أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجب الطيب - الرواية الفلسطينية في الشتات ( 2 _ 3 )















المزيد.....

الرواية الفلسطينية في الشتات ( 2 _ 3 )


رجب الطيب
(Rajab Ata Altayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4598 - 2014 / 10 / 9 - 09:17
المحور: الادب والفن
    


الرواية الفلسطينية في الشتات

( 2 _ 3 )


الشتات أو المنفى زماناً:
إذا كانت واقعة النكبة قد بدأت عهداً جديداً مأساوياً للفلسطيني اللاجئ والمواطن معاً، فإنها قد ضربت النصّ الفلسطيني على رأسه، فهي لم تقطع خط تطوره الطبيعي خاصة في حقل الرواية، الذي كان سوف يكون على مستوى أشقائه العرب في الجوار، ولكنها أيضاً دفعته إلى دائرةٍ من فقدان الاتزان الانفعالي، حيث انتشرت نصوص البكائيات، الشعرية الخاصة، بعد حدث النكبة مباشرة.
أما النصوص الروائية التي ظهرت بعد النكبة، وربما بعد سنوات طويلة منها، وتناولتها، فإنها لم تقدم شهادة كاملة عنها، بل مقاطع تراجيدية منها (بئر الشوم/ فيصل الحوراني).
هذا الزمن الذي يسميه د. علي عودة بالزمن الحزين في الرواية الفلسطينية (1952-1967م) ويقدم نماذج روائية يطلق عليها "روايات الزمن الضائع": طريق فلسطين لعلي أبو حيدر 1959، دموع لا تجف لنبيل انشاصي 1959، دقت الساعة يا فلسطين ليوسف سالم 1962، شفاء إلى الأبد لعوني مصطفى 1963، الفردوس السليب وضمير وقلب لسمير قطب 1963، ضحية بريئة لعوني مصطفى 1964، حبّات البرتقال لناصر الدين النشاشيبي 1962، وعناصر هدّامة ليوسف الخطيب 1963م.
ويقول الدكتور عودة عن هذه الروايات بأنها كانت تدويناً مباشراً للمأساة، اتسمت بالتسجيلية والخطابية. ويضيف قائلاً عن "عناصر هدّامة" بأنها طفحت بالنواح والبكاء فقط، ولم تشر إلى المستقبل أو إمكانية الفعل(1).
لابد من الإشارة هنا إلى أن الشرط الاجتماعي اللازم لكتابة الرواية، والذي يتطلب استقراراً مجتمعياً، كذلك اتكاءً على ارثنا الشعري، وإيقاع الواقع الفلسطيني، فقد اعتلى الشعر الغنائي منصة القول وواجهة الكتابة، ومقابل عشرات الشعراء الفلسطينيين المجيدين، كان غسان كنفاني – وحده تقريباً – يكتب رواية فلسطينية مقروءة في أوائل الستينات.
يكاد يكون زمان الرواية الفلسطينية في المنفى مدوّراً، أي ثابتاً عند أو حول اللحظة المركزية – لحظة النكبة – وهذه الرواية إذا كانت لم تقم بتسجيل النكبة، لأسباب لسنا بصدد البحث فيها، فإنه يمكن القول بأن الرواية الفلسطينية مازالت حتى اللحظة، تسعى إلى كتابة رواية النكبة، التي قد لا تجيء حسب تقديرنا عبر نصٍ واحد، حتى لو كان ثلاثية أو رباعية أو خماسية – رغم محاولات البعض – بحيرة وراء الريح / يحيى يخلف على سبيل المثال، بل يمكن أن تكون عبارة عن رواية جماعية، أي عشرات النصوص التي يكتبها جيل روائي، لم يظهر بعد – وربما كان هذا هو ما يبرر الحديث هذه الأيام عن الانخراط في التسجيل الشفاهي لرواية النكبة، وظهور العديد من المحاولات لكتابة رواية فلسطينية، تجعل من النكبة – الفعل المستمر، دائم الحضور – موضوعاً لها، أو جزءاً من الحدث بالطبع.
رجال في الشمس، ما تبقى لكم لغسان كنفاني والطريد لنواف أبو الهيجا. محاولات لاجتياز الزمن الفلسطيني الصعب بكل سلبياته وتعقيداته. وهي تتأرجح بين نقطتين: السؤال وبداية الفعل. والسؤال هو نتاج المرحلة الماضية، وبداية الفعل هي بداية مرحلة جديدة، هذا ما يقوله د. علي عودة.
رواية غسان كنفاني / مرحلة البحث عن المعنى:
رغم التجريبية التي امتازت بها التجربة الروائية للراحل غسان كنفاني، ورغم عدم اكتمال مشروعه الروائي وهو الذي ارتحل من عالم الأحياء ولم يتجاوز السادسة والثلاثين، وترك عدداً من النصوص الروائية الناقصة، إلاّ أنه قدم نصوصاً روائية تعتبر نموذجاً لهوية الكتابة الفلسطينية قبل ظهور الثورة، بل وبشر بها عملياً.
ورغم أن نصوصه الروائية ذات المضمون الفلسطيني، وهي أغلبها لم تحقق قدراً واحداً أو متساوياً من الشهرة والانتشار، إلاّ أنها عبرت عن سلسلة من الحلقات المتصلة في رحلة غسان كنفاني ذاته في بحثه عن وعيه، وعن وعي الفلسطيني بذاته في آنٍ معاً.
فرجال في الشمال فضلاً عن أنها تناولت ظاهرة فلسطينية بامتياز في حينها، عبر رحلة البحث عن خلاصٍ ذاتي بالتوجه إلى العمل في دول النفط، فإنها كانت بحثاً عن الوعي الوطني المفقود، الوعي بالذات الفاعلة، غير المتكئة على أحد أو غير الاتكالية، وكانت أيضاً تعبيراً عن تراجيدية فلسطينية معاشة.
عائد إلى حيفا كانت على قدرٍ من الجرأة في تصديها لسؤال البداهة في العصر القومي الذي يتكئ إلى سلسلة النسب، ويمنح مضموناً أخلاقياً للانتماء، لتؤكد أن الانتماء هو فعلٌ يؤكده، وليس نسباً يوحي إليه، وهي بذلك كانت تحضّ على الفعل الذي يكتشف وعي الذات ويقود إليه.
كذلك كانت النصوص الأخرى، تعتبر مشاريع للكتابة المفتوحة، التي لا تقفل دورتها بالقراءة الواحدة، تثير السؤال وتجيب عليه في الوقت ذاته، وهكذا اعتبرت رواية غسان رواية تحريضية على الثورة ومبشرة بها، في وقت لم تظهر فيه إشاراتها الأولى بعد. وهي قد تجاوزت أسر لحظة النكبة، وأعادت للشخصية الروائية باعتبارها شخصية تحاكي الواقع، أو أنها نموذج يدفع الواقع لاقتفاء أثره، زمانها أي دفعتها للانخراط في اللحظة الناجمة عن النكبة، بهدف تجاوزها.

جبرا / حيادية التكنيك وشمولية المعنى:
لم يقدم جبرا إبراهيم جبرا نصّاً فلسطينياً خالصاً، وكانت تجربته الروائية هي واحدة من تجربته الثقافية المتنوعة. أشبه بفصول من سيرة ذاتية متصلة، فالبطل لديه في معظم الروايات أستاذ جامعي، يشبه شخصه الحقيقي، بكل ثقافته وإقباله على الحياة وشوقه الدائم لها، ومحاولته الانخراط في الإطار العربي الأشمل، لكنه يكتشف في لحظة الذروة، دائماً، بأنه مسكون بالهاجس الفلسطيني.
اتكأ نص جبرا الروائي إلى تكنيك فني وثراء لغوي، وشى باستفادة الكاتب من ثقافته وتجربته واطلاعه على المنجز العالمي، وعالج موضوعات إنسانية: "البحث عن وليد مسعود"، إلاّ أن الهاجس الفلسطيني الذي ظل في قاع الذاكرة، وقعر المكوّن السيكولوجي للشخصية، بئرها الأولى، دلّ على تناول ذكي، ومقنع. وهذا لا يعني بأن جبرا لم يتناول موضوعات فلسطينية خالصة، أو لم يقدم رواية فلسطينية بامتياز، فهو قد فعل ذلك في "صيّادون في شارع ضيّق" وفي "السفينة"، لكن روايته أظهرت الفلسطيني في الشتات، أي عبر النسيج العربي، وصوّرت حجم المعاناة الناجمة عن قسره على العيش في مجتمع آخر، مهما كان هذا المجتمع شقيقاً وليس غريباً عنه.
يحيى يخلف / حين يواكب النص انطلاق الرصاص:
لقي يحيى يخلف منذ نصّه الأول "نجران تحت الصفر" احتفاءً دفع به إلى أحضان المقاومة التي انطلقت لتوّها، وصارت ظاهرة فلسطينية مسلّحة ومعاصرة. وهكذا انتقل يخلف من نجران وهمومها إلى خنادق المقاتلين الفلسطينيين الذين شكلّوا مادة الثورة وموضوع الحديث عنها، وتنّقل لامعاً في متوالية المنافي معها.
تكاد رواية يحيى يخلف أن تكون أكثر الروايات الفلسطينية معايشة لهذه الفترة، التي سادتها الظاهرة المسلحة، وهو لم يكن روائياً مسلحاً بالطبع، لكنه بعد نصوص ومحاولات روائية مسكونة بالذاكرة الفلسطينية وهموم الفلسطينيين في الوطن والمخيمات (تفاح المجانين)، كتب نشيد الحياة، وكانت نشيداً للثورة، تلخص تجربة المقاومة في بيروت.
بعد ذلك ومع اقتراب الظاهرة من إغلاق دورتها كتب "بحيرة وراء الريح" ثم "من يستحم في البحيرة" وعاد عبرها أو حاول إلى نقطة البداية، أي الذاكرة التي تعيد القول إلى مبتداه، أي إلى الوطن اتكاءً على ذاكرة خصبة لا تذوي بفعل السنين التي شرّدتها.
وهذا ما يطرح السؤال حول طبيعة الرواية الفلسطينية في المنفى، هذه الطبيعة التي تشي بخاصية مأزقية، فإذا كانت الرواية كجنسٍ أدبي قد عبّرت في أوروبا عن التشكيلة الاجتماعية الحديثة (البرجوازية) وعن المجتمع المستقر في حقبتها، أو ذي الطبيعة التي تحتوي صراعاً درامياً في إطار وحدتها المجتمعية الظاهرة. وظهرت في المنطقة العربية وانتشرت في كل العالم ارتباطاً بحقبة المقومات المتشكلة، وارتباطاً بمكانٍ ومجتمع محددين، فإنها في الحالة الفلسطينية قد افتقدت إلى وحدة المكان والوحدة المجتمعية. وعلى ذلك كانت الرواية الفلسطينية روايات، وظهر التذهين والتجريد في رواية المنفى، وكانت الشخوص قلقة مسكونة بذاكرة مصمتة، توقفت لحظتها الزمنية عن التتابع والتطور في الشتات، وإن كانت الأسباب مختلفة.
ففي المرحلة الأولى (غسان كنفاني)، كان الأمر يتعلق بحداثة الكتابة الروائية التي لم تجد بعد حدودها الفاصلة عن القصة، بينما تعلق الأمر في المرحلة التالية ارتباطاً بمجتمع النخبة الفصائلية، الذي اعتبر لوقت عنواناً للمجتمع الفلسطيني في المنفى وبديلاً عنه. قدرات روايته حول الفدائيين والمواقع العسكرية، ولم تتجول في المخيمات وبين المواطنين البائسين بلحمهم وشحمهم الحي.
ليانة بدر / تدوير الدائرة:
رغم أن بدر قد بدأت تجربتها مع الكتابة كقاصّة متطورة، إلاّ أن تقدم التجربة المركبة – تجربة الحياة وتجربة الكتابة معاً – قد دفعت بها إلى إنتاج نصوص روائية مهمة، وفي طريق الرواية الفلسطينية في المنفى للخروج من مأزق التذهين، المشار إليه، فإنها كانت تدور حول المكان / المنفى. دون أن تنتمي إليه، تبحث عن مكان مفقود، فتنفتح الرواية على الأفكار، ولا تقوى على إغلاق دائرتها الفنية دون العودة الاحتيالية إلى مكان مغتصب، وكانت الحيلة تتخذ من الذاكرة وسيلة وعنواناً لها. هكذا كانت "نجوم أريحا" بحثاً عن البراءة وعن القول بضرورة العودة لقراءة كل ما حدث بعد كل هذه التجربة، وكأنها كانت تبشر أيضاً بأن يعود للفلسطينيين جزء من الوطن المحتل أو المغتصب، أو أن يعود الفلسطينيون إلى هذا الجزء من الوطن المحتل أو المغتصب. هذا وكانت بدر قد لجأت مكانٍ متخيل هو الفضاء، بما فيه من سماء ونجوم وقمر، في "بوصلة من أجل عبّاد الشمس"، حتى يلتقي الحبيبان (جنان وعامر)، الذين فرّق المكان الواقعي بينهما.



#رجب_الطيب (هاشتاغ)       Rajab_Ata_Altayeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية الفلسطينية في الشتات ( 1 _ 3 )
- الحق في الرحيل : رشاقة النص السردي وحداثته !
- فلتغفري : مدونة القلق الحداثي روائيا !
- غزة : الكف الذي يناطح المخرز
- جنسية معتز قطينة : السؤال الوجيه لا يبني نصا روائيا !
- الرواية / الوثيقة التاريخية !
- الأجنبية : حين تتحول اليوميات الى نص !


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجب الطيب - الرواية الفلسطينية في الشتات ( 2 _ 3 )