أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - محمود عزب، أزهرىٌّ من السوربون














المزيد.....

محمود عزب، أزهرىٌّ من السوربون


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4596 - 2014 / 10 / 7 - 14:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ربيع 2003، كانت المرةَ الأولى التي أقفُ فيها على خشبة مسرح فرنسي لألقي قصائدي. رهبةٌ لا شكَّ فيها، كان من الممكن أن تؤثر على أدائي أمام جمهور "معهد العالم العربي" في باريس خلال مهرجان "ربيع الشاعرات"؛ لولا أن أرسل لي اللهُ يدًا حانية تصافحني قبل صعودي إلى المنصّة وتشدُّ من أزري وتشجعني، ثم تقول لي بعدما أنتهي: “أحسنتِ!”
كانت اليدُ المصافِحةُ مصريةً مثقفةً. وكانت الكلماتُ المصاحبة للمصافَحة داعمةً طيبة باعثةً على بثّ الثقة في النفس، ومحو شعور الغربة.
كانت يدَ رجلٍ عظيم على المستويين الفكريّ والإنسانيّ. فقيهٌ إسلاميٌّ، وفيلسوفٌ رفيع الطراز. حاملُ مشعل تنويريّ، استلمه من أساتذته: محمد عبده، ومَن سبقه من تنويريين وصولاً إلى نجم التنوير الإسلامي "الوليد بن رشد".
صافحني بحنوّ الأستاذ على ابنةٍ جاءت من حقل العلم والهندسة، إلى حقل الآداب والشِّعر، تحمل قلقًا من الإخفاق الذي يلازم تغيير المسارات. ابتسم وقال: “سوف تُبهرين الجميع بقصائدك وإلقائك ولُغتك العربية الرصينة. اتركي قلقَك هنا، وارتقي المنصّة بثقة، ففي سَلّتك عراقةُ بلادك، مصر.” وارتقيتُ المنصّة وقرأت قصائدي وصفّق الجمهور، وعيناي مثبتتان على عيني ذلك الرجل النبيل الذي كان الملاك الحارس لي في باريس، مثلما هو الحصنُ الحامي لكل مصريٍّ ومصرية يزوران فرنسا للعلم أو العمل.
بعد نزولي عن المنصّة صافحني مجددًا وقدّم لي ابنته الجميلة "لما" قائلا: “أتمنى أن أرى ابنتي مثلك.”
هو الدكتور محمود عزب، أستاذ كرسي بجامعة الأزهر، ومعهد اللغات الشرقية في باريس، ومستشار شيخ الأزهر، ومُنسّق "بيت العائلة" الذي جمع طوائف المصريين في بيت واحد، وقلب واحد، هو قلب مصر.
ثم دعاني ذلك الكريم والصديق د. أسامة خليل الباحث في الفكر الإسلامي ومدير معهد اللغات والترجمة، لإلقاء قصائدي في "بيت تونس" بباريس، وكان الحضور غزيرًا من العرب والفرنسيين. ألقيتُ يومها قصيدة "نصفُ نوتة"، التي رصدت سقوطَ بغداد الطيبة عام 2003، في قبضة أمريكا الغاشمة.
يقولون إن هذا الإنسان النبيل قد رحل عن عالمنا في رمضان الماضي! وأقول: لا لم يرحل! إنما اختار أن ينتقل من العيش بيننا إلى العيش داخل أفكارنا. ومَن يعش في الأفكار لا يرحل. لأن عائشَ الأفكار عابرٌ للزمان وعابرٌ للمكان. فهل بوسعنا القولُ إن ابن رشد قد رحل في القرن الحادي عشر؟! مستحيل. إنما يحيا في أفكارنا وأفكار الغرب الأوروبي أكثر مما يحيا المعاصرون الأحياء.
لا عجب في أن يكون عزاءُ الرجل حاشدٌ بكل المصريين المستنيرين، فقد كان نصيرَ التنوير وإعمال العقل والتظلل بمظلّة الإنسانية. ولا عجب في أن يشيّع الرجلَ الأزهريَّ قساوسةٌ ورهبانٌ وملايين من أقباط مصر المسيحيين؛ فقد كان رائدًا في حوار الأديان والتقريب بين فكر المسلم وفكر المسيحي وإشاعة روح التآخي الحق بينهما. ولا عجب في أن تحزن نساءُ مصر جميعهن على سفره للسماء؛ فقد أحبَّ المرأةَ واحترمها فقدّس أمَّه وبجّل زوجته واحترم ابنتيه. ولا عجب في أن تطلبَ مصرُ من المصريين أن يحملوا المشعلَ الهائل الذي تركه لنا كتراث عزيز لا ينفد؛ فقد أحبَّ مصرَ بكل جوارحه وأشاع في جنباتها النورَ والتحضر.
أستاذي الكبير، نمْ ملءَ جفونك على شواردها، فجميعنا تلامذتك وحاملو مشعلك.

***

“إن أنتَ بليْلٍ/ أوغلتَ بموصلَ حتى النبعْ/ وزرفتَ الخبزَ الجافَ على الأطيارْ/ ومددتَ الحزنَ الكامنَ في الأعماقِ وفي بابلَ/ لانشقَّ البحرُ عن الحوتِ/ ولجاءتْ مريمُ والأحبارُ وجلجامش/ ولجاءَ الخضْرُ وعشتارْ/ ولزحفتْ مملكةُ النملِ بركبِ الملك سليمانْ.
إن أنتَ بليْلٍ/ أفرغتَ القلبَ من الأوجاعْ/ نظرتَ هنالك/ صوبَ النهرِ الشاهدِ مذبحة الأمسْ/ وقبضتَ بقبضتِكَ المشروخةِ/ حفنةَ رملٍ ملتاعة/ فتعالَ ورفقتُكَ/ لأقرئُكم سِفرَ الأنباءِ/
سأريكمْ/ أن الحزنَ سيكمنُ طولَ العمرِ بأجيالٍ/ غفلتْ عن طعنِ الظهرِ من الأعداء/ وراحتْ تبحثُ عن موتٍ/ لا يشبه موتَ الكهفيين/ بل موتُ الحرفِ على الشفتين/ أو موتُ القلمِ على الورقِ."


***
* من قصيدة "نصف نوتة" | التي قرأتُها في باريس عام 2003 أمام د. محمود عزب.

2014



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان حول الكلمات الثلاث التي أغضبت البعض
- بيان بشأن الذبح في عيد الأضحى
- بيان د. حسام بربر بشأن أزمة فاطمة ناعوت مع قضية الذبح
- ليس بالخروف وحده تدخل الجنة | بقم أمير المحامي
- لنذبح فاطمة ناعوت | بقلم أمير المحامي
- رجلان وامرأة
- بيان توضيحي بشأن اللغط المفتعل حول موقفي من الدم
- هل لدينا محمد يونس؟ 2/1
- أول كتاب قرأته
- أبناء مدرس الرياضيات
- حتى لا نؤذي عيون الأحرار
- زغرودة من أجل مازن
- تخريب برمجة الروح المصرية
- زهور على جبين 57357
- إن لم تجد بشرًا، اصنعهم
- قصص الأنبياء، والكائنات الرخوة
- أين مضيتَ يا سميح؟
- الأم تريزا، أم الغلابة
- العيون النظيفة
- حوار مجلة نصف الدنيا مع الشاعرة فاطمة ناعوت بعد فوزها بجائزة ...


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - محمود عزب، أزهرىٌّ من السوربون