أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد نبيل الصالحي - في الديمقراطية والشورى ، مراجعة تاريخية















المزيد.....

في الديمقراطية والشورى ، مراجعة تاريخية


محمد نبيل الصالحي

الحوار المتمدن-العدد: 4609 - 2014 / 10 / 20 - 22:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


منذ أن انفتح هذا الشرق على اوروبا ثقافياً خلال القرن التاسع عشر اصطدمت النخبة المثقفة عندنا بالكثير من المفاهيم والمفردات التي جعلت التوفيقيين منهم يجنحون لمحاولة ايجاد مفردات توازيها او تقاربها في القاموس الاسلامي ، وبصورة خاصة الذين سمّوا فيما بعد ب"السلفيون" ، ومن هنا وبهذا الفهم جائت "الشورى" كبديل عن الدمقراطية اذ أصبح هذا التيار السلفي او الأصولي فيما بعد يستنكف استخدام تعبير "الديمقراطية" ويعتبر كلمة "الشورى" أكثر تعبيراً عن المعنى المنشود..

جاء في القرآن الكريم ذكر الشورى في سياقين ، علينا أن لا نغفلهم وسآتي الآن على تفصيل وبيان ذلك لفهم القصد من الشورى اسلامياً ، يقول تعالى "وشاورهم في الأمر" (القرآن الكريم ، سورة آل عمران، الآية 159) ، ويقول ايضاً "وأمرهم شورى بينهم" (سورة الشورى، الآية 38) ، دعونا فقط قبل توضيح السياق أن نعرج قليلا على معاجم اللغة والتفاسير لان المعنى اللغوي من كلمة شورى مثله مثل سياق الآيتين الكريمتين لا يسمح ببناء تصور دقيق عن الحكم كما يجب ان يكون اسلامياً ، الشورى لغةً من "شرى" أي أخذَ ، والمثال التي تأتي به المعاجم في شرح المعنى ويعتبره المفسرون كذلك هو قول العرب : شرت العسل : أخذته من مأخذه ، ومنه شاورتُ فلاناً أي أخذتُ ما عندي وما عندهُ من رأي ووجهة نظر ، اذن فالشورى هي أخذ الرأي ووجهة النظر من مأخذها ، أي ممن هو أهل لذلك . وهذا ما لم يأتي به بيان أو تحديد أو ضبط ، اذن ، فالشورى في الحقيقة هي أخذ النصح وهو ما لا يلزم الحاكم من أمرهه في شيء ، فهي غير ملزمة ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى غير مضبوطة أيضاً من باب من هم الذين تؤخَذ منهم الشورى؟ فهم غير محددين ولا محصورين ، يجتمعون على تعبير "أهل الحل والعقد" ، وأهل الحل والعقد هم كل من كان له سلطة اجتماعية (قبلية) أو اقتصادية أو دينية لكن دون أن يتحدّد لا الكم ولا الكيف ولا الجهة ولا الزمن ، أما في سياق الآيتين فالأمر هنا لا يعني الوجوب ، ونفهم ذلك عند قول بعض المفسرين في معنى قوله تعالى : "فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر" اذ ان المخاطب هو النبي وضمير الجمع يعود للمسلمين بعد هزيمتهم في واقعة أُحُد ، نقرأ ما يلي : "فاعف عنهم : أي ما كان منهم يوم أحد مما يختصّ بك ، واستغفر لهم: فيما يختصّ بحق الله اتماماً للشفقة عليهم، وشاورهم في الأمر: أي في أمر الحرب ونحوه مما لم ينزل عليك فيه وحي تطييباً لنفوسهم وترويحاً لقلوبهم ورفعاً لأقدارهم" . أما بما يخصّ سياق الآية الثانية "وأمرهم شورى بينهم" فالحديث يدور هنا حول خصائل الذين آمنوا عموماً وليس عن الحاكم على وجه الاختصاص ، أي أنّ الشورى فضيلة للمؤمنين فالخير للمؤمن أن يستشير اخوته في أمره وأن يسمع نصائحهم ولكن الأخذ بالنصح والمشورة أمر غير واجب وغير ملزم البتة ، وهكذا فكلّ ما على الحاكم أن يستشير من هم في أهل الحل والعقد ، وهو حرٌّ إن أخذ برأيهم أم لم يأخذ ، وهم أي أهل الشورى لا يتحملون أي مسؤولية لأخطاء الحاكم حتى لو عمل ما أشاروا به عليه ، وبالمقابل فإنّ الحاكم غير مسؤول أمام أهل الشورى . وحتى مباحث الفقهاء في الخلافة لا تأتي بذكر مسألة الشورى لا من قريب ولا من بعيد وليس منهم أحد جعلها شرطاً واجباً للخلافة.

الديمقراطية مساحة والشورى مساحة تعبيرية أخرى تماماً ، ضمن التصوّر الاسلامي للشورى فإن مسؤولية الخليفة تكون أمام الله فقط ، لا أمام من بايعوه ونصّبوه طوعاً احياناً او مرغمين ومكرهين احياناً أخرى ، والعقد بينهم هو الحكم بما أمر الله وليس فيما أنزل الله ما يلزم العمل برأي الناس ، لا عامتهم ولا خاصتهم. (راجع الفصل الأول من الديمقراطية وحقوق الانسان ، محمد عابد الجابري)

هذا الفهم لمسائل تتعلّق بالديمقراطية والحريات جاء بالأساس من فهمهم وتغزّلهم المستمر في ثنائية الحاكم (المستبدّ - العادل) ولنا في عمر ابن الخطاب كما جاء في التراث اسوة حسنة اذ يعدّ مصدر الهام لهؤلاء وهو النموذج الذي يحضر بأذهانهم بكثرة عند حديثهم عن الشورى ، ومنه جاء مثال أو نموذج (المستبدّ – العادل) ، فالشورى عند محمد عبده مثلاً تعني غياب ما يسميه "الاستبداد المطلق" ، ومن هنا فإنّ الشورى لدى جلّ من انطلقوا من هذا المربّع ، مربّع التراث ، لم تأت بديلاً عن الاستبداد البتة ، بل فقط الاستبداد الذي يمارسه حاكمٌ ظالم ، أي الاستبداد الذي ينتج الظلم ، ومسألة العدل والظلم عندهم مسألةٌ رغبوية بالأساس ، فالحاكم يتجنّب الظلم حين يهيديه الله سواء السبيل من خلال الشورى ، والتي تكون كما أوضحنا سلفاً بأخذ النصح من أهل الحل والعقد من الفقهاء والعلماء وكبار القوم (أي اغنيائهم وشيوخ قبائلهم) والشورى هنا غير ملزمة فالحسم بالبداية وبالنهاية بيد الحاكم وحده لا شريك له بذلك سواءً اتفق مع أهل الحل والعقد أو اختلف.

بالنهاية نستطيع أن نستخلص سوياً مدى الاختلاف بين الفهم الاسلامي للشورى وبين الديمقراطية التي أُنتجت في الغرب بعد نضال استمرّ لأكثر من ثلاث قرون ، اذ انّ محاولة التوفيق هذه من بعض تنويريينا وضعتنا على محكّ صعب في الفهم خاصةً بعد ما شهدناه من ربيع عربي والتغيرات التي بدأت بالتشكّل وإن لم تأخذ شكلاً مستقرّاً الى الآن ، هذا يحدث على أكثر من مستوى ، المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والفني ، ما يجعل دراسة كل ذلك أمر شائك جداً ، ولكن ما يهمّني في هذا المبحث وفي سياقي هذا بالنسبة لهذا الفهم هو فهم مضمون النموذج الديمقراطي بحيث يجب أن يتحدّد من خلال الوظيفة التاريخية لها وما يجب أن تقوم به في المجتمع العربي الراهن ، وهنا لا يصحّ البحث عن مضامين مختلفة للديمقراطية تشكّلت وتطوّرت ضمن سياقات اجتماعية اقتصادية سياسية مختلفة ومتفاوتة ، لا في معناها ولا في نوع الممارسة عند اليونان او الرومان او اوروبا الحديثة أو امريكا ولا في معنى الشورى في الاسلام ، وان كان الكثير من هذه التجارب قد تعمّم وتعولم ، الّا أننا في نهاية المطاف سننحت واقعاً جديداً مهما طال الدرب وتشعّبت بنا السبل ، سننحت فهماً جديداً يكون منارةً لعالمٍ جديد ربما ، عالمٍ أجمل .. أقول ربّما!



#محمد_نبيل_الصالحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعتراف
- ربما
- عزلة الكون الصغير - قصة قصيرة
- الدولة المدنية ، مفهوم على المحكّ
- ستُّ شهواتٍ لهذا الليل


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد نبيل الصالحي - في الديمقراطية والشورى ، مراجعة تاريخية