أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -6-














المزيد.....

مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -6-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4596 - 2014 / 10 / 7 - 21:47
المحور: الادب والفن
    


صفق الباب وراءه بعنف ، واتجه نحو حائط الروض . أخرج من خصره الخلفي عود السبسي ، ومن جيب الجاكيت ربطة قطعة البلاستيك التي تحتوي على الكيف . ملأ الشقاف بالكيف ، أشعله وامتص الدخان بقوة كبيرة نحو حنجرته التي مررت الدخان نحو الأمعاء والمعدة .
وجهه الكالح العبوس ينبئ أن نورالدين في ورطة أو مصيبة كبيرة . اقترب منه مصطفى صديق الطفولة ، ولم يكن ليخفى وضع نورالدين النفسي عليه . سأله ما به . لكن نور الدين لم يجبه . أصر مصطفى على انتزاع الجواب منه وهو يلح في سؤاله . وما كان لنورالدين الا أن يجيبه ؛ لكن بطريقة ضبابية وعامة :
-لاشيئ أخي مصطفى ، مجرد سوء تفاهم .
وكعادة مصطفى الذي يغلب على طبعه عدم الاهتمام بالحياة ، واللامبالاة المستفزة ، أطلق ضحكة مدوية وهو يقول له :
-بم أنه مجرد سوء تفاهم ، لم يخال من يراك على هذه الحال وكأنك ارتكبت جريمة زنى في الطريق العام . وعاد للضحك مرة أخرى .
لم تعجب نورالدين هذه الدعابة الثقيلة ، فانصرف دون ان يلتفت الى صديقه رغم نداءاته المتكررة .
دخل ثانية الى منزله ، واتجه توا الى حجرة النوم .
**********
لاشيئ يتغير .
المدن الحجرية لاتتغير . وحدها مدن الأزهار ما تتغير .
بني مكادة منطقة محكوم عليها بالتلوث الشامل . تلوث الانسان والشوارع والبيئة . كسيح فوق كرسي متحرك لايكاد يظهر منه غير جسد على هيأة قطعة جلد تكسو عظامه ، يتجه بسرعة فائقة نحو بائع الهروين ، يمده بثمن البورصة ، ثم يتجه نحو بائع الألمنيوم والسجائر المقسطة .
يدفع بكلتا يديه عجلتي كرسيه ، وكأنه في عجلة من أمره . يقول العارفون في مثل حالاته إن به حالة هوس مستعجلة لاستعمال مادة الهرويين ، وهو ما يطلقون عليه مصطلح مستعرب "المونو " . والمونو نوبة تنتاب المدمن حسب درجات ادمانه ، ويخر لها طائعا لتلبيتها ، وهو لايستطيع تأجيلها أو الصبر عليها . والا فانه قد يصنع ما لايتصوره عاقل . قد يقتل امه او اباه أو أخته ، لمجرد أنهم لايتوفرون على ثمن لفافة الهيروين .
غاب الكسيح بين السابلة . هو كسيح بالفعل . ونحن كسيحون بالقوة . نستعمل شيئا يعادل الهيروين ، وتنتابنا نحن أيضا نوباتنا ، ونقتل فيها أحاسيسنا ومشاعرنا وعقلنا وعواطفنا ، ونتحول الى شيئ آخر في هيأة انسان .
لا يمكن لانسان سوي عاقل أن يرضى بالعيش في هذه القذارة . حتى رجال السلطة هربوا من بني مكادة . ولم يبق بها غير أشباه الانسان . تركوها للنسيان ، وكل شيئ منسي هو مهمل . ان بني مكادة مهملة متروكة لمصيرها . لدخان أصحاب الشواء . لبلاستيك بائعي منتوجات الصين . لأزبال الساكنة التي لا يهمها ان ترمي الأزبال أمام أبوابها . لرائحة البول القادمة من بناية وزارة المالية التي تخلت عنها طوعا للمدمنين والمدمنات والمشردين والمشردات . لقطاع الطرق الذين يعرف المواطنون هوياتهم أكثر من رجال الشرطة . لمروجي المخدرات بكل أنواعها ، وهم يتقاطرون عليها من جميع أنحاء طنجة . بني مكادة عاصمة المخدرات .
صفق القائمون على ترتيب شؤون مدينة طنجة للنتيجة التي وصلوا اليها ، وان كانت أقل مما كانون ينتظرون .
الكسيح الآن فرح وهو يتعاطى مادته السامة بركن من أركان المدينة الوسخ والقذر . والدولة ترفع شعارها الخالد " العام زين " ، وتبث عبر تقارير تلفزاتها رضى المواطنين بنعيمهم وجنتهم الملتهبة .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا تطيل عمر داعش
- عالم من الألوان
- كيف نستثمر ردع المقاومة لاسرائيل
- في الرد على الشيخين
- من يفرض شروطه هو المنتصر
- هل يموت المطر
- اسرائيل وشرط الردع
- غبار ولا ريح
- التطرف الأوروبي يهدد المغرب
- الانتصار لارادة المجتمع -1-
- هيا نرقص على وقع الفساد
- مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -رواية-5-
- ثقافة الانهزام -1-
- فقه الأولويات يارجال الدين قبل فقه العشوائيات يا رجال الفكر
- مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -رواية-4-
- محمد الصبار بين المناضل الحقوقي والموظف العمومي
- جرائد ليست للقراءة -3-
- قراءة فنية لقصيدة - مري بذاكرتي -
- برلمان او بر أمان
- مدونة تبحث عن -أنا -


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -6-