أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - نساء و أدباء















المزيد.....

نساء و أدباء


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4609 - 2014 / 10 / 20 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


1
آنا غريغوريفنا سنيتكينا ( 1846 ـ 1918 )؛ هيَ الزوجة الثانية لفيودور دستويفسكي، أديب روسيا العظيم، وقد وضعت إثر وفاته كتاباً عن حياتهما المشتركة. في المقابل، فإن المعلومات قليلة عن حياة هذه المرأة قبل اقترانها بالكاتب، والذي كان يكبرها بخمس وعشرين سنة....!
في عام 1865، وقع دستويفسكي بورطة حقيقية حينما كان عليه تسليم مخطوطة رواية له إلى الناشر أو يفقد جميع حقوقه كمؤلف فيما لو تأخر. الكاتب، كان قد ربط مصيره بهذا العقد المجحف كي يحصل على مال من الناشر لإرواء تعطشه للمقامرة. ولأنه لم يبق لموعد تسليم الرواية سوى 26 يوماً، وما كان قد كتب منها سطراً واحداً، فإن أحد الأصدقاء نصحه أن يطلب معاونة اختزال من مكتب العمل في سان بطرسبورغ. هكذا دخلت الصبيّة " آنا " إلى منزل من سيصبح زوجها بعد أقل من عامين، فاستطاعت بالمثابرة أن تنهي معه كتابة رواية " المقامر " في الوقت المحدد. والطريف، أن الناشر كان غائباً عن المدينة يومئذٍ، مما اضطر دستويفسكي إلى تسليمها لقسم الشرطة في المنطقة....!
على عكس مسلك رجلها، المعتاد على الفوضى والهروب من حل المشاكل، فإن آنا دستويفسكايا كانت انسانة رصينة تتسم بحب التنظيم ومواجهة الصعاب بشجاعة. حينما يزعم بعض النقاد، بأننا ندين إلى المقامرة، التي جعلت دستويفسكي ينهمك في كتابة الروائع لإيجاد المال؛ فإنهم يغمطون ولا مراء دورَ هذه المرأة الرائعة والنبيلة. بل إنها هيَ من جعلت زوجها يبتعد رويداً عن موائد القمار، إلى أن أخذت منه عهداً بتركه نهائياً. روايات دستويفسكي الأربع، الأخيرة ( العظمى ـ كما يدعوها النقاد )، " الجريمة والعقاب "، " الأبله "، " الأبالسة "، " الأخوة كارامازوف "، لم يكن من الممكن كتابتها لولا جهود الزوجة المخلصة آنا وتشجيعها. في ذلك الوقت، كان الزوجان قد استهلا رحلة طويلة إلى الخارج، بدأت بفيلنوس على بحر البلطيق وانتهت بجنيف السويسرية. والمعروف، أن دستويفسكي كان يكره سان بطرسبورغ ويصفها بأنها " المدينة الأكثر زيفاً في العالم ". فلم يكن بالغريب أن نعلم، بأن معظم روايات دستويفسكي قد كتبت خارج عاصمة القياصرة تلك: ثمة ذكريات كئيبة، مريرة، كان دستويفسكي يستعيدها من سان بطرسبورغ؛ هو المولود في مدينة موسكو ( 1821 ) لأب طبيب عسكري سيموت لاحقاً مقتولاً بطريقة غامضة. ففور انتقاله للعاصمة، وبروز اسمه ككاتب عظيم الموهبة، إذا به يلقى صداً من نخبة الأدباء هناك بسبب مشاعر الحسد والضغينة. وعلى أثر انتسابه لحلقة طلاب ثوريين، فإنه لم يلبث أن اعتقل وحكم عليه بالاعدام ثم بالتخفيف الى النفي لسيبيريا لمدة 10 سنوات. ها هوَ يستعيد ذكرياته هذه، فيما كان في طريق العودة الى مدينةٍ يمحضها النفور والكراهية. في ذكرى بوشكين، شاعر روسيا الأكبر، التي احتفل بها رسمياً عام 1881، دُعيَ دستويفسكي لإلقاء الكلمة الأخيرة؛ وكأنما اعترافاً من الجميع بفرادة عبقريته. تلك، كانت آخر كلمات ينطقها أحد أكبر الأدباء على مر العصور، ممن تقرأ أعمالهم اليوم وكأنها معاصرة وتتكلم عن مشاكلنا.

2
لو أندرياس سالومي ( 1861 ـ 1937 )؛ هي الكاتبة الألمانية، التي كانت تعدّ الأكثر ثقافة بين نساء أواخر القرن التاسع عشر. كما أن تأثير شخصيتها الفاتنة، والمتسلطة في آن، كان عظيماً على مواطنيها العبقريين؛ الفيلسوف فريدريك نيتشة والشاعر راينر ماريا ريلكة....!
لو سالومي، ولدت في سان بطرسبورغ لأسرة اختلط في عروقها الدماء الألمانية والروسية. ثم انتقلت مع أسرتها إلى " بروسيا " وهي صغيرة، حيث أظهرت منذ ذلك الحين نبوغاً بالدراسة وتعلم اللغات. في صباها، عاشت سالومي حياة حرة تجلّت بكثرة الأسفار والعلاقات العاطفية. إلا أنها، في المقابل، كانت تواظب على تنمية مواهبها الأدبية والفكرية ككاتبة قصص ومقالات. ثم اتجهت في كبرها إلى الاهتمام بنظريات التحليل النفسي، وكانت آنذاك متأثرة بالعالم سيغموند فرويد؛ الذي كان أيضاً من أشد المعجبين بها....!
شارل أندرياس، كان الرجل الوحيد، الذي تزوجته سالومي وأخذت كنيته. ويقال، أنها كانت ترغب بالزواج من صديقها الآخر، الدكتور مان راي، لولا أن أندرياس هددها بأنه سينتحر ما لم تقترن به. وعن طريق د. راي، تعرّفت سالومي بالفيلسوف الألماني نيتشة، وكان آنذاك في قمة مجده. على الأثر، تشكّل ثلاثياً غريباً من أولئك الأصدقاء وتحت سقفٍ واحد. ثمة صورة فوتوغرافية فريدة، طريفة، تظهر سالومي وبيدها سوط كسائس عربة، فيما صديقاها يتمثلان الحصانين. صورة سالومي تلك، اعتبرها أحد كتاب سيرتها بأنها ألهمت نيتشة للقول في كتابه الشهير " هكذا تكلم زردشت " وعلى لسان هذا النبي: " إذا كنتَ ستلتقي مع امرأة، فلا تنسَ السوط! ". بعدئذٍ، تصادقت سالومي مع الشاعر ريلكة، واصطحبته في رحلة مثيرة إلى روسيا؛ موطن أسرتها الأول. هناك في موسكو، حل كلاهما في ضيافة رسام تشكيليّ معروف، لم يكن سوى والد الأديب الروسي الكبير بوريس باسترناك. من جهته كان نيتشة، وحالما فُصِمَت عُرى صداقته مع سالومي، قد أخذ ينحدر بسرعة في سراديب الإحباط والعدمية وصولاً إلى الجنون. كان في منتصف الحلقة الرابعة من عمره، حينما تمثّلتْ يوماً حبيبته له بصورة حصان يجر عربة في أحد الشوارع. فما كان من نيتشة سوى معانقة الحصان، وهوَ يناجيه بكلمات اللوعة والعشق. فلم يمضِ سوى وقت قصير، حتى أدخل هذا الفيلسوف العظيم وبالقوة إلى مصحٍ للأمراض العقلية. ومثلما استهل نيتشة حياته مولعاً بالعزف على البيانو ( كان أول كتبه عن الموسيقى وارتبط بصداقة عميقة مع فاغنر )؛ فإن شعلتها انطفأت ببداية عام 1900 فيما كان يعزف على نفس الآلة.

3
ماري هاسكل ( 1873 ـ 1944 )؛ كاتبة أمريكية، اشتهرت بسبب علاقتها مع الأديب الكبير، جبران خليل جبران. تعرّفت على النابغة اللبناني في عام 1904، أثناء حضورها معرضاً لرسومه الزيتية، ولم يكن هوَ يتجاوز العشرين من عمره....!
ولدت ماري هاسكل في كولومبيا الأمريكية لعائلة فقيرة، كثيرة العدد. في سبيل متابعة دروسها الموسيقية، اضطرت في صباها للعمل في المطاعم والأفران. حينما تعرّف عليها جبران الشاب في مدينته، بوسطن، كانت هيَ تدير مدرسة خاصّة لتعليم الموسيقى. وقد عُرفت آنذاك بعلاقاتها الوثيقة مع نخبة الأدباء والفنانين. من ناحيته، كان جبران يعيش مع أسرته الفقيرة، التي قضى مرض السل على ثلاثة منها؛ وهم أمه وأخوه وشقيقته الصغرى. وإذا بهذه المرأة اللطيفة، العالية الثقافة، تظهر في دياجير نفسه المليئة بالحزن والخيبة والاحباط، فتخترقها كشعاع الشمس فتنير جوانبها وتكشف خباياها وأسرارها....!
بفضل مساعدة ماري هاسكل المادية، استطاع جبران إكمال دراسة التصوير في الأكاديمية الفرنسية للفنون، وكان النحات الفرنسي الأكبر، رودان، أحد أساتذته. وحتى بعد عودة جبران إلى بوسطن وتفرغه للرسم والتأليف، فإنه بقيَ معتمداً على المنحة المالية التي خصصتها له شهرياً هذه المرأة الكبيرة القلب. في الثلاثين من عمره، ينتقل جبران إلى مدينة نيويورك فيستأجر محترفاً فنياً في أحد أحيائها الفقيرة. إلا أنه يظل مرتبطاً مع ملهمته ماري عن طريق المراسلة. هذه الرسائل، التي تبادلتها ماري مع جبران في أمكنة وأزمنة مختلفة ( والتي جمعت في كتاب )، تلقي الضوء على مستواها الأدبي الرفيع بشكل خاص. ومن المعروف أيضاً، أن ماري هاسكل ألّفت كتاباً عن جبران، " هذا الرجل من لبنان "، بعد مرور بضعة اعوام على وفاته. إن جبران مدينٌ بأكثر من ذلك لهذه المرأة العظيمة؛ فإنها لم تشجعه وحسب على الكتابة باللغة الانكليزية ( والتي كانت مفتاح شهرته العالمية )، بل وعلى الأرجح كانت تقوم بتصحيحها وتنقيحها. على ذلك، يدرك المرء مغزى أن يوصي جبران لماري هاسكل بكامل تراثه الأدبي والفني. فلما توفيَ في عام 1931، قامت بمرافقة جثمانه الى مسقط رأسه في مدينة بشرّي ـ أو وادي الرب. وكما سبق وكتبت في إحدى مقالاتي: إن الرب جمعَ هناك، في واديه، النبي جبران مع ماري ( مريم العذراء ).

4
غالا دالي ( 1895 ـ 1982 )؛ هيَ المرأة المثيرة للجدل، التي يعتبرها النقاد من ملهمي الحركة السريالية في الشعر والفن سواءً بسواء. إذ قبل أن تكون رفيقة حياة الرسام سلفادور دالي ( الذي أعطاها إسمه )، فإنها ارتبطت بالشاعر بول ايلوار وأنجبت منه ابنتها الوحيدة....!
ولدت غالا في مدينة كازان على الفولغا، في جنوب روسيا، وكان اسمها الحقيقي هيلينا ديميتريفنا دياكونوفا. عرفت اليتم منذ صغرها، عندما توفي والدها في سيبريا القصيّة وكان قد انتقل إليها بحثاً عن الذهب. والدتها، لن تلبث أن تتحدّى التقاليد الأرثوذكسية الروسية، حينما رمت ثوب الحداد وتزوجت من رجل محام. إنّ شخصية غالا، ولا شك، قد جُبِلت من دم والديها؛ حيث تماهى فيها معاً الحُلم والتحدّي....!
في عام 1912، يقرر زوج الأم ( ويقال أنه كان عشيق غالا السريّ ) أن يرسلها إلى مصحة في سويسرا بسبب سوء صحتها. هناك، ستتعرف على شاب من جيلها يُدعى بول ايلوار، قدّم لها نفسه بصفة شاعر. وكانت غالا تجيد الفرنسية، مثل معظم المثقفين المنتمين للطبقة الوسطى، علاوة على اهتمامها المبكر بالأدب وخصوصاً إبداع موطنها العظيم دستويفسكي. بعد ذلك بعامين، وحينما وافقت غالا على فكرة صديقها ايلوار بمرافقته إلى باريس، إذا بالحرب العظمى تنشب فجأة فتبدد حلمهما. هكذا اضطرت هيَ إلى العودة لموطنها، فيما استدعي هوَ إلى الخدمة العسكرية في اختصاص التمريض فأرسل للاعتناء بالجرحى على الجبهة الألمانية. ولكن في عام 1916، والحرب في أوج اشتعالها، ستركب غالا ثانيةً القطار لكي يجتاز بها وسط أوروبة في طريقه إلى باريس. هناك، قضت العامين الأخيرين من الحرب في منزل أسرة صديقها، الذي كان ما يزال على الجبهة ولم يكن ممكناً التواصل معه سوى عبر الرسائل. قبل قليل من إعلان انتهاء الحرب، يعود ايلوار الى باريس ويعقد قرانه على حبيبته الروسية. في ذلك العام ( 1917 )، الذي شهد استيلاء الشيوعيين على السلطة في روسية، ولدت الابنة الوحيدة للزوجين السعيدين. وإذ اختار ايلوار التحمس الشديد للثورة البلشفية، فإن رسائل الأهل كانت تنبأ غالا بأن السلطة الجديدة قد صادرت أراضيهم وحتى الفيلا التي يسكنون فيها وأعطتها لفقراء الفلاحين. وكما سبق أن أشرنا، في بداية الكلام، فإن غالا انفصلت عن بول ايلوار بعد دزينة من أعوام العشرة الحميمة، التي تخللتها مشاعر الخيبة والإحباط. ستتعرف هذه المرة على عبقريّ آخر، من ذات المدرسة السريالية؛ وهو الفنان سلفادور دالي. وقد قدر لهذه الصحبة الجديدة أن تستمر لمدة 53 عاماً متواصلة، أثرت فيها بشدة على أعمال دالي، حتى أن مئات من لوحاته حملت عنواناً واحداً؛ " غالا ".

5
إلزا تريولي ( 1896 ـ 1970 )؛ كاتبة فرنسية، ارتبط اسمها باسم زوجها، الشاعر الفرنسي الكبير لويس أراغون. ولدت في موسكو لأسرة من أصل فرنسي، ودرست هناك في مدارس الطبقة الراقية. ثمّ ما لبثت أن طرأ تغيير جذريّ على حياتها، عندما تعرّفت على نخبة الانتلجنسيا من شعراء وفنانين، فعاشت كصبيّة حرة بوهيمية....!
كانت إلزا في نحو السابعة عشر من ربيع عمرها، لما التقت الشاعر الروسي البارز، ماياكوفسكي، والذي ما عتم أن تعرّف من خلالها على شقيقتها الكبيرة، ليلي، فأغرم بها بشدة على الرغم من كونها متزوجة. في عام 1930، يطلق ماياكوفسكي النار على نفسه، تاركاً وصية يعبّر فيها عن خيبة الأمل بحبّه. بعد عقدين من الأعوام، ستؤلف إلزا تريولي كتاباً عن الشاعر الراحل، وهوَ يعتبر إلى اليوم أفضل سيرة عن حياته....!
عند انتحار صديقها ماياكوفسكي، كانت إلزا على علاقة هذه المرة بشاعر آخر؛ هو الفرنسي لويس أراغون ( 1897 ـ 1982 ). إذ سبق لعائلتها أن هاجرت من روسيا الثورة إلى باريس، مثلما فعله كثيرون من أسر الفئات الراقية. هناك، أسهمت إلزا مع أراغون في الحركة السريالية، ثم انتقلا على الأثر إلى الواقعية الاشتراكية متأثرين بانتمائهما السياسي الشيوعي. حتى ذلك الوقت، كانت إلزا تريولي قد نشرت ثلاثة كتب أدبية باللغة الروسية. لتتحوّل من ثم للكتابة باللغة الفرنسية، حيث نشرت خلال حياتها حوالي 20 كتاباً؛ مثل " تاهيتي "، " مساء الخير تيريزا "، " لونا بارك "، " حكاية أنطون تشيخوف ". من ناحية أخرى، يجمع النقاد وكتّاب سيرة لويس أراغون على الدور المتعاظم لزوجته في حياته وإبداعه على حدّ سواء. فإن إلزا لم تكن زوجة حسب، بل هي المرأة التي جن بحبها أراغون، فكتب عنها عدة مجموعات شعرية؛ " نشيد إلى إلزا "، " عيون إلزا "، " إلزا ". جنباً لجنب مع زوجته الرائعة، أسهم أراغون في المقاومة ضد النازية، وبعد الحرب واصلا دعم نضال الجزائر وشعوب المشرق الأخرى. كذلك أسهمت مجلة " الآداب "، التي أسسها أراغون وترأس تحريرها، في تعريف الأوربيين بنتاج أدباء المغرب والجزائر بشكل خاص. في عام 1963، نشر الشاعر ديوانه " مجنون إلزا "، الذي كتبه خلال فترة مرض امرأته والذي انتهى بموتها، وكان هذا آخر انتاجه الأدبي. بعدئذٍ وحتى وفاته، انتقل أراغون إلى مرحلة جديدة من حياته شبيهة ببداياتها البوهيمية، بما فيها من ضياع وغرابة وشذوذ.

6
جين مانسفيلد ( 1902 ـ 1979 )؛ هيَ المرأة المرتبط اسمها باسم أديب أمريكا الكبير، هنري ميللر، ليسَ فقط بوصفها زوجته الثانية بل وخصوصاً لكونها قد أثرت بشدة في حياته وإبداعه على حدّ سواء. إن احدى أهم روايات ميللر والتي صنعت شهرته، " مدار السرطان "، هيَ سيرة لحياة هذه المرأة وعلاقته معها منذ أن تعرف عليها في أحد البارات....!
جين، كانت من أسرة مهاجرين غادرت النمسا إلى الولايات المتحدة عندما كان عمرها لا يتجاوز الخمسة أعوام. وإذ أظهرت موهبة بالرقص منذ طفولتها، فإن أهلها أدخلوها لمعهد تعليم فن الباليه. بعد تخرجها، عملت في صالات الرقص الرخصة لأنها لم تجد مكاناً في المسارح. وإذاً، التقت في عام 1923 بالرجل المقدّر له أن يكون، في آن، سببَ سعادتها وتعاستها....!
هنري ميللر ( 1891 ـ 1980 )، كان آنذاك متزوجاً ولديه طفلة، وقد هجرهما تماماً على أثر تعارفه بجين. منذئذٍ، راح كلاهما يمضي في رحلة حياة أقرب للبوهيمية، معانياً من شظف العيش وتنكّر الأهل والأصدقاء. كانت جين تؤمن بموهبة رجلها الأدبية، هيَ من كانت " دودة كتب " ـ كما وصفها في احدى رواياته ـ لا تملّ من قراءة معبودها، دستويفسكي، أو من الحديث عنه. ثم انضمّ إليهما، في منزل الإيجار الرث، رسامة روسية غريبة الأطوار ما لبثت أن صارت مبعث شقاق بينهما. في روايته " نيكسوس: الوشيجة "ـ وهيَ الجزء الأخير من ثلاثية " الصلب الوردي "ـ يسرد هنري ميللر تفاصيل هذه العلاقة الغريبة بين زوجته والمرأة الروسية، التي دعاها " تانيا ". في عام 1930، يقرر ميللر الهجرة إلى باريس. هناك، عاش أيضاً حياة تشرد وإملاق إلى حين تعرفه بالكاتبة آناييس نين ( 1903 ـ 1977 )؛ التي سرعان ما أضحت خليلته. ومع انضمام جين لزوجها لاحقاً، تشكّل ثلاثياً جديداً. في باريس، تمكن ميللر من اكمال كتابة روايته الأولى، " مدار الجدي ". ثم توالت اصداراته الروائية، وأغلبها كان صدى لسيرة حياته بالذات. عندما لاحت نذر الحرب، غادر هنري الى اليونان، بينما انتقلت جين للمكسيك. ثم عاد الزوجان وتلاقيا بعد الحرب. آنذاك، كان ميللر قد وطد صيته كروائي رفيع المستوى، فيما ان امرأته بدأت تدخل في أزمة تفسية مزمنة. بعد طلاقها من هنري، مكثت جين مريضة في عدد من المشافي بأمريكا. ويقال، أنها التقت بعد سنين طويلة، وبشكل عابر، مع من كانت هيَ مصدر الهامه وابداعه.

7
جين آور ( 1914 ـ 1973 )؛ كاتبة روائية وقصصية، وهيَ زوجة الأديب الأمريكي المعروف بول بولز. وقد التقت معه في باريس، ثمّ تزوجته عام 1938. ثم لحقت بزوجها في مدينة طنجة ( المغرب ) بعد عقد واحد من الأعوام، وبقيت هناك معه حتى نهاية حياتها....!
ولدت جين آور في نيويورك لعائلة ميسورة، وقد نشأت محاطة بدلال والدتها ( كانت يهودية الأصل ). ثم حاولت وهيَ صبيّة التخلص من سيطرة الأم على شخصيتها، بأن تترك المنزل وتعيش حياة أقرب للبوهيمية قبل أن تسافر إلى باريس؛ التي كانت عاصمة الفن والأدب في ذلك الزمن. وقد ظهرت أطوارها الغريبة في مجال الكتابة أيضاً، عندما مزقت روايتها الأولى، " الحوذي المنافق "، ثمّ ادّعت أمام أصدقائها أنها أضاعتها....!
النقاد وكتّاب السيرة، أتفقوا على أنّ جين آور هيَ التي غذّت الحياة الأدبية لرجلها، الكاتب بول بولز؛ وهو بنفسه نوّه بذلك في سيرته الذاتية ومقابلاته الصحفية والمتلفزة. في المقابل، وعلى الرغم من تشجيعه لها، فإنها كانت مقلّة في الكتابة وغالباً ما تمزق أوراق المسودات. وقد صدمها ولا شك الاستقبال الفاتر للروايتين المهمّتين، اللتين نشرتهما، " سيدتان رصينتان " و " خارج العالم داخله "، فدفعها لأن تنغمس أكثر فأكثر بالشرب وأدوية المسكنات، كما وفي الاهتمام بالسهرات مع الأصدقاء والتورط بعلاقات خائبة مع النساء....!
كانت جين آور بأوج صباها عندما كتبت آخر رواية لها عام 1949، ثمّ تفرغت بعد ذلك للاهتمام بزوجها الأديب والعمل على تهيئة أسباب تفرغه للكتابة في المدينة المغربية، التي سيستقر بها معظم سني حياته. ويعترف مؤلف الأعمال القصصية والروائية الرائعة، بأنه منذ وفاة جين ( عام 73 ) لم يكتب شيئاً مهماً. ويشاء قدر هذه الانسانة المرهفة والرقيقة أن تبتلى بالمرض، فتصاب بشلل نصفي أقعدها ثم بدأت تفقد بصرها إلى أن عميت تماماً قبيل وفاتها في مدينة ملقة بجنوب اسبانية. ويكتب عنها محمد شكري، الأديب المغربي، الذي كانت لديه صله وثيقة بزوجها: " ان معضلة جين بولز هي أنها تريد أن تسكنها الكتابة، ولكنها لا تستطيع أن تقبض عليها باستقامة كما تريد. لم تغالب وتكابد بما فيه الكفاية، مثل بول، لكي تضع موهبتها في كتاباتها انما فضلت أن تضعها بين أصدقائها ومعارفها وحتى من لا يعرفها من العابرين. فهي حقاً موهوبة، ولكن ينقصها عادة الجلوس ساعات ليلاً نهاراً كما فعلت كوليت، وسيمون دوبوفوار، ويورسينار ومرغريت دوراس ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة حارَة 25
- سيرَة حارَة 24
- سيرَة حارَة 23
- سيرَة حارَة 22
- سيرَة حارَة 21
- سيرَة حارَة 20
- الرواية: الفصل الرابع / 2
- الرواية: مستهل الفصل الرابع
- سيرَة حارَة 19
- تاجرُ موغادور: الفصل الثالث / 7
- تاجرُ موغادور: الفصل الثالث / 6
- تاجرُ موغادور: الفصل الثالث / 5
- سيرَة حارَة 17
- تاجرُ موغادور: الفصل الثالث / 4
- تاجرُ موغادور: الفصل الثالث / 3
- تاجرُ موغادور: الفصل الثالث / 2
- تاجرُ موغادور: مستهل الفصل الثالث
- تاجرُ موغادور: الفصل الثاني / 6
- تاجرُ موغادور: الفصل الثاني / 5
- تاجرُ موغادور: الفصل الثاني / 4


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - نساء و أدباء