أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - العجوز الحلقة السابعة عشرة















المزيد.....



العجوز الحلقة السابعة عشرة


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4613 - 2014 / 10 / 24 - 12:09
المحور: الادب والفن
    



كم هي عزومة، زينب! كان جبينها يرشح عرقًا، وتكاد تختنق. ومع ذلك، صممت على عدم التوقف والاستمرار حتى تهلك، فلا من بنات الدهر هي خائفة ولا من نيابه، وما هي إلا حياتها الدنيا. مالت بجسدها إلى الأمام، واستقامت، ثم مالت بجسدها من جديد. قلبت بفأسها كتل التراب، ولكن أيضًا النهار واليأس، قلبت الموت. تفتتت مدرات الأرض تحت قدميها، وهي تخل بالنواهي، فالأرض جافة بلا رائحة، ولا رائحة في الهواء، ولا رائحة في ثمر الشوكة.
ضربة هنا وضربة هناك ومع كل ضربة كانت زينب تحفر حفرة لا تتلألأ فيها أية دمعة، و، وراءها كل تلك العيون الميتة المفتوحة على سعتها التي ترميها عبر أجفانها العارية بنظرة حاقدة. كانت الأرض قشرة دون حياة، فيها أفواه أطفال موتى. شيء مهول، أفواه الأطفال الموتى، لا أكثر هولاً! لم يكن ما تفعل سهل الإدراك، وزينب تفتح جرحًا في قلبها: كلما أنزلت ذراعًا يغدو الطائر جرحًا والجرح هوانًا تستكين إليه، وكلما رفعت ذراعًا يغدو الجرح طائرًا والطائر ضِغنًا يسري في دمها شديدًا منهكًا كعصارة النبات الوحشيّ تحت الأسيجة المهجورة، يسكنها، يلتهمها، وليس بالاستطاعة تلطيفه إلا بهذه الضربات التي تمزق وجه الأرض.
بفأسها كانت تحفر حفرة في قلب الأرض لتواجه أشياء كثيرة: هذا الجدب الساحق أولاً، ثم أشياء كثيرة. ربما أرادت التعويض عن حال المرارة والمحل تلك بأخرى، حال وهمية: الانتقام من أولئك الذين عَدُّوا خطواتها مذ جعلوا أنفسهم "حماةً" لها ولم يزالوا لِيَعُدُّوها أَرُومَةً قديمة.
- أسالوا ثدييك، زعقت العجائز الاثنتا عشرة، وسلخوا ذراعيك، وامتلكوا بطنك، قتلوا من أجل أن يمتلكوا بطنك... ساموك أشد عذاب قائلين لأن هذا في صالحك.
العجوز ذات أمارات الحجر:
- سيظهرون في الحفلات مبتسمين، وسيصرحون، الشيطان في الجسد، أن هذا من أجل صالحك، وأنهم اكتفوا بحلبك وبسلخك، بدافع الإنسانية... ستتنافس وكالات الأنباء مع وكالات الأنباء في الحصول على أخبارهم، فما صنعوا للإنسانية إلا المكتسبات، وما كان كل هذا إلا من أجل الهناء والرخاء ودفعًا لعجلة التطور. التطور. تطور التقهقر! سيصورون الحاكم الكريه، وهو يرتدي أجمل الثياب... سيطبعون صوره في الجرائد مع تعليقات لا تعد ولا تحصى، وأوصاف في مدح الأبطال، القائد الهمام، ناكح الورد، المرشد، وبوجيز العبارة: "المنقذ!".
العجوز ذات مخالب الصقر:
- هو، القاتل، منقذ؟
العجوز ذات دموع الملح:
- سيذكرون في الصحافة والتلفزيون والراديو أن هذا البربريَّ تقدميٌّ أفكاره تتجاوز أماني العمال، نعم العمال، العمال الذين يعملون في الحقول كالعمال الذين يعملون في المصانع، وأن خطه السياسي نابع من صميم المصلحة العامة وموحى من إرادة تحسين كل شيء، تحسين كل شيء، تحسين كل شيء...
ولا شيء يتحسن، من سيء إلى أسوأ كل شيء. جهنم! استقامت زينب، وبظاهر يدها مسحت ما ينضح جبينها من عرق. رفعت شعرها، وتنفست الصعداء. سكنى الملعونين! كَمِنَت لنفسها، والفأس في قبضتها. إلى الأبد عليها واجب القبض على الفأس. كان في باطن يدها جرح مفتوح، جرح على جرح، ودم أسود يسيل على عصا الفأس. طار من الجرح طائران ميتان، فما الفائدة، إذن، وكل شيء يموت؟ قَوِيَت عليها، وفي أعماق نفسها همست: "ليموت الموت!"
على حين غِرة، ودون أن تلتفت:
- هل هذه أنت، يا أمي؟
وهي تداوم على ضرب الحجر الذي يطيع والحجر الذي يعصي.
- عرفتني من خيالي؟
- لا! أنت تشبهين كل العجائز هنا. خيالاتكن واحدة، وأثوابكن واحدة. خيالات من خاب سعيه، وأثواب من لبسه الحداد.
- إذن كيف حزرت أنني أنا؟
- لأني كنت أنتظرك. ما انتظرتك مرة إلا وقادتك الريح إليّ.
وهي تداوم على كسر عناد الملح في الحجر، على ردم حفر الحياة في العيون الميتة، على فتح طرق الجوع في أفواه الأطفال الموتى. وضربة أخرى، ثم ضربة أخرى، ثم ضربة أخرى.
- من العادة أن يحصل هذا في الحال.
- هذا لأني أريد ذلك.
- لِمَ هذه الرغبة؟
- وَلِمَ هذا الانتظار؟
- ما الحَدْسُ إذن الذي يوحدنا؟
- حَدْسُ الخراب، ولأني أعطيت اسمك للعمل الناقص.
- نعم، يا أمي، الناقص. منذ أعوام، لم أستطع بناء أية مدينة، لم أستطع رسم أية حديقة، ولم أفعل سوى استنفاد قواي. أنا أحتضر ببطء، يا أمي.
تراءت للعجوز المقبرة القديمة، القبور القديمة، النخلات القديمة، وفكرت فيما قاله لها غواص الشيخ، في ذلك الموت العادي الذي ينتظره. بعد صمت قليل، سمعت ابنتها تقول لها:
- تقدمي!
تقدمت العجوز إلى أن توقفت على مرمى فأس منها، عند حافة الحجر القديم، وعندما سقطت الفأس، انغرزت قرب إبهام قدمها. ارتجت عصا الفأس، بينا راحت زينب تتفرس طويلاً في أمها وكأنها تقع عليها بعد سفر طويل.
- لماذا تنظرين إليّ هكذا؟
استعادت تعبيرها العادي، و:
- ظننتني أرى ما تغير في وجهك.
تنهدت زينب، فكلُّ تَبَدُّلٍ مفاجئ يقلقها. قالت بدون ندم:
- كدت أقطع لك إبهام قدمك.
انحنت لتتناول الفأس، وبحركة عجلى قلبت أمها الفأس، ووضعت قدمها عليها. لم تكن زينب امرأة عاقلة، لم تكن عاقلة منذ تلك الليلة، وكأنها تركت واجبها نحو عقلها وعقلها وراءها.
- كوني عاقلة، يا ابنتي!
تأملت بإمعان ما أكملت زينب من عمل، ولم تر غير عيون مفقوءة وشفاه غَفِنَة!
صرّت زينب:
- اذهبي! اتركيني!
واجهتها، ودقتها في صدها، والعجوز تتراجع.
- ابتعدي! أيتها المومس! اذهبي! ماذا فعلتِ عندما أخذوني أول مرة؟ ماذا فعلتِ عندما اختطفوني من زوجي آخر مرة؟ ماذا فعلتِ؟ ما انتقمتِ وما تركتني للانتقام! وضعتِ قوس قُزَحِكِ في السحاب علامةَ ميثاقٍ بينهم وبيننا.
تخلصت العجوز من غضبها في الأخير، وبخطاها الخائرة تقدمت إلى وسط فضاء لا شكل له. سقطت على ركبتيها، تناولت كتلة من التراب، و، بذراع مرفوعة، عصرتها بيدها، والتراب يسيل بين أصابعها. انتصب جسدها المنهوك كالوتر، واهتز. نعقت، وهي تضرب صدرها، ونواح من المتعذر كبته تفجر من حلقها المعقود لها على حلقها. لكنها تماسكت بسرعة، وتوقفت دموعها. ابتلعت دموعها، ومسحت عينيها الحمراوين بعصبية. التفتت إلى ابنته: لا، ما انتقمت! اغتصاب بنت أسوأ من كل شيء، ولخطأها، طاردتهم لعنة المتعة. لم يكن الانتقام ينفع في شيء، وهم ملعونون كلهم. حل الوجع محل المتعة، ، وجف نهر الشهوة الذي فيهم قبل أن يكون تحويله. ملعونون. جميعهم ملعونون لخطأها، بالقدر الذي كان عليه مصير الأرض، ينبوعها، وثعبان الروح.
عادت زينب إلى ضرب الأرض بفأسها، والأرض تذرف دموع الرمل والحجر، فحاولت أمها إيقافها:
- توقفي!
وكلتاهما تلهثان بصوت عال، تتلاهثان.
- لا تكوني مجنونة!
- مجنونة؟ أنا؟... أنا من أرادت بعث الحياة في هذه الأرض؟
- أنت تنسين.
- أنسى ماذا؟
- النبع، تنسين النبع، يا ابنتي! النبع جاف. لن تغتسل الآلهة إلا في بيوتها.
- سأفجر النبع.
- ستفجرين النبع؟
- وسيسري الماء كما لم يسر من قبل.
- هل تحلمين؟
- سترتوي الأرض.
- كفى حلمًا!
- سيصبح كل شيء أخضر.
كان على المرء أن يصبح مجنونًا لتحويل الصحراء إلى بستان من بساتين الجنة! حقًا لم تكن أرضهم الصحراء، إلا أنها، في الوقت الحاضر، ميتة، من الظمأ ميتة. من الأفضل أن تتركها، ابنتها. فلتتسلَّ مع يأسها! من الأفضل أن تتركها مع عناقيد الزهور البيضاء تلك الكثيرة العطر في رأسها. نعم، ستتركها. تركتها، وخطت خطوة، خطوتين... كانت تطلب المستحيل، كانت تنسى من كان هنا، من يراقبهم.
- وحتى لو نجحتِ، فسيكون الحاكم هنا دومًا، ألقت العجوز.
لم تجب زينب. آه! هذا الحاكم الشيطان! العديم الشفقة! الجبار! هذا الزنديق، الغريب عن قلوبنا وأجسادنا! أرجع إليه، فأجدني في بداية الأزمان، ممسوخة قردة، ورغم ذلك، عما قريب، سأصبح عجوزًا... عجوزًا بقدر هذه الأم الملعونة، فتمتلئ روحي بالمرارة. لكن هو، سيفعل ما يريد، ما يشتهي. فتحت عينين يطفو فيهما غمامٌ مِنْ غيرِ ماء، غمامٌ عاقر. كانت مكبلة مرتين: هذا ما لن تنساه. روحًا وجسدًا. مكبلة ضعفين. شخص مكبل ضعفين لم يعد لديه ما يأمله. كلُّ شيءٍ جهدٌ ضائع! إسقاء أرض جافة بالجفاف! ستحفر إذن، ستحفر، ستحفر حتى تجد النبع! بيد أنهم جربوا هذا، ولم يكن الحل. وبحزنٍ قالت: لم يعد هناك سوى نبع واحد... لدى الحاكم! وإذا ما داومت على الحفر حتى الغد؟ من بعيد، أتت العجوز بحركة تعبة:
- لن يتفجر الماء طالما بقي الجفاف يهيمن على الخيال، فللإرادة دون خيال ثمن: العبودية.
وبنظرة مليئة بالحنين:
- بفضل هذا الخيال الذي كان يسكن فينا، كانت أرضنا خضراء، فيها الينابيع والعيون، ثم، لا شيء، لا خيال. منذ ذلك الوقت، والأضاليا بيننا. مضت مواسم تلتها مواسم، وهي تأتي بما تأتي، رغم فقدان الخيال، ثم مضت مواسم تتلو مواسم ومواسم، وهي تأتي بما تأتي، ومواسم أخرى... ثم، لا شيء! الأرض لا تعطي طويلاً دون خيال... هل تفهمين؟
لم تفتح زينب فمها. تقدمت نحو أمها بخطوات بطيئة، وأمها تتابع:
- أعطت الأرض للحاكم كل ما استطاعت إعطاءه، ثم جفت. الأرض أنا... عجوز! لا قوة لها ولا خيال!
توقفت زينب على بعد مترين من أمها، وعلى حين غِرة، عادت إلى ضرب الأرض.
- لا فائدة من ذلك! لن تستجيب، همهمت العجوز لنفسها.
- اسأليني ما أفعل، عّنَّفَت الأخرى.
داومت العجوز على الهمهمة لنفسها:
- أشفق عليها، المسكينة! أشفق عليها، ابنتي!
- اسأليني لِمَ أفعل ما أفعل، هنا، في هذه اللحظة.
والعجوز تداوم على التحدث مع نفسها: "لن تستسلم! لن تستسلم!"، ثم تلت آيات قرآنية، آيات غفرانية.
- أنا أقتل الشيخوخة في هذه الأرض! عوت زينب. أنا أقتل شيخوختك!
والعجوز لنفسها:
- لا حول ولا قوة إلا بالله! لن تستسلم!
تفجرت زينب مقهقهة.
كان فيها من العنف ما عاد بالدم في كفها إلى السيلان، أُثلجت عيناها على مرأى اللون الأسود، وتضاعفت قهقهتها. توافدت على مخيلتها الصور: لما كانت زينب في الثانية عشرة، ولما كان غواص الجميل يدفعها فوق أرجوحة معلقة على شجرة توت، ولما كانت تضحك والأرجوحة تنزل بها... تنزل بها. كانت ضحكاتها نقية بنقاء انعكاسات النبع الأولية، وكان يدفعها بقوة أكثر فأكثر، فينتفخ فستانها، ويطير، ويرى غواص فخذيها السمراوين، وهي تضحك، وهو يضحك، وهو يداوم على دفعها.
الفستان يطير... الفراشة تطير... البنت تطير... النجمة تنزل عتبات السماء... وفي الأجواء ضحكات طفلة وعطر كل الأزهار العبقة. أوقف غواص الأرجوحة، وأخذها بين ذراعيه ليساعدها على النزول، إلا أنها تفلت منه، فيلحقها:
- زينب! زينب!
تناديه:
- غواص الجميل!
وتركض في البستان.
تعثرت زينب، ووقعت بطولها على الأرض. وقع غواص إلى جانبها، لفها من خاصرتها، وبقيا ينامان في الحشيش. تحرك شيء ما وراء السور، فوقفا، وسارا على الطريق الصاعدة إلى البيت. تحت، قرب السلسلة، رأيا جمعًا من الفلاحين تحت حراسة الجنود: الجباه عابسة، الثياب مغبرة، و، في الصدور، العذابات، الآمال التي لم تتحقق، لن تتحقق، والطيور التي تموت. وفي الصدور، القلوب الفخورة. الحوافر. الصهيل.
صفوهم، وقتلوهم.
دم. دم أيضًا. دم أيضًا وأيضًا. أقحوان.
تفجرت أمواج الدم، حمراء كالأقحوان، ولطخت كل ألعاب طفولتهما وبراءة عمرهما. جذب غواص زينب إلى صدره، والصغيرة تبكي بكاء الكبيرة. بكت كما لم يبك أحد، وبكى معها.
- لا تبك، يا زينب، قال لها، لا تبك، لا أحب أن تبكي!
وجرها من يدها، ليقودها حتى قفص الأرانب.
- إن لم تتوقفي عن البكاء، سأعطيك ذاك الأبيض، قال لها.
لكن دموع البنت لم تجف، خلّت غواص الجميل، ورجعت إلى البيت راكضة.
ما أن ذهبت، ذبح غواص كل الأرانب.
العجائز الاثنتا عشرة حزينة:
- أقحوان! يا لهذا الولد الشيطان!
في كل حكايات العالم المرة الأولى التي تجعل البراءة من نفسها مجرمة! لكن دم الرجال ما لبث أن غسل خطيئة هذا الطفل العاثر، وهم يذهبون إلى الموت بالعشرات. للتكفير، وللإيقاع بصقور السماء. قدموا لها أجسادهم مأدبة، ففتحت ملوكُ الطيرِ الطريقَ لأشعةِ الشمسِ بمخالبها ومناقيرها، لتتغلل حتى أعماق أوردتهم. جف دمهم في الوقت الذي جف فيه ماء نهر الشهوة. كانت بداية الجفاف الكبير. كانت بداية تعاسة على تعاسة، ومن هي السبب كانت تجهل أنها المسئولة عن هذا المصاب، وأن عليها أن تدفع الثمن بدورها.
- انتبهي... الدم! قالت العجوز لابنتها.
فتحت هذه يدها وضغطتها على يدها.
- هل ترين النتيجة؟ أنت تدمين.
العجائز معًا:
- وأنت التي تزفرين على أرض يابسة جف النبع فيها ونفد الحليب، أنت التي تضربين الأرض بفأسك وتشعرين بما يشعر الحجر، أنت التي تتألمين أقسى الآلام والأخيرة التي تعلم، أنت التي كل هذا، ولكن دون جدوى، والتي يداها مكبلتان، سيسقط رأسك تحت فأس الأضاليا. قالوا لها: لا تتوقفي أمام باب مكسور، لأن التنين ذا الرؤوس السبعة عضك في شارع الأقحوان، ولأن جراحك لن تبرأ إلا في مدينة الأسوار المهدمة، عند ساحل البحر الكبير، على مسيرةِ ثلاثِ ليالٍ دون قمر.
لكزت الفأس بقدمها، فوقعت على عصاها، شراعًا أعياه الإبحار.
- اسمعي، يا أمي! قبل أن يفوت الوقت، قبل أن نغرق في بحر الزمان!
اقتربت من أمها، وبنبرة غريبة:
- لِمَ لا نَفِرُّ من هذا المكان الجاف الذي لا مكان جاف مثله؟ وإذا ما ذهبنا إلى عكا، المدينة الخالدة للبحر الكبير؟
آه! يا إلهي... النبوءة!
- أنا ما بقيت على قيد الحياة، ردت العجوز وهي ترفع رأسها عاليًا، لن أبرح مكاني هنا. حتى بعد موتي، سأعود، وسأبقى!
- كيف ستبرأ جراحي الدامية إذن؟
آه! يا إلهي... ابن زينب، وليد الذئب!
- لا تطلبي ما ليس معقولاً ولا تبحثي عما هو مستحيل، يا زينب! هل تسمعينني؟ شجرة التنين التي يقال إنها توجد في عكا خرافة، وهي لو كانت غير ذلك، ما كان من ورقها شفاؤك. شفاؤك، شفاؤنا كلنا، سيكون من شجرة تين في بستان الحاكم يحرسها الجنود. ولكن ما أنت سوى...
للجراح مكان حياتها وموتها، وهي تجر معها الجسد كله. هنا، ها هي في صدد الموت. ولأنه يحتضر، لحم زينب يترهل، ونهدها يتساقط، إلا أن وجهها يبقي نضرًا. حتى متى؟ لا أحد يعلم. غدا بطنها رخوًا، فلا ننس كل الأولاد والبنات أولادها وبناتها. لا، إنها الجراح. الجراح! تغضن أديم فخذيها بسبب جراحها. والعجوز، ماذا ستقول؟ ماذا ستغدو مع جراحها؟ لها جسدٌ يابسٌ كُلُّهُ، وظهرٌ منحنٍ كُلُّهُ! أما زينب، فحليب نهديها أسود كالأسود لون جراحها. لهذا ابيضّ شعرها، وازرقت عروقها. ولكن ما هي سوى...
صاحت العجوز بصوت أجش:
- ... جبانة! أفهم الآن لماذا كانت كل مهزلتك تلك منذ قليل، أيتها الجبانة الصغيرة! ما أنت سوى جبانة صغيرة!
- افهميني! أنا أختلف، لن تبرأ جراحي في مكان آخر أبدًا غير مدينة الأسوار المنهارة.
- مغترة، أنانية!
- سأفعل كل شيء لتبرأ جراحي، ومن ناحية ثانية، أنا لا أقاتل إلا لهذا في الوقت الحاضر، أنا لا أقاتل إلا لأجلي.
- أنا قاتلت كل حياتي لأجلك.
- لأجلي أم لأجل الحاكم؟
- لأجلك، فقط لأجلك! أنت، الابنة الوحيدة التي بقيت لي. ولأجل أبنائك!
- وأنا، من قبل، ألم أقاتل لأجل أبنائي؟ لئلا يجوعوا؟
- سأقول لك شيئًا: حياتي المضطربة بدأت مع موت أخيك الصغير في مهده، أنا الماضي الأسود! أما أنت، أنت الحاضر الذي نرى يرتسم عَبْرَهُ المستقبل الأخضر لأبنائك.
- لا، اليوم، أنا لا أقاتل إلا لأجلي. ثم، أين هم أبنائي؟ استشاطت زينب. هل تستطيعين أن تقولي لي أين هم، أولادي وبناتي، العقوقون؟
حزرت العجوز أملاً منسيًا، أملاً صغيرًا منسيًا، في أعماق صدر ابنتها، والتي أخذت تستدعي في ذاكرتها أبناءها واحدًا واحدًا:
- أحدهم قٌُتل، قتلوه، وقتلوا ظله، المسكين عتريس، وآخر ذهب، ولم يعد أبدًا. نجح باسل في اجتياز السور حتى الجبال، وحتى السعار. أما صهباء وساذجة، ابنتاي اللتان بقيتا لي بين أربع أخرى أو خمس، الأولى متصلبة ومتعقدة، والثانية رومانسية وحالمة، كلتاهما لا تستطيعان أن تفعلا شيئًا من أجلي. أنت من تقولين لي هذا، يا أمي، بينا أنهك كاهلي الرحم بعبء حاجاته، وأفرغني الجلاد من كل قواي بأثقل الأعباء، فذبلت، مثلك تمامًا، وعما قريب، سأموت في الوقت الذي تموتين فيه بعد أن أُدْرِكَ الأعوامَ التي هي طرقات الزمن الموغلة بين عمرينا؟ أنت من تقولين لي هذا، بينا جَعَلْتِني أفهم أن نبعنا قد جف إلى الأبد وأن الظمأ إلى الماء في أرضنا ليس باستطاعة العواصف أن ترويه؟ أنت من تقولين لي هذا، بينا أنا هي التي قتلوها بنتًا صغيرة أول مرة وفتاةً ثاني مرة وامرأةً ثالث مرة، والتي يقولون عنها "تعيش"؟ ولكن البغلة تعيش والذئبة تعيش! لهذا قلت لك إني أختلف عن الآخرين!
هل تذكرين تلك الليلة، المرة التي... آه! يا إلهي! منذ تلك اللحظة، وفي مهبلي حشرة صنعت عشًا، ولم تتوقف أبدًا عن فرش جناحيها... كَبُرَتْ فيّ في الوقت الذي كَبُرْتُ فيه... و، كلما خفقت جناحيها مزقني ألم يسمم لي روحي. ها أنا أستطيع تدمير نفسي وحدي، أقول أنا، لا أنتم! نكبة كهذه ألا تكفيني؟ سأكبر، وستكبر الحشرة فيّ. ستبيض، وستحفر ملاجئ جديدة. أي عالم عفن مليء بالهامّات أحمله معي، في داخلي! كلما فكرت أني لست شيئًا آخر غير قشرة يسيرة مكلفة بحماية هذا العفن الذي يعج في داخلي وفي الوقت نفسه هذا العفن نفسه يعج حولي، تحت شكل أو آخر، أقول لنفسي من الأفضل أن أعطيني الموت. لكنّ فعلاً كهذا يفترض شجاعة كبيرة و، أنا، مجردة من مثل هذه شجاعة. لقد قلتِ لي منذ قليل، لقد قلتِ لي جبانة أنا، وهذا صحيح!... أتوسل إليك... قولي لي ما أفعل وهذه حالي!...
الحق يقال لا شيء، فكل شيء في وقته. مَعَ مِزاجٍ كمِزاجِهَا، لن تقدر على شيء. من اللازم أن تفعل ما عليها أن تفعل، الآن أو أبدًا. كانت زينب على أهبة الاستعداد لكل شيء، إلا أنها لم تعمل بنصيحة أمها:
- إذا كنتِ قادرة على التحرر بالفعل من عالم العفن هذا، اذهبي على التو واقتلي الحاكم حيث يكون، في مملكته.
- لا أستطيع، قالت زينب مع حركة عاجزة.
- أرأيت!
- ما تطلبين مني فعله فوق قواي، يا أمي! لا، شكرًا!
- إذن، افعلي مثلي.
- مثلك... شكرًا أيضًا! لا أريد أن أفعل مثلك.
- أأثير في نفسك العار إلى هذه الدرجة، أيتها الابنة العاقة؟
ليس العار... ومع ذلك... لا! لا تريد أن تفعل مثل أمها، فحياتها ليست حياتها. كانت جميلة تقول الشيء ذاته، والجواب بقي واحدًا. "حياتي حياتك! حياتك تكرار لحياتي! لا خيار آخر لك. ليس هناك سوى الظاهر ما يتغير." ظاهر معركة خاسرة مسبقًا على الدوام، اسمها معركة الأجيال. الأقحوان. الأضاليا. الأقاقيا. كانت تريد أن تكون شيئًا آخر، زينب. جميلة أيضًا قالت هذا. ثم، اكتشفت أن هذا فوق إمكانياتها، فوق إرادتها. كان هذا بعيدًا عن مرمى يدها، رغم كل الأعياد التي أقيمت لها، كل الفساتين التي خيطت لها، كل اللآلئ، كل الصديقات، كل الشهوات التي أشبعت.
- في ما مضى، كنت...
- في ما مضى، في ما مضى، في ما مضى!... ولكني أنا لست الماضي، ماضيك!
- يمضي الماضي دومًا بالطريقة نفسها...
- لا! يتبدل الوقت كل لحظة! تُبَدِّلُ الأفكارُ أديمَهَا كالأشجارِ في الصيف، وتتبدل الوسائل... كل شيء يتبدل!
- والحاكم في مكانه؟
- ..............
- سأقول لك، يا بُنَيَّتِي، فاسمعي! أنا... أنتظر منقذًا ينبثق من قلب الظلمات ويأتي بالماء والضوء، فانتظري معي!
- هذا يعني أن عليَّ رميَ كلِّ شيء على عاتق الغيب، هذا يعني أن عليَّ قبولَ الأشياءِ كما هي الأشياء، والاستسلامَ للذئاب! لم أعد أحتمل، يا أمي! لم أعد قادرة على الانتظار!
- عندما تنتظرين حدثًا تعتقدين بوقوعه، وعلى هذا الحدث أن يُولَدَ من بطن البغي، ليس الشيء نفسه.
أجابت زينب بقحة وحزن:
- كان عليّ ألا أسمع لك، كان عليّ ألا أخضع لك.
- عليك واجب احترامي وطاعتي، أنا أمك.
- كان عليّ أن أواصل الحفر، الحفر، الحفر...
- كم أنت مجنونة، يا زينب! هناك انتظار وانتظار، وانتظاري لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بما تعتقدين. وتتابع العجوز كما لو أصابتها رِعدة: كل مرة فكرت فيها أنه سيأتي عما قريب، شع أسفل جلدي شكلٌ غريبٌ من أملٍ غريب.
- ومن يكون، يا ترى، هذا الفارس الخارق للعادة؟ لا تقولي لي إنه باسل، ولدي المغامر؟

نادت الصور الصور، وهمزت الأفكار الأفكار...
قفز أمامها، وتقدم نحو الضِّفة، حيث بحر القمح يلقي بأمواجه. التفت إليها والسعادة تديخه، وصاح بها: "ماذا تنتظرين؟" صيحة قوية، عميقة، مزيجة بصيحات أخرى لا تدرك بالحواس.
لم تكن جميلة تنتظر غير هذا، هي التي صبغت يدها بفن من فنون الحكم. وضعت طاس الحليب على الأرض، ورفعتِ العُنُقَ رفع الدجاجة الشابة لعنقها، في حركة من الفخر والاعتزاز. ثم، وهي تقطر جذلاً:
- أن تناديني، فأجيئك مثل أنثى ليست صابرة!
فصاح من جديد، بأقوى ما يقدر عليه:
- تعالي! أنا أنتظرك لنبدأ. أنت التي كل النساء لي!
ركضت نحوه، وهي تطلق الصيحات...
أوقف غواص الأرجوحة، وأخذها بين ذراعيه ليساعدها على النزول، إلا أنها تفلت منه، فيلحقها:
- زينب! زينب!
تناديه:
- غواص الجميل!
وتركض في البستان.
تعثرت زينب، ووقعت بطولها على الأرض. وقع غواص إلى جانبها، لفها من خاصرتها، وبقيا ينامان في الحشيش.

عبر أمامها، وهو يقفز، وتقدم نحو ضِفة بحر القمح، إلا أنها تفلت منه، فيلحقها: زينب! زينب! تناديه: غواص الجميل! التفت إليها والسعادة تديخه، وصاح بها: "ماذا تنتظرين؟" وتركض في البستان. تعثرت زينب، ووقعت بطولها على الأرض. رفعتِ العُنُقَ رفع الدجاجة الشابة لعنقها، في حركة من الفخر والاعتزاز. وقع غواص إلى جانبها، فصاح من جديد، بأقوى ما يقدر عليه: تعالي! لفها من خاصرتها، ركضت نحوه، وهي تطلق الصيحات...

كانت هناك صور جميلة في حياتهم، وكانت هناك صور رهيبة: نظرة واحدة إليها كانت كافية ليقشعر بدن العجوز ارتياعًا، ومع ذلك، بفضل ذلك الأمل الغريب، كل شيء غدا لها محتملاً. نظرة واحدة إلى الوراء، منذ الحريق الكبير، كانت كافية ليقشعر بدن العالم ارتعابًا، ومع ذلك، تركوها في البداية تزرع الحقل. كانت تذر الأرض، وتجني الثمر، لكنهم كانوا يأكلون ما تجني. هذا ما كان في البداية، ثم اقتادوها إلى القصر، فالحاكم بنى لنفسه قصرًا فخمًا، ولم يتوقف أبدًا عن إغرائها، لكنها طردته كما سبق وطردته، ورفضت كل مشروع للزواج منه، فاسترقها. غسلت ثياب الجنود، وبالسكين جرحت الحجر، وحكّت الجدران حتى احتكت أصابعها. بقيت على حالها سنوات وسنوات دون مغادرة القصر، فلم تر النهار، ولم تر الليل، ونامت في السرداب الصقيعي. لم تكن حال زينب أحسن من حالها، لم تأكل إلا البقايا، قليل الفتات، إلا أن الجلاد أطعمها أكلات لا أزكى من تحت يدي كرباج حزين تكفي لمائة سجين. وكان عليها أيضًا نقل الماء، في البرد، وفي الريح، أجن ريح، وتحتَ مطرٍ يدقُّ في جلدِهَا المسامير. كان عملها: جلب الماء... وجلب الحطب. تعثرت في الوحل، وكانت الغابة بعيدة. في إحدى المرات، عندما خرجت في الليل، لجلب الحطب، اختطفها أزلام الحاكم، واغتصبوها، وهكذا سقطت حبلى بصهباء ابنتها. شكت حالها لسيد المكان، فعلقها من جدائلها في السقف، وبدوره اغتصبها. بعد ذلك، أرسلوها إلى الحقل، ليس لزرع الأرض، التحدث مع النمل، أو بذر القمح، لا. هذه المرة، لجر عربات القش كالدواب. مع أمها. كانت المستودعات بعيدة، وفي الطريق مشتا في الشوك، وإلى اليوم تشعران بالألم في قدميهما. بعد بعد ذلك، كان عليهما أن تبنيا الإسطبلات، فالحاكم يركب الخيول كما يركب النساء! لأجله كسرتا الصخور التي لا تكسر، وحملتا الحجارة التي لا تحمل، وبنيتا البيوت التي لا تبنى. أما السور، فضاعفتا سُمْكَهُ. آه! هذا السور، سور الآلام والصخور، سور ياجوج وماجوج! وهكذا جعلتا من سور حياتهما في العذاب حصنًا منيعًا!
- عندما انتهت الأعمال رمونا في السجن، رجالاً ونساءً، وأحكموا علينا الإغلاق.
- حاولنا أن نفتح المعابر.
- فسدوها وعاقبونا.
- استبسلنا، وقمنا بمحاولات أخرى، أيضًا وأيضًا.
- لدرجة أن أظافرنا أخذت تنبت كالقرون، فأدهشهم ذلك، ولم يفهموا لماذا!
- ربما أنتِ لا تعرفين بوجود معبر على الرغم من كل شيء، معبر واحد. أمس، عبر منه غواص الشيخ إلى الجبل.
- هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها بهذا، هناك إذن منفذ ممكن؟!
- صه!
- ما بك؟ لا أبواب حولنا.
- صه! الهواء حولنا، الحجر حولنا، السماء حولنا.
- من يستطيع سماعنا في هذا العالم؟
- صه! صه! الحيطة أم الحذر!
صمتتا، ونظرتا إلى كل النواحي، بارتياب.


يتبع الحلقة الثامنة عشرة



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العجوز الحلقة السادسة عشرة
- العجوز الحلقة الخامسة عشرة
- العجوز الحلقة الرابعة عشرة
- العجوز الحلقة الثالثة عشرة
- العجوز الحلقة الثانية عشرة
- العجوز الحلقة الحادية عشرة
- العجوز الحلقة العاشرة
- العجوز الحلقة التاسعة
- العجوز الحلقة الثامنة
- العجوز الحلقة السابعة
- العجوز الحلقة السادسة
- العجوز الحلقة الخامسة
- العجوز الحلقة الرابعة
- العجوز الحلقة الثالثة
- العجوز الحلقة الثانية
- العجوز الحلقة الأولى
- العجوز مقدمة الطبعة الجزائرية
- العجوز مقدمة الطبعة الفرنسية
- موسى وجولييت النص الكامل نسخة مزيدة ومنقحة
- موسى وجولييت الفصل الرابع والثلاثون


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - العجوز الحلقة السابعة عشرة