أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيد مظفر الحلي - شعرية الجسد في الشعر العراقي















المزيد.....

شعرية الجسد في الشعر العراقي


زيد مظفر الحلي

الحوار المتمدن-العدد: 4604 - 2014 / 10 / 15 - 18:56
المحور: الادب والفن
    


اللغة كهنوت الجسد , وهي فضاءاً تشكيلياً له , ولهذا فاللغة ببعدها الثقافي /التاريخي ما هي إلا منطوق الجسد وعلامته وهذه العلامة هي التي جعلت اللغة تنطق وتكتب على اساس الجسد , فالكتابة ما هي إلا إشارات ورموز يرسم جسدها , فصورة الأكل والشراب والافتراس والحروب ما هي إلا علامات وايقونات لغوية لتعريف الحالة الجسدية أو توصيفها فبهذا كانت اللغة مركز العالم وبؤرته .
وإذا كانت الاشياء لا تدرك ولا تقرأ دلالاتها إلا من خلال حضورها في انساق أخرى إلا أن الجسد يمتلك كينونة متكاملة وقادرة على توليد دلالات عدة , لا يمكن قراءتها من خلال الحركات الايمائية التي يصدرها الجسد , وهذه الحركة الايمائية شديدة الغموض لا يمكن قراءتها إلا من خلال التحديد الثقافي المسبق فهذه الحركة التي يصدرها الجسد/الدلالة الايمائية تؤدي حضوراً فاعلاً في الفضاء الشعري , وهذا ما جعل الخطاب الجسدي خطاباُ ثقافياً يمتلك عوالم وقوى دلالية أكثر عمقاً من التعبيرات اللسانية وإذا كان الإنسان تكلم بلسانه فالجسد يتكلم بحركاته وكلما تضاعفت حركات الجسد تمكن من انشاء تقاليد ثقافية وعادات كلامية تضاف إلى حقول دلالية أخرى.
وعلى الرغم من استقلال كينونة الجسد إلا أنه لا يمكن قراءة العلامات الدلالية التي ظهرها الجسد إلا من خلال الآخر قد تكون الطبيعة أو الكائنات الحية الت توجد فيها , وعلى هذا الاساس يمكن قراءة العلامة الجسدية , على اساس ما يظهره مع الآخر من دلالة أو حركة تعبيرية , ولهذا مكن سهولة قراءة تعبيرات الجسد ف الاجتماع الكهنوتي لكون انصهار الجسد مع الجماعة وانصهار الجماعة مع المعتقد وبذلك تكون التعبيرات تعبيرات دينية ممكن قراءتها على اساس الرجوع إلى التاريخ الثقافي /الديني , أما ارتباط الجسد الذكري بالأنثوي ينتج دلالة مكثفة ذات فضاءات متعددة قد يصعب تفسيرها وقراءتها لان الرغبة التي يظهرها للآخر الأنثوي تحمل تناقض رهيب لا يمكن للعقل ان يحله .
وكلما ارتبط الشعور والرغبة بالجسد كلما تحرر من صنميته وإعطاء حياة للجسد كون الجسد لا يمكن ان توجد كينونته ودالته إلا من خلال الشعور أو الرغبة ولهذا (( كلما ازداد الشعور كثافة فإن الجسد الذي نعانقه يزداد اتساعاً , الشعور باللانهائي : هو أن ننفي جسداً في هذا الجسد , العناق الحسي هو أوج الجسد وفناؤه , ايضاً هو تجربة فناء الذات : تفرق الأشكال في ألف حس ورؤية , سقوط في جوهر محيطي , تبخر الذات فليس هناك شكل ولا حضور : هناك الموجة التي تلدنا , السباحة في سهول الليل )) وإن هذه الرغبة أو الشعور كلما تزداد في الجسد كلما تزداد كثافة دلالة النص وشبقيته ويتسع فضاءه بالحركة التي يصدرها الجسد , فشعور الجسد بالآخر هو شعور غريزي يجعل من الآخر مثار رغبة وربما شهوة جسدية يصل عنفوانها إلى ستر عورة الجسد أو التماهي به بحركة أراديه لتجعل الدلالة في أوج كثافتها , وبذلك تنطلق شعرية الجسد بوصفها شعرية تمثيلية وعلى اساسها تظهر فعالية الجسد ورغباتها وشعورها على سطح النص الشعري , وعلى هذا الاساس تندفع فعالية الجسد (( لتتماهى مع الفاعلية اللغوية الشعرية للتواصل بالنص إلى تحريك الجسد تحريكاً شعورياً , مستفيداً في ذلك من كل إمكانات الجسد الشعرية وإمكانات الشعرية الجسدية )) نحو تطوير إشكالية العلاقة بينهما بحيث ينتقل (( الجسد في اشتغاله الشعري من كونه علامة ذات دلالة فاعله باتجاه سيميائي معين إلى مرحلة تأسيس بلاغته في الخطاب )) واكتساب شعرية الجسد في النص الادبي .
امتاز الجسد في الشعر العراقي بثراء الدلالة لتعدد مياه التجربة ومنابعها , ويستند الشاعر إلى مخيال التجربة الشعرية التي امتزجت الجسدية واختلجت مع مع خوالج الذاكرة بين القسوة والمرارة والانوية , والايروسية , والصوفية , والمرئية , فقراءة دلالية الجسد ينبغي الاطلاع على النصوص التي صاغها الشعراء العراقيون.
في ديوان((استدراك)) لأحمد آدم يعنون احدى قصائده ((حجر)):
((الأصابع حبلى/فلأبدأ من عرش القبائل العقيمة/أرى سيلاً من اللغات/ولا أرى فجراً يفتح الزحام/ارى شهوة الرياح/تشكل ايقاعاً /للنهايات./انا صيحة لامتداد النسل يطلبني صمت العشيرة/سأنتظر طلوع الصوت من اكمامه )).
يفتتح الشاعر قصيدته بدال غير قادر على الانسجام مع الانساق الاخرى , وعلى الرغم من أنه يملك اجنة يمكن تغير ديناميكية الدلالة إلا أن اشتراط ((العشيرة )) جعل لفعل اليد غير قادر على اجراء فعل سردي على مجال الواقع , فدلالة المفتتح لم تشكل ايقاعاً للنص واستعاض السارد العليم بتقنية المنلوج من اجل عرض مهام الدل المفتتح لتغيرها إلا أنه لم يستطع القيام بالأجراء الفعلي لطغيان صوت العشيرة التي جعلت منه دالاً سالباً .
ومما جعل قطع المنلوج وإدخال الحوار ((أنا صيحة /لأمتداد النسل))فعل النسل((الحبل= استمرارية الحياة)) جعل السارد العليم لم يكمل سرده؛ لأن العشيرة هي التي تملك الفجر, وعلى الرغم من إنّ دال العشيرة دال سلبي ((القبائل العقيمة)) إلا انها تملك سيلاً من اللغات مما جعل لها هيبة وقوة وامتلاكها كافة السرديات , واقتطاع السارد العليم لسرده بالحوار جعل للفعل السردي إجراء آخر على مستوى الحدث هو سلب صوت العشيرة على الرغم من مطالبة العشيرة بإلزام الصمت وفعل الانجاب سيفتح نافذة أخرى , يملك ناصية اللغة مما يجعل العشيرة غير قادرة على ممارسة افعالها الاجرائية عليه.
أما حسين عبد اللطيف في ديوانه((نار القطرب)) يعنون قصيدته ((الريح لا تعرف القراءة)):
((بينناأتلمسُ خاتم أيامي,/في الوحدة,/تقبل ريح/وتغادر ريح/ يتفلتُمن طوق الشجرة/كالحلمةبرعم/فأصيحُ:/رمل فوق الفودين/رمل فوق الكتفين/رمل فوق العتبة/وبقايا ريح/تتقرفص عند الباب)).
دلالة السرد تحمل على قراءة طالع ايامه وتذكرها , دال الاصبع يرتبط بتيار الوعي الداخلي , الجسد في هذا النص دال انتشاري يحاول الامساك بجميع شظايا الدوال المنتشرة في النص , والسارد الذي يفتتح النص يجعل القارئ في تلهف لما تذكره , ولهذا يحاول اماطة السرد بإدخال سكونية المكان وحركية الزمن (( اتلمس خاتم أيامي ,/ في الوحدة,/تقبل ريح/وتغادر ريح))ثم يتصاعد الفعل السردي بتفلت برعم الشجرة , وهذه الدلالة الانزياحية خلق كونية يمتلك فعل التداخل مع الانساق الكونية الاخرى , ثم يقطع السرد بفعل الحوار الذي يحاول القيام بمهام الدال الانتشاري الجسدي ((الفودين, الكتفين, العتبة)) فدلالة الريح عمر الانسان التي تحاول الجري به وتغير جسده وكذلك جسد الاشياء.
اما الشاعر جمال جمعه نراه يوظف وصية الام لأبنها الذي سافر للحرب ((رسائل إلى أخي )):
((هل تحِلقُ ذقنكَ كلَّ يوم/هل تغسل اسنانك بالفرشاة/وهل تحلم بالسماء الزرقاء))
الجسد اقرب إلى الرؤية المشهدية , التي تحاول إلقاء الضوء على الجسد بوصفه القطب المقدس في النص, فجسدية الصورة المنعكسة في النصّ تحاول إعطاء اجابة لهذا الجسد المنهك من فعل الحرب , وهي صورة سكونية بسبب سكونية الجسد وعدم تفاعله , فالدوال التي يعززها النص هي دوال جسدية سلبية. السارد الغائب الذي يروي افعال السرد هو الاخر يتفق بصرية المسرود في انهما كليهما لا يقوما بفعل الابصار (( وعيناك مفتوحتان تحت الدثار/مثلي)).
واما الشاعر يحي السماوي نرى تجربة الجسد تجربة صوفية ففي ديوانه ((مناديل من حرير الكلمات)):
((هاتِ كأسكِ وصبيني فيه/لأشربك/ قبلة قبلة/ رسولي بضعة منكِ/ ورسولكِ بضعة مني/ هو آية صحننا/ في مائدة العشق)).
الجسد يدخل في معترك التجربة الصوفية ويحاول دق الطيف المقدس للحلولية , وتكمن شعرية الجسد في الانزياح الدلالي الذي حققه الشاعر في مجال السياق ((لأشربك/ قبلة قبلة)) ففعل الشرب من المفترض ان يكون رشفة رشفة , إلا ان دال القبلة حرف مسار السياق وجعل من الجسد يحل في جسد الحبيبة ليصبحا جسداً واحداً من شدة العشق , والصورة المرئية لجسدية الصورة ((للجسد المنحل والمشروب )) تجعله في منزلة التسامي



#زيد_مظفر_الحلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الحضور والغياب في شعر فليحة حسن
- التفاعل النصي للمكان في شعر عبد الامير خليل مراد
- اللوحة
- التناص الأسطوري في نص حضرة الغياب لمحمود درويش
- الصورة الشعرية في الشعر العراقي (نازك الملائكة) إنموذجا
- قصيدة النثر استقراء منشئيه الرفض
- شعرية اليومي والمألوف في الشعر العراقي الحلقة الاولى
- اللغة الشعرية عند الماغوط
- الاغتراب الروحي في شعر نازك الملائكة
- شعرية المكان في شعر باسم فرات
- التناص الديني في شعر محمود درويش


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيد مظفر الحلي - شعرية الجسد في الشعر العراقي