أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - تونس: البُعد المفقود في انتخابات 26 أكتوبر















المزيد.....

تونس: البُعد المفقود في انتخابات 26 أكتوبر


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4607 - 2014 / 10 / 18 - 00:50
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


من السهل جدا، وتونس تعيش الأيام العشرة الأخيرة قبل انعقاد أول انتخابات تشريعية ورئاسية تعددية في تاريخها، أن تدرج الأحزاب إصلاح قطاعٍ الجباية والمالية في برامجها، لكنها لا تستطيع إصلاحها. ومن السهل جدا أن تدرج الأحزاب إصلاح التعليم في أجندتها لكنها لا تستطيع أن تفعل ذلك. ومن اليسير أن تزعم الأحزاب أنها ستحقق السيادة الوطنية بما تشتمل عليه من اكتفاء ذاتي في الاقتصاد ومن ندية مع الأطراف العالمية المهيمنة، وذلك في المعاملات السياسية و في ما يتفرع عنها من نشاطات. ما الذي يعوز الفكر السياسي في تونس لكي يتطوّر؟

بالإمكان تفسير عدم الاستطاعة بشتى المقاربات. لكن إذا توخينا المقاربة التواصلية - بناءً على قيمتها المركزية في هذا العصر- سنلاحظ أنّ هنالك توظيف غير علمي وغير مدروس لوسائل الدعاية والإشهار والبروبغندا من طرف الأحزاب. ويتمثل خطأ الأحزاب في إعلانها عن أهداف ومبادئ برامجها (إصلاح كذا وتطهير كذا) بينما من المعروف لدى خبراء علم التواصل والدعاية أنه حين يتوخى الطرف المُعلِن للمادة السياسية التي هي موضوع الدعاية مثل هذه الأشكال العلنية، سواء أكان ذلك بخصوص برامج انتخابية أو غير انتخابية، فإنّ مآل هذا الإعلان هو عدم تصديقه من طرف الناخبين الاحتماليين، وربما الاندثار. بينما الإعلان الناجح الذي من شأنه أن يجذب اهتمام المواطن هو الإعلان عن برامج لا تكشف النقاب عن أهداف أصحابها ولا عن مبادئهم.

في ضوء هذا، على السياسيين أن يعترفوا في تونس أنهم ينتمون إلى جيل الذكاء اللي ولّى وانتهى، وما عليهم إلا التعبير عن رغبتهم- بكل تواضع وانصياع- عن تكوين أنفسهم في مجال المعارف التي تخلق الذكاء الصالح لتونس 2015، بل لهذا الزمان ولهذا المكان (تونس والوطن العربي والعالم بأسره).

وفي ما يلي ومضةٌ عن المشهد السياسي التونسي السائد في الفترة الحالية التي لا تبعد عن خط الوصول إلى الانتخابات سوى بضعة أمتار:
كان الشعب التونسي – إلى غاية ربيع سنة 2014 حين سقطت حكومة الترويكا التي كانت تقودها حركة النهضة- منقسما إلى فصيلين اثنين: علماني/إسلامي، إلا أنه أصبح الآن وانطلاقا من ذلك التاريخ منقسما إلى ثلاثة أطياف عريضة يمكن تصنيفها كما يلي:
أ. حزب "النهضة" ومشتقاتها (الأحزاب الإسلامية الصغيرة وجانبٌ من السلفيين).
ب. التجمعيون (نسبة لحزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" المنحلّ).
ج. الذين ليسوا لا نهضويين ولا تجمعيين.

ما هي العلاقة بين هذه الأصناف الثلاثة؟ إنها علاقة زئبقية في معظم الأحيان. وإن دلت "زئبقيتها" على شيء فإنما تدل على قطيعة غير مرقّعة في العقل المجتمعي سنتعرض إلى طبيعتها في ما بعد. لكن قبل ذلك لنرَ كيف تتجلى "الزئبقية":
الكتلة (أ) في وضع كراهية مقيتة إزاء الفئة (ب). وهذه الأخيرة تُبادل الأولى نفس الشعور. الصنف (ج) يكنّ للكتلتين الاثنتين(أ) و(ب) اشمئزازا وحقدا منقطعَي النظير. صنف (أ) ينافق الصنفين (ب) و(ج) ولو كان بإمكانه اشتراءهما بالمال ابتغاء ابتلاعهما لَفَعَلَ ، بينما الفئة (ب) تهادن الصنف (أ) وفي الآن ذاته تبذل كل ما في وسعها للاستمالة جماهير الصنف (ج). في الأثناء، الملفت أنّ الصنف (ج) لا يملك أية ثقة بنفسه بل يوجد في وضع حيرة وتذبذب غير مسبوق، وبالإمكان تعليل حيرته وتذبذبه بكونه يشتمل على مكونات وعناصر -هوياتية وثقافية وسياسية- موجودة عند الفئتين (أ) و(ب) مع أنه يدعي تجنبهما.

بالمحصلة لا أحد من الأطياف الثلاثة يمثل الشخصية التونسية، مما يستوجب صهرها – فكريا وعلميا وتربويا وثقافيا- في بعضها بعض حتى تفرز نسيجا متحدا يشكّل رقعة دنيا مما سيَكون الأرضية الصلبة الضرورية التي ستفرز مستقبلا (في فترة لاحقة لانتخابات هذه المرة) تقسيما عادلا ومتسقا ومتناغما للأطياف السياسية (أي للهياكلَ إما من صنف الأحزاب أو، لِمَ لا، من صنف جديد) اللازمة لإرساء التعددية السياسية.

الآن، وفي سياق متّصل، هل يمكن اعتبار أنّ إيجاد الذكاء الجديد المطلوب – الذي ليس بحوزة المجتمع السياسي الراهن- يتوقّف على تهيئة جامعية للسياسيين أم على استبدال نخب جديدة مكان هؤلاء أم تحديث الفكر السياسي أم ماذا؟ بالنظر إلى طبيعة الصراعات، إن الحقيقية أم المفتعلة، أفترض جدلا أنّ حاجة التونسيين – الخفية – هي تجديد الفكر مع اعتماد البُعد الديني الإنساني كعلامة أو كـ"محطة تناوب" محورية.

في هاته الحالة لا بدّ أولا وبالذات من التنويه بأنّ الحديث يطول عن فكر بديل للمسلمين (بديل عن الفكر الإسلامي السائد الذي لم يتجدد بعدُ) وعن "سياسة إسلامية" بدلا عن الإسلام السياسي. ثمّ يجدر التشديد على أنّ الفكر الإسلامي الإخواني - على سبيل الذكر لكن أيضا لأنه كان وما يزال يشكل بؤرة اهتمام قوية في الأعوام الأخيرة بمناسبة التحولات السياسية الناجمة عن "الثورة" - ينتهج طريقا غير الطريق التي يبدو أنّ عموم الناس في تونس وفي الوطن العربي يريدون سلكه. فالفكر الإخواني متواطئ مع الجهات الامبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة ومع الغرب في مسائل حيوية عديدة، مطبِّعٌ مع الكيان الصهيوني، معترفٌ بأدبيات التطبيع (عزمي بشارة مثلا) و بنشطاء التطبيع والتخريب (جورج سوروس مثلا)، واضعٌ فوق رأسه بلدا مثل تركيا - التي لا نشك في أنّ لها نزعة نيوعثمانية، مصدّقٌ أنّ بلدا مثل قطَر يفعل الخير لفائدة العرب والمسلمين. ذلك لأنّ الفكر الإخواني مخترقٌ منذ زمان من طرف الجهات المخابراتية العالمية.

في المقابل نرى أنّ الفكر الذي يتناسب مع غالبية التونسيين هو الذي يكون حذرا من الولايات المتحدة ومن الغرب عموما لكنه منفتحا عليهما وقابلا للتعاون معهما، والذي يُولي المسألة الفلسطينية مكانة مركزية، والذي يكون متحررا من كل اختراق مخابراتي مضرّ، مما يسمح له بأن يثق بنفسه وبقدراته على التعامل مع الآخر – الإقليمي والأجنبي- بكل ندّية، والذي يكون متجذرا في الوطن وفي التاريخ بما يخوّل له تجسيد النيّة والرغبة والإرادة إلي واقع ملموس وذلك عبر برامج مهيكلة، أي مزاوجة للنظري وللتطبيقي.

لكن لسائلٍ أن يسأل ماذا عسى أن يكون هو الفكر البديل الذي سيجعل من العقل السياسي للعرب والمسلمين عقلا رصينا وداريا بأنّ لديه القدرة على تغيير الواقع بجميع أوجُهِه، ويجعل من الهياكل السياسية وسائل ناجعة لتنفيذ البرامج وتحويلها إلى مشاريع ومنه إلى إنجازات. للإجابة – في إطار اعتماد البُعد الديني "محطة تناوب" محورية- لا نشك لحظة واحده في أنّ هذا البديل الفكري، الديني الإنساني، وخطابه، ينبغي أن يكون مسطرا على الخط السني المالكي الزيتوني الوسطي: إنه فكر الإنسان التونسي الذي لا يقلّد بل يبدع، الذي يطبّق الإسلام عبر لغة حية - العربية الجديدة ولغات أخرى- وعبر ممارسة اجتماعية وسياسية وثقافية راقية، الذي يطبّق أوامر ونواهي الله عبر تلك الممارسات ويكون قانونه وضعيّا لكنه منبثق عن قناعاته.

في هذا الإطار، وبعد أن يلبَّى هذا الشرط المتمثل في تنمية العقل التطبيقي لدى المواطن، سيكون بإمكان العمل السياسي في تونس وفي الوطن العربي وربما في كامل العالم الإسلامي أن يتسم بالصرامة وبالنجاعة وبالفاعلية وبسائر ضرورات النجاح واكتمال الشخصية والاضطلاع بالهوية، إن المجتمعية أم السياسية أم الثقافية.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أليس النموذج التونسي بحاجة إلى نموذج آخر؟
- تونس: هل ينفع تعلم اللغات الأجنبية في سن مبكرة؟
- هل ستكون انتخابات تونس حقا انتخابات؟
- هل تصبح تونس وليبيا بلدا واحدا؟
- حين تكون اللغة أفضل من الناطقين بها
- في الاختلاف الإسلامي المسيحي ومستقبل العالم
- في الرد على طرح سامي ذويب: حتى نتطور مع إتباع ملتنا
- إعادة تأسيس اليسار التونسي؟
- اليهود يحجون إلى تونس والتونسيون يدفعون الضريبة
- لو نعيش يوما واحدا بلا عقلية المؤامرة
- إذا التقى الانحراف العقائدي مع الانحراف اللغوي!
- قطار تونس يسير على جانب واحد من السكة
- تونس: الميزانية الاشتراكية البديلة في ميزان الشخصية الوطنية
- أليس من الحتمي أن تكون لتونس روابط ثورجية؟
- هل الإسلام السياسي مؤهل للتكيف مع العصر؟
- الإسلام والديمقراطية في مفترق الطرقات
- النموذج التونسي و التضييق على حرية التعبير والصحافة
- تونس: الفصل 38 أم الزنزانة رقم 38؟
- التديّن بالإسلام بين الحقيقة والأوهام
- ما قيمة نموذج تركي أمام قرآن عربي؟


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - تونس: البُعد المفقود في انتخابات 26 أكتوبر