غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4609 - 2014 / 10 / 20 - 14:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اجتمعنا حول كأس بمقهى بسيط بمدينة ليون الفرنسية.. صديقة جامعية تحمل عدة شهادات.. طبيبان.. وحقوقي عائد من سوريا من مدة اسبوع.. وكاتب هذه السطور البسيطة... خمستنا من أصل سوري.. نعيش بهذا البلد... من خمسين سنة حتى خمسة سنوات... ولا أحد منا متفق مع الآخر.. عما جرى ويجري على الأرض السورية... منا الموالي بلا قيد وشرط للسلطة وبشار الأسد.. ومنا الموالي للسلطة فقط, نظرا لخطورة وشربكات الوضع الحالي على الأرض.. ومنا من يرى الحل برحيل بشار الأسد وتغيير نظام السلطة كليا.. وتأسيس دولة جديدة علمانية ديمقراطية.. ومنا من يرى أن التقسيم أصبح ضرورة حتمية.. نظرا للحرب والخلافات الطائفية الرهيبة التي فجرتها هذه الحرب الغبية بين الطوائف التي كانت تتعايش في سوريا.. بشكل ظاهري سطحي فقط...وبين محايد كامل, ينظر للأحداث الماضية والحاضرة بشكل كارتيزي (من Descartes)...
دام النقاش الحاد بيننا أكثر من أربعة ساعات.. واضطررنا لتغيير مشروباتنا أربعة مرات.. حتى يستمر بقاؤنا بهذا المقهى البسيط... ولكننا لم نتفق ولو جزئيا على شــيء واحد... أن وجود مقاتلي داعش على الأرض السورية بلاء ومصيبة وخطر الأخطار.. ســوى أن قبول تأسيس خلافة إسلامية داعشية أو غيرها لا يمكن أن يقبله أي عقل تبقت بـه بقايا تفكير أو تحليل بسيط... وأن وجود مقاتلين أجانب وقبول تدخل الغرب بالمشكلة السورية, لن يؤدي بالنهاية إلى المحافظة على استقلال ووحدة البلد الجغرافية, كما كانت قبل بداية الأحداث أو الثورة أو المؤامرة على سوريا.. كما كان يسميها كل منا.. قبل بداية نقاشنا الذي كان يحتد بشكل سوري واضح.. ومن ثم نعود إلى الهدوء.. نظرا للصداقات المشتركة التي كانت تربطنا قبل الأحداث.. ونظرا لما اكتسبنا من ثقافة هذا البلد الأكاديمية التي نعيش ونعمل وندرس فيها.. كما نمارس حرية النقاش والتعبير والخلاف المهذب... والذي لم نعتد إطلاقا على ممارسته أيام شبابنا ودراساتنا وتجاربنا الماضية.. في بلد مولدنا, والذي تأكدنا خمستنا أن حبه وجيناته (السلبية والإيجابية) مزروعة مغروسة إلى الأبد.. لدينا نحن الخمسة المجتمعين.. ولكنني لست أدري إن كنا سوف نجتمع مرة أخرى.. أو قررنا أن نترك لمرور الأحداث فرصة اللقاء مرة أخرى للجدال والنقاش.. دون أية نتيجة.. مع العلم بأننا نحن الخمسة لا نملك إمكانية أي قرار.. سوى النقاش والنقاش, والكتابة, والتحدث حولنا وبين أصدقائنا الفرنسيين, وكل منا على طريقته, لذلك لا يفهم أصدقاؤنا كركبة هذه المشكلة أو هذه الحرب. بالإضافة إلى ما ينقله لهم الإعلام هنا, غالبا بعيدا كل البعد عن أبعاد الأزمة السورية وكركباتها وتعقيداتها الطائفية والإثنية المغروسة بالحاضنات المحلية, والمحاربين المستوردين من كافة أقطار المعمورة.. والتي أدت مع مزيد من الحزن والألم إلى اعتبار سـوريـا اليوم مخبرا للعنف والموت والتفجير وغايات التقسيم المرسومة لهذا البلد... بالإضافة أن كل صوت للعقل والحكمة.. وكل صرخة تنادي ضد الحرب والموت والتفجير وعودة التفاهم بين مواطني الشعب الواحد.. ضائعة... ضائعة كالعادة بهذا البلد المشرقي المتعب.. في وادي الـــطـــرشـــــــان... وأن الرأي العاقل المحايد الذي يدعو إلى لقاء جميع الأطراف لإنقاذ هذا البلد من التفجير والموت والتقسيم.. تحاربه وترد عليه بعنف وحقد وكراهية واحتقار وتكفير.. ردود فعل سلبية مستنكرة... سواء من الموالين للسلطة أو المعارضة بجميع تفرعاتها وأشكالها. كأنما التقسيم أصبح غاية وحيدة مرسومة.. ولا أي شيء أو أمل آخر...
(هذا المقطع الأخير ملتزم برأي الشخصي.. ولا ألزم بـه من استمعت إليهم بهذا اللقاء الخماسي)
*********
صرح السيد رجب طيب أردوغان يوم السبت الماضي, أثناء زيارته لأفغانستان, أن بلاده لن تشارك بأية عملية مع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش.. ما لم تتحقق مطالبها الأربعة بشأن ما يجري في سوريا... وهي :
ــ إعلان منطقة حظر جوي
ــ إقامة منطقة آمنة
ــ تدريب المعـارضة السورية (دون تحديد أي منها) وتزويدها بالسلاح
ــ شــن عمليات (دون تحديد) ضد النظام السوري نفسه.
ويأتي هذا التصريح من رئيس الجمهورية التركية, بعد ساعات من إعلان نائب رئيس وزرائه, أن الحكومة التركية تدرس إقامة مناطق آمنة داخل أراضيها على الحدود السورية.
شكرا للسيد أردوغان وحكومته ونائب رئيس وزرائه.. لكشف أوراقهم الاعتدائية السافرة على سوريا... بعد أشهر من المراوغة والخداع واللف والدوران حول انضمامهم للحلف الذي طبل وزمر الإعلام العالمي أنه (ســوف) يحارب إرهـــاب داعـــش... وهذا يعني أن البوصلة التركية تــغــيــر اتجاهها.. وأن المساومات والمفاوضات في بــورصة الحرب والخداع.. تدخل بشقها الثاني.. وأن مساومات ومناورات أخرى.. يمكن أن تجري من تحت الطاولة.. أو حتى من فوقها لمراضاة مساومات إنقاذ الديمقراطية ورائدها.. السيد رجب طيب أردوغان.. ومن يقرأ تاريخ هذا الإنسان السياسي (العثماني) في Wikipédia يمكنه تقديم أطروحة دكتوراه عنه في عالم المراوغة والوصولية وفن الباطن والظاهر...
وأتــســاءل... وأتساءل من عين هذا الإنسان منقذا لسوريا وشعبها.. ومن فوضه... كائنا من كان... ما عدا أردوغان... ولا ننسى أن تصريحاته الطنانة, رافقتها عشرات التفجيرات الانتحارية في مدينة عين العرب ــ Kobané... سببت عددا غير معروف من الضحايا المدنيين...
دون أن ننسى على الاطلاق أن السلطات التركية, وخاصة كل من السيدين أردوغان ووزيره أوغلو, كانا منذ السنوات الخمسة الماضية المنفذين الرئيسيين, لكل المناورات والمؤامرات واحتضان جميع الإرهابيين الإسلاميين وغيرهم وفتح الممرات والطاقات والمزاريب لهم, للتسلل إلى سوريا وتفجير مؤسساتها وتفكيك مصانعها الرئيسية وتهريبها إلى تركيا بعد سبيها كليا... واليوم هذا الإنسان يعطينا دروسا بالديمقراطية وحقوق الإنسان.. وهو اليوم الخانق الرئيسي لجميع حقوق شعبه بجميع المجالات...
***********
عـلـى الـــهـــامـــش :
ـــ آخــر خــبــر
الطيران الأمريكي يرمي من الجو مساعدات مواد طبية وأسلحة خفيفة مرسلة من أكراد العراق إلى أخوانهم الأكراد المحاصرين داخل عين العرب ــ Kobané من جحافل داعش التي تحيط بالمدينة التي تملك أسلحة ثقيلة ومدفعية.. وحتى يقال أنها تملك حاليا ثلاثة طيارات حربية استولت عليها من إحدى المطارات الحربية السورية..
انتبهوا للخبر الذي يقول أن ما يرمى من مساعدات ينزل حوالي ومحيط مدينة عين العرب.. ومن يحاصر محيط عين العرب كله... جحافل داعش...
يعني عمليات الخداع والمخادعة والضحك على اللحى وإطــالـة الحرب بلا أية نتائج حاسمة حقيقية.. تتابع وتتابع.. وعمليات الإنهاك لجميع الأطراف.. وخاصة أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية غايتها الأساسية ديمومة الحرب والقتل والترويع والتفجير والتفتيت والتقسيم.. بلا أي رابح وبلا أية نهاية على الإطلاق على كل من أرض ســـوريــا والــعــراق... وهكذا تموت شعوب هذه المنطقة بــبــطء مخطط آثــم رهيب لمدة عشرة سنوات.. كبداية أو أكثر.. وهذا لن يكلفهم أية خسائر بشرية أو مادية... واليوم الخاسرون هم السوريون.. الأكراد.. الــعــراقــيــون.. وداعـــش.........
ونحن نتبع.. ونتابع... ونتابع ونتبع ــ كعادتنا ــ بكل غــبــاء...........
بــــالانــــتــــظــــار...
للقارئات والقراء الأكارم الأحبة.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي... وأطيب وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟