أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - ليالي المنسية (رواية) الجزء 31















المزيد.....

ليالي المنسية (رواية) الجزء 31


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 4599 - 2014 / 10 / 10 - 17:11
المحور: الادب والفن
    


14تموز/1981

تعربد إذاعتنا،تربط زهو الماضي بـ(خربطة)الحاضر،العدو يقصف،يريد أن يميت فرحة السلطة بعنوان كرامتها،بيوم ميلادها،تلك هي ملابسات سياسية،توظفها السلطات الفارغة،غايتها ملئ العقول الفارغة بموسيقى العز،تريد أن يغدو المواطن حيواناً مروّض الرغبات،مطيعاً،يعطي كل ما يملك،ويأخذ ما تقطره قطّارات الثورة في صحون الفقراء والمنتظرين،الجنود يلعبون بأحجار الدومينو،لعبة قتل الفراغات الحياتية.
جاءني(صباح)،وخرجنا نتجول بين النخيل،تنهض رغبة المغامرة عندما تتحرر من قبر الملجأ،تمشي وتحدوك الرغبة أن لا ينتهي الدرب قبل أن تنتهي الحرب.
ظلّ(صباح البصراوي) يحكي عن جنونه،عن آثامه التي تتواصل معه،عن شذوذه،عن سرقاته،عن ليالي شديدة قضاها في الشوارع والنوم على الأرصفة،كل هذا الانحراف توالد بعدما ربط والده مصيره بفتاة صغيرة،تلك الفتاة راحت تفرض عليه أوامرها الأنثوية المدمرة،كان الأب شيئاً فشيئاً يتحول إلى حمار مطيع،وجاء اليوم الموعود،وجد نفسه مرمياً،بناء على رغبة تلك العروس.
فقد صلته بالحياة،كان يجب أن يعيش،سرق وشذ،تعلم المكيدة،تعلم كيف يخمد صرخات روحه وهلع جسده،تعلم فن التسكع بإمتياز.
قرب مجمع بيوت وقفنا..قال:
((لا أحتمل نفسي))
((لا أفهم كلامك))
((انتظرني لحظة؟!))
دخل البيوت وعاد،مشينا من جديد،عرفت مقصده،تكلم:
((ربما سأهرب إلى البلدة إن لم يحالفنِ الحظ هذا اليوم))
((حسناً..يمكنك أن تستمني))
((أنت مجنون،هل تترك هذه السعادة المجانية وتحرق أعصابك بـ بلاش))
صمت.
عند بيت منفرد،لمحنا جندي يخرج وضاع في أحراش النخيل..قال:
((وجدتها!))
تركني ومضى،جلست عند حافة الجدول،لا أعرف لم تحركت مشاعري،وجدت نفسي ألاعب ثمرة عواطفي وذبت في بركة لذة كسولة.
عاد(البصراوي)متهلل السريرة،منتعشاً كأنه خارج من خدر عروس..تكلم:
((ليتك تجرب هذا))
سقط عيناه على تلك البقعة المتناثرة..قال:
((يا لك من غبي،تهدر حياتك هدراً))
عدنا.
قبل الملجأ،ألقى أسماله وهبط يسبح في الجدول كما ولد.
وصلنا الملجأ،وجدنا الجميع في حيرة..قال(صلاح):
((غداً نغادر ـ الفداغية ـ إلى الفاو))
تألم(صباح)،وجدت نفسي في حيرة وفرحة،تغلبت الفرحة،ففي خيالي شع ضوء أنار لي مساحة فرح،كان الهاجس المتوالد،هو إمكانية إيجاد فاكهة جديدة،لابد من عائلات ما تزال منفلتة من القرارات العسكرية المتبدلة.
جاءت سيارة الغداء،تناولنا غداءنا،بعض الجنود تراخوا وغطوا في القيلولة،بقيت أحدق في سقف الملجأ،أحاول أن أجد دافعاً يلقيني في لجة النعاس كي أنام قليلاً.
***
((أعبر حدود الألم/أسقط في وحل الندم/تجابهني متاهة/أعرف أنني ابتدأ رحلة النداهة))
***
((على مذبح الصمت أستلقي/علّ رفيقة من متاهات الخيال جنبي تستلقي/خولة/أميرة/بدرية/فريدة/ جيهان/إيمان/حمدية/سميرة/كريمة/أم عليوي/أو ـ وداد ـ/أية رفيقة أضاعت قلادة أخلاقها/وسبحت في بحيرة الفساد/تأتي لنزرع ألغام عذاباتنا/على أديم الحرب/لندفن راحتنا في مقبرة اللذة/على ذمة البلاد))
***
((عالياً ترنو أصابع رغباتي/تمد أعناق ثورتها إلى الأبد/الحرب أعراس/الحرب نشيج يلتبس كل الناس))
***
((مجيئك الآن/يجدد تفسيري لحياتي القادمة/من غيرك..حياتي/قبضة رمل/في رياح الأمل))
***
((مجيئك الآن/قد يقلب مزاجي ويدخلني في فرن القدر/دائماً تذكارك/عتمة تتكشف عن نهاية العمر))
***

19تموز/1981

الفاو..رهان رابح عندما تنام الحرب،مرتع يلعب فيه أصحاب الأورام العاطفية،هناك حيث الشط يتخثر،ترسو السفن،تقام أعراس أبدية،تخاليط بشرية،من كل الأعراق والأجناس،لغة السلام تجمعهم،العيون لم تجلب في رحلتها قاموس الغضب،تنزل بضائع وتصعد بضائع،من بطون(الأبلام)تتعالى صليات التصفيق،ألسنة تغني حياتها وهي تهيئ السمك والمحار وسرطان البحر،البعض يعلن عن طيور البط والخضيري والنوارس وهي تصيح وترفرف،والبعض يكتفي بعرض أكياس الخضاب.
عالم مادي متسامح،نساء جاهزات للرقص واللهو،يبحثن عن مسافر يريد راحة،تغيب الأطماع،الكل يندمج في قتال الروح وشرب مسيل العافية المتناثرة على كل شبر من المدينة.
تبدو المدينة ضاجة بالفرح،من فوق المنازل،رؤوس تطارد مهرجان الخلود لمدينة لم تذق طعم الرصاص،مذ عج في فضاءها توابل الهند.
أنها الحرب.
تصرخ الطبيعة،الحرب غول يؤرقه الفرح،يطارد قوافل العافية.
أنها الحرب.
تهرب الناس،تتوقف السفن،تهرب الأسماك والكواسج والسلاحف،تهرب رائحة التوابل وتغزو رائحة البارود.
بيوت نائمة،تنتظر مسيح الحرية،تنتظر موت المدافع لتعيد رقصاتها التاريخية.
كل شيء راكد،النوافذ مشرعة،الأبواب مخلوعة،تمر عبرها همسات الصبايا بحثاً عن القلوب التي نزفت أناشيدها العاطفية زمن العافية.
أتجول،من خلال مكامن غير أمينة،تبدو السفن حزينة،مائلة،نائمة،كأنها عاشقات على الدرب،ينتظرن عودة فرسان القلوب من المدن البعيدة.
أدخل إلى غرف النوم،تنهض بوجهي شهوات الليالي المجيدة،أهرب لتجابهني العصافير بأحزانها.
أتجول..كل شيء يسكنه الأمل،تصرخ أغواري،أنها الحرب،في الحرب يرحل الأمل.
أعود.
الجنود في غرف مؤثثة يتحاورون أو يتشاجرون حول الثرثرات العقيمة.
يقول صلاح:
((أكتب عن الفاو..عروس المدن الضائعة))
((عندما يشتد الحزن على الأقلام أن تغني))
((الفاو..قصيدة لم تكتب بعد))
((من يدري،ربما كان من بين العابرين شعراء وروائيين ومخرجي أفلام عالمية))
((ما تقوله عين الصواب،لكن من يسمح بمرور الشعر الصريح عبر الحدود ليسكت آلامنا؟))
((لا أملك تعقيباً على كلام ممنوع))
يفهمني(صلاح)وأفهمه.
في المدن الجديدة تنتفض المشاعر،كلام نافع يرقص كي يهدأ القلب.
***
((لمحتكِ مرة بين أمواج الشطِ تحاولين إغرائي/مكسور الشراع/متهدم الخاطر/كل شيء يثنيني من تلبية النداء/أدنو من التيارات الجارفة/تخدعني وتردعني/وتلقيني على الجرف بقايا أشلاء/لا أجيد فن العوم في بحيرة يكهربها الأعداء/من أفق متحرك،تنادين/هذا الكائن المشلول/عاشق/لا يعرف درباً أو معبداً يبارك له خطة الوصول/السبيل إلى عرشكِ المائي مشلول/لا أحد يمد يد العون في ظل الحربِ/أو يوقف همجية هذه السيول/هل معقول؟/مكتوف الرغبة/تحاربني شراسة الفصول/وأنت في بحر الحبِ تقيمين عرسكِ الدائم/وتمدين موائد الولائم/وأنا أسكن الجوع المهول/من أفق الرغبة يهبط كهل الكلام/ينير الدروب القديمة بمسلة أحلام/تهرب الأيّام/تتجندل الأعوام/تذبل أحراش الأوهام/فتزف نوارس البحر أناشيد السلام/عندها أسقط من كابوس الرحلة/فتضج ساعاتي بدورة آلام/ألقي عصاي وأفترش جحيم الملح/أهذي قليلاً وأنام))
***



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 30
- ليالي المنسية(رواية)الجزء 29
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 28
- ليالي المنسية ( رواية ) الجزء 27
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 26
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 25
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 24
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 23
- ليالي المنسية (رواية) الجزء 22
- ليالي المنسية (رواية)الجزء 21
- ليالي المنسية(رواية)الجزء العشرون
- ليالي المنسية(رواية)الجزء التاسع عشر
- ليالي المنسية (رواية) الجزء الثامن عشر
- ليالي المنسية(رواية)الجزء السابع عشر
- ليالي المنسية(رواية)الجزء السادس عشر
- ليالي المنسية(رواية)الجزء الخامس عشر
- ليالي المنسية(رواية)الجزء الرابع عشر
- ليالي المنسية(رواية)الجزء الثالث عشر
- ليالي المنسية(رواية)الجزء الثاني عشر
- ليالي المنسية(رواية)الجزء الحادي عشر


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - ليالي المنسية (رواية) الجزء 31