أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد نصر الدين السيد - ويسألونك ... ؟ (2/2)















المزيد.....

ويسألونك ... ؟ (2/2)


السيد نصر الدين السيد

الحوار المتمدن-العدد: 4619 - 2014 / 10 / 30 - 20:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"التقانة (التكنولوجيا) المستوردة: سلع تُستهلك لا معرفة تُوطن"
"ان المعرفة هي معيار الرقي الإنساني في الطور الحالي من تقدم البشرية"
"يتسم انتاج الكتب في البلدان العربية بغزارة في المجال الديني وشح نسبي في الأدب والفن والعلوم الاجتماعية"
"رغم ان الابداع ذاته لا يقوى عليه رقيب إلا أن وصول ناتج الإبداع للناس من خلال الكتب ووسائل الإعلام يبقى مكبلا في غياب الحريات"

اقتباسات من تقرير التنمية الإنسانية العربية: نحو إقامة مجتمع المعرفة (2003)


خصص الجزء الأول من هذا المقال (السيد, 2014) لعرض خمسة أسئلة حول "المجتمع المعرفي" أثارها النقاش الذي دار في اللقاء الدوري مع الأصدقاء. وكانت الأسئلة هي:
1. ما هو المقصود بالمعرفة في هذا السياق؟
2. ماهي العوامل التي أدت تعاظم الدور الذي تلعبه المعرفة في عالمنا المعاصر؟
3. لماذا تعتبر إقامة مجتمع معرفي هي الطريق شبه الوحيد لتحقيق الرفاه لمواطنيه؟
4. هل مجتمعات الشرق الأوسط مهيأة لإقامة مجتمع معرفي؟
5. ما هي الاستراتيجيات التي يجب تبنيها لإقامة مجتمع معرفي؟

وقد حاولنا في الجزء الأول الإجابة على اول ثلاثة أسئلة، واليوم هو موعدنا للإجابة على السؤالين الاخيرين

هل مجتمعات الشرق الأوسط مهيأة لإقامة المجتمع المعرفي؟
يجسد "مجتمع المعرفة" الغد المأمول الذي تنشده كافة الأمم الساعية للتقدم بوصفه "ذلك المجتمع الذي يقوم أساسا على نشر المعرفة وإنتاجها، وتوظيفها في جميع مجالات النشاط المجتمعي، الاقتصاد والمجتمع المدني والسياسة، والحياة الخاصة، وصولا لترقية الحالة الإنسانية باطراد" (UNDP, 2003). وبالطبع لا يمكن الحديث عن هذا الغد وعن سبل تحقيقه على أرض الواقع (الاستراتيجيات) دون التعرض للوضع الحالي الذي ستضمنه إجابة هذا السؤال. وهو سؤال كان اول من حاول الإجابة عليه هو " البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة" وذلك في تقريره الشهير "نحو إقامة مجتمع المعرفة" الصادر سنة 2003. وقد كانت الإجابة التي يمكن استخلاصها هي "ليس بعد".
وكانت "ليس بعد" هذه نتيجة منطقية لاستقراء المتوفر من احصائيات حول وسائل "نشر المعرفة" المتمثلة في منظومة التعليم وفي منظومة الاعلام التقليدية وغير التقليدية، وحول "انتاج المعرفة" المتمثل الإنتاج العلمي في مجالات العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والانسانيات. ولم يغفل التقرير السياقات التنظيمية والمجتمعية والسياسية التي تحدث فيها عمليات "معالجة المعرفة" الثلاث: الإنتاج، النشر، والتوظيف. وعلى الرغم من وعي كاتبوا التقرير بأهمية الدور الذي تلعبه ثقافة المجتمع، سلبا او إيجابا، في عملية تحول المجتمع الى مجتمع معرفة وتخصيصهم الفصل السادس للحديث عنها، فان ما جاء به كان مخيبا للآمال. فلقد انشغل كاتبو التقرير بقضايا التراث واللغة فلم يتعرضوا للمكون الثقافي للمجتمع المعرفي.

وتعود أهمية الثقافة الى كونها البنية الأساسية Infrastructure التي ترتكز عليها كافة مكونات المجتمع. فالثقافة، بمكوناتها الأساسية، المتمثلة فى منظومتي المسلمات والقيم، تسهم في تشكيل توجهات وسلوكيات وردود أفعال أفراد المجتمع الذي يتبناهما. فـ "منظومة المسلمات" بما تتضمنه من أفكار يعتبرها أفراد المجتمع أمورا صحيحة لا تقبل النقاش، هي التي يستخدمها أفراد المجتمع في فهم وتفسير ما يدور فيه وما يتأثر به من وقائع وأحداث وتشكل "الإطار المعياري" الذي يستخدمه في تقييمها وفى إصدار أحكامه عليها. أما "منظومة القيم" فهي التي تحدد لأفراده ما ينبغي أن يكون أو بعبارة أخرى السلوك القويم الذي يتوقعه المجتمع منهم.

وبالطبع فان مضمون منظومتي القيم والمسلمات لمجتمع المعرفة لا بد وان يختلف عن مثيله المتعلق بمجتمعاتنا في أوضاعها الحالية. وتأتي في صدارة القيم التي تميز مجتمع المعرفة عن بقية المجتمعات القيم التالية:
-;- "التعلم الدائم" (او "ديمومة التعلم"): السعي المتواصل (من المهد الى اللحد) والطوعي وراء المعرفة سواء كان ذلك لأسباب شخصية او لأسباب مهنية.
-;- "الحرية": وتشمل حرية التعبير، حرية التفكير، حرية الكلام، حرية التعبير، حرية الصحافة، حرية الوصول للمعلومات وحرية انتقال البيانات والمعلومات، حرية البحث العلمي، حرية الأنشطة الإبداعية.
-;- "الجدارة": تتوقف مكانة الفرد في المجتمع فقط على ما يبذله من جهد، وعلى قدر ما يتمتع به من مواهب وما يملكه من قدرات.
-;- "العقلانية": استخدام العقل في كلا من "الفكر" و"الفعل". او الاعتماد فقط على ما تثبت صحته من معرفة سواء كان هذا الاثبات عن طريق مطابقة ما جاء بها مع الواقع الملموس أو مع معطياته التي يمكن مشاهدتها، أو بقدرتها على إيجاد حل ناجح لمشكلة واقعية، أو بعدم تناقضها مع ما هو مستقر من معارف.
-;- "الابداع": القدرة على الاتيان بأفكار جديدة غير مسبوقة ومدهشة وذات نفع اما لحل مشكلة ما او لتعزيز التواصل بين الافراد أو حتى للترويح عنهم.

كانت هذه قائمة الحد الأدنى من القيم اللازم تواجدها كشرط لإقامة مجتمع معرفي ناجح ومستدام. ولا نجد حاجة للقول انها غائبة عن مجتمعات هذه المنطقة. وهكذا يصبح الحديث عن استراتيجيات إقامة مجتمع معرفي لا تأخذ في اعتبارها تحديث الثقافة السائدة في المجتمع يصبح هزل لا يليق. ولنا فيما فعلته كوريا الجنوبية، على سبيل المثال، اسوة حسنة.

ما هي الاستراتيجيات التي يجب تبنيها لإقامة مجتمع معرفي؟
اصارحكم القول انه بعد نشر الجزء الأول من هذا المقال وددت إعادة صياغة هذا السؤال لتكون "كيف يمكن تحويل كلمات الرؤية الى أفعال في أرض الواقع؟" والرؤية في هذا السياق هي وصف للوضع الذي نأمله لوطننا في المستقبل المنظور. والسؤال، بصيغتيه الأولى والثانية، معني بكيفية تجسيد الرؤية على ارض الواقع. الا ان ميزة الصياغة الثانية هي انها مباشرة. والاجابة على هذا السؤال، في صيغته الثانية، هي الاستراتيجية. والاستراتيجية، طبقا لأهل الاختصاص، "تحديد الغايات (الأهداف) الأساسية طويلة الأجل، واختيار خطط العمل وتخصيص الموارد الضرورية لبلوغ هذه الغايات". أي انه يمكن تمثيل الاستراتيجية بالمعادلة التالية:
الاستراتيجية = الغايات (الأهداف) + خطط العمل (الوسائل) + الموارد

وتخبرنا التجارب الناجحة لإقامة مجتمع معرفي واقتصاد معرفي بالعديد من الملامح المشتركة مثل:
-;- انعدام الامية
-;- انتشار الثقافة العلمية والتكنولوجية
-;- وجود منظومة تعليم تهدف الى تنمية المهارات المعرفية العليا
-;- وجود منظومة تعليم تتيح فرص "التعلم الدائم"
-;- وجود بنية تحتية كفئة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات
-;- وجود بيئة مشجعة للابتكار على المستوى القومي

ويعتبر كل ملمح من هذه الملامح بمثابة "غاية" من الغايات التي يسهم تحققها في إقامة مجتمع معرفة دائم. ويقودنا تحديد الغايات الى الخطوة التالية وهي تحديد كلا من الموارد اللازمة وخطط العمل الضرورية للتعامل مع هذه الموارد. وبهذا تكتمل مكونات الاستراتيجية الثلاث: غاية، خطة عمل، وموارد. وهكذا تشتق استراتيجيات إقامة مجتمع المعرفة من بيان الرؤية وتتحول كلماته الى استراتيجيات وسياسات. وعلينا الا ننسي في حالة مجتمعات الشرق الأوسط الناطقة بالعربية ضرورة إضافة استراتيجية لتحديث الثقافة السائدة. فبدون هذا التحديث تصبح أي محاولة لإقامة مجتمع معرفة دائم كالنقش على الرمل أو الحرث في البحر جهد بلا طائل ومجهود بلا عائد حقيقي.


المراجع

, (2003). UNDPنحو إقامة مجتمع المعرفة . تقرير التنمية الإنسانية العربية. نيويورك: الامم المتحدة.
السيد, ا.ن.ا., (2014). ويسألونك عن ...؟ (1/2) . الحوار المتمدن, 4606 (17 أكتوبر ):http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=4375.



#السيد_نصر_الدين_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ويسألونك عن ...؟ (1/2)
- البكسل التائه والصورة الغائبة: خارطة طريق (2/2)
- البكسل الحائر والصورة الغائبة: الرؤية (1/2)
- وكنتم خير أمة ... !
- في البدء كانت الكلمة !
- حكاية البيضة والفرخة
- المستقبل مضارعا
- الديموقراطية وقيمها الغائبة
- فنجرة البق وملاعيب الكلام
- سلالالالام سلاح
- لا يا شيخ ... ! (أو نقد المرجعيات)
- عقلك في راسك اعرف خلاصك
- كشف الغمة عن عقل الأمة
- الأمة المصرية ...امة كانت وتكون وستكون
- الاساطير الثقافية: (5) أسطورة -زي السمن على العسل-
- الاساطير الثقافية: (3) اسطورة الزمن الجميل
- العصا والجزرة ورفيقتهما الناعمة: من القوة المحتملة الى القوة ...
- العصا والجزرة ورفيقتهما الناعمة (1-2)
- الاساطير الثقافية: (2) الغزو الثقافي (او حكاية -الناس اللي ف ...
- الثروة الخفية


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد نصر الدين السيد - ويسألونك ... ؟ (2/2)