السنه والشيعه .. أفلا تففهون؟؟

مصطفى خيري

الحوار المتمدن-العدد: 4606 - 2014 / 10 / 17 - 01:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

عندما قتل الخليفه الثالث للمسلمين على يد الثوار اندلعت شرارة الفتنه بينهم وبمرور الزمن انقسم المسلمون الى فرقا وشيعا كثيره بعضها أنقرض ولم يعد له ذكر و البعض الأخر ما زال يؤثر في حياتنا الى اليوم و بصورة كبيره جدا وقد ذهب نتيجة هذا التفكك ضحايا كثيرون عددهم بالملايين أن لم يكن بالمليارات على مر العصور الأسلاميه التي تلت هذه الشراره وما زال الى الأن محور الصراع في العالم العربي وبعض الدول الأسلاميه وفي العراق وسوريا خاصة هما فئتين من المسلمين السنه والشيعه.

ان مصطلح أهل السنه نشأ في العصر الأموي على رأي اغلب المؤرخين حيث كان هنالك جماعة من المسلمين يحفظون الحديث ويروّنه عن رجال عاشوا مع النبي وكانوا يسمون بأهل الحديث وأهل لحديث هم نفسهم أهل السنه . أما الشيعه فالشيعه في اللغه تعني جماعه و شيعة علي تعني جماعة علي كما انه لم يكن هنالك شيعه لعلي وحده بل كان هنالك شيعة عثمان وهم المطالبين بدم عثمان الذي يرون انه الخليفه المظلوم الذي قتل على يد الثوار وكذلك الكثير من الشيع لمختلف الصحابه . أن مصطلح شيعة علي نشأ بعد مقتل علي أبن ابي طالب على يد أحد الخوارج وبايعوا الشيعه بعد مقتل علي أبنه الحسن على الخلافه التي استمرت ستة اشهر وتنازل بعدها لمعاويه حقنا للدماء , يا لحكمة هذا الرجل ورجاحة عقله حيث تنازل عن خلافته التي رضي بها كثير من المسلمين وتنازل عنها للرجل الذي قاتل ابوه طيلة فترة خلافته . انها عقليه فذه خارجه عن نطاق سيطرة العاطفه والكراهيه أضافة الى ذلك تقديم المصلحه العامه على المصلحه الخاصه .

وقد قلب نظام الحكم الأسلامي رأسا على عقب في العهد الأموي حيث اصبح كنظام الأكاسره والأمبراطوريه الرومانيه التي يورث فيها الحكم ولا يقوم على العدل ومجلس الشورى الذي جاء به الأسلام ورجع العرب الى جاهليتهم وتعصبهم للقبيله وأحتقارهم للمسلمين الغير العرب بل اكثر من ذلك حتى ان المسلمين انقسموا الى عدة طوائف كل منها تفسر الدين و شخصية محمد حسب معتقدها  فالأمويون أعتبروا محمد بطل قومي جاء لرفع منزلة العرب وقريش خاصة وليس للتوحيد بين القبائل العرب أولا ثم بعد ذلك للتوحيد بين أعراق العالم وقد انهارت هذه الفكره التي جاء بها الأسلام بعد 30 سنه فقط من وفاة مؤسسه وهي برأيي الشخصي الغايه من هذا الدين كله .

وهذا يدل على مثالية هذه الأيدلوجيه وأستحالة تطبيقها على ارض الواقع فالناس بأطباعهم مختلفون ومتباينون وكل منهم يفكر بطريقه مختلفه أضافة الى ضروف النشوء الأجتماعي القبلي لجزيرة العرب والتي بدأ منها الأسلام و الذي لم يوحدهم بصوره فعليه ألا أشخاص معدودين . وحد السيف الذي جاء به الأسلام وساعد في نشره لن يصمد امام الطبيعه البشريه بوجود عامل الزمن.

الكثير من الناس يعتقدون أن الأمويين هم اهل السنه وهم انفسهم النواصب الذين نصبوا العداء لأهل البيت وهذا خطأ كبير فأهل السنه كانوا معارضيين للحكم الأموي ويأتون بالدليل من القران والحديث على مخالفة الحكم الأموي لشرائع الأسلام فلم يكونوا يوما نواصب ولم يعادوا أهل البيت بل انهم يحبون أهل البيت وكل من عاش مع النبي في عصره ولا يدخلون أنفسهم في الخلافات التي جرت بعد وفاة النبي ويقولون الحكم في ذلك لله وحده وهم بذلك يميلون الى رأي سعد بن ابي وقاص حين اعتزل الفتنه وقال لن اقاتل حتى يأتيني الله بسيف يقول هذا حق وهذا باطل .

أما الشيعه فقد كانوا هم المعارضيين الثائريين على هذا الحكم السلطوي المتزمت والمطالبين بالعدل الأجتماعي وقد لاقوا من الظلم والأضطهاد والقتل ما لاقوا على مر العصور الأسلاميه وخاصة بالعصر الأموي حيث كانوا الشيعه تقطع أيديهم وأرجلهم ويصلبون على جذع النخل وبقوا بذلك مستمرين صامدين على مبدأهم على مر العصور حتى اصبحوا يشكلون المعارضه الحقيقيه للحكم . ان السر في استمرار هذا الفكر على مر العصور هو الأضطهاد على مر العصور يقول الدكتور علي الوردي ((اذا اردت ان تمنع انتشار فكره معينه امنعها عن الناس)) وقد فعل ذلك الأمويين وبشتى الأنواع حتى اصبح سب علي ابن ابي طالب سنه على المنابر في صلاة الجمعه مما ازداد الكبت لدى الشيعه وجعلهم يزدادون حبا لهذا الرجل وكذلك يزدادون تمسكا بمبدأهم وهذا ما يفسر نشوء الأساطير والغلو حول شخصية علي ابن ابي طالب لدى الشيعه.

هذا هو أصل السنه والشيعه فقد كان أهل السنه هم المحاربين بالفكر والشيعه هم المحاربين بالسيف ولم يكونوا مختلفين بالمبدأ ابدا بل كانت تجمعهم وحدة الأفكار ضد النظام الأموي المستبد وهنا قد يسأل سائل اذا كان السنه والشيعه كذلك فعلا فلماذا نشاهدهم اليوم كالنقيضان اللذان لا يجتمعان ؟؟ وأجيبه هنا بنفس الفقره في الأعلى ان النفس البشريه غير متشابه فكل فرد يفكر بطريقته ويفسر الأشياء حسب رأيه الشخصي وبتراكم الأراء والأفكار ضهر الأنشقاق ليس بين السنه والشيعه فحسب بل ايضا بين السنه أنفسهم والشيعه أنفسهم وبمرور الزمن أختلفت الأفكار واصبحا منفصلين تماما حتى في الطقوس والعبادات وأختفت تلك الفئه التي كانت من الطائفتين متوحدة الأفكار وذهبت كل فئه الى درجات تطرف متفاوته .

وأختم هنا بالقول أن أهل السنه لم يكونوا يوما نواصب وان الشيعه لم يكونوا يوما روافض بل السياسه والمصالح السياسيه هي من فرقت بينهما وجعلت كل منهما كالغرابين اللذان يعير أحدهما الأخر بوجهه الأسود على قول الدكتور علي الوردي.

#مصطفى_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات