أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيبال جوزيف سيبال - تونس : اعتذاري لنفسي أمام جبناء النفوس - المعارض محمد مواعدة نموذجا















المزيد.....

تونس : اعتذاري لنفسي أمام جبناء النفوس - المعارض محمد مواعدة نموذجا


سيبال جوزيف سيبال

الحوار المتمدن-العدد: 4613 - 2014 / 10 / 24 - 16:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد تعودت كمشاهدة إما تغيير الزر أمام تهريج بعض البرامج التلفزية أو الصمود لمشاهدة حلقة كاملة بما تتخلله من فراغ فكري و فقر إعلامي إذا كان أحد الضيوف شخصية بارزة مهما كانت توجهاته السياسية. وهذا بالفعل ما وقع ببرنامج كلام الناس على قناة التونسية بتاريخ 22تشرين الأول 2014 التي استضافت الدكتور محمد مواعدة أحد مؤسسي حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ووجه نضالي معارض و سجين سياسي زمن المخلوع زين العابدين بن علي. ما لفت انتباهي هو الهجوم الذي وقع عليه أثناء محاورته من قبل الصحفي لطفي العماري الذي لم ينفك عن الحديث بالصراخ و التشنج المنفر و الإعلامية مايا القصوري التي عرفت أيضا بأسلوبها المقزز و نقدها العقيم لضيوف البرنامج المعارضين لتوجهاتها الايديولوجية. كان التداول بينهما بكلمات التجريح و العنف اللفظي الذي يسعى فقط للإثارة وإرباك المشاهد و المساهمة في فقاعة إعلامية لا غير.

إن استضافة المناضل محمد مواعدة كان أساسه التعريف بكاتبه "قصتي مع بن علي أو في صناعة الطاغية" لكن انحرفت الحلقة عن مسارها. و من موقعي كمشاهدة استهجنت الطريقة الفظة التي وقع اعتمادها للحط من ضيف الحلقة. و تجدر الإشارة أن الكتاب صدر في يوليو الماضي و كتبت عنه بعض الصحف التونسية. أما التعريف به عبر وسيلة إعلامية بصرية فكان لأول مره على القناة المذكورة. صراحة لم يكن حوارا ينم عن موضوعية و حنكة إعلامية و نقدا بناء بل كان مهزلة لا يخرج من دائرة الهجوم حتى خلته متعمدا لإفراغ الكتاب من محتواه و تضليل المشاهد عبر وابل الاتهامات التي وجهها منشطي الحلقة نحو ضيفهم مما جعل حلقة البرنامج تنحرف من تعريف بالكتاب إلى التنكيل المعنوي بالكاتب و عدم ترك المجال له للدفاع عن نفسه أو حتى فهم رؤيته خاصة بعد أن تحولت الحلقة إلى تصفية حسابات و تراشق بالكلمات اللاذعة مما جعلني أتساءل لما كل هذا الهجوم على شخص الأستاذ مواعده أهو محاولة إزهاق انتشار الكتاب لدى العموم ؟أم محاولة قولبة ذهنية المشاهد أنه أمام شخصية منبوذة اجتماعيا وجب حصارها والقضاء عليها وعدم الرأفة بها ؟

إن كتاب "قصتي مع بن علي أو في صناعة الطاغية" ليس تبريرا من الكاتب لدرء خطئه كما حللت الإعلامية ميا القصوري التي اشتهرت أيضا بمحاولة استنزاف صبر أي ضيف يقع أمامها بطرقها الاستفزازية الخالية من الموضوعية و اللباقة بل هو قراءة لحقبة من الصراع في ظل الحكم البائد و معاناة أمام الأساليب القمعية المادية والمعنوية التي مورست في حق كل من وقف ضد السياسة البوليسية للرئيس السابق بن علي. الحلقة كانت خاوية ومفتقرة لأسلوب التحاور ومواصلة لاستمرارية الترهيب الفكري خاصة إذا كان في الميزان شخص له رصيد نضالي لا يمكن التغاضي عنه رغم جميع الاهتزازات التي عرفتها مسيرته النضالية.

إضافة الى أن المتأمل في صفحات كتاب "قصتي مع بن علي أو في صناعة الطاغية" ليس سوى مصالحة مع النفس والاعتذار لحقبة من صمود نضالي تم تدجينها و اعتراف وجدت فيه الكثير من الشجاعة التي يفتقد لها ثلة من السياسيين بالرغم من أن منشطي الحلقة فعلوا جميع ما في وسعيهم لجعل الأستاذ محمد مواعده يبدو في صورة انهزامية ينتابها الخزي و العار و إعطاء المشاهد انطباعا سيئا للغاية عنه. هجوم وجد المناضل نفسه --و هو صاحب رسالة صيانة كرامة المواطن والدفاع عن حقوقه الأساسية وحرياته العامة وجعل الديمقراطية أساس الحياة العمومية في البلاد—وجد نفسه محاصرا مرة أخرى حتى بعد ثورة الكرامة بطرق مبتذلة جدا و رخيصة وهي نفسها التي تعرض لها أيام المخلوع و لكنها بأسلوب أخر منمق. كما نستشعر من منشطي الحصة التلفزية تحميل الضيف عارا نفسيا و محاولة إجهاض سعيه للمصالحة مع نفسه و لو أن من تعرضوا للاضطهاد سيفهمون حجم معاناة الأستاذ محمد مواعده ويدركون جيدا أن نفسه التواقة للعيش في كنف الحرية و العدالة عرفت تدنيسا وهو ما استخلصه من صراعه الوجودي الذي يفهم حتى من طريقة اختياره لعنوان مؤلفه وتساؤله الصادق مع نفسه : هل كان النضال وهما لمجرد الخضوع للمساومة و عدم إتاحة المجال له للاختيار. هل كنت مناضلا أو انتهازيا لمجرد خضوعي للمساومة.
كثر هم من اختاروا الانسحاب من أرض المعركة بإرادة واعية خدمة لمصالحهم الشخصية و لم يبدوا أي مساندة لمن خيروا البقاء و لو ليوم واحد أمام جميع الأساليب القمعية التي اعتمدها نظام بن علي آنذاك و لم يخرجوا للشارع أيام الحراك الثوري الجاد لإطاحة نظامه لأخر دقيقة و بعد التأكد من هزيمة المخلوع بن علي تحول جميعهم لثوار برداء دعاة الكرامة الإنسانية....

صراحة أجد الكتاب ينم عن ثقافة الاعتذار التي يفتقر إليها المجتمع التونسي و المجتمعات العربية ككل و اعتبر المناضل الأستاذ محمد عواده خطوة ايجابية لبناء هذه الثقافة مهما كان حجم الخطأ. و ما تعرض إليه من قبل منشطي الحلقة ليس سوى محاولة منهم للغض عن ثقافة الكذب و النفاق الاجتماعي و اعتبار الكذب قنطرة عبور نحو مرحلة أخرى متقدمة ثقافة الكذب إعلاميا و التمويه و الشتائم لا تصنع فكرا و لا مصلحة عامة مقارنة باعتراف و جرأة الأستاذ محمد مواعده أمام شخصيات سياسية أخرى عرفت بانتهازيتها الحقيقة و خسة مواقفها و تظهر للعموم عبر الوسائل السمعية البصرية و يقع التغاضي عن مواقف الجبن الحقيقي تجاه الشعب التونسي. ألتمس في شخص الأستاذ محمد مواعدة شجاعة أخرى نضالية رغم السقوط بقطع النظر عن خطئه الذي لا يقارن بأخطاء جسيمة ارتكبت من قبل ثورجيين على أساس أنهم خدموا الثورة التونسية.

أين المشكل في شخص اعترف بخطئه و كان أعقل ممن يستمرون في أخطائهم و يستترون ببعض من هم مثلهم ويصفقون لهم. هؤلاء فئة بشرية تهوى الزلل عكس الأستاذ محمد مواعدة الذي كان على الأقل صادقا مع نفسه و هذا هو التحدي الحقيقي أمام المجتمع و قلة هم من يفعلون ذلك. عنونت المقال تونس اعتذاري لنفسي أمام جبناء النفوس لأنني و بقراءة موضوعية لكتاب المعارض و المناضل الأستاذ محمد مواعده استخلصت صفة هامة وهي التحرر من الخجل و الخزي الذين يشعر به كل شخص عاش فترة معاناة و حصار حتى يعتقد أنه مذنب بحق أمام المذنب الفعلي والحقيقي أمام جبن المواقف التي تحاول إذلال النفس البشرية و يقع تقديسها في ما بعد. الأستاذ محمد مواعده إنسان قبل أن يكون سياسيا لبسه رداء المذنب ليقع نبذه. إنسانا اعترف و اعتذر و الاعتراف فضيلة و الاعتذار مصالحة.....

الاعتذار ثقافة تنم عن بناء أرضية صالحة لإرساء مجتمع مدني واع بأخطائه. و من الخطأ نبذ المعترف بالخطيئة وغلق جميع منافذ مصالحته مع نفسه و مع الآخر. قولبة الإنسان و جعله يتحمل عارا مدى سنوات حياته و شعوره بالخزي لا يحررها سوى مواجهة العار الحقيقي و من يشاركون في إذلال الشخص بطرق رخيصة ثم نجد الثناء عليهم انه الجبن الحقيقي و استمرارية النهل من ثقافة النفاق الاجتماعي لا لشيء سوى أن لهؤلاء مركزا اجتماعيا شيدوه بالمراوغة والتضليل و إخفاء عيوبهم بالحط من الأخرين و شتمهم كلما سنحت الفرصة للبروز الملائكي و النقاء. مشهد نرى فيه مجتمعا ينحني لثقافة الفقاقيع الرائجة التي لا مشروع لها غير العنف اللفظي و الثلب و الشتيمة .

أخيرا وكما صرح الصحفي لطفي العماري أن انسحاب بعض رجال السياسة آنذاك هو رؤية استباقية لاستبداد بن علي وتفاديه فيه حنكة معرفية بالسياسة المستبدة. انسحاب لم ير فيه الصحفي جبنا أو خطأ أو حتى انهزاما مقارنة بموقف الأستاذ محمد عواده و ما تعرض له من انتهاكات ليقع تحميله ما لا يحتمل و تهميش مواقفه. لكن قد تكون رؤية المعارض السابق محمد مواعده الآن هي الاستباقية حتى لا تتكرر نفس الاخطاء التي تؤدي الى احلال دكتاتورية جديدة.فإذا كان الانسحاب أمام نظام مستبد موقفا ذكيا حسب تفسير الصحفي فماذا يسمى موقفه من سياسة الإقصاء والتهميش من قبل بعض الإعلاميين و عدم حيادهم و إجهاض جميع سبل المصالحة مع النفس. ربما صناعة طغاة جدد هذا ما ستكشفه لنا السنوات المقبلة ....



#سيبال_جوزيف_سيبال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- خلل -كارثي- في بنك تجاري سمح للعملاء بسحب ملايين الدولارات ع ...
- الزعيم الكوري الشمالي يشرف على مناورات مدفعية بالتزامن مع زي ...
- الاحتلال يقتحم مناطق في نابلس والخليل وقلقيلية وبيت لحم
- مقتل 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة
- بالصور: زعيم كوريا الشمالية يشرف على مناورات -سلاح الإبادة- ...
- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيبال جوزيف سيبال - تونس : اعتذاري لنفسي أمام جبناء النفوس - المعارض محمد مواعدة نموذجا