أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - أميركا وداعش والممانعة.. العقل الأحادي في مواجهة واقع معقد















المزيد.....

أميركا وداعش والممانعة.. العقل الأحادي في مواجهة واقع معقد


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4613 - 2014 / 10 / 24 - 19:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



منذ بدء الثورة السورية، ظهر أن منظور اليسار أضيق من أن يفهم ما يجري، حيث تاه في الفارق بين ما كان يجري التوهم بأنه تموضع النظام السوري عالمياً وحراك الطبقات، التي أخذت تتململ ومن ثم تحاول التغيير، بمعنى أنه فشل في الإجابة على سؤال: هل إن التكوين الاقتصادي الذي تشكّل يسمح بأن يكون النظام في موقع معاداة الإمبريالية الأميركية، أو أنه انخرط في "العولمة" عبر تطبيق السياسات، التي يفرضها عادةً صندوق النقد الدولي، ومن ثم إن الخلاف مع أميركا خصوصاً هو نتاج اختلاف سياسات، وليس نتيجة تناقض مصالح؟ هذا التكوين الاقتصادي هو الذي كان يؤسس لتفاقم الأزمة المجتمعية، وتراكم الاحتقان، ومن ثم أفضى إلى الثورة، حيث فرضت الفئة الحاكمة تعميم اللبرلة، وتطبيق شروط صندوق النقد الدولي، حتى من دون تفاهم رسمي معه.
عدم الفهم هذا أسَّس لموقف داعم للنظام، انطلاقاً من "الممانعة" التي يبديها تجاه "المخططات الإمبريالية". وبالتالي، كان "المبدأ" الذي يحكم هذا اليسار هو اعتبار الإمبريالية الأميركية العدو الرئيسي، ومن ثم دعم كل من يقف في تعارضٍ، أو تناقضٍ، معها. لكن، لم يصمد هذا المنطق أمام تزايد التعقيد في الواقع السوري، وبات يقود إلى عكس ما بدأ منه. فهذه "البساطة" (أو لنقل السطحية) في التحليل لا تصمد أمام تعقيدات الواقع دائماً.
كانت كل القوى، التي تقف مع النظام السوري ضد الثورة، والتي أسست رؤيتها على "معاداة الإمبريالية"، مع تنظيم القاعدة بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول سنة 2001، ومع النظام العراقي، ضد الإمبريالية، التي زحفت من أجل احتلال أفغانستان والعراق. وكانت ضد الدور الإيراني في العراق منذ الاحتلال، واتهمتها بأنها عملت عبر ميليشياتها على تدمير العراق، وفرض سيطرة طائفية على السلطة، التي أنشأها الاحتلال الأميركي.
ولقد دعمت تلك القوى الثورات في تونس ومصر واليمن والبحرين، لأنها ضد نظم تابعة للإمبريالية الأميركية، ومن المنظور نفسه، وقفت مع النظام السوري كونها تصنفه "ممانعة" و"مقاومة". وبالتالي، باتت الثورة "مؤامرة إمبريالية" (أميركية)، تنفّذها مجموعات إرهابية أصولية، بدعم سعودي قطري. وكان الحديث يجري عن "الجهاديين" الذين أسسوا تشكيلاتٍ، بعد عام من الثورة، ومنهم جبهة "النصرة"، التي هي فرع للقاعدة، ثم "داعش" التي باتت بديلاً للقاعدة. بمعنى أن الصراع في سورية بالنسبة إليهم بات بين نظام "وطني" و"ممانع" و"الجهاديين" مدعومين من أميركا والسعودية وقطر. هنا، انقلب الموقف من "الجهاديين"، الذين كان يطبّل لهم، حين كانوا "يقاتلون" أميركا (كما كان يجري توهم أنهم يقاتلونها). باتوا العدو، الذي يريد إسقاط نظام "ممانع"، و"يدعم المقاومة"، لكن، هذه المرة، انطلاقاً من أنهم أدوات أميركية. بالتالي، لم يعودوا ضد أميركا، كما جرى التنظير سابقاً، بل أداة بيدها.
"
الموقف الذي تريده السلطة، أصلاً، سيربك (اليسار الممانع) الذي يكسر كل منطقه، الذي كرره طوال سنوات ثلاث عن (المؤامرة الإمبريالية)، وكون (النصرة) و(داعش) أداة المؤامرة
"
الآن، أميركا تحشد ضد "داعش" و"النصرة"، وتؤلف تحالفاً دولياً من أجل هزيمتهما، ولقد بدأت الحرب ضدها، في العراق أولاً، والآن في سورية. بالتالي، يبدو أن "الرابط" الذي جرت الإشارة إليه بين أميركا وداعش لم يعد قائماً، وتقدمت أميركا للحرب ضد داعش، ولقد بدأتها. ما هو الموقف الممكن لكل داعمي النظام السوري، الذين طبلوا لقتال النظام ضد المجموعات الإرهابية، خصوصاً "النصرة" و"داعش"؟ النظام طلب التحالف، فبالنسبة إليه ليست أميركا العدو، لا الرئيسي ولا الثانوي، بل لقد اختلف معها نتيجة "تطاولها"، بالدعوة إلى تغيير شكل السيطرة على السلطة، بالدعوة لحكم "الأغلبية" (بمعناها الديني). وها هو يهلل للحرب "المشتركة" بين القوات الأميركية و"الجيش العربي السوري" ضد الإرهاب.
الفكرة الجوهرية، التي قامت عليها سياسات تلك القوى، أن الإمبريالية الأميركية هي العدو الرئيسي، وهذا ما جعلها تدعم "الجهاديين" سابقاً. الآن، بعد أن أصبح هؤلاء "الجهاديون" العدو ضد نظام "وطني" و"ممانع"، كيف يمكن أن يستوعب العقل الأحادي الأمر. يقوم هذا العقل على مبدأ إما/ أو، مع/ ضد. الآن يتقاتل "ضدان"، أين سيكون موقفها؟ العودة إلى تأييد "الجهاديين"، أو تغيير كلية الفهم بالتخلي عن أن الإمبريالية الأميركية هي العدو الرئيسي؟ في كلا الحالين، سينهار كل المنطق، الذي تأسست المواقف عليه، لأنه يفرض أن يكونوا مع أميركا أو مع "داعش". أن يتخلوا عن أن داعش هي "صنيعة" أميركا، ومن ثم يجري كسر "الممانعة" بالتحالف مع أميركا، أو أن يظلوا متمسكين بـ "الممانعة"، ويكشفوا "تحالفهم" مع "داعش". ميل السلطة هو نحو أميركا، لأن كل خوفها يتمحور حول الخشية من "ضربة أميركية"، كما كان منذ بدء الثورة، ولأنها لعبت بـ"داعش"، من أجل الوصول إلى ذلك. لكن هذا الموقف الذي تريده السلطة، أصلاً، سيربك "اليسار الممانع"، الذي يكسر كل منطقه، الذي كرره طوال سنوات ثلاث عن "المؤامرة الإمبريالية"، وكون "النصرة" و"داعش" أداة المؤامرة.
رسم هؤلاء معادلة بسيطة، تنطلق من: إمبريالية (أميركا)/ ضد إمبريالية، وكان الضد هو السلطة السورية. لهذا، جرى اعتبار ما يجري مؤامرة، وباتت "داعش" (وهي التجسيد العملي لخطاب السلطة، الذي أطلقته منذ اللحظة الأولى) امتداداً لهذه الإمبريالية. لهذا، بات الصراع هو: السلطة/ "داعش" (طبعاً و"النصرة")، ومن ثم باتت الإمبريالية ضد "داعش". يفرض هذا الأمر كسر أحد الخطين هذين، الأول: أميركا/ السلطة، والثاني "داعش"/ السلطة. كما سنرى، انقلبت الأولوية في التحديد من الإمبريالية إلى السلطة، وبات الاختيار بين الإمبريالية أو "داعش".
"
السلطة تتخلى عن ممانعتها بالدعوة إلى تحالف ضد الإرهاب مع الإمبريالية، فهذا هو الخيار المنقذ لها
"
في كلا الحالين، سيظهر أن كل الخطاب، الذي كرره هذا اليسار (وكل خطاب السلطة كذلك)، كخطاب كاذب، لأن المؤامرة كانت تحققها المركب: الإمبريالية/ "داعش". السلطة تتخلى عن ممانعتها بالدعوة إلى تحالف ضد الإرهاب مع الإمبريالية، فهذا هو الخيار المنقذ لها. لكن، ما هو خيار "اليسار الممانع"؟ الوقوف على الحياد؟ وهذا يسقط المنطق، الذي أقاموا كل تصوراتهم عليه، والذي يفرض أن تكون مع طرف ضد الآخر. أو أن يقفوا ضد الطرفين؟ أيضاً، هذا يسقط منطقهم، الذي حرّم على الآخرين اتخاذ موقف ضد "داعش" و"النصرة" وأميركا. وأصلاً، كان يمكن لهم أن يتخذوا هذا الموقف منذ البدء، بحيث لا يكونون إما مع السلطة أو مع الثورة، من خلال رؤية الصراع الطبقي الواقعي وتعقيدات التناقضات العالمية. اللحظة، الآن، تعلن انهيار كل المنظور، الذي أسس هؤلاء مواقفهم عليه، وتوضح كم كانت الشكلية والسطحية مسيطرة، بحيث وضعوا العالم في "معسكرين"، لا غير، وأسسوا كل الصراعات على أساسهما، ليظهر، الآن، تهافت هذا المنظور، وخطل كل تلك المواقف، بحيث باتوا مجبرين عل اتخاذ موقف دمّر أساس منظورهم. ولهذا، وجدنا كيف ينشق "المعسكر" الذي بنوه في الخيال، بين روسيا وإيران وحزب الله، الرافضين التدخل الإمبريالي الأميركي (مثل الإخوان المسلمين السوريين بالضبط)، والسلطة السورية، التي رحبت بـالحرب "المشتركة" ضد الإرهاب. أين سيقفون؟ متاهة تكشف عن هزل التحليل، وانحراف المنطق، وأيضاً غياب الأخلاق.
الأزمة هي في العقل الأحادي نفسه، الذي هو التعبير عن سيادة المنطق الصوري، المغرق في السطحية. والذي يبسط الأمور إلى ثنائيات متعادية، فيتوه حين تتشابك الصراعات، وتتعدد التناقضات. ولأن الواقع متعدد التناقضات، بالضرورة، يلون إلى النهاية. إذن، هنا، سيندثر هذا اليسار "الممانع"، لأنه سقط في الوحل. ثنائيته وسطحيته قادتاه إلى ذلك. لكن، سنسجل أنه لعب دوراً تشويهياً كبيراً، ودافع عن سلطة مافياوية مجرمة، وبرّر لها كل القتل والتدمير، الذي مارسته، وكل الوحشية، التي ظهرت فيها. هذا هو السقوط الأخلاقي الذي لا يمكن غفرانه



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الثورة والثورة المضادة
- روسيا والحرب على غزة
- من تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين إلى داعش تصوّر كورنول ...
- سلامة كيلة - كاتب ومفكر ماركسي - في حوار مفتوح مع القراء وال ...
- -السياسة الشيوعية- لا ماركسية ولا شيوعية
- الثورة واليسار الميكانيكي
- أزمة تحليل اليسار للحدث العراقي
- هل ما يجري في سوريا ثورة؟
- حول ما يجري في العراق
- الثورة السورية ... محاولة لفهم المجزرة
- منظور أخلاقي للثورة السورية
- نقاش خفيف مع -الرفيق- محمد نفاع - الإمبريالية والاستعمار وال ...
- الثورة والاستعصاء الثوري في سورية
- بعد ثلاث سنوات من الثورة في سورية: من أجل إعادة نظر شاملة
- النتائج الممكنة لمؤتمر جنيف2 والموقف منها
- المهمات الديمقراطية والاشتراكية
- الحرب على الإرهاب في سورية
- عن الإمبريالية وتشويه -اليسار الممانع- للماركسية
- قانون ضبط التظاهر يعيد الحراك الاجتماعي لشوارع مصر
- روسيا والحل الروسي وقاسيون


المزيد.....




- شاهد أوّل ما فعلته هذه الدببة بعد استيقاظها من سباتها الشتوي ...
- تحليل: بوتين يحقق فوزاً مدوياً.. لكن ما هي الخطوة التالية با ...
- نتنياهو يقول إنه يبذل قصارى جهده لإدخال المزيد من المساعدات ...
- روسيا.. رحلة جوية قياسية لمروحيتين حديثتين في أجواء سيبيريا ...
- البحرية الأمريكية تحذر السفن من رفع العلم الأمريكي جنوب البح ...
- صاروخ -إس – 400- الروسي يدمر راجمة صواريخ تشيكية
- إجلاء سياح نجوا في انهيار ثلجي شرقي روسيا (فيديو)
- الطوارئ الروسية ترسل فرقا إضافية لإنقاذ 13 شخصا محاصرين في م ...
- نيوزيلندا.. طرد امرأتين ??من الطائرة بسبب حجمهن الكبير جدا
- بالفيديو.. فيضان سد في الأردن بسبب غزارة الأمطار


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - أميركا وداعش والممانعة.. العقل الأحادي في مواجهة واقع معقد