أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله دعيس - رواية -بطعم الجمر- والاغتراب في الوطن














المزيد.....

رواية -بطعم الجمر- والاغتراب في الوطن


عبدالله دعيس

الحوار المتمدن-العدد: 4611 - 2014 / 10 / 22 - 22:40
المحور: الادب والفن
    



لم تمت رباب
يهدي الكاتب أسعد الأسعد روايته "بطعم الجمر" الصادرة عام 2014 عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس إلى رباب التي سكنت زوايا ذاكرته، ويجعلها شخصية رئيسية في روايته، يحكم عليها بالمرض العضال الذي يلازمها منذ أن تُذكر أول مرة في الرواية حتى نهايتها. يجعل القارئ يحسّ أنها ستلفظ أنفاسها الأخيرة في أي لحظة، فيرسم صورة الموت على وجهها، لكن الرواية تنتهي ورباب تبقى على قيد الحياة.
هل رباب هي الوطن؟ فالوطن لا يموت مهما ضعف! كانت رباب قوية حينما كانت تعين زيدا على مقاومة الاحتلال، ثم غدت ضعيفة عندما عاد زيد إلى أرض الوطن بعد توقيع اتفاقية أوسلو. عاد ليجدها تعاني من ألم المرض، تماما مثل فلسطين التي حملت فوق رزء الاحتلال أوزارا حمّلها إياها أولئك الذين تهافتوا على توقيع أوسلو.
عاد زيد بعد اثني عشر عاما ليجد الاحتلال ما زال يربض على صدر فلسطين كما تركه، فحواجزه ما زالت تقطّع أوصال الوطن، والكابتن روني ما زال يلاحقه في كل مكان. وليجد فلسطين تثقل كاهلها سلطة هزيلة تكمّل العمل الذي ترفّع الاحتلال عنه.
عاش زيد في ظل الاحتلال قبل إبعاده، لوحق وسُجن وعُذّب، رأى قبح الاحتلال ووعاه جيدا. رأى الدمار الذي ألحقه العدو بالأرض والإنسان بجلاء ووضوح، لكنه في الوقت ذاته كان يرى جمال فلسطين: أريحا ورام الله التي عشقها وبحر غزة وعنبها. كانت فلسطين جميلة رغم وشاح السواد الذي اعتراها.
عاد زيد من غربته خارج الوطن، ليعيش الاغتراب داخل وطن يتظاهر بالحرية بينما يشل الذل أوصاله، ليرى فلسطين كما كانت، ترزح تحت نير الاحتلال، تطول يده كل بيت وحي، وجنوده يلاحقون صيادي غزة وفلاحي رام الله.
وفي هذه المرة، لم تكن فلسطين جميلة كما عهدها. لم ير زيد جمال الشاطئ ولا وشموخ الجبال، بل رأى الجموع التي تهرول نحو حاجز قلنديا بغير نظام أو احترام، رأى الأغبرة التي كانت تكسو المباني العشوائية المحيطة بمخيم قلنديا، والطرق الوعرة داخل الكسارات. رأى المستوطنات تتضخم وتتمدد، ورأى الجندي الفلسطيني الذي يستميت لحمايتها! لم تكن فلسطين جميلة، كانت هزيلة عليلة، تماما مثل رباب التي تصارع الموت.
يبث الكاتب أفكاره بأسلوب بسيط ولغة سلسة منسابة. يستخدم ضمير الغائب، ويشير إلى بطل القصة بـ(هو) لدرجة أن القارئ يشعر أن زيدا بعيد هائم غريب، ثم يعمد إلى الالتفات لضمير المتكلم، ويجري حوارا داخلي بين زيد ونفسه حتى لا يستطيع القارئ أن يفرق بين شخصية الراوي وشخصية زيد، ممّا يوحي له أن الكاتب يكتب شيئا من تجربته الشخصية.
زيد الذي عانى من أجل فلسطين وعشق أرضها وضحى بحبه من أجلها، وزيد الذي عاد تحت بنود اتفاق هزيل ليجد فلسطين تتنكر لأبنائها الذين جاهدوا من أجلها، وتهب نفسها لأولئك الذين سهل عليهم التنكر لها وخيانتها. هذه المفارقة بين شخصية زيد المناضل، وزيد الذي نسي وطنه وارتمى في أحضان الغانيات في العواصم الغربية، حتى نسي أسماءهن وأشكالهن لكثرتهن، ونسي رباب التي كانت تنتظره في رام الله وترضع ولدهما سالم حب الوطن، تعكس المفارقة بين المجاهدين الشرفاء وألئك الذين يرفلون في أثواب الخيانة والخنوع.
لفت نظري اللقاء الفاتر بين زيد وأمه بعد غياب اثنتي عشرة سنة، كان لقاؤهما باهتا تماما كلقاء زيد مع وطنه عند عودته. لم يشأ الكاتب، أو فاته، تصوير هذه اللحظات الوجدانية بصورة توضح حميمية اللحظة التي وصل فيها إلى وطنه واللحظة التي قابل فيها أمه.
الكتاب يزخر بالأخطاء المطبعية في كل صفحة من صفحاته، حيث نلاحظ أن كثيرا من الأسطر تبدأ بفاصلة! وأن بعض الفقرات تنتهي بفاصلة بدل النقطة! بالإضافة إلى بعض الأخطاء الإملائية. كان الأجدر بكاتب في مكانة الأستاذ أسعد الأسعد أن يراجع الكتاب بشكل أفضل وأن يخرجه في أبهى حلة.
ينهي الكاتب الرواية بأن يجعل الشاب "سالم" يختار طريق المقاومة مبتعدا عن وهم السلام المزعوم. أما زيد فيغيبه الوادي متماهيا مع أشجار الزيتون وأشجار البلوط والعليق. يغيب في حضن وطنه ويعود إلى أصوله، وتعود إلى فلسطين بهجتها.
"ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع المقدسية"



#عبدالله_دعيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في ديوان -أميرة الوجد- للشاعر فراس حج محمد


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله دعيس - رواية -بطعم الجمر- والاغتراب في الوطن