أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين بوركة - ديوان -الثلجنار- جمالية المتضادات














المزيد.....

ديوان -الثلجنار- جمالية المتضادات


عزالدين بوركة

الحوار المتمدن-العدد: 4617 - 2014 / 10 / 28 - 17:58
المحور: الادب والفن
    


المعافاة من الجغرافية والالتحام بالشعر الصافي واللذيذ، وهي السِمة البارجة لديوان "الثلجنار"، هذا الديوان الذي جاء ثمرة تعاون جاد ووهاج بين شاعرين مغربي وجزائري، هما عادل لطفي وعبد الرزاق بوكبة، هذا الشاعر الجزائري الذي صار له حضور لافت في الساحة الثقافية المغربية. لما له من عميق طرح وبليغ اشتغال، أبرزه في العديد من اللقاءات التي جمعته بقُرائه بالمغرب.
ما يثير الانتباه في هذا العمل بالإضافة إلى الأجواء الاحتفالية التي رافقة صدوره، حيث كتب عنه نقاد وازنون على الصعيد المغاربي، ذلك أنه جاء برؤية تجديدية، شديدة البياض على مستوى الكتابة في القصيدة الزجلية الحديثة، وإضفاء لمسة جمالية أنيقة عليها، في مخالفة للكلاسيكي والمتداول، الذي كان يساهم في الحجر على هذا النوع الإبداعي القريب من ذائقة الناس، في بعده الشفوي.
أما الشذرة فكان باب القول الشعري في هذا الديوان، وهو الباب ذا الإسقاطات الصوفية الإشراقية، التي جعلت ثنائية الثلج النار ثنائية تَوَقُد وشطح يُعلي من تَوَهُجِهِ، الذي يهب القصيدة مُجمَل بريقها.
إننا بصدد ديوان استطاع تكريس مُنجز جد مهم على صعيد الكتابة الزجلية، كما أنه فاتحة خير على أفق التعاون الثقافي المغربي الجزائري، هذا التعاون الثقافي المغربي-الجزائري الذي ما زال ضعيفا ولا يرقى إلى مستوى ما يتطلع إليه الشعبان الشقيقان.
تطغى تيمة الكتابة على "تلوين الثلج" لعبد الرزاق بوكبة داخل الديوان كموتيف ركيز اشتغل عليه بدِربة وعُمْق، فهذا السؤال شغل الكاتب على طول جسد هذه التجربة، يقول:
الثلج ورقة كبيرة
فتتها جوع الشتا
لميتها
وهديتها
للصيف باش يكتب
حمتو (ص 8)
فعل الكتابة هنا هو فعل تعدد، هنا، على صفحة البياض، بياض الثلج أبلغ من بياض الورقة، فالثلج صفحة كبيرة.
ترى ما عسانا نكتب فوقه؟
هو بياض الاستطاع. فالكتابة لا تجر إلا لمزيد من الكتابة.
أما الثلج فصفائية الروح.
الكتابة عنها عند هذا الشاعر تستمد إلى الرؤية العميقة للأشياء. مستعينا بصيغ الإدهاش وكسر أفق المتلقي، وهي صيغ ذات طبيعة إقتناصية للمعنى بمخالب اللغة. يقول الناقد والروائي الجزائري "حبيب السايح" حول تجربة "الثلجنار" : "تلوين الثلج" نص أبيض، لجماله وجِدته وفرادته؛ فإن الثلج فيه لا بد يغار منه الثلج نفسُه! إنه من أجمل ما يمكن لي أن أكون قد قرأته في تجربة الزجل؛ لهذا الخيال الراقي المتحرر واللغة الرقراقة المنسابة وموضوع الحب العميق. "تلوين الثلج" نص يتجذر في نفس كل الشرائح “القرائية”؛ بما فيه من إشارات ذات صلة بوسائط الاتصال، التي تغدو مغمورة بشكل جميل بثلج من الكلمات التي وكأن لا أحد غير عبد الرزاق بوكبة يكنه سرها."
القصيدة الشعرية الزجلية معطى ابداعي لا يمكن اغفاله في سياق الشعرية العربية. تاريخيا، على سبيل الذكر: موشحات الأندلسية وأشعار الملحون وغير ذلك.. وفي وقتنا الراهن حيث تراكم متن هذه القصيدة في اطراد انتاجي، من لدن شعراء شباب اجترحوا هذا الفعل الشعري الأقرب إل الصديقية في التعبير اليومي المعيش. ويبقى السؤال الأهم المطروح أمام هذه القصيدة، هو سؤال الرؤى التجديدية والالتحام بالحداثة الشعرية لقصيدة النثر العربية. وهو السؤال الذي أجد في ديوان "الثلجنار" نموذجا بديعا في محاولة الجواب عنه، وعلى حسب ما راقبته في جل كتابات التي أنجزت حول هذا الديوان: أنه جاء في سياق جد حساس؛ سياق يعاني من فراغ المُعطى التجديدي داخل هذه القصيدة، التي كادت تتلاشى بفعل سلطة التقليد عليها، والمحاكاة عن الكلاسيكيين.
وإن كانت وتيرة نشر الدواوين الزجلية قد عرفت نموا ملحوظا في المرحلة الراهنة، مما يعطي اطمئنانا لا بأس به من الناحية الكمية، لكن يبقى أمام هذا التراكم سؤال مهم مطروح عليه. وهو سؤال تجديد الرؤية والتمايز كشرط ابداعي به تحقق هذه القصيدة وهجها.
أما على مستوى "كتاب النار" للشاعر المغربي عادل لطفي، هذا الذي يكتب قصيدته بتأمل كامل. ناره داخل الديوان هي مطرزات شعرية مكثفة ومشتعلة بالمعنى وبهائه. يقول الكاتب المغربي "عبد الواحد مفتاح": " قصيدة عادل لطفي الزجلية، هي إنجاز إبداعي مُتَقدم، خُطوتها هي انفِتَاح نَحو الحَداثة الشّعرية والعُمق الكوني، وهذا ما تَفْتَلِحُه هذه الكتابة الزجلية في غَفْلَة عن المَدارِس النَقْدية التي لم تَستطِع بَعد تَجديد مُدونَتِها، للنَظر إلى الزَّجَل كَشِعر اسْتَطَاعَ أن يُثْبِت انتباها مَائِزا بِجمَاليَتِه العَالِمة. هذه الجمالية التي لم يَستَطِع إلا القَليلون الاقْتِراب مِن عُلو شَرطِها. وها هو عادل لطفي إلى جانب عبد الرزاق بوكبة، في مُشتَرَكِهما هذا، يُدَلِلان على الطاقة التجديدية الهائلة التي اِبْتَلَغَت قصيدة الزجل إنجازَه."
تيمة النار لها حضور لاهب داخل ضفة كتاب النار في الديوان. إن تموج النار على جسد قصيدة هذا الشاعر لهو فعل اضاءة مضاعفة.
إضاءة غير المضاء في عوالم النفس البشرية. وهذا بلغة تستشرف أفقها المستقبلي، وتستشرق نصغها من نظامها الذي دسّه الشاعر داخلها باكتراث بليغ.
الثلج والنار تضاد يحضر هنا شعريا في اندغام شفيف، حواريتهما صوت بليغ لعمل شعري مشترك حقق جدوة ما يدعيه. وهو العمل الذي صنع لنفسه حضورا صافيا ورقراقا نحو سماء الشعر.
نحن نعلم أن قصيدة الزجل يختلف ايقاعها كلما انتقلنا في ربوع البلد الواحد وأحيانا المنطقة الواحدة، ولكن ما شدني في هذا الديوان أن اللهجة المغربية التي كتب بها عادل لطفي لا أجد أنها تختلف بالشيء الكثير عما كتب به الجزائري عبد الرزاق بوكبة.
قلما نجد مشروعا شعريا مشتركا في وطننا العربي من الناحية التأسيسية، حيث في غالب الأحيان نجد ديوان تجميعيا لقصائد شاعر أو أكثر. أما مشروع رصين ك"الثلجنار" فهو ما نفتقده بشدة، فما يمتاز به من نفحة روحية وثنائية الاكتمال وكونية الطرح.



#عزالدين_بوركة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى عبد الواحد مفتاح
- مبارك عمان: التشكيلين -الشباب- أعلوا من القيمة الفنية والتشك ...
- ألبير كامي: عبث، تمرد وحب
- أثر الفراشة : دراسة في المفهوم والقصيدة
- كازبلانكا casablanca
- أوتار بور : قصيدة
- بعيدا عن العالم
- عبثية الغريب كامي وسارتر و كيرككورد
- فعل الترجمة
- لحية الحلاج
- يد تعلم الحب تعاليمه
- هذا كل شيء
- تسبيح الباتول
- الحلاج مأساة عاشق
- أسئلة الثقافة وتدبيرها: الرمزي والتنموي في المجتمع المغربي *
- أوثار بور
- الأثر الفكري للمهدي المنجرة
- المثقف و الحركة والصورة الكاذبة : ردا على صورة
- قاتل هليودي
- قفطانك محلول:


المزيد.....




- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين بوركة - ديوان -الثلجنار- جمالية المتضادات