أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - زغاريد لتيه














المزيد.....

زغاريد لتيه


عبدالله مهتدي

الحوار المتمدن-العدد: 4615 - 2014 / 10 / 26 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


كانت الكلمات تحكي أوجاعها, تجيء و تمضي كزغاريد باكية, كمواويل تحكي وجع الربيع, بينما كانت العيون مطوقة بأسئلة لها سحنة الجمر, و صدى الرصاص المتعجرف المارد.
نفسها الصورة التي انوشمت في ذاكرة البوح,بقايا مدينة تتقطع أنفاسها تحت صهيل الرصاص,ووهج الحرائق,نفسها المناديل المنتحبة ملوحة من بعيد,حيث يعسعس نشيد الليل,وتتناسل تفاصيل المنفى,الدخان الذي تسوقه الريح الجافة مخضبا سيقان الأزقة بأوشام الحرقة,الغبار المتناثر من طقوس الكر و الفر,شغب الأطفال وهم يقفزون فوق أجسادهم,وأرواحهم بين أكفهم الصغيرة,كي يفلتوا من شظايا القنابل المسيلة للدموع,يتحلقون حول هذه اللعب الطائرة,كلما حطت على الأرض كي يخنقوا رحيقها الماكر بأقمصة رثة مبللة بالريق و العرق و الدم,قبل أن تخنق هي أنفاسهم وتشعل أجفانهم بالحمرة الحارقة ,وحناجر تصدح بأناشيد محتجة ,وتطل من عيون أتعبها اليتم.









كانت أوشام الرصاص تحفر مساراتها الرمادية على وجوه الحيطان,وأعمدة الكهرباء الخشبية,وأبواب الحوانيت المقفلة,مشاكسات طفولية على حواشي النار,ركض وركض مضاد,كنت وأقرانك تحتفلون بطقس الفجيعة وهي تلتهم مساحات الفرح الصغيرة,كتل من اللحم الصغير المفتون بركوب الريح تركض خلف هدايا ماكرة تقذفها أياد صخرية بلهاء,صراخ وهتاف ونحيب,ضرب ودفع وسقوط,ثم ضربات بمناكب البنادق و الأحذية السوداء,هتافات تعلو,وشوارع تقفل, ومتاريس تفصل الأزقة عن الأزقة,تقطع شرايين المدينة,وأوصال الطرق المفتوحة على الأحلام المغتالة .
كنت تصيخ السمع لطقطقات الرصاص الطائش المعتوه, وأنت ترتجف من الداخل, كنت تراه, تسمعه بكل حواسك وهو يجرح شفاه الريح, والموت, الموت, ذاك الكائن الخرافي, يسعل مثل شيخ عجوز, عابتا بأجساد افترشت إسفلت الأزقة, والتحفت صمتها الأبدي.كان نبضك يقفز من صدرك كلما فتحت حواسك على رائحة الكي بالنار,وكانت الكلمات تختنق في جوف الجسد الصغير الذي كنته,رغما عنك,فتصير الحبسة وجعا آخر,تيها و غصة.
-سيكون عليك أن تقبر الطفل الذي كنته داخل أحشائك كي تستطيع أن تمشي في سفرك الطويل نحو الشمس,سيكون عليك أن تنبث في ذاكرة الحواس صورة وطن يتلو قصيد اليتم,وأسفار الخسران,سيكون عليك أن تحمل نبضك المفجوع بين يديك كي تقرأ فيه إلى ما لا نهاية دفاتر الجرح المكتوب بماء العطش,وحرائق اليتم,وكيمياء الدم,سيكون عليك أن تتنقل من شارع إلى شارع,ومن زقاق إلى زقاق,لتكتشف الحرية التي ظلت تلهت بحبها أنفاسك المقبورة داخل قعر الحواس,أن تتعلم الرؤية بالقلب,والإنصات بالروح,لإيقاع الأعطاب الموشومة على حنايا الناس,ووجوههم المتغضنة,وهي تمضي أمامك متعبة,مترهلة,كسيحة.










-سيكون عليك أن تطلق ساقيك للريح,متعقبا خيط الضوء الهارب ,المندس وسط تضاريس العتمة,تائها خلف جديلة الشمس التي تفتن الجسد,أن تتنفس الهواء الرمادي دفعة واحدة أو على دفعات,ثم تقذفه كفقاعات الصابون التي لطالما حلمت بالجري خلفها ضاحكا و مندهشا,هو ذا الطفل الذي أضعته في زحمة الإنصات إلى زغاريد الوجع,هودا يشاغب و الأطفال حين يكتبون بالفحم على وجوه الحيطان حماقات الطفولة المسكونة باليتم,يطلقون مدافع حناجرهم,كي يفقأوا عين الصمت.
كان شعاع الضوء يغلق أجفانه من جديد,كي يتقدم الليل بكثير من الغطرسة و الطيش,وكان الموت يجثو على صدر المدينة التي احتضنتك جسدا يدمن الحلم و اليتم, كان زمن الخسران رهيبا وهو يجرجر أثقاله نحو عوالم مغسولة بالنار,وجع معجون بالأنين الصاعد من أنفاس أتعبها الكدح, وجلدها التيه.كان موتا بدم بارد,هكذا اختنق المعيش في عيون الكادحين,وانتصب السؤال الحارق كالنار في الحلق وحنايا الحواس,تاريخ تصهل خيوله الجريحة مبللة سماوات وطن لا تتسع أحضانه سوى للموت الخائب.
ذاكرة الفقدان هي المدينة التي الفت صراخك الطفو لي,وشغب اليفاعة,وحماقات المراهق الموعود بضفيرة ضوء منفلتة وهاربة,شوق بطعم الفجيعة التي تعتلي مرايا القلب و سماء الحواس.
















3-
هل كنت تهدي أم تفجر حبسة الصمت ؟
هودا صوتك يستعيد تشظيه لينحفر عميقا في ذاكرة الفقدان,أتكون غصة هذا الوطن أم يتمه المترنح و الراقص؟أتكون الأنفاس المتوهجة في ليل البوح؟ أيها المثقل بالجرح,وبالحكي المنقاد نحو عوالم موعودة بالضوء والعتمة.
-سيكون عليك أن تفتح قراطيس النزيف على سؤال الوطن, أن تكون رفيق الشمس وأنيس الدروب المضيئة.فافتح عينيك على خارطة الوجع,واسبح وسط الفسح الرمادية كي تتعرف شكل التيه,واقرأ في ذاكرات الألم ترانيم الغيم.واعلم أنك ستكون مسكونا بالنشيد,متيما بالحلم,مكتظا بالرغبات الماكرة.








#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة 20 فبراير بين المتخيل الروائي والمقترب النقدي
- قصص قصيرة جدا
- الحلم


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - زغاريد لتيه