أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - عذراً لقد أخطأت يانوبل جائزة غيرمهمة ورفضها أكثرأهمية...!















المزيد.....

عذراً لقد أخطأت يانوبل جائزة غيرمهمة ورفضها أكثرأهمية...!


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4602 - 2014 / 10 / 13 - 16:32
المحور: الادب والفن
    



تكاد مندوبة وكالة"فرانس بريس" الفرنسية فرانسوازدوكلوزيه لاتصدق أذنيها، في يوم الثاني والعشرين من ديسمبر عام1964،، وهي تتصل بجان بول سارتر"1905-1980" تعلمه أنه قد منح جائزة نوبل ليجيبها ببرود، وهويتابع تناول وجبته في أحد المطاعم الباريسية قرب منزله:
"أرفض الجائزة وأحتفظ بأسبابي التي سأدلي بها للصحافة السويدية في وقتها" لقد كان لهذا التصريح وقعه الصادم، ليس فقط بالنسبة إلى الصحفية المذكورة، وليس فقط أيضاً على صعيد أوساط النخبة الثقافية في فرنسا، بل وعلى صعيد النخب الثقافية، عامة، في السويد، والعالم على حد سواء، باعتبار أن نوبل هي ذروة الاعتراف الأكبر بأية قامة معرفية أو إبداعية، لاسيما أن رفض هذا الجائزة لم يكن مسبوقاً حتى تلك اللحظة، في سجلها، وإن كان المشرفون عليها، في السويد، لم يبالوا بتصريحات سارتر، بل جدولوا اسمه، ضمن قائمة الحاصلين على الجائزة، ولهذا الكلام دلالاته الكبيرة، بما يعني أن منحهم أحداً الجائزة، لايتأثر بموقفه من الجائزة لا سلباً ولا إيجاباً، وهو ما أدركه سارتر نفسه، بعد متابعته لطبيعة الجوائز التي تمنحها الأكاديمية الملكية.
ولعل سبب برود تلقي سارتر لمكالمة مواطنته الفرنسية، هو أن أنباء شبه مؤكدة، نقلت إليه، عشية إعلان خبر الجائزة، بأنها ستمنح له، ماجعله يوجه خطاباً إلى أسرة الجائزة، يتمنى منهم حذف اسمه من عداد قائمة المرشحين لنيلها، ولعله رفضه للجائزة كان نابعاً عن موقف ضمني، فعلي، غير استعراضي، لاسيما أنه امتنع عن الذهاب لحضور حفل الجائزة، بل رفض استلام "الشيك"المصرفي بمبلغ مئتين وثلاثة وسبعين كروناً سويدياً، بما يعادل ثلاثمئة ألف يورو، وفق حسابات وأرقام تلك المرحلة.
ومادمنا في إطار تتبع تاريخ رفض هذه الجائزة، فإنه-وللحقيقة- ثمة مواطن لنوبل، طالب اللجنة المشرفة على منح الجائزة باستبعاد اسمه، وهوإكسيل كارلفيلدت في العام1919، وإن كانت ستمنح له، بعد وفاته في العام 1931، وذلك لأن نظامها الداخلي-آنئذ- لم يكن قد أسقط الراحلين، من قائمة المرشحين لها، ومؤكد أننا-هنا- أمام حالة، وموقف من لدن مواطنه هذا، من الممكن تتبعه، لمعرفة الأسباب التي دعته أن يتهرب من القبول بالجائزة مادام حياً، بل ويمكن معرفة إصرار لجنة الجائزة على منحها له- رغم حضوره الإبداعي كشاعر- إلا أن ذلك يدخل في إطار الحرص على اسم الجائزة، وإبعادها عن أي شبهة، واعتبارها جزءاً من الإرث الثقافي المعرفي السويدي بامتياز.
وأتذكر، أنني في العام 1994، وفي حوار مطول، أجريته مع الشاعر شيركو بيكس الذي استقال من كرسي وزارة الثقافة الذي أسند إليه، سألته عن جائزة نوبل، على ضوء أطروحات راحت ترشح بعض الأسماء إليها، ولو عبر مخيلاتها، انطلاقاً من مكاناتها في المشهد الثقافي، وكان رده المثير على سؤالي"إن عدم نيل نوبل أيضاً مهم"، رغم أن هذا الشاعر السويدي الكردي، يعد هو الآخر من مواطني نوبل نفسه، وأطفأ كلتا عينيه، على مقربة مسافات تقاس بالأمتار من الأكاديمية العلمية السويدية.

ألفريد نوبل سيرة من دم:
فتح ألفريد نوبل"1833- 1896 " عينيه في أسرة فقيرة، تحسنت أحوالها المالية، بعد اشتغالها في مجال صناعة الأسلحة، عبر معمل خاص من عداد ملكيتها، فقد اغتنت بشكل لافت أثناء حرب القرم، بيد أن انتهاء الحرب جعل أوضاع الأسرة يستاء اقتصادياً، إلى الدرجة التي أعلنت إفلاسها في العام1859، إلى أن أحدث ألفريد تحولاً في تاريخ مصنع الأسرة، لاسيما في مسار صناعة"المتفجرات" عبر نيله"براءات اختراع عديدة" قد يكون أولها اختراع جهاز كبسولة تفجير لمادة النيتروجلسرين الذي اكتشفه زميله أسكانيو سوبريرو.
ولعل ما يؤخذ على نوبل أن أسرته نفسها دفعت ضريبتها، بسبب اشتغالها في مجال المتفجرات، إذ قضى خمسة عمال في مصنعهم في استوكهولم في العام 1864، من بينهم شقيقهم الأصغر إميل، أثناء استخدام النيتروجلسيرين، حيث أن ردود فعل الرجل كانت عادية، ولم يتذمر، أو يتعظ مما تم، لاسيما أن دفع ضريبة التفجيرات بدأت من أسرته نفسها، بل إنه مضى أبعد من هذا، من خلال بناء مصانع عديدة، لاسيما بعد اختراعه لمادة الديناميت" وهي تعني: السلطة في اليونانية"، وباتت براءات اختراع هذه المادة تتوسع دائرتها، في بلدان عالمية عديدة، ومن بينها الولايات المتحدة، بل والمملكة المتحدة إلى الدرجة التي بلغ عدد مصانعه التسعين، في أنحاء العالم، كما راح يطور مختراعاته، لتكون هناك مادة الباللستيت، ويزداد شأنه، وينتخب عضواً في الأكاديمية الملكية السويدية.

وهم السلمية
مرافعات خرساء:
يروج المرافعون عن الفريد نوبل بأنه اخترع مادة" ثلاثي نترات الجلسرين" التي تطورت، لتكون في صيغة الديناميت، من أجل استخدامها في عمليات العمران، وشق القنوات الجبلية، أوفي المناجم، لاستخراج الحجارة، أو الفحم الحجري، بمعنى أن الدافع وراء اختراعه هذا كان سلمياً، بيد أن نوبل نفسه كان على علم أن الوجه الآخر لاستخدام هذا المخترع ليس وارداً فقط، وإنما يتم توظيفه في الحروب، لأن جزءاً من إنتاج مصانعه كانت تشترى من قبل القوات العسكرية، في الدول العشرين التي حصلت على براءات هذا الاختراع، وتحت إشرافه المباشر.
صحيح، أن نوبل صاحب مقولة" الحرب هول الأهوال و وكبرى كبريات الجرائم"، ولكن كل هذا لا يسوغ توظيف مخترعه في الجانب الآخر، إن جاز لنا أن نكرر مقولة"الديناميت سلاح ذو حدين"،لاسيما إذا علمنا أن من راحوا ضحايا هذه المادة، عبر قرن ونيف، وصل الملايين، بل أن منجزه لم يبق بين أيدي الجيوش المحاربة-وحدها- وإنما بات بين أيدي الإرهابيين، إلى الدرجة التي يمكن القول فيها"ما من عمل إرهابي يتم إلا ومخترع نوبل الديناميتي حاضر فيه، بل المادة الرئيسة التي ينفذ بوساطتها الإرهاب جرائمه"، وعلى هذا النحو، فإن تدمير أضرحة وتماثيل الشعراء والفنانين والعلماء وحتى الأنبياء...!، كما يتم الآن من قبل ظلاميي العصر، لا يتم إلا عبر الاستعانة بمخترعات هذا الرجل، ناهيك عن المجزرة الإنسانية المفتوحة التي يكملها هؤلاء الظلاميون في المنطقة، والعالم، ولسان حالهم من يقدمون باسم"داعش"..!.
ولعل جائزته التي أطلقها، لتكون بمثابة"باقة ورد في ذكرى حب قديم" كما قال ذلك للفتاة التي هام بحبها، ورفضته، وكانت حبه الثاني، وهي الكونتيسة بريتاكينسكي، بعد أن استضافها في السويد، واقترحت عليه الفكرة، وإن كان لعامل فشله في الحب ثلاث مرات مع" الروسية إلكسندرا، وسكرتيرته نمساوية الأصل: بريتا كينسكي و" هيس صوفي التي لم يقتنع بها رغم تأثرها به وإخلاصها له" أثره البليغ في نفسه، لاسيما أنه مات أعزب، دون زواج، بعد مرحلة مديدة من الكآبة. ويمكن أن نذهب-هنا-في اتجاه آخر، لنقول:ماذا كان سيفعل نوبل لو طلبت منه تلك المرأة أن يوسع دائرة اختراعاته، لتؤذي أكثر، وهو الذي وهبها كل ثروته مقابل أن تقبل به، إلا أنها رفضته، كأي بطل قصة حب مأساوية وفاشل...!
إن الاختراع الأرعن، من قبل نوبل، هو أحد وجهي موهبته الفريدة، مادام أنه كتب الشعر والسرد، وقد طبع له كتابه الذي ضم أربع مسرحيات عن بياتريس سينسي، و هي مستوحاة من شيلي" بيد أن نسخها ماعدا ثلاثاً منها أتلفت لما فيها من فضيحة غير لائقة به بحسب المعنيين بأمره- وكان في إمكانه تطوير موهبته، مادام أنه أتقن ست لغات عالمية، في وقت مبكر، وكتب الأدب بأكثر من لغة منها، ولا يمكن أن تشفع له جائزته التي أطلقت ترجمة لوصيته بخصوصها في عام" 1895"، أي قبل سنة من رحيله، وأعطيت لستة من العلماء الذين غيروا وجه المسيرة العلمية كما آنشتاين، وماري كوري و جيمس واطسون ومارتن لوثركنج بالإضافة إلى أسماء بعض العظماء في عالم الأدب والإبداع.
محاكمة نوبل:
بعيداً، عن تقويل نوبل، ما لم يقله، من صريح العبارة حول ندمه على اختراعه أداة القتل والدمار، وترجمة ذلك، خارج إطار ما يسميه بعضهم بمنح الجائزة لمن يخدموا البشرية ويسعدونها من العلماء والمفكرين والمبدعين، متخلياً عن ثروته التي يدخل فيها ما حصل عليه لقاء استخدام الديناميت في الحروب، فإن ما كان مطلوباً منه، لم يقم به، فقد كان من الممكن أن يغلق أبواب كل مصانعه، ولو على نحو رمزي، متعظاً من المأساة التي تعرضت لها أسرته، باعتبارها، من أولى الأسر التي تضررت بهذا الاختراع اللعين.
لقد استفزني، قبل أيام، وأنا أجد عبر"اليوتيوب" منظر مجرمي داعش، حيث هناك أكثر من سبطانة موجهة إلى رأس طفل رضيع، وبعيداً عن الاستمرار في وصف هذا المقطع المأساوي، الذي لا أتحمل شخصياً المضي في الغوص في المزيد من تفاصيله، في الوقت الذي تهدم البيوت فوق رؤوس ساكني ريف ومدينة كوباني الكردية، عبر غزوة هؤلاء الوحوش في صور آدمية، ترى، هل تفكر الأكاديمية السويدية بحال طفل كوباني، وتدرجه على قوائم جائزته، باعتبار قوائم نوبل لا تشير إلى اسم كردي نال الجائزة حتى الآن؟.
أجل، إن الحصول على جائزة نوبل-باعتبارها أكبر وأشهر جائزة عالمية على الإطلاق- طريق إلى الشهرة، باعتبارنا لا نعرف كثيرين من حاصليها، إلا بعد نيلهم لها، وإن كانت" قبلة وداع الميت" التي تخوف منها سارتر، أو مراسيم تحنيطه، وهو بعد على قيد الحياة، بيد أن القبول بها، نوع من القبول بالتكفير عن خطيئة قابيلية، تتعايش معنا، يومياً، ولا يفتأ يعلن عنها مع كل سنة نوبلية جديدة، لنكون شهوداً، سلبيين، متلقين، لخطر يهدد كلاً منا، بلا استثناء، مادام أي حفل تكريمي للحاصلين على الجوائز، بل أن نوبل الذي كان"عداد الغاز" أول اختراع له، فإن عداد ثروته، وضخ الأموال إلى رصيده البنكي، يتعاظم، في كل برهة، من خلال صنبوري: العمران/والدماروالقتل .. المتناقضين، حيث لا أثر للأول، ولا الوجود البشري في ظل ديمومة خطرالثاني منهما، بل أن حياة وضريح أي حاصل عليها، ناهيك عن حياة سلالات هؤلاء، ليس في منجى، وحرز، من خطر استخدام المخترع النوبلي، بمن فيهم نوبل نفسه، ما يجعلنا نكرر مقولة بيكس نفسها" عدم الحصول على نوبل مهم أيضاً".



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيلسوف أحمد البرقاوي يفكك مشكلة الأنا والذات في مواجهة ثقا ...
- ساعة مشعل التمو:
- بطولات المدن
- -رسائل إلى أيان-:
- لمن أكتب؟
- في رثاء الشاعر الذي استشهد مرتين:
- صمت المثقف
- مرافعات صامتة للغة صاخبة:
- ثنائية الجمالي والمعرفي في النص الفيسبوكي:
- الإرهاب على الأبواب المطلوب استنفاركل الكتاب الغيارى
- كوباني غراد
- قلعة كوباني
- مابعد داعش
- ثلاثية المكان الكردي:قامشلوكامه
- حنجرة غيرمستعارة
- عنق الثقافة وساطور أبي بكرالبغدادي في رصد مواقف داعش من التع ...
- التنكيل الثقافي:
- شنكالنامة
- موسم الهجرة إلى* الجهات الخمس..!
- الكائن الإلكتروني


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - عذراً لقد أخطأت يانوبل جائزة غيرمهمة ورفضها أكثرأهمية...!