أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - لا يا جلالة الملك ما كان ان تميز بين الناس هذا مغربي وطني وهذا عدمي ، المغاربة اين حلوا وارتحلوا هم دائما مغاربة ومواطنون















المزيد.....


لا يا جلالة الملك ما كان ان تميز بين الناس هذا مغربي وطني وهذا عدمي ، المغاربة اين حلوا وارتحلوا هم دائما مغاربة ومواطنون


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4602 - 2014 / 10 / 13 - 18:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يا جلالة الملك ما كان ان تميز بين الناس هذا مغربي وطني وهذا عدمي ، المغاربة اين حلوا وارتحلوا هم دائما مغاربة ومواطنون .
لم يكن الخطاب الذي القاء الملك يوم 10 اكتوبر 2014 عاديا ، بل لأول مرة يعطيه طابعا استثنائيا عن الخطابات التي دأب على قراءتها منذ العشرية الاولى من الالفية الثالثة . وهنا اتساءل وسؤالي قد يعتبر شاردا عن اجماع النفاق المدّاح ، ان الملك حين كان يقرأ الخطاب ، هل كان يعي ما كان يتلوه امام الشعب قبل البرلمانيين ، ام انه كان يقرأ فقط للتخلص من عناء القراءة ومن بروتوكول البرلمان المرهق . وهنا اتسائل من جديد ، عنْ : منْ كان وراء تحرير الخطاب الذي يكون الملك قد وجهه الى الشعب ، قبل البرلمانيين الشاردين والمصفقين المنافقين . سأقوم بقراءة مغايرة للقراءات التعتيمية والنفاقية التي انطلقت بمجرد انتهاء الخطاب ، وما دمنا نعيش الديمقراطية ، فعلى الديمقراطي الحقيقي ان يقبل بالديمقراطية بكل محاسنها و ( عيوبها ) ، رغم ان من عيوب الديمقراطية ، فضح الاستبداد والفساد ، لذا اتمنى ان يتسع صدر كل قارئ متلقي للقراءة المخالفة .
ان اهم ملاحظة سجلتها من خلال تتبع كل فقرات الخطاب ، هو ان من حرره ليس هم المستشارون المثقفون ولا المستشارون الدينيون ، بل ان من حرر الخطاب هم المربع البوليسي الضيق شلة الهمة وتوابعه . وهذا نستشفه من ادراج حديث " اللهم كثر حسادنا " ، لان كثرة الحساد تعني المنجزات والخيرات ، اما من لا يملك شيئا ، فليس له ما يحسد عليه . وبالرجوع للبحث عن مصدر الحديث ، لم نجد ما يثبت انه حديث مروي عن النبي ، سواء بمراجعة صحيح البخاري ، او صحيح مسلم ، او سنة ابن ماجة ، او سند الامام احمد . فهل كان سيتضمن الخطاب ، لو ان من حرره ، هم مستشارون متخصصون بالشؤون الدينية كالأستاذ عباس الجراري ، او مستشارون اكاديميون امثال الاستاذ المعتصم ، هذا الخطأ الزلة ؟
وبالرجوع الى اصل الخطاب الملكي لمعرفة الجهة التي حررت الخطاب ، نجد ان آثار الفريق البوليسي ، واضحة في المضمون وفي الشكل والصياغة . يقول الملك في خطابه " .. رغم مناورات الحساد ، فإننا حريصون على ممارسة الحقوق والحريات ، وبموازاة ذلك ، فان من واجبات المواطنة الالتزام باحترام مؤسسات الدولة ، التي ترجع حمايتها للسلطات الحكومية ( السلطة ) والقضائية المختصة ، وللمؤسسات الحقوقية وهيئات الضبط .. " و اكد " .. لسنا ضد حرية التعبير والنقد البناء ، وإنما ضد العدمية والتنكر للوطن .. " .
يلاحظ بالواضح من هذه الفقرة ، اسلوب البوليس المتخصص في التفسير البوليسي للتاريخ ، وللإحداث حين يميز بين الشعب ، فيصف هذا مغربي وطني وهذا عدمي غير وطني . كما يلاحظ وبالمكشوف من هذه الفقرة كذلك ، استعمال اسلوب الوعد والوعيد والتهديد والترهيب " السلطات الحكومية والقضائية المختصة .. وهيئات الضبط " . فهل هذا الاسلوب الهجومي والاستقوائي من انتاج المستشارين القانونيين او المستشارين الدينيين او المستشارين الاكادميين ؟ او هو من انتاج المربع البوليسي الضيق برئاسة المستشار الهمة ومستشاره الشرقي ضريس الذي تسلل الى مربع الحكم وبدأ ينفث سمومه بما يدفع بالمغرب الى الهاوية ؟
بالرجوع الى اسلوب التصنيف وسط الشعب ، بين المغربي الوطني وبين العدمي غير الوطني ، فهذا الاسلوب البوليسي ، عهدناه من قبل اجهزة ادريس البصري ، ومن قبل الاحزاب المخزنية الجديدة ، حين كانوا يصفون مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية ، وبالأخص منظمة الى الامام ب " العدمية الوطنية " ، بسبب موقفهم من القضية الوطنية ، حيث كانوا ولا يزالون يناصرون حل الاستفتاء وتقرير المصير ، و يجاهرون امام الملأ بوصف الصحراء بالغربية وليس بالمغربية . وتضمين نفس الوصف في الخطاب ، هو دليل عن نوع الهيئة التي حررته وأعطته للملك لقراءته . واذا كان وصف " العدمية الوطنية " يجد له تربة خصبة في بداية الصراع بالصحراء ، فان استعمال هذا الوصف اليوم ، يشكل خطرا خطيرا على وحدة اللحمة المغربية ، كما يورط الملك في ممارسات تجعله طرفا وخصما ، بدل ان يكون حكما باعتباره ملكا للجميع .
اذن هل يجوز في هذا الزمن الذي تغير ، ان تستمر الخطابات في التمييز بين المواطنين ، هذا مغربي وهذا عدمي ؟ .وما هي المعايير التي استند عليها الفريق البوليسي المحرر للخطاب حتى يكون صادقا في وصفه ؟
شيء عجيب ان يصرح الملك بمغربيته ، وشيء جميل ان يطلب من البرلمانيين الافتخار بمغربيتهم . لكن لماذا لم يوسع محررو الخطاب ، نزوة وشوفينية التمسك والتفاخر بالمغربية ، للشعب ؟ ام ان هذا ليس في حاجة الى مواطنة مادام انه رعية من الرعايا التي ينوب عنها الملك في السراء والضراء ؟
اذا كنت يا جلالة الملك تعتبر العدمي الغير الوطني هو من يتمسك بالاستفتاء وتقرير المصير ، والقصد هنا الجمعية المغربية لحقوق الانسان ، ومنها حزب النهج الديمقراطي ، والنهج الديمقراطي القاعدي ، وجماعة العدل والإحسان ، فاعلم يا جلالة الملك ان هؤلاء مغاربة وطنيون ، اجدادهم استوطنوا المغرب قبل ان ترى النور لتصبح بالوجوب اميرا وبالوراثة ملكا . لقد دخل العلويون الى المغرب اقل اربعمائة سنة ، واستوطنت قبائل بنو هلال وبنوسليم المغرب منذ الف ومائة سنة ، اما الامازيغ السكان الاصليون ، فوجودهم بالمغرب يرجع الى آلاف السنين . فهل يجوز يا جلالة الملك الاتفاق على ان تاريخ مدينة فاس يرجع فقط الى الف ومائتي سنة ، ام انه يرجع الى آلاف السنين . فمن يريد ان يشطب بجرة قلم تاريخا دليلا على مغربية جميع المغاربة إلاّ شيطان اندس الى مربع الحكم خلسة ، فبدأ ينفث سمومه طولا وعرضا بما يجر البلد الى الهاوية الموعودة؟
اذا كان المقصود بالعدمي ، هو من يقر بالاستفتاء وتقرير المصير بالصحراء المغربية ، فاعلم يا جلالة الملك ان المخزن في سنة 1966 ومن اعلى منبر بالأمم المتحدة ، هو من طالب بالاستفتاء وتقرير المصير بالصحراء . وفي سنة 1967 ، يا جلالة الملك ، ومن نفس المنبر ، المخزن وصف الصحراء بالاسبانية وليس المغربية ، وطالب بالاستفتاء وتقرير مصيرها . وفي سنة 1968 ومن داخل اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، وبعد ان وصف الصحراء مرة اخرى بالاسبانية وليس بالمغربية ، هو من طالب بالاستفتاء وتقرير المصير بحقها . وحتى وقت قريب ، يا جلالة الملك ، اليس المخزن من طالب بالاستفتاء وتقرير المصير في الصحراء في سنة 1982 ، ووقع مع المنظمة الانفصالية البوليساريو في سنة 1991 ، وتحت اشراف الامم المتحدة ، اتفاقية وقف الحرب ، وخلق المينورسو المسماة هيئة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية ، ومقرها الرئيسي بمدينة العيون المحررة . ثم يا جلالة الملك . اليس المخزن من قبل باتفاق الاطار لجميس بيكر الذي ينصص على حكم ذاتي مدته خمس سنوات ، ثم يليه استفتاء لتقرير المصير . وماذا عن الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ؟ اذن الآن يا جلالة الملك ، اذا سايرنا منطق محرري الخطاب ، فان المخزن والجمعية المغربية لحقوق الانسان وتوابعها يشتركان في اختيارهما ومطالبتهما بالاستفتاء وتقرير المصير بالصحراء ، وهذا بخلاف الشعب الذي يتمسك بمغربية الصحراء ، وما بدل بشأنها تبديلا . إذن يا جلالة الملك ، اسمحوا لي الآن ان اسأل والسؤال يبقى مشروعا : من هو المغربي المواطن / ومن هو العدمي الغير المواطن حسب معيار من حرر الخطاب ؟ هل المخزن والجمعية وتوابعها ام الشعب ؟
ان تصنيف الشعب الى مغربي وطني والى عدمي من قبل من حرر الخطاب ، هو شيء خطير . وخطورته يا جلالة الملك ، ليست غير الرسالة التي ينوي المربع البوليسي ايصالها الى من يهمه الامر ، وهي المزيد من القمع ، المزيد من التشدد ، المزيد من الاستبداد لكل من يرفض الركوع والسجود والانبطاح . ان مفهوم العدمي عند المربع البوليسي ، ليست فقط من يرفع شعار الاستفتاء وتقرير المصير ، هذا مجرد الشجرة التي تخفي الغابة ، بل ان المقصود بالعدمي ، هو كل شخص يرفض المخزن ، يرفض الحكم الفردي ، يطالب بمبدأ الفصل بين السلط ، وان تكون السلطة للشعب لا لغيره ، يطالب بالدولة الديمقراطية المدنية ، يطالب بالحقوق وبالمواطنة الكاملة لا المنقوصة . ان العدمي في مفهوم المربع البوليسي الضيق ، هو الشعب ، هو الاكثرية التي تطالب الحرية وبالمواطنة ، وترفض ان تكون مجرد رعية . اما المغربي في نظر هذه الشلة البوليسية ، فهو كل من يفضل الانبطاح ، يفضل الركوع ، يفضل الانحناء ، هو كل من يرفض المواطنة ويتمسك بالرعية .
ان المربع البوليسي الذي حرر الخطاب ، جعلك يا جلالة الملك تنحاز الى زاوية ، وتتخندق الى جانب . بل جعلك تصطف مع الاقلية القليلة ، وتبتعد عن الاغلبية الساحقة الضامنة ، و لوحدها لاستمرار الدولة . لذا فخطورة الخطاب الذي القيته بالبرلمان ، هي انك كملك ، حين تصف الناس بالعدمية فانك تخوّنهم ، وهي انك كأمير للمؤمنين كذلك ، حين تصفهم بالعدمية ، فانك تكفّرهم ، وهذا شيء خطير لا يجوز ان يصدر عن ملك من الفروض انه ملك للجميع وليس ملكا للمربع البوليسي الخطير الذي حرر الخطاب .
ان اصل الملك يا جلالة الملك ، ليس هو الدلالة على نوع النظام السياسي في الحكم بالمفهوم المعاصر . ان هذا المفهوم يا جلالة الملك ، كانت له دلالات اخرى ، اهمها العدل والقضاء . لذلك يقولون ان اساس الملك هو العدل ، وليس هو النظام السياسي وممارسة السلطة . فلو رجعنا مثلا للاستخدامات القرآنية ، سنجد ان اصل كلمة حكم قد وردت ضمن معنيين :
1 ) المعنى الاول ، بمعنى القضاء والفصل في المنازعات ، اي الحكم والتحكيم . وكما ورد في الآية الكريمة " ثم الي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون "
2 ) المعنى الثاني ، هو معنى الفقه والعلم . فمثلا يقول القرآن الكريم في وصف النبي يحيى " و آتيناه الحكم صبيا " . بالطبع هنا ، فان المقصود من هذه الفقرة في الآية ، ليس هو اعطاء يحيى الحكم ، اي ممارسة السلطة السياسية وهو صبي ، فهذا شيء لا يقبله عقل سليم ولا منطق ، وإنما المقصود ، ان الله اعطى يحيى الفقه والعلم والحكمة والمعرفة وهو صبيا .
كذلك يدعو النبي ابراهيم ربه فيقول " ربي هب لي حكما وألحقني بالصالحين " ، وطبعا المعنى هنا ليس اعطيني السلطة السياسية لأحكم البلد ، وإنما المعنى ، هو اعطيني العلم والفقه والحكمة . اي ان كل اصل الحكم ، يدور ويجب ان يدور على العدل والعلم ، باعتبار ان من المفروض اننا امة اقرأ التي نزلت عليها هذه الآية بصيغة الجبر .
فهل يا جلالة الملك يسود العدل اطراف مملكتكم السعيدة ، ام في زمانكم زاد الظلم ظلمات ، وتنوعت اساليب القهر و الطغيان والاستبداد ؟
وهنا يا جلالة الملك نسأل مرة اخرى : هل هناك مقعد للدراسة لجميع المغاربة في المدن والقرى والجبال ؟ هل بإمكان كل مغربي عليل مريض ولوج المستشفيات الغير الموجودة بالمداشر والجبال والقرى النائية ؟ هل كل مغربي يحمل شهادة جامعية عليا ، يلج الى سوق الشغل الذي هو حق منصوص عليه في الدستور ؟ هل كل المغاربة يتمتعون بنفس الحقوق وبنفس الواجبات ؟ كيف تفسر يا جلالة الملك ، ان المغاربة وفي العشرية الثانية من الالفية الثالثة ، لا يزالون يسكنون في المغارات والكهوف بضواحي اقليم صفرو ، ويسكنون في دور الصفيح المسيّجة للمدن الكبرى ، وبمختلف القرى والمداشر ؟ اليس ظلما ان يطبق القانون فقط على الصغار ، في حين لا يشمل ( الكبار ) حين ردد وزيركم الاول عبدالاله بنكيران عبارته الشهيرة " عفا الله عمّا سلف " . كيف نحاكم مواطن على رفعه لسكين ، في حين لا نحاكم زوج اميرة استوقفه رجل امن لمخالفته قانون السير ، وعندما طالبه بالأوراق الثبوتية ، عوض ان يمد له اوراق تعريفه ، وصفه بالوبش واخرج مسدسه مطلقا عليه رصاصة في الرجل . وعندما حلت الشرطة مسرعة ، امّنت سلامة زوج الاميرة حين رافقته بمسدسه الى منزله ، في حين ترك الشرطي مثل البعوضة مستلقيا في الارض ؟ اليس هذا وغيره كثير مما يتشكى منه المواطنون من عائلة امحزون بإقليم خنيفرة يجسد قمة الظلم والاستبداد ؟ اين نحن من دولة الحق والقانون التي تستهلك فقط في الشعارات ؟
ثم يا جلالة الملك . لماذا لم تنصِف المهندس احمد بن الصديق الذي تعرض لظلم سافر من قبل المقربين اليك ؟ ولم تنصِف القبطان مصطفى اديب الذي عاصرت مشكلته وأنت امير ؟ ولم تنصف القاضي عنبر ولا انصفت كاتب هذه الدراسة حين تعرضت لظلم فادح من قبل صديقكم فؤاد الهمة ومن قبل مساعده المسمى الشرقي ضريس ، فقط لأنني قمت بدراسة عارضت فيها حل الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحر الذي كتب به ، وأخبركم يا جلالة الملك انني لا ازال اتعرض لاعتداءات هؤلاء الى اليوم . وأتساءل هل هذه الاعتداءات حصلت ولا تزال تحصل بتعليماتكم ، ام ان اصلها الجبان والمريض والحسود المسمى الضريس الذي يستعمل الاجهزة ( المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، والمديرية العامة للأمن الوطني ) واللتان لا تزالان تعملان بنفس الطريقة ايام المقبور ادريس البصري ، في تصفية الحسابات وفي الاعتداء على الناس ؟
انه بعدم انصافكم يا جلالة الملك للمظلوم احمد بن الصديق ، تكونون قد انتصرتم لفاشية المال . وانه بعدم انصافكم للمظلوم مصطفى اديب الذي ندد بالفساد ، تكونون قد انتصرتم لفاشية الجنرالات . وانه بعدم انصافكم للقاضي عنبر ، تكونون قد انتصرتم للفاشية الاسلاموية الرجعية . وانه في عدم انصافكم لكاتب هذه الدراسة ، سعيد الوجاني ، تكونون قد انتصرتم للفاشية البوليسية التي حررت الخطاب الذي القيته بالبرلمان .
اننا يا جلالة الملك لا نحسدك على ما انعمك الله اياه من زرق وخير وفير ، بل اننا ندعو الله ان يضاعف ارباح شركاتكم ويزيد من حجم قصوركم وضعياتكم وأرصدتكم في داخل المغرب وفي خارجه . لكن يا جلالة الملك ، ويا امير المؤمنين ، نحن الشعب العدمي الذي يطالب بالعدل والمساواة ، نؤمن بعدة حقائق اساسية يؤكد عليها الدين الاسلامي ، وتقول بأنه لا يصح لأحد ان يعيش مترفا في دار الاسلام ، وهناك في هذه الدار مسلم او انسان لم يصل الى حد الكفاية وليس الى حد الكفاف . وينبغي ان تعلم ، يا جلالة الملك ، ان حد الكفاية يعني مسكن مناسب ، وملبس مناسب ، ومأكل مناسب ، ووسيلة نقل مناسبة . وانه الى ان يتحقق ذلك كله ، ليس من حق احد ان يعيش في ترف وتبذير ، وإلاّ كانت حياته سحقا وظلما " يأكلون في بطونهم نارا " .
نحن الشعب العدمي ، نؤمن يا جلالة الملك ، ان الاسلام جاء كعقيدة لا تتعرض للتفاصيل الجزئية ، مثل التوصيف البوليسي مغربي وطني و عدمي غير وطني ، وإنما للقضايا الكلية التي نستهدي بها ، وهي انه ليس من حق احد ، ملك ، او شيخ ، او امير ، او ارئيس جمهورية ، او حاكم ، ان يعيش مترفا والناس لم تصل الى حد الكفاف دون الكفاية ، بل وصلت الى الاكل من الحاويات ، وتفريش التربة ، والسكن في المغارات والكهوف ودور الصفيح ، بل الناس وصلت الى حد الموت حين لا يجد مريض فقير من يأخذ به للتخفيف من آلامه .
نحن الشعب العدمي ، نؤمن يا جلالة الملك ، اضافة الى الجانب الفلسفي الذي حدده الدين كحقائق مطلقة . انه لا يصح لأحد في دار الاسلام ان يمتلك شيئا دون حاجة ضرورية . يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز " خذ العف وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين " . ومعنى خذ العف ، اي خذ ما يسد حاجة الانسان الضرورية ، وقد اختلف الفقهاء في المدى الزمني للحاجة الضرورية ، هل هو يوم او ثلاثة ايام او سنة كاملة ؟ انما حتى وفق اضيق التفسيرات توسعا ، لا يصح لأحد ان يمسك لديه من مال خاص ، ما يزيد عن حاجته الضرورية ، بل حتى الحاجة الضرورية يستطيع الحاكم ان يأخذ منها ليرد الى انسان لم يصل الى حد الكفاف او الى حد الكفاية ( ما فعله مؤخرا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ) .
نحن الشعب العدمي ، يا جلالة الملك ، نؤمن ان الدين الاسلامي لا يصادم ما ينبغي ان نتخذه من انظمة سياسية وتفصيلية في حياتنا ، وتقرير مصيرنا ، لأننا يا جلالة الملك لسنا قاصرين ، بل اننا راشدين ، و نحن اعرف من غيرنا بأمور قضايانا ومشاكلنا .
انه مطلوب شرعا وفرضا يا جلالة الملك ، ان نضع النظام الذي يستطيع في مكان معين ، وفي فترة زمنية معينة ومحددة ، مواجهة مشكلات معينة ، على رأسها الظلم البوليسي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي الصارخ ، والفقر والجهل والمرض والتسلط والاستبداد والتخلف .. لخ ، وان نضع من الانظمة والنظريات ، ومن المناهج والأسس ، ما نستطيع به ان نعيش كرماء ، اعزاء ، احرارا ، لأن الله خلق الناس اعزة احرارا ، وخلق ابن آدم خليفته في الارض . فاذا كان الله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه الكريم " ولقد كرّمنا بني آدم " ، فأين نحن من هذا التكريم لابن آدم وهو جائع ، حافي القدمين ، لا مأوى له ، ولا لباس يستر به عورته ، ومعرض للظلم والقهر وسلب حقوقه ويتغذى من الحاويات ؟ .
ان الله سبحانه وتعالى لم يخلقنا ليقدر لنا الجوع ، والعري ، والتشرد ، وهضم الحقوق والظلم ، وإنما الانسان هو الذي فعل ذلك كله ، هي جرائمه ، وعليه ، لا بد من مواجهته ومقاومته ، وبكل السبل والوسائل الممكنة وغير الممكنة اذا اقتضى الامر ذلك ، لإحقاق كلمة الله ، بان يكون الانسان مكرما معززا .
اذن ، ان على الشعب العدمي ان يصرخ ويصرخ ويستمر في الصراخ ، ومن حقه ان ’يضرِب ، وان يعتصم وان ينظم المسيرات للمطالبة بالحقوق ، وحين يزداد الظلم ظلمات ، من حقه ان يثور ضد الظلم والفساد والاستبداد ، لان هذا قانون طبيعي / وسنة كونية متوارثة ، منذ ان خلق الله الدنيا وما عليها .
اننا لا نطلب من الملك ان يرتدي ويمشي بجلابة او سلهام فيه مائة رقعة ، وان ينام تحت شجرة ، وان يركب حمارا او بغلة ، وان يتغذى بثمرة ، لكن ما نطلبه هو العدل والمساواة بإقرار الحقوق والواجبات المواطنية وليس الرعوية .
نحن امة اقرأ التي نزلت بصيغة الجبر ، اي ان الله يأمر امة اقرأ بان تقرأ ، فاقرأ يا جلالة الملك التاريخ لتقرأ الحاضر وتستشرف المستقبل ، وليتبن لك الخيط الرفيع من الخيط الدميم ، وحتى لا تتكرر اقصوصة السلطان عبدالله الصغير ، وحتى لا تكرر يوما ما ، ما ردده والدكم رحمه الله حين سأله صحافي من " الملاحظ الجديد " الفرنسية يومين قبل وفاته ، عن الشيء الذي يكون قد ندم عليه في حيات . فأجاب " ان الشيء الذي ندمت عليه اني كنت اثق كثيرا " .
اذن الآن يا جلالة الملك ، وبعد ان فصّل المربع البوليسي الخطير الذي يقف وراء تحرير الخطاب ، الشعب المغربي الى عدميين ومغاربة مواطنين ، فاذا لم يكن بد من الاختيار ، فاني اختار الانتماء الى الشعب العدمي الذي يطالب بكل حقوق المواطنة ، وبالدولة المدنية الديمقراطية ، دولة المؤسسات وفصل السلط ، دولة العدل والمساواة ، دولة ربط المسؤولية بالمحاسبة .
هذه حقيقة ، وليست تملقا او نفاقا ، ايمانا وقناعة ، وليست تزلفا او ديماغوجية . والآن وبعد هذه الصراحة يمكن للمربع البوليسي الذي حرر الخطاب الملكي ، ان يستغل اسم الملك ، ويأمر بمحاكمتي كما يمكن ان يأمر باغتيالي . لكن اي حكم مهما كان فهو ليس بأبدي او ازلي ، والاغتيال او القتل لا يوقف قطار الحياة .
القمع لا يرهبنا والقتل لا يفنينا ، وقافلة الطريق تشق طريقها بإصرار .




#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين خطاب الملك في 10 اكتوبر 2013 وخطاب 10 اكتوبر 2014 المنتظ ...
- فاشية -- مخزن
- تأثير استفتاء اسكتلندة واستفتاء كاطالونيا المرتقب على الاستف ...
- حكومة صاحب الجلالة ، معارضة صاحب الجلالة
- ولّى زمن الخوف ، فإذا جنّ الليل ، سدّد طلقاتك بلا تردد
- حين تخلى المخزن عن مسؤولياته
- القمع بالمغرب
- الشعب الصحراوي - الصحراء الغربية -- الاستفتاء لتقرير المصير ...
- بدأ العد العكسي لنزاع الصحراء ( الغربية )
- مخزن = اقطاع -- فاشية -- اعدام -- ارض محروقة
- ظهور المذاهب السياسية والصراع الطبقي في الاسلام
- الى ... ك الخليفة ... ميتا
- تقرير قانوني -- فبركة الملفات الكبرى -- محنة قادة الكنفدرالي ...
- هل لا زال لمثيْقِف ( المثقف ) اليوم وعي طبقي
- سبعة واربعون سنة مرت على النكسة - هزيمة 5 جوان 1967 -
- - الائتلاف من اجل التنديد بالدكتاتورية بالمغرب -
- الاسس البنيوية والازمة الراهنة للوضع الاقتصادي والاجتماعي ال ...
- بانكيمون يعين الكندية كيم بولدوك على رأس المينورسو
- تطور اساليب القمع بين الاستمرارية والتجديد
- العنف الثوري


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - لا يا جلالة الملك ما كان ان تميز بين الناس هذا مغربي وطني وهذا عدمي ، المغاربة اين حلوا وارتحلوا هم دائما مغاربة ومواطنون