|
التَّجربة الدِيمُقراطية في تَونس وحزب العَدالة والتَّنمية
سيومي خليل
الحوار المتمدن-العدد: 4620 - 2014 / 10 / 31 - 00:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الكاتب : سيومي خليل التَّجربة الديمقراطية في تونس وحزب العَدالة والتنمية ------------------------------------------- لمْ يُقدم حزب العدالة والتنمية المَغربي أية تهنئة ،ولو مُقتضبة جدا ، لحزب نِداء تونس الذي فَاز بأَغلبية مَقاعد البرلمان التُّونسي . ما يَقع في تونس لاَ يَهم التونسيون فقط ،بل يَهم كل البلدان العَربية التي تبحث لها عن صورة واضحة لِمفهوم الديمقراطية ، ولا نُبالغ إِن قُلنا أن هذه الصُّورة تَتشكل في تونس ، وما امتناع حِزب العدالة والتنمية عن تهنئة الحزب الليبرالي والعلماني الفائز ، إِلا دليلاً على ضيق إيديولوجي، والأَكثر أنَّه دليل على تَخوف واضح من الصورة الديمقراطية التي تُشكلها بلد اليَاسمين . حزب النهضة التونسي أَسهم بِشكل واضح ، وأَسهم بمُساكنته السياسية للأحزاب المخالفة لَه ، في رسم هَذه الصورة الجديدة عن الديمقراطية في بُلداننا ، لقد أَقر الحزب بهزيمته ، وقَدم تَهانيه لحزب نِداء تُونس .حزب النهضة التونسي من المُّمكن أن يكون هو النُّسخة المعدلة من أحزاب الإِسلام السياسي ، إنه نسخة مُتطورة نسبيا ، على الأَقل يتضح أَن الحزب يَعي جيدا مَفهوم المساكنة السياسية ، ويَفهم جيدا قيم السلم الإجتماعي ، وهَذا ما جعله لا يلتجِئ إلى تبريرات الهزيمة التي اعتادت عليها أَحزاب الإسلام السياسي . المَواقع الالكترونية القريبة من حزْب العدالة والتنمية ،أو المَواقع الشَّخصية التي تعبر عن سياسة الحزب ،ليس فيها أَي إِشارة إلى الحدث التونسي - العربي ، باستثناء إخبار مقتضب عَن فوز حزب نداء تونس وُضع بشَكل مخجل في مَوقع الحزب الرسمي . هذا الإحجام عن التَّهنئة ،وعن نقل الخبر في مَواقع الحزب ، يُستنتج منه مجموعة من النَّتائج المهمة . النتيجة الأولى التي يُخبرنا بها سلوك إعلام حِزب العدالة والتنمية ،هي أنَّ الحزب ما زال يعيش قَطائع فكرية مع الإيديولوجيات المخالفة له ، لقد فُرضت على الحزب تَحالفات لتشكيل الحكومة ، لكنَّه فكريا يحمل تَصادما معها ، مَصلحة التسيير الحكومي اقتضت ذلك ، لكن الإِطار الفكري والمَبدئي للحزب يضم قطائع مع الإيديولوجيات المخالفة . النتيجة الثَّانية هي عنوان لخوف العَدالة والتنمية ، كُلنا يذكر وصف الإنقلاب الذي وَصف به الحزب ما قَام به الشَّعب المصري يوم 30 يونيو ، والذي أَسقط حُكومة الإِخوان المسلمين ، لقد كَان حينها الحزب يتخوف من محاولةٍ شبيهة بالمغرب، خُصوصا بعد انتشار بعض المَواقع التي تدعو لنَفس مادعت له حركة تمرد المِصرية ، في حينها كان اتهام ما وقع بالإنقلاب أمر يُمكن هضمه لطريقة سُقوط محمد مرسي الرئيس المصري ، أَما في حالة تونس فالأمر مختلف كليةً ، فحركة النهضة التونسية هي أَول حركة تنتمي للإِسلام السياسي صَعدت الحكم ونزلت عَنه برغبة الشَّعب التونسي، هنا لا يمكن وصف ما وقع بأي أوصاف غير لاَئقة ، وإلا سيكونُ تَجنيا على الديمقراطية الفَتِية في تونس ، بل إِن الأَمر هو عنوان لديمقراطية فتية وواثقة من نفسها ، هَذه الديمقراطية الفتية هي التي تُخيف حزب العدالة والتنمية ، فَصقور الحزب وحمائمهُ معا على ما يبدو غير مستعدين لقبول فكرة أن الليبراليين والعلمانيين واليساريين ومن لا يُمثلون الإِسلام السياسي يمكنهم حصد أصوات أكثر من الأحزاب الإسلام السياسي . النتيجة الثالثة تَدل على أن ما يقع في تونس لا يَهم حزب العدالة والتنمية ، وهذه نتيجة نسبية ، فَلو كان حزب النهضة هو من فَاز في تونس ، لانسابت عِبارات التَّهنئة والشكر، وَربما استعمل ورقة الفوز بنكيران في خطاباته الشَّعبوية في البرلمان ، لكن الأَمر لم يقع على هذه الشاكلة ، مِما جعل الحزب ينطلق من العبارة الشهيرة *كم حاجة قضيناها بتركها * فأظهر لا مبالاة بِما يقع في تونس ، في حين أنَّ جميع السياسيين والمنشغلبين بهم الإِصلاح كانوا يتابعون بحذر شديد ٍ ما يقع في أول بلد ربيعي وديمقراطي . لا شك أن فَوز نداء تونس سَتكون له انعكاسات على البلدان الإِقليمية المُجاورة ، خصوصا المغرب ، فَلم تُخفي الدبلوماسية المغربية يوما اهتمامها بِما يقع في تُونس ، وعلينا أن لا ننسى تصدير ثَورات ما سمي بالربيع العربي من تونس إلأى بلدان عربية آخرى ، الأَمر نفسه يمكن أَن نقوله حول التجربة الديمقراطية التونسية الفتية والتي يمكن تصديرها للبلدان التي ترغب في ذلك .
#سيومي_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابن ُ رشد حَزين ٌ
-
فئران بالألوان
-
آلو ...معكم غزة .
-
سرقة موصوفة وقضايا الحرب والحب.
-
الملائكة تبعث رسائل SMS
-
صمتنا المريب أو حول الجرف الصامد
-
محمد أبو خضير ومؤتمر شبيبة لشكر
-
الياغورت والموت السياسي
-
الاستعباد الاجتماعي والاستعباد
-
أناقة الصعاليك
-
بين الصوم الصحي والصوم التعبدي
-
جحود
-
منكم داعر ومنا داعر .
-
النفي المنهجي أو عدمية نيتشه
-
صورة وطن في منفى شاعر ٍ
-
اقسم باليسار
-
سيجارة آخرى مع الماغوط
-
المرجو اعتقالي
-
يمشي كأنه يحلق
-
بنكيران يستدعي الحجاج بن يوسف الثقفي
المزيد.....
-
استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن
...
-
هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في
...
-
بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى-
...
-
بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
-
على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية
...
-
-رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ
...
-
هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
-
مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا
...
-
خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا
...
-
علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|