أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسماعيل حسني - منزلة الكلاب في الإسلام















المزيد.....

منزلة الكلاب في الإسلام


إسماعيل حسني

الحوار المتمدن-العدد: 4596 - 2014 / 10 / 7 - 21:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


للكلاب منزلة عظيمة في الإسلام شأنها شأن سائر مخلوقات الله التي قد تختلف في الهيئة والعقل والملكات والمكانة ولكن الله ساوى بينها جميعا في التقدير والإحترام "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَىْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ".
وإذا كان الله قد ميز الإنسان بالعقل والمكانة واستخلفه وسخر له كل ما في الأرض من كائنات ، فإن ذلك لا يجيز له ازدراء أو تحقير أمة من الأمم الأخرى.
ولقد تمتعت أمة الكلاب بمكانة متميزة في القرآن والسنة لم تبلغها غيرها من الأمم ، إذ ذكرها الله ورسوله في مواضع المعجزات والتكريم والطهارة والمغفرة والمنفعة.
أولا : القرآن الكريم :
ذكر القرآن اقتناء المؤمنين للكلاب وصحبتهم لها واستئناسهم بها بل وجرت معجزة أهل الكهف على المؤمنين والكلب الذي معهم "ثلاثة رابعهم كلبهم". كما ذكر القرآن بعض المنافع التي تقدمها الكلاب للإنسان في الصيد والحراسة والصحبة ، وأكد على طهارة فم الكلب ولعابه حين أباح أكل ما يمسكه الكلاب بأفواههم في الصيد ولم يذكر له غسلا "فكلوا مما أمسكن عليكم".
وغني عن البيان أن استخدام الكلاب في الصيد والحراسة يتطلب اقتنائها ومرافقتها والتودد إليها وتدليلها بالإطعام والتحسيس والملاعبة ، وكذلك تقبل المداعبات التي تقوم بها الكلاب بحكم الغريزة من لحسٍ وشمٍ وعضعضة وخربشة ، ذلك حتى يمكن تآلفها وترويضها وتعليمها طاعة الأوامر وتدريبها على مهارات الصيد والحراسة. فما لا يتم الواجب إلا به واجب.
ثانيا : السنة النبوية:
من فساد العقيدة الادعاء بأن السنة النبوية تتناقض مع القرآن فتحكم بنجاسة ما حكم الله بطهارته. ولقد أباح الرسول اقتناء الكلاب واستخدامها وأمرنا بالرفق بالحيوان عند ترويضه أو ذبحه ، وأخبرنا عن إنسان دخل الجنة في كلب سقاه وآخر دخل النار في هرة حبسها.
ولم تعاني الكلاب من أي حظر أو سوء معاملة في المدينة فقد ورد في صحيح البخاري عن ابن عمر قال: "كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله ، فلم يكونوا يرشّون شيئاً من ذلك" ، واستدل شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الحديث على أن الأرض تطهر بالشمس والريح.
فإذا كانت الكلاب تدخل بيوت الله التي تقام فيها الصلوات وتحفها الملائكة وتبول فيها فكيف نصدق أحاديثا تقول أن الملائكة لا تدخل بيوتا فيها كلاب ، أو أن جبريل تأخر في الوحي عن النبي بسبب وجود كلب في بيت النبي !؟
ولم يرد عن الرسول حديثا واحدا يقضي بنجاسة الكلب أو جسده أو شعره أو عرقه أو لعابه أو بوله ، وإنما جاء الحديث فقط في "ولوغ" الكلاب في الأواني "إِذَا وَلَغَ الكَلْبُ إِنَاءِ أحَدِكُمْ أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعًا أولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ" ، وذلك ليس حكما بنجاسة لعاب الكلب وإلا كان مناقضا للقرآن ، وإنما هو اجتهاد بشري من الرسول في مسألة طبية بالنهي عن الشرب من الإناء الذي يشرب منه الكلب اتقاءً للأمراض في زمنً لم تتوفر فيه أمصال وأدوية. ولقد فهم الصحابة والتابعون ذلك جيدا أن الأمر لا يعدو كونه اجتهاد بشري من الرسول فاجتهدوا هم أيضا ، فلم يقدس أحمد التراب وأجاز تنظيف الإناء بمواد أخرى من صابون ونحوه ، بينما تشدد الشافعي كعادته وقدس التراب وأفتى بعدم جواز استعمال غيره ، وقال ابن القيم عن الإناء الذي يراق ماءه لولوغ الكلب فيه أنه الإناء الذي اعتاد الكلب الولوغ فيه وليس أي إناء آخر.

أما الأحاديث المتناقضة التي وردت عن الرسول مرة بقتل كل الكلاب ، ومرة أخرى بقتل الكلاب السوداء فقط فلا يمكن القول بصحتها أو الأخذ بها لأنها تحث على إبادة أمة من الأمم مما يخالف القرآن الكريم جملة وتفصيلا ، لهذا فهي إن صحت لم تكن أكثر من اجتهادات بشرية من الرسول في أمر من أمور الدنيا وهو ظاهرة انتشار الكلاب في الشوارع ، وليست أوامر دينية تستقى منها تشريعات وأحكام.
ثالثا : المذاهب الفقهية:
اختلفت المذاهب الفقهية كعادتها في منزلة الكلاب ، فبينما يرى مالك أن الكلب كله طاهر حتى لعابه ، يرى أبو حنيفة أن الجسد طاهر واللعاب نجس ، ويتشدد الشافعي فيرى الكلب كله نجس ، ويقبع أحمد في مكانه المفضل غالبا في منزلة بين المنزلتين لترد عنه روايتين إحداهما تؤيد الشافعي والأخرى تؤيد أبو حنيفة ، بينما اتفق الأوزاعي وآخرون مع مالك في أن الأصل في الحيوانات جميعا هو الطهارة على أساس قاعدة "كل حي طاهر" ، فحتى الخنزير يعتبر حيوانا طاهرا والنجاسة فقط في فعل أكل لحمه.
وإذا كان الفقهاء قد اتفقوا على عدم جواز شرب الماء من إناء ولغ فيه كلب ، فقد اختلفوا في صلاحية هذا الماء للوضوء ، وقال بعضهم يصلح إن كان الماء كثير.
هذا التناقض الفقهي بطهارة الشيء ونجاسته في نفس الوقت يؤكد أنه لا يوجد نص قطعي عن الله ورسوله يقول بنجاسة أمة الكلاب أو أية أمة أخرى من مخلوقات الله ، ولو وجد نص لما اجتهد العلماء واختلفوا ، وغيبة النص هنا تخرج الأمر برمته عن نطاق الدين ، وينفي أية علاقة بين اقتناء الكلاب وملامستها بالدين أو الطهارة.
ونستطيع أن نرجع اختلاف الفقهاء في هذه المسألة إلى ثلاثة أسباب هي:
1. عدم استيعاب معظم الناس والفقهاء لطبيعة العلاقة العضوية بين الإنسان والوجود خاصة حين يتعاملون مع الحيوانات فيتناسون أنها "أمم أمثالنا" ويبخسونها التقدير والإحترام الواجبين.
2. رغبة فقيه أو مذهب في التميز عن بقية المذاهب برأي خاص.
3. الخلط بين الطبيعتين البشرية والنبوية للرسول وتصور أنه ينطق عن وحي وليس عن الهوى في كلتا الطبيعتين ، بينما الفهم الصحيح للدين يؤكد أن الرسول كان معصوما في تبليغ الوحي أي القرآن فقط ، أما ما صدر عنه من أحاديث فقد صدرت عن بشر يخطئ ويصيب ، لهذا كثيرا ما عاتبه القرآن في تصرفات وأحكام ، وكثيرا ما تراجع عن أحاديث ثبت له خطأها مما هو معروف للجميع ويضيق المجال هنا عن تفصيله ، لهذا يكون استخلاص أحكام شرعية من أحاديث الرسول دون مراعاة لجوهر رسالة الإسلام والمقاصد العامة للشرع كالحكم بنجاسة أمة كاملة من خلق الله أمر في غاية الخطأ والخطورة.
نفعكم الله بهذه الدراسة ، ورزقكم الرفق بالحيوان والنظر إليه بمودة واحترام ، والإنتفاع بصحبته ، ونفع أولادكم بتربية الحيوانات ورعايتها لما لذلك من أثر في تهذيب أخلاقهم وتعويدهم على الإهتمام والصبر والتآالف ، والإجتهاد في التواصل مع الغير ، وتبادل مشاعر الود والإخلاص المجردة من الغرض والمصلحة.



#إسماعيل_حسني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور مستر X في ثورة 25 يناير
- محضر اجتماع سري بين السيسي وبوتين ... وعبعاطي
- تحية ليبرالية إلى القائد السلفي نادر بكار
- سيناريو المؤامرة في 25 يناير
- السلفية في ميزان الدين الإسلامي
- إنهم يحرقون علم مصر
- السلفية في ميزان العلم والشرع والإنسانية (4)
- لماذا اختلف المصريون بعد سقوط الإخوان ؟
- السلفية في ميزان العلم والشرع والإنسانية (3)
- السلفية في ميزان العلم والشرع والإنسانية (2)
- السلفية في ميزان العلم والشرع والإنسانية (1)
- تعريف مبسط لمصطلح العلمانية
- رسالة مفتوحة إلى حازم الببلاوي
- أحلام تأبى أن تموت
- هل يجتاز الفريق السيسي إختبار الدستور؟
- ما هو الحزب الديني ؟
- الثورة بين الخيانة والعشوائية
- خطوات عملية لاجتثاث الفكر السلفي
- اجتثاث الفكر السلفي هو المعركة الحقيقية
- يوم صاحت مصر -واشعباه- وليس -وامعتصماه-


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسماعيل حسني - منزلة الكلاب في الإسلام