أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد أبو زيد - الحرب العالمية الثالثة















المزيد.....

الحرب العالمية الثالثة


محمد أبو زيد

الحوار المتمدن-العدد: 1294 - 2005 / 8 / 22 - 07:00
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لقد رأيت السواد يخيم على كل شيء، والموت يلتف بنا وغدا المكان خاليا من الحياة، لم أكن أسمع، لم أكن أرى، فقدت إحساسي بالأشياء، كان الشرر يتطاير أينما يذهب بصرك، والرماد يعم المكان، وترى الناس وجلودهم تتدلى من عليهم وثيابهم ممزقة يشبهون الأشباح، لم أسمع صوتا ولا نفسا، كان الناس يتحركون ببطء وكأن الجحيم فتح أبوابه، بحياتي ما رأيت الجحيم، لكن ما رأيت كان بشاعة تفوق الإدراك، لهنيهة فقدت إحساسي بذاتي، لم ألحظ إصابتي بحروق، لقد شللت عن كل إحساس، يا للهول!!» هكذا حكت العجوز اليابانية شيغيكو ساساموري، إحدى المصابات الناجيات من القنبلة التي ألقيت على مدينة هيروشيما، والتي استطاعت وأختها التي ألقيت على ناجازاكي إنهاء الحرب العالمية الثانية لصالح أميركا بعد أن دخلت بالعالم عصر السلاح النووي، ولكي تصبح بعدها إحدى الدول العظمى في العالم، قبل أن تنفرد بهذا العرش بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بعد حرب عالمية ـ باردة هذه المرة ـ مع أميركا أيضا.
لم يعرف العالم مسمى الحروب العالمية إلا مع بداية القرن الماضي حيث انطلقت الأولى من 4 أغسطس 1914 وحتى 11 نوفمبر 1918 والثانية بين عامي 1939 و 1945 وانتهت بالقنبلتين وبدمار شامل، أما الحرب الثالثة فكانت أطول نفسا، ولم يستخدم فيها السلاح وإن كانت أبعد أثرا حيث استبعدت إحدى القوتين العظميين في العالم وانفراد أميركا بدفة سفينة العالم، واستمرت هذه الحرب من أزمة برلين 1949وحتى سقوط سورها 1989 أما الحرب العالمية الرابعة فهي التي يتنافس العالم الآن على صناعتها.
ويبدو أن تعبير الحرب العالمية أصبح من التعبيرات التي تتسابق وسائل الإعلام المختلفة على إطلاقها على الحروب فور وقوع أي حرب، فبعد انتهاء الحرب الباردة تسابقت وسائل الإعلام لكي تطلق هذا الاسم على حرب الخليج، وحرب البلقان، وحرب أفغانستان الأخيرة، إلا أن الحرب التي تردد عليها الاسم كثيرا فهي الحرب التي يزعم الرئيس الأميركي جورج بوش أنه يقودها ضد الإرهاب، والتي بدأت باصطدام طائرتين ببرج التجارة العالمي بأميركا يوم 11 سبتمبر 2001، تبعها تصريح بوش بأنها «حرب صليبية جديدة» قاد بعدها حربا ضد قوات طالبان، ثم ضد العراق، وتلوح الآن في الأفق حروب جديدة ضد سوريا وإيران، وكله تحت راية الحرب ضد الإرهاب. وربما ساهم في تعزيز هذه التسميات تصريح بوش بأنه يقود حربا عالمية ضد الإرهاب، وهو ما جعل تكتلا من الدول يقف وراءه ضد هذا الكيان الغامض غير المحدد الملامح ولا المكان وغير واضح التعريف، كما أن هذا التكتل يذكر بالفعل بالتكتل الدولي إبان الحربين العالميتين الاولى والثانية.
والجدير بالذكر أن أميركا منذ انتصارها في الحرب العالمية الثانية، واستسلام اليابان بعد إبادة مدينتيها، هيروشيما وناجازاكي، وجدت نفسها قوى عظمى وحيدة في العالم وزاد الأمر بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من اللعبة وسقوط الكتلة الشيوعية والفكر الاشتراكي وهو ما جعل الساحة تبدو خالية تماما أمامها، وإذا كانت أميركا عاشت الكثير من عمرها تبحث عن عدو لتنتصر عليه فإنها هذه المرة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي لا تجد عدوا يليق بجبروتها، لذا فإن توصيف الإرهاب يبدو مناسبا تماما أمامها كعدو، خاصة وأنه بلا ملامح وغير معروف مدى قوته من ضعفه.
قواعد اللعبة تقول انه لكي تكون هناك حرب عالمية جديدة فلا بد من قوتين كالحلفاء والمحور: أسامة بن لادن يبدو مناسبا تماما، خاصة وأنه يشبه جورج بوش ـ الطرف الآخر ـ إلى حد كبير، فكلاهما يقسم العالم إلى فسطاطين: بن لادن يقسمه إلى مسلمين وكفار، وبوش يقسمه إلى «معنا أو ضدنا»، والتقسيمان لا يختلفان كثيرا، وصاحبا التقسيمين يريدان أن يقودا العالم إلى حافة الهاوية، وهما جديران للقيام بذلك.
لكن لا يمكن هنا إغفال دور الإعلام والسماوات المفتوحة والإنترنت في تضخيم حروب العصر والتسابق لذلك على تسميتها بحروب عالمية، فعلى شاشات الفضائيات شاهدنا سقوط بغداد، وسقوط صدام، وهروب الملا محمد عمر وتهديدات الظواهري وقصائد بن لادن في رثاء شهدائه، إن وسائل الإعلام من أجل سبق إعلامي تريد أن تدخل بالعالم حربا عالمية جديدة، ويجمع المراقبون أنه إذا كان ثمة حرب عالمية قادمة فإنها لا ريب ستكون مختلفة عن سابقتها كما اختلفت الثانية عن الأولى، سيكون فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب إنسان مسكين.
الحرب العالمية الثانية أدخلت العالم إلى عصر القنابل النووية التي فاجأت أميركا العالم بها وقتها، لذا فعلى الحرب العالمية القادمة أن تحمل مفاجأة جديدة، وهناك من يعملون على ذلك الآن، وهناك من يسعون من أجل حرب جديدة. الحرب العالمية الثانية استمرت ست سنوات، خسرت فيها البشرية حوالي 17 مليونا من العسكريين وأضعاف هذا العدد من المدنيين، ومن أبرز نتائجها إسقاط قنبلتين ذريتين على اليابان، والحرب التي تقودها أميركا اليوم ضد الإرهاب بدأت أواخر عام 2001 وسقط فيها آلاف القتلى، واستخدمت فيها أسلحة ممنوعة وتم التلويح فيها بأسلحة بيولوجية وانتقلت من مكان إلى آخر، لكنها لم تنته بالنصر لأحد بعد. أما اليهود فإنهم كانوا أحد أطراف الحرب العالمية الثانية، أما دورهم في الحرب الدائرة ما زال موضع تساؤل.
ورغم هذه الهرولة الإعلامية على مسمى الحرب العالمية، إلا أننا نلمح حذرا عالميا من هذه الحرب، تستغله بعض الدول لحسابها، وربما كان هذا سببا في الدعوة لمؤتمرات نزع أسلحة الدمار الشامل، وتجريم بعض الأسلحة، وتسميتها بالمحرمة دوليا، وإن كان هذا لم يمنع من وجودها أو استخدامها في بعض الأحيان أيضا، بل إن هذا السبب كان مبررا لأميركا لاحتلال العراق بزعم البحث عن أسلحة كيماوية، وسبب الصراع بين أميركا وكوريا، وبين الهند وباكستان، وأحد أسباب الحملة التي تشنها أميركا ضد إيران، وسببا لوجود معاهدة منع الانتشار النووي التي ترفض إسرائيل التوقيع عليها، كما أن هذا لم يمنع الدول من صناعة هذه القنبلة بداية من باكستان إلى كوريا الشمالية المجاورة لليابان إلى الصين والهند وغيرهم، بل إن بعض التقارير تقول ان هناك ما لا يقل عن ثماني دول تمتلك القنبلة النووية.
لكن من المؤكد أنه بالرغم من ذلك أنه إذا كانت ثمة حرب قادمة فلن تكون نووية فقط، وإذا كانت الحرب السابقة قد أطاحت بمدينتين فلن تكتفي بهما الحرب القادمة.
قراءة سريعة لأهم الحروب التي وقعت بعد الحرب العالمية الثانية سنجد أن جزءا كبيرا منها تركز في منطقة الشرق الاوسط، وكان الطرف الأساسي فيه إسرائيل، وهنا سنجد حروب 1948، 56, 67,، 1973، وهناك حربان أخريان قادهما العراق ضد إيران والكويت، وهناك أيضا الحرب الأميركية الفيتنامية، والحرب الباردة، ويلاحظ اختفاء عدد كبير من الدول التي لعبت دورا أساسيا في الحرب العالمية الثانية من الساحة وانشغالها بالتنمية مثل اليابان وألمانيا.
في السادس عشر من الشهر الماضي بدأ عدد من دعاة السلام ومن الرهبان البوذيين رحلة طويلة سيرا على الأقدام، يحملون شعلة حقيقية مستمدة من اللهب الذي خلفته قنبلة هيروشيما على أمل إطفائها في مختبرات ذات المنطقة التي شهدت ميلاد القنبلة الذرية لطي صفحة مزعجة من صفحات التاريخ، وفي هذه الأيام أيضا وقعت تفجيرات في لندن وتلتها أخرى في مدينة شرم الشيخ وتتلوها وتسبقها انفجارات يومية في العراق، وبين الطرفين يقف شبح يسمونه الإرهاب.
ومع أن ثمة تشابهاً بين تبرير إلقاء القنبلتين الذريتين على اليابان منذ ستين عاما وبين الحرب التي تشنها أميركا الآن على العالم، حيث زعمت أن القنبلتين أنقذتا أرواح مئات الألوف من البشر بل الملايين بتعجيلها إنهاء الحرب وتفادي احتلال اليابان وهو ما يتشابه مع تبريرها الحالي لاحتلال العراق وأفغانستان، إلا أنه يبقى سؤال أخير: إذا كنا نعرف عدد قتلى الحرب العالمية الثانية فهل لنا أن نعرف عدد قتلى وشهداء الحرب الدائرة الآن باسم الحرب على الإرهاب بين الفسطاطين المتناقضين المتآلفين: جورج بوش وأسامة بن لادن؟ علنا نعرف هل هي حرب عالمية جديدة؟.



#محمد_أبو_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرصفة القاهرة : هامش الحياة حين يصبح متنا
- هكذا يلعب الفن بالأشياء
- ناجي العلي: ليه يا بنفسج تبتهج وانت زهر حزين
- بطرس غالي ينتظر بدر البدور
- في فلسطين يحتفلون بالأعراس حول فناجين القهوة
- الحياة بالأبيض والأسود


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد أبو زيد - الحرب العالمية الثالثة