أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لحسن أمقران - اللًّهُمًّ إِنًّا نًسْألك الأمن كله في وطننا...















المزيد.....

اللًّهُمًّ إِنًّا نًسْألك الأمن كله في وطننا...


لحسن أمقران

الحوار المتمدن-العدد: 4621 - 2014 / 11 / 1 - 22:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الحديث عن قيمة نعمة الأمن وعظمها أمر لا جدال فيه، هذا الأمن الذي إعتدنا عن قصْد أو عن غير قصْد اختزاله في جزء ضيق لا يرقى إلى شمولية المفهوم، لتظل بذلك نظرتنا إليه نظرة اختزالية يشوبها الكثير من القصور. إن استمرار الشعوب ورقيها يبقى رهينا بمدى نجاحها في استتباب الأمن ودفع كل ما من شأنه زعزعة استقرارها وتهديد أمنها، لذلك فإن موضوعة الأمن تستحق منا وقفة في ظل استئثار هذه القضية بالنقاش العمومي داخل الوطن وخارجه.
كما أسلفنا، يبقى فهم العامة لموضوع الأمن مختزلا في السلامة من فوضى التقتيل واللاستقرار السياسي والمناوشات القبلية والتهديدات الإرهابية والتصفيات الجسدية ورائحة الدماء وغيرها، وإذا كان كل ما ذُكر جزء من موضوعة اللاأمن، فإن ذلك لا ينفي وجود مظاهر وتجليات أخرى لا تقل خطورة عن "اللاأمن السياسي" هذا، بل تبقى أخطر وأبشع، بالنظر إلى حربها القذرة التي توظف أسلحة كاتمة للصوت، ومن ذلك "اللاأمن الهوياتي"، "اللاأمن اللغوي"، اللاأمن الثقافي"، اللاأمن التربوي"، "اللاأمن القضائي"، "اللاأمن الروحي"، اللاأمن الصحي" و"اللاأمن التنموي"...
• "اللاأمن الهوياتي":
إننا في وطننا نعيش "لاأمنا هوياتيا" قاتلا، فتأمين الشعوب في هوياتها الحقيقية بعيدا عن التزوير و"العدمية الهوياتية" يظل سلوكا أخلاقيا ومتحضرا، وما نعيشه اليوم من مسخ هويتنا وجعلها تتطاير مع وهم الوطن المزعوم والأمة المفترى عليها، ومحاولات الإلتفاف على حقيقة هوية المغاربة بالركوب على المعطى الروحي تارة، ثم المعطى اللساني تارة أخرى، مظهر جلي من مظاهر الإختزال الممنهج للأمن، ولقد آن الأوان أن نعود إلى جادة الصواب ونصالح أنفسنا وكينونتنا ونفتخر بانتمائنا الهوياتي الذي يشهد التاريخ على عظمته وتجذره، بدل التمسك بشرقنة كاذبة وتغريب مغلوط. إنها أول خطوة يجب التفكير فيها لتحقيق الأمن الحقيقي الذي نصبو إليه جميعا.
• "اللاأمن اللغوي":
رغم كل الخطوات الشكلية التي عرفها المغرب بداية الألفية الثالثة فيما يخص سياسته اللغوية، تظل اللغة الأمازيغية تعاني من حصار رسمي بيّن داخل مؤسسات الدولة المغربية، فرغم دسترتها لغة رسمية في الدستور المغربي، لا تزال هذه اللغة في السر أحيانا وفي العلن حينا "مرفوضة" في دواليب الدولة، فهي مرسّمة مع وقف التنفيذ، بل إن هناك مساع لتقزيمها وتشويهها خصوصا بعد تناولها الكاريكاتوري في المنظومة التربوية والمشهد الإعلامي. إن فئة عريضة من المغاربة غير مؤمّنين في لغتهم التي تعدم يوميا بطلقات مسدس كاتم للصوت، ضدا على الأعراف والقوانين الدولية رغم صخب الشعارات الرنانة للدولة وحرصها على تلميع الواجهة بمساحيق منتهية الصلاحية، ولعل من الحكمة امتلاك الشجاعة وتصحيح الوضع عبر إدماج فعلي للغة الأمازيغية في الحياة اليومية للمواطن المغربي بعيدا عن كل مزايدة سياسية، إحقاقا للحق واستبابا للأمن في وطننا.
• "اللاأمن الثقافي":
إن الحديث عن ثقافة "وطنية" وأخرى "شعبية" مظهر من مظاهر التمييز غير المبرر، وسياسة ممنهجة لمحو ثقافة متجذرة وجعلها مجرد "فلكلور" للاستهلاك السياحي، في مقابل تثمين ثقافة أخرى وجعلها رمز المغرب في المحافل الدولية ضدا على حقائق التاريخ، إنها صورة أخرى ل"لاأمن ثقافي" يعانيه المغاربة، فالتراث الثقافي المغربي غني ومتنوع ، ويتعين التعامل معه بعين الفخر وبدون مفاضلة، فالمفروض أن نفتخر ونثمن رأسمالنا اللامادي في كل تجلياته وأشكاله، وسيقى إنصاف الثقافة الأمازيغية في وطنها حقا وضرورة ملحة إن كنا فعلا نريد وطنا آمنا للجميع.
• "اللاأمن القضائي":
يعتبر قطاع العدالة من القطاعات التي تجعل المواطن يحس ب"اللاأمن"، ذلك أن إفلاس المؤسسة القضائية وتفشي الفساد والزبونية فيها يولد الإحباط لدى المواطن الذي يفضل عدم اللجوء إليه لاسترداد حقوقه التي تهضم من الغير، ليلجأ في بعض الأحيان إلى الإنتقام من واقع يظل عاجزا عن تصحيحه عبر تهديده لأمن غيره. إن عدم استقلالية القضاء وتردي الأوضاع في المؤسسات العقابية المغربية وعجز المؤسسات الإصلاحية عن علاج الحالات المرضية التي تلجها، كلها حالات تهدد الأمن الذي نتغنى به، وبالتالي فإن إصلاح منظومة العدالة بشكل يضمن إحقاق حق المظلومين وزجر الظالمين من الشروط الموضوعية لتحقيق الأمن واستتبابه بشكل سليم.
• "اللاأمن التربوي":
من جهة أخرى يظل فشل منظومتنا التعليمية وغياب فلسفة تربوية مواطِنة تنتصر للوطن ولا ترتهن إلى الشرق أو الغرب، فلسفة تضمن الحق في تعليم جيد للمغاربة وبلغاتهم، يظل مظهرا جليا ل"لاأمن تربوي" ينخر الجسد المغربي، فكل المؤشرات تؤكد سوداوية الوضع وقتامته، والمواطن المغربي الذي ينال منه اليأس مهدد بالتخلف عن الركب الحضاري، وما نسجله اليوم من محاولات للدولة من التملص من هذه الخدمة العمومية عبر الإجهاز على التعليم العمومي وتشجيع التعليم الخاص واحتقار الذات المغربية يظل تهديدا مباشرا لمستقبل المواطن المغربي الذي يجد نفسه أمام تسليع غير مبرر للمعرفة، وبذلك فالإسراع بإعادة ترتيب أوراق هذا القطاع أمرا لا محيد عنه، إن نحن أردنا تحقيق الأمن الحقيقي على أرض المغرب.
• "اللاأمن الروحي":
لا يقل الأمن الروحي عن سابقيه في شيء، فالجانب الروحي بشكل عام ركن أساسي لتستقيم حياة الفرد ويكون سويا داخل جماعته، صحيح أننا ولحدود اليوم لم نواجه في المغرب "كتائب جهادية"، إلا أن ما نلحظه من "خرجات موسمية" و"صراعات وديعة " مع أطياف الإسلام السياسي المغربية من حين إلى حين يستدعي منا الحزم في الأمر وتأمين المغاربة، كل المغاربة في معتقداتهم، من خلال جعل الدين اختيارا شخصيا يسمو عن المزايدات والتوظيفات السياسوية، لا يدخل في حق المواطنة التي يجب أن يتمتع بها الجميع حفظا للأمن واستتبابا له.
• "اللاأمن الصحي":
إن مشهد المؤسسات الإستشفائية ومستوى الخدمات بها يعكس واقع "اللاأمن الصحي" التي تعيشها الأسرة المغربية، واقع تدمع له العين ويحزن له القلب، كثيرون هم من يعانون في صمت يقابله عديمو الضمير بالتجاهل والفساد، إنه تملص رهيب من واجب أخلاقي وخدمة عمومية يفترض أن يوفرها الوطن لأبنائه في زمن أضحت فيه المتاجرة بالآلام وإجهاض للآمال عملة رائجة، وضعية تجعل المواطن يحس فعلا أن الأمن يتجاوز مفهومه "الشعبي"، وأن وطنا لا يهدئ ألم أبنائه ويداوي جروحهم لا يحق له أن يتبجح بالأمن. إن توفير الأمن الصحي للمغاربة وإعانتهم على السلامة من الأمراض والأوبئة مسألة أكثر من مُلِحّة لوطن يريد أن يتحقق له الأمن.
• "اللاأمن التنموي":
إن الحديث عن "اللاأمن التنموي" يعني التهميش والعزلة التي يعيشها المواطن المغربي هنا وهناك، وضع يستلزم إحقاق عدالة مجالية وتقسيم عادل للثروات تجعلان المواطن المغربي يستفيد من خيرات وثروات وطنه بشكل يضمن تحقيق تنمية توازي غنى هذه الثروات، تنمية توفر بنية تحتية محترمة وخدمات عمومية لائقة، تنمية تقطع مع كل أساليب الريع الإقتصادي والسياسي وتربط المسؤولية بالمحاسبة وتجعل المغرب مِلكا لجميع المغاربة، بشكل يجعل هؤلاء يدودون عنه ويجتهدون في تحقيق الأمن له.
في الختام، إن "العدمية الهوياتية" وغياب العدالة في العروض ( Offres)الثقافية والتربوية واللغوية والصحية والتنموية مؤشر على عجز الدولة المغربية على إنصاف مفهوم المواطنة عبر ثنائية الحق والواجب، وجعلها بديلا عن عسكرة الفضاء العام وتغليط المواطنين واختزال القضايا الكبرى في جزئيات يمكن التحكم فيها لو تمت فعلا مأسسة المواطنة الحقة بشكل بنيوي وموضوعي. فكل من يقدِم على تهديد "الأمن السياسي" إنما يعاني من بعض أو كل أطياف "اللاأمن" التي عرضناها باقتضاب، ولو حفظت كرامة المواطن لتذوق طعم الحياة الكريمة و لأقلع عن كل الأفكار التخريبية التي تغزو تفكيره لحظة الضغط.
فاللهم أمنّا في أوطاننا أمنا شموليا وحقَّق لنا نعمة الأمان...



#لحسن_أمقران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمازيغية بعد 13 سنة من تأسيس المعهد الملكي: الواقع المر وا ...
- إلى -الأمازيغ-: إنها آخر السطور...
- منع الأستاذ من التحصيل العلمي، خرق للقانون باسم المصلحة
- تدريس اللغة الأمازيغية.. فشل أم إفشال؟
- لهذا انتفضنا ضد -شبيبة حزب المصباح-
- نعم -للتضامن-، ولكن...
- مع منع التضامن مع أمازيغ -غرداية-...هل أصبح التضامن انتقائيا ...
- أحمد عصيد...تهديدك تهديد لكل الوطن والمواطنين
- معتوب لونيس، جسد راحل وفكر حي.
- الأمازيغية في جائزة الابداع الأدبي للقناة الثانية (2M)
- في ذكرى رحيل مهندس الاستقلال (1)
- أربعة وثمانون سنة بعد الظهير العاري من البربرية...
- الى فؤاد البعثية
- تآمر المغاربة أم هلوسة بن كيران
- الى أصحاب الأطروحات العدوانية من الاسلاميين
- كلمة في مرصد -تجريم- الأمازيغية
- أمازيغ الجزائر...قلوبنا معكم
- أيها الأمازيغ، أرض المغرب لا تتسع لكم...
- حماية العربية أم الاجهاز على الأمازيغية؟؟؟
- كلنا ضد العنصرية...


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لحسن أمقران - اللًّهُمًّ إِنًّا نًسْألك الأمن كله في وطننا...