك العجوز الأنانية .
في مكان قريب منهن جلست والدة السيدة الشابة تتأمل الحوار الطويل المشحون بالعواطف البارد الساخن وتتأمل كلام أبنتها هل يتصور أحد أن كنة في العالم ترضى بفعل حماتها بهذه البساطة التي نطرحها وخاصة في مجتمع شرقي حساس تعود الناس فيه على رسم صورة التنافر والمناكفة المستمرة بين الأثنين , لقد كانت ضحية هي الأخرى لهذا الوضع وقد عاشت أيام مرة وشديدة المرارة بسبب عنجهية وتصرفات أم زوجها , كانت لا ترضى بكل شيء وعن أي حتى لو كان الكمال التام .
_ أظن أن الفتاة تتزوج لتستقل بشخصيتها المميزة ولتكوين عالم خاص بها وبزوجها دون أن لأحد الحق في التدخل بالألوان والأشكال وحتى الأمزجة الذاتية .
_ هذا صحيح من منظر الذاتية الأنانية ولا تنسين أن الأم التي كانت تنتظر حلمها أن يتجسد واقعا في أبنها الذي فرطت بالكثير من أجل أن يكون حلما جميلا ترى أن هناك طائر طارئ من كبد السماء يأت من غير موعد ليخطف منها هذا الحلم , إنها تدافع أيضا عن حلمها الجميل .
_ وهذه أيضا أنانية مقيته .
_ أذا تعترفين أن هواجس الكنة أكثرها من مصدر الأنانية وليس من مصدر الحب .
_ لا بالعكس الحب قد يلبس أشكال متعددة كلها جميلة ومنها أن يرى الإنسان نفسه حرا .
_ الحرية بلا ماض مجرد انفلات , الحرية بلا وفاء نكران للإنسانية .
صمتت السيدتان فيما والدة السيدة الشابة تستمع للحديث وهي تتمنى لو كان لديها ألف ولد لتكون أسعد أم حين توزع حبها الصافي للجميع بالتساوي , حتى الكنات التي لا تأتلف ستعمل لهن المستحيل لتحسسها أنها فعلا خرجت من عالم متضايق إلى عالم رحب ولكنه مشترك فيه الكثير .
النقاش لم ينتهي ولم تتدارك السيدتان هذا البون الواسع بتفكير لا يتعدى قضية بسيطة لها حدود ولا تخلو من حلول , لكنهما تواصلا بعد كل انقطاع زمني ليعيدا الجدال من حيث لا ينتهي بإصرار كل منهما على فكرة مختلفة.
_ لنفترض ومن باب الجواز أن أبنك الوحيد قد كبر وصار مطمعا للكثير من الصبايا ولأنه مستقل عنك ماليا ووجوديا يختار صنف منهن لم يكن في أسوء أحتمال أنها ستكون كنتك , ما العمل ؟.
_ ولماذا أفترض أنني أحمل مواصفات خاصة وجاهزة لشيء لم أدركه بعد ومع هذا الأحتمال سأمنحه الحرية مع النصيحة .
_ لا أظنك جادة ولا يمكن أن تكوني كذلك لأننا كنساء لا يمكن لنا أن نفرط بهذه البساطة بأشياء نحرص أن نقدم ذاتنا فيها على أي مسمى ومع ذلك سأجاريك في رأيك , ماذا لو أكتشفت بعد الزواج والنصيحة أن خياره كان خاطئا ومدمرا له ,هل تتدخلين لتفرضي رأيا ما ؟.
_ هذا فرض ولكل حادث حديث.
_يعني انك تتهربين من الإجابة أو أنك ستتسلحين بحراب العمة بمواجهة الكنة .
_ ليس بالضرورة .
_لا بالضرورة ان يتخذ الإنسان موقفا تجاه شخص قد يكون من في الكون كله .
ما زال الحديث حاميا والسيدة العجوز تستمع وتحاول أن تبحث عما بجعل بنتها وصديقتها يخوضان هذا الحديث القاسي , إنه صادم بالنسبة لها , فبرغم أنها تعرف أن أبنتها من النوع المسالم والودود لكن الآن تستمع لحديث غريب يمكن أن بصدر من أي شخص إلا منها بالذات ,حاولت التدخل ولكن أجلت قرارها لتتمعن بكل الخزين المدفون تحت اللسان.
السيدة الضيف تعمل مدرسة علوم في مدرسة ثانوية تزوجن منذ عشرين عام ولم تنجب إلا فتاة واحدة من زوج كان حريصا قبل أن يفترقا على أن يضعها دوما في المقدمة مانحا إياه الكثير من الامتيازات لسبب بسيط أنها تزوجها وهي تحمل شهادة جامعية بينما هو موظف بسيط بشهادة متوسطة , كانت العلاقة بينهما متوازنة حتى حصل الفراق الجبري حينما أتهم زوجها بالاختلاس وسجن على أثرها سنتين ,كان عليها أن تثبت أنها لا تنتمي لصفته الأخيرة طلبت من المحكمة أن تحكم لها بالطلاق ونجحت , لم تساكنها حماة طيلة فترة زواجها .
_ ليس كل ما يمنحنا الحرية قد يكون محقا في محبته , أحيانا الإهمال المتعمد من الغير ينجح البعض بتحويله إلى شكل من أشكال الحرية , الأهتمام مع الحب والمراقبة أفضل من ترك الأمور تسير وفقا لقانون الفعل ورد الفعل.
_ يا صديقتي الحرية هي أن تشعري أنك تتصرفين وفق ما تمليه مصلحتك وأول هذه المصالح أن لا يتحكم بنا أحد مهما كان قريبا أو حبيبا.
_ بحكم عملي كاجتماعية متخصصة ومن دراستي وتجربتي أقطع يقينا أن العائلة التي لا ترابط بينها ولا مسئوليات متبادلة لا يمكن أن تنجح في الإبحار بسلام وتصل شاطئ الأمان .
_ ولكن هناك الكثير من التجارب بل الواقع في الكثير من المجتمعات نجحت الأسر الصغيرة في بناء مشروعها الخاص بعيدا عن سلطة الوالدين .
_ تمام هذا الكلام مع فارق التنشئة والعادات وضخامة المؤسسة الأجتماعية بكافة أشكالها التي تراع الأسرة ,نحن في مجتمع لا توجد فيه تلك الأسباب والممارسات والثقافة والتجربة الناضجة .
تيقنت السيدة أن أبنتها تتكلم كلام مبرر ومؤسس على فهم وليس كما تصورت من قبل أنها ذات روح عدوانية من الآن ,هي تعلم تماما أنها أيضا لديها لد وحيد ولا تريد له أن يفشل كزوج هذه السيدة التي تريد أن تصنه لبنتها واقعا يتناسب مع نظرتها هي التي جعلت منها أن تفرط بزوجها الذي دخل السجن بسبب أنانيتها وحبها لذاتها ,عكس أبنتها التي تزوجت في ظروف مشابه وصنعت من زوجها صاحب المكتبة البسيطة التي تعاملت معه أولا كزبونه إلى تاجر يشاد بنجاحه وقدمت لنفسها ولبنات جيلها تجربة نجاح .
_ الكلام ليس دائما يعبر عن حقيقة المشاعر لكنه أحيانا يفصح عن مكنون عميق قد لا يكون هو ما نعني أو ما نريد أن نعبر عنه , أنا متأكدة يا صديقتي أن كل ما جرى يعبر عن رفض لفكرتي أور رد بالسلب على العرض الذي كنت متأكدة أنه لا يتم .
_ لم يكن في بالي أنك تطرحي هذا الطلب وبهذه المناسبة , صحيح نحن صديقتان منذ زمن ونعرف بعضنا جيدا ولكن ما يفرقنا أننا ننتمي إلى مدرستين مختلفتين وبالتالي نصطدم بالأول أفضل من أن تكون النتائج مخيبة ولا نسلم من عواقب سيئة .
_ هذا الكلام قد لا يفهمه أولادنا وقد يرفضون كلا المنطقين منا , أحببت فقط أن اعط فرصة لأبني كي يعبر عن ذاته وبحرية وأفهمته أن الحياة تجربة ممتدة فيها تختلط الألوان وعلى الشاطر أن ينجح كثيرا في فرزها كلا حسب ما يتمكن من أكتشافه .
_ لكن أبنتي لها عالم خاص أنها تعيش أجواء الحلم , لا بد لمن يريد أن يرتبط بها أن يربط مصيره بالحلم هذا , هكذا هي تصدقني فيما أقول وتصر على ذلك .
جاءت العجوز وخطواتها ممتزجة مع صوت العكاز على الأرض تحمل بيدها نظارتها الطبية وهي علامة على الضجر والضيق يعرفها من في البيت وقالت لبنتها أن حفيدها أخبرها قبل أن يخرج للجامعة أنه قد يعيد التفكير في فكرة الخطوبة الآن .




_



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرؤية الذاتية من الخارج
- المسير العربي بين النفق المظلم وأمل النجاة
- الخلاف والأختلاف في التقرير الرباني
- الرواية التاريخية وصياغة المشهد الحدوثي في تاريخ الإسلام وال ...
- الأنا والعولمة ح1
- الأنا والعولمة ح2
- الإنسان الحقيقة والإنسان الرمز
- مفهوم الأستقامة في السلوك والممارسة الحياتية
- محددات الأستقامة
- في معنى التأدب
- أساسيات التأدب والتأديب
- لماذا نحب الحسين ؟.
- تنوع الدين ووحدة التدين البشري
- محمد وعيسى وعلي
- فلسفة ما بعد العولمة ح2
- فلسفة ما بعد العولمة ح1
- الأنا والهوية المجردة في المفهوم الغربي والشرقي لها
- تناقضات العولمة ج1
- تناقضات العولمة ج2
- لا يا مطر


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - محاولة تناقض _ قصة قصيرة