|
عشيّة عيد الحب-2-
كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 4619 - 2014 / 10 / 30 - 14:05
المحور:
الادب والفن
شرعت تبحث في ركن آخر فأردت أن أسهّل عليها البحث، قلت لها إن "التوحيدي" كان من ضمن المقررات الدراسية على عهدي و لست أدري إن بقي إلى اليوم كذلك. فقالت من غير أن تجيب على تساؤلي : هذا يعني أن اختصاصك أدبي؟ ثم أردفت: يبدو لي أنك أستاذة أدب عربي. قلت: لا أبدا، أنا خرّيجة حقوق، إنما مغرمة فقط بالأدب العربي. و ابتسمت لي بفرح حقيقي تسأل: محامية ؟! قلت: لا.. قالت: "حاكمة" إذن؟ (أي قاضية). قلت لأقطع تخميناتها و أنا لا أفهم سر اهتمامها: لا محامية و لا "حاكمة"، أنا أعمل كمستشارة قانونية بشركة. و بدت عليها الخيبة فقالت: خسارة و الله، كيف تدرسين الحقوق و لا تكونين محامية؟ قلت لها: معك حق فمنذ صغري و أنا أحلم بأن أكون محامية لكن يبدو أنه سيبقى حلما و كذلك ينتهي. قالت متأسفة لحالي: فعلا خسارة، فالمحاماة مهنة رائعة! قلت: بل أنا أعتبرها أكثر من ذلك، إنها ليست مجرد مهنة من المهن بل هي فن قائم الذات لا يقل شأنا عن بقية الفنون. - "فعلا فالمحاماة موهبة أوّلا و بالأساس و هي تقتضي الحضور الطاغي و الصوت الجهوري إضافة إلى إجادة الخطابة و سلامة الإلقاء و... و أشياء أخرى كثيرة." ردّت بشيء من الفخر الغامض. قلت لأساير رغبتها في الحديث و التي لا تقل عن رغبتي فيه: و لذلك لا ينجح في المحاماة إلا فنان كبير يتقمص ببراعة دور المدافع النبيل عن الحق فيبرئ ساحة أعتى الجناة و المجرمين و قد ينجح في إقناع القاضي بعكس ما قامت عليه القضية و بأن موكله المجرم ليس في الأصل سوى الضحية. - فما الذي منعك عنها إذن؟ سألتني متلهفة. قلت:- لا أعرف بالضبط. كل ما أعرفه أنني يوم كان بإمكاني أن أختار بين العمل بالمحاماة و العمل بالإدارة اخترت الوظيفة و تركت الفن. -ألأن طريق الفن صعب؟ قالت ضاحكة. قلت: فسّريها كما تشائين فلقد مرّ وقت طويل على ذاك القرار و يبدو أنني نسيت السبب... - قالت لي بخبرة ملتاعة: نحن لا ننسى ما نحب و إن أحببنا أن ننسى!! - قلت لها مستدركة: آه...يبدو أنني تذكرت... - قالت متشوقة: هاه... لماذا إذن؟؟ - قلت: يمكنك أن تقولي أنني كنت مشروع فنانة تحلم بالنجاح في دنيا الفن و لكن كانت تخشى الفشل فاستكانت للوظيفة و تلك هي مغريات الكسل... قالت: أما أنا فعلى العكس منك تماما إذ لم تكن المحاماة تستهويني من قبل كثيرا لكنني الآن أتمنى بشدة أن أكون محامية فالمحاماة مهنة رائعة و أنتم أبناء الحقوق حقا رائعين. - كلنا رائعون؟؟ سألتها مشككة في تعميمها. - كل من عرفت منهم كانوا رائعين و أنت أيضا تبدين لي رائعة. شكرتها على الإطراء الذي بدا لي غريبا و متسرعا فهي لم تعرفني إلا منذ دقائق. قلت لها لأُذكرها بطلبي: يبدو أن كتاب "التوحيدي" هذا مفقود فلقد بحثت عنه من قبل طويلا. وعدتني بأنها ستتصل بالمزود ليوفره لي و طلبت مني أن أمرّ عليها بعد يومين لأخذه. و قبل أن أغادر سألتني ضاحكة: ألن تشتري شيئا للحبيب؟ إنه "الفالونتاينز"! قلت لها مازحة: سأجيبك بما قاله أحد الساخرين: أنا متزوجة، إذن ف"الفالونتاينز" لا يعنيني... قالت:لا...لا... أرجوك لا تقولي هذا... حرام و الله أن يقول المتزوجون هذا الكلام !! انظري، أنا مثلا لو سهّل الله لي في الزواج بمن أحب فسأجعل كل أيامه "سان فالونتان". استغربت أن لا تكون متزوجة و هي على هذا القدر من الجمال و الثراء كما أنها تبدو متقدمة في العمر نسبيا - في آخر الثلاثينات تقريبا- و من كانت مثلها تختطفها عيون الرجال و جيوبهم باكرا. قلت لها: إن شاء الله أزورك بعد سنوات من الزواج لأرى إن كنت ستلتزمين بعهدك هذا. قالت بثقة عاشقة واقعة في الحب لتوّها: أعدك بأن أُكذب توقعاتك و كل تلك الأحكام التي تقول بأن الحب يبرد بعد الزواج. قلت:-هذا الكلام يقال دائما قبل الزواج و لا يقوله إلا العشاق المغرمين و يبدو لي أنك كذلك. قالت في سعادة بالغة:-الحمد لله على نعمة الحب... ثم حاولت أن تغير الموضوع كما لتحتفظ بفرحة قلبها لنفسها فتحفظها من السوء. قالت: ما رأيك في الزينة الخاصة بهذا العيد، هل أعجبتك؟ و قبل أن تسمع إطرائي قامت بتحسس جيبها و لمّا لم تعثر على هاتفها الجوال نادت مساعدتها و طلبت منها أن تنزل بسرعة إلى الأسفل لتأتيها به. عادت إلي تسألني" هاه... لم تقولي لي رأيك في هذا الديكور؟" قلت:- إنه رائع حقا كالمكان كله في الحقيقة ...أتمنى من عشاق تونس أن ينتبهوا بفضل مجهودك هذا إلى أنه يمكن إهداء الكتب أيضا في هذا العيد. قالت:- عندك حقا فالكتاب هدية تدوم أكثر من الوردة أو الشوكولا! قلت لها كما لأنبهها إلى ضرورة احترام أذواق العشاق... فالنتيجة في كل الأحوال واحدة و إن اختلفت الميزانيات: أرجوك لا تحقّري من أمر الورد أو الشوكولا، فكل هدية من عند الحبيب أيا كانت، لا بد و أن يدوم ذكرها في البال حتى و إن كانت سريعة الذبول أو الذوبان!! -طبعا طبعا (قالت لي مؤكدة). في هذه اللحظة أمدّتها مساعدتها بالهاتف فأخذته متلهفة لتتثبت من ورود مكالمة أو رسالة يبدو أنها كانت تنتظرها لكنها... *يتبع*
مارس2012
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشيّة عيد الحب -1-
-
* ونّاسة الكنّاسة*
-
و في جوره لا تُجاريه
-
..و لا أنت في الموت
-
في صحة المحتل !
-
لو كان حقا رآني...
-
أفي الحبِّ..تُكابرْ؟!
-
لن أبيع لحمي-الأخيرة-
-
لن أبيع لحمي-17-
-
لن أبيع لحمي-16-
-
آمال كربول...أنتِ رجلُ المرحلة‼-;-
-
لن أبيع لحمي-15-
-
لن أبيع لحمي-14-
-
لن أبيع لحمي-13-
-
لن أبيع لحمي -12-
-
لن أبيع لحمي-11-
-
لن أبيع لحمي -10-
-
و لن أجيبك
-
و لكنّه الغدر...
-
بلعيد هو أنا
المزيد.....
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|