أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - ( أصابع لوليتا ) حب وألم وفهم خطأ لسفر أيوب !















المزيد.....

( أصابع لوليتا ) حب وألم وفهم خطأ لسفر أيوب !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4606 - 2014 / 10 / 17 - 23:31
المحور: الادب والفن
    


" أصابع لوليتا " حب وألم وفهم خطأ لسفر أيوب !
محمود شاهين
في أكثر من خمسمائة صفحة يوغل بنا واسيني الأعرج في متاهات الحب والألم ، في ظلام السجون وعصور الإنقلابات ، متنقلا بين آلام الجزائر وأحضان المنفى الباريسي ، ثوار يقتلون وثورات تغتال ، أشراف يسقطون وأوغاد يعتلون العروش ، مناضلون وأدباء يلاحقون ،ويطاردون في المنافي ، حتى أريج الحب الذي يعبق فجأة في ليالي يونس مارينا ، لا يلبث أن
يتدمر على أرصفة الألم .
يونس مارينا كاتب جزائري مشهور ، يهرب من وطنه بعد ملاحقة انقلابيين له على أثرمقالات صحفية كان يكتبها عن معاناة الزعيم الذي انقُلب عليه في السجن . يقع في حب عارضة أزياء شابة (لولا) كانت معجبة بكتاباته . غير أن هذا الحب لا يلبث أن يتحطم حين تنتحر الشابة لما كانت تعانيه من آلام مكبوتة في نفسها ، فهي ضحية والدها التاجر الذي اغتصب عذريتها وهي في سن المراهقة .
في مشهد مؤثر طويل نسبيا يصف واسيني لحظات ما قبل الإنتحار ، حيث كانت الفتاة تخطوعلى رصيف الشانزيليزي وسط عاصفة ثلجية وتلقي نحو مارينا الذي كان يرقبها من شرفة غرفته في فندق ، نظرات وداعية وترسل إليه قبلات في الهواء :
" شعت ابتسامتها مثل البرق الخاطف . ما كادت ترفع رأسها من جديد نحوه وتعيد الحركة نفسها بقبلة أخرى ،حتى لمع برق أعمى بصره ، هل كان الألق القادم من كل حواسها الحية ،أم مجرد دوار سحره حتى غير كل شيء في عينيه ؟ فتح عينيه عن آخرهما ..
كان الإنفجار جافا وحادا هز الشرفة وزجاج الكثير من المحلات ،فتطاير جسدها الهش في كل اتجاه مشكلا حرائق صغيرة ظلت مشتعله في مكانها على كتل الثلج مدة طويلة " ( ص 476)
يأتي انتحار الفتاة مفاجئا وصادما،فلم يكن هناك أي تلميح له في مقدمات الفصول العاصفة بالحب بين الطرفين ، وإن كانت الآلام التي مرت بها الفتاة في حياتها حاضرة ،عبر لغة واسيني الشاعرية جدا في أغلب فصول الرواية ، غير أنها لا تخلو من اسهاب في بعض الفصول ، وخاصة تلك التي تتحدث عن الأزياء وعروضها وعارضاتها ، وعن شغف مارينا بلوليتا .
يوقع واسيني القارئ في حيرة حين يشير إلى ما نشره الأمن الفرنسي الذي كان مسؤولا عن حماية مارينا من التهديدات بالإغتيال التي كانت تلاحقه ، حين ينشر
( الأمن ) أخبارا مفادها أن الفتاة كانت مكلفة من قبل جهات ارهابية باغتيال مارينا . وليس في الرواية ما يشير إلى ذلك في حياة لولا التي لم يكن لها أية علاقة بالإرهاب والإرهابيين ،إلا عبر تصريحات الأمن التي أشارت أيضا إلى أنها قتلت أخاها ، ففي النص الصوتي المسجل على هاتف مارينا من قبل رجل أمن محذرا مارينا من فتح غرفته لأحد حتى للوليتا ، فهي " اسمها الحقيقي ملاك ، تتحرك بجواز مزور ، وهي متابعة من طرف الإنتربول بسبب جريمة ارتكبتها في جاكرتا ضد أخيها الذي كان يتاجر في إندونيسيا .. وهي مكلفة بقتلك من طرف تنظيم مرتبط بجهة متطرفة تم تفكيك جزء كبير منها ... "( ص 484)
ولو كان الأمر كذلك لاستغله واسيني ومهد له بأسلوب مختلف ، جعل الرواية أكثر تشويقا ودرامية ، فهل هناك ما هو مشوق أكثر من ترقب مقتل شخص أو عدمه من قبل من ستقتله بعد أن وقعت في حبه ؟!
تتضح الدعاية الأمنية حين تبث الأخبار بشكل مفتعل وخاصة من التلفزيون ، الذي راح يتحدث عن "عمل إرهابي في الشانزيليزي نفذته ارهابية " (485- 486)
فلوليتا ، كانت مع مارينا في الغرفة قبل أن تنزل ، ولو أرادت أن تغتاله لاغتالته بتفجير نفسها معه . ( وهنا يضعنا واسيني أمام احتمال آخر ، أن الفتاة عدلت عن قتل نفسها مع مارينا إذا كانت مكلفة باغتياله أو إذا كانت ترغب في الإنتحار معه )
ويظل الإلتباس قائما وخاصة بوجود النص الصوتي على الهاتف الذي يحذر مارينا
من فتح باب غرفته لأحد وإن جاء متأخرا ، أي بعد خروج لوليتا من غرفة مارينا ..
حفلت الرواية بالكثير من المشاهد المؤثرة . كمشاهد وصف الذبابة في سجن الريس بابانا الذي كما يبدو يرمز إلى شخصية ابن بلة أول رئيس للجزائر بعد الثورة . ولقاء مارينا له في أوروبا .. ومشاهد أخرى كثيرة ..كما حفلت بالكثير من الوقائع المتعلقة بالجزائر ، وعارضات الأزياء وغيرها .
وكثيرا ما يلجأ واسيني إلى استطرادات ثقافية وحوارات معرفية في الثقافة والفنون والآداب والنفس الإنسانية ، تثقل على العمل في بعضها .. فلا يدع الأحداث تسير وتتطور بتلقائيتها دون هذا الإثقال ، أو دون اسهاب فيها ، وأحيانا يقوم بطرح وجهات نظر تقليدية أو خاطئة في مسألة ما ، كما هي وجهة نظره في سفر أيوب .
* الفهم التقليدي والخطأ لسفر أيوب !

في معرض حديثة عن المازوشية التي حشر الحديث عنها على لسان بطله دون مبررات مقنعة ، يقول:
" وحدها الصدفة هي التي قادته إلى سفر أيوب ، وفتحت عينيه على الكثير من التفاصيل المبهمة فيه ، وعلى سحر المازوشية الآتي من بعيد ، تساءل لحظتها قبل أن يرتكن إلى إجابة في حالة ارتباك كلي : كيف يسمح الله للشيطان بأن يؤذي انسانا
خيرا فقط ليختبر قدرته على المقاومة ؟ " ( 15)
محاولة الله والشيطان مع أيوب كانت لاختبار مدى إيمانه وليس اختبار قدرته على مقاومة الألم . يقول الشيطان ليهوه ( الإله حسب التوراة ) كما ورد في سفر أيوب:
1 :11 و لكن ابسط يدك الان و مس كل ما له فانه في وجهك يجدف عليك
والتجديف على الله هنا يقصد به الكفر.. وقدرة أيوب على مقاومة الألم لم تكن مطروحة على الإطلاق في الحوار بين الله والشيطان . والدليل هو أن أيوب احتمل الضربة الأولى التي أوقعها الشيطان في ماله وعياله ولم يجدف على الله بل قال :
1 :21 و قال عريانا خرجت من بطن امي و عريانا اعود الى هناك الرب اعطى و الرب اخذ فليكن اسم الرب مباركا
وبدلا من أن يقتنع الرب بإيمان أيوب حسب هذا الكلام الجميل ، راح يستجيب للشيطان في اللقاء الثاني بينهما ، حين أشار عليه :
2 :5 و لكن ابسط الان يدك و مس عظمه و لحمه فانه في وجهك يجدف عليك
فيقول الله :
2 :6 فقال الرب للشيطان ها هو في يدك و لكن احفظ نفسه
وتتكرر مسألة التجديف ثانية على لسان الشيطان وليس القدرة على المقاومة .
فالله يطلق يد الشيطان في جسد أيوب شريطة أن لا يميته (و لكن احفظ نفسه )


ويمعن واسيني في التحليل الخطأ بعد أن يتساءل :
" وكيف على الإنسان الذي يتلقى أقصى المحن والعقوبات المجانية ، بسبب أخطاء لم يرتكبها أبدا ، أن لا ينكر الله ، بل وأن يحبه على الرغم من الظلم المسلط عليه ،ويتلذذ بهذا الألم المقدس . لا بد أن يكون شيء من المازوشية في كل الكائنات لتتقبل هذه الحالات بلذة " ( ص15)
وهذا ما جعلني أتساءل : هل فعلا قرأ واسيني سفر أيوب ووجد أن أيوب يتلذذ بالألم المقدس ومحبة الله ؟ أم أنه قرأه على عجل ولم يسبر ما يبطنه، خاصة وأنه يشير إلى تفاصيل مبهمة في النص ؟!
لقد وضحت ذلك في دراستي المقارنة على النت ( أيوب التوراتي وفاوست غوته ) وهذه بعض شكاوي أيوب من الظلم الذي وقع عليه بعد أن أصبح مجرد جلد مسلخ على عظم :
16 لو دعوت فاستجاب لي ، لما آمنت بأنه سمع صوتي
17 ذاك الذي يسحقني بالعاصفة، ويكثر جروحي بلا سبب
18 لا يدعني آخذ نفسي، ولكن يشبعني مرائر
**************
32 لأنه ليس هو إنسانا مثلي فأجاوبه، فنأتي جميعا إلى المحاكمة
33 ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا
34 ليرفع عني عصاه ولا يبغتني رعبه
35 إذا أتكلم ولا أخافه ، لأني لست هكذا عند نفسي
*******
( سفر أيوب 10 )
20 عظمي قد لصق بجلدي ولحمي، ونجوت بجلد أسناني
21 تراءفوا، تراءفوا أنتم علي يا أصحابي، لأن يد الله قد مستني
22 لماذا تطاردونني كما الله، ولا تشبعون من لحمي
23 ليت كلماتي الآن تكتب. يا ليتها رسمت في سفر
24 ونقرت إلى الأبد في الصخر بقلم حديد وبرصاص

( سفر أيوب 19 )
النص واضح جدا وليس في حاجة إلى شرح ، أيوب يطالب الله أن يرفع عنه عصاه وأن لا يسلط عليه رعبه . ورد فعل الله معروف لمن يهمه أن يرى الحقيقة .. وفي الإمكان العودة إلى بحثنا على النت إن أراد التوسع في فهم الأمر ، أو بالعودة إلى السفر نفسه ، وهوملحمة أدبية تقع في 42 صفحة .
لقد تحول سفر أيوب إلى صراع بين أيوب والله بفتنة شيطانية .. ولم ينتصر الله على أيوب إلا بجبروته :

:6 فاجاب الرب ايوب من العاصفة فقال
40 :7 الان شد حقويك كرجل اسالك فتعلمني
40 :8 لعلك تناقض حكمي تستذنبني لكي تتبرر انت
40 :9 هل لك ذراع كما لله و بصوت مثل صوته ترعد
والمسكين أيوب لم يبق لديه حقوان ليشدهما ويقف كرجل أمام الله بكل جبروته وصوته المرعد ، فلا يجد غير الإستسلام .
قلنا في بحثنا إن ملحمة أيوب هي أول وأقدم ملحمة انسانية تراجيدية تطرح أسئلة وجودية عميقة ما تزال قائمة في عالمنا حتى اليوم ،صيغت بلغة غاية في الرفعة والسمو . وأنه لأمر مؤسف جدا أن يأتي كاتب مثقف بحجم واسيني الأعرج ويفهمها بشكل تقليدي بل وربما أسوأ بإسقاط المازوشية عليها . لقد سبق ملحمة سفر أيوب " ملحمة جلجامش " السومرية ، وهي ملحمة تبحث في سر الخلود ،وليس في ما هية وجوهر الله وعما إذا كان يحمل الخير والشر في ذاته ، كما في سفر أيوب .
م.ش.



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (14)
- -قناديل ملك الجليل - ملحمة الفارس الأسطورة !
- -غريب النهر - سفر الشتات الفلسطيني
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (13)
- البطولة الجماعية في ( فرس العائلة )
- حوار مع صديقي المؤمن !
- سعود السنعوسي يحلق عاليا في - ساق البامبو-
- عزازيل : صراع الكنائس حول طبيعة المسيح؟
- ماذا فعلت بعلاء الأسواني في نادي السيارات ؟!
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (12)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (11)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (10)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (9)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (7)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (8)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (6)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (4)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (5)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (3)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (2)


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - ( أصابع لوليتا ) حب وألم وفهم خطأ لسفر أيوب !