أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - قرد فاطمة ناعوت














المزيد.....

قرد فاطمة ناعوت


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4610 - 2014 / 10 / 21 - 19:13
المحور: المجتمع المدني
    


“أحبُّ أن أقدّم لكم صديقتي “بندقة”. التقيتُها مصادفةً، لكن صداقة قوية ربطت بيننا منذ الوهلة الأولى، والنظرة الأولى، والزعقة الأولى، والقفزة الأولى، والضحكة الأولى. تعرضتُ بسببها لسخرية بشر لم يدركوا أن لصديقتي شعورًا وأحاسيسَ وكرامة. لكن إيماني بأنها تمتلك كل ما سبق جعلني أصرُّ على أن ننتزع معًا، هي وأنا، حقَها المهدَر، وحقيَ المهدر في انتزاع حقِّها المهدَر. أعلم أن الموقف لو تبدّل، لفعلتْ معي الأمر نفسه. كانت ستفكُّ قيدي، وتمنحني بعض الحرية والهواء الطلق، وكنتُ أيضًا سأمنحها ابتسامتي العريضة، تلك التي منحتني إياها في لحظة حب ورحمة، بينها وبيني.
هممتُ ان أكتب لكم عن صديقتي، فاكتشفت أن الكاتب الصديق فيليب فكري قد سبقني بالكتابة عنها بأسلوبه الساخر، فقررتُ نشر مقاله في صفحتي، لأنه أجمل مما كنت سأكتب. "

***

شاءتِ الظروفُ أن نرافق الأستاذة فاطمة ناعوت، أنا وزوجتي وصغيري "توني"، في رحلة إلى أحد المنتجعات السياحية. أثناء تجوالنا، لفتت انتباهنا محلٌّ لبيع الحيوانات. كمٌّ هائل من الكلاب والقطط والنسانيس والزواحف. جذبنا زعيق قرد من بعيد كأنما ينادينا، فذهبنا إليه ورحنا نداعبه ونلتقط معه "سيلفي".
إلى الآن تبدو الأمور لطيفة. حتى اكتشفت الأستاذة ما أفقدها مرحها. القرد مربوط بسلسة معقودة في قضبان القفص الحديدي الذي يجلس القرد على سطحه المائل ما جعله مضطرًا للانحناء للأمام طوال الوقت؛ كيلا يقع، ما يسبب ألمًا واضحًا لعموده الفقري، إضافة إلى عنقه المشدود لأسفل في طوق السلسلة. وكان الوجع باديًا في صوته المستغيث، ولا مغيث. تعاطفنا مع القرد، وفقط. فهو في الأخير قرد. أما بالنسبة لفاطمة ناعوت فكان الأمر مختلفًا. هي تراه مخلوقًا يستحقُّ أن يُعامَل بنبل وتحضّر.
تغيرت ملامحها نحو الغضب ونادت البائع وطالبته بحسم أن يفك أسر القرد فورًا. اندهش البائع ورد ببرود: "ده شغلي وأنا أدرى به، وده شغل القرد.” فقالت: “شغلك أنت، لأنك تتقاضى أجرًا، وتكسب من وراء القرد قوت يومك، ولكن ليست وظيفة القرد أن يتعذب!” فقال: “القرد يتقاضى أجره أكل وشرب.” فقالت: “شكرًا لك، خلّ عنك، أطلقْه لحال سبيله وسوف يتكفّلُ اللهُ بأكله وشربه، فما من دابّة على الأرض إلا وعلى الله رزقُها.” رفض البائع، فعاجلته الأستاذة بما أثار جنونه: “اسمعْ! الله أكرمك وجعلك إنسانًا، وكان يمكن أن تُخلق قردًا مثله!” ولما لمحت الشرر يتطاير من عينيه، أردفت: “وأنا كمان كان ممكن أكون نملة!” لم يستوعب البائع هذا السجال الفلسفي واشتدّ الاحتدام، لكن الأستاذة أعلنت أنها لن تمضي قبل أن تحل مشكلة القرد.
جاء صاحب المحل (الله يِكرمه) على الصخب، وعرف الأستاذة وحيّاها وامتثل فورًا لطلبها النبيل، وأجلس القرد، الذي تبيّن أنه "قردة" اسمها "بندقة"، على مستوى أفقي مريح. ففوجئنا بابتسامة عريضة تظهر على وجه القردة كاشفة عن فكّي أسنانها كاملين ثم بنظرة امتنان إلى الأستاذة فاطمة تكاد تنطق بالحبّ والعرفان وكأنها من إنسان ميمون أقصد ممنون لإنسان أنقذه من آلامه.
لم تنته قصة الأستاذة مع بندقة. فرغم وعد صاحب المحل ألا يفعل بالقردة ما كان، فوجئنا بالأستاذة ناعوت في اليوم التالي تطلب أن ترى بندقة. قالت: “عاوزة أعرف القردة بتتنطط واللا بطلت تنطيط!” فشلت محاولاتنا في إلهائها عن الموضوع، لكن رغبتها انتصرت بتأييد توني، وذهبنا. فور دخولنا المحل، فوجئنا ببندقة تقفز إلى أحضان الأستاذة فاطمة ناعوت زاعقةً بصوت يطفر منه الفرحُ برؤيتها كأنما صديقتان قديمتان. وشاهدنا أسنانها للمرة الثانية. فأخبرنا البائع، الذي صار أليفًا، بأن “بندقة” من أذكى فصائل القِردَة في العالم.
لم تقنع الأستاذة بإنجازها تجاه بندقة، فطلبتْ من صاحب المحل أن يفك السلسلة لتتحرر بندقة لبرهة. حاول البائع أن يوضح لها استحالة ذلك، فاستعطفته الأستاذة ورضخ البائع على مضض. وحدث ما هو متوقع. قررت بندقة إشعال ثورة تحررية فراحت تثب وتفتح الأقفاص لتحرر الحيوانات الحبيسة، وامتلأت أرض المحل بالسحالي والسلاحف والتماسيح، على شوية سمك انتفض مع الهوجة، وصدحت الطيور تحتفل بتحررها والنسانيس تتواثب حول قائدة الثورة بندقة. فرَّ الزبائن للخارج والعاملون يتدافعون في محاولة ياسة لاصطياد ما تبقى من الحيوانات الهاربة التي تفرقت هنا وهناك. هربنا، والأستاذة معنا، بينما صاحب المحل يصب لعناته على القردة، وعلينا.
هذه هي الأستاذة فاطمة ناعوت بتركيبتها النفسية والعصبية وموقفها الحاسم، والمتطرف ربما، تجاه فكرة "تألُّم" الآخر، أيًّا كان فصيلُه.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تقربوا الصلاة!
- اطفئوا مشاعلَهم، نورُها يُعمينا
- هل لدينا محمد يونس؟ 2-2
- القطة التي كسرت عنقي
- قرّاء العناوين والصحف الصفراء
- رصاصة في رأس يفكر
- والدليل: قالولووو
- هذا قلمي بريءٌ من الدم
- محمود عزب، أزهرىٌّ من السوربون
- بيان حول الكلمات الثلاث التي أغضبت البعض
- بيان بشأن الذبح في عيد الأضحى
- بيان د. حسام بربر بشأن أزمة فاطمة ناعوت مع قضية الذبح
- ليس بالخروف وحده تدخل الجنة | بقم أمير المحامي
- لنذبح فاطمة ناعوت | بقلم أمير المحامي
- رجلان وامرأة
- بيان توضيحي بشأن اللغط المفتعل حول موقفي من الدم
- هل لدينا محمد يونس؟ 2/1
- أول كتاب قرأته
- أبناء مدرس الرياضيات
- حتى لا نؤذي عيون الأحرار


المزيد.....




- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...
- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - قرد فاطمة ناعوت