أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - جنازة عادية لكاتب مغمور














المزيد.....

جنازة عادية لكاتب مغمور


حازم شحادة
كاتب سوري


الحوار المتمدن-العدد: 4596 - 2014 / 10 / 7 - 10:34
المحور: الادب والفن
    


صبيحة يومٍ غائمٍ انتقلتُ إلى رحمة الله.
بعد مراسم الغسل وما إلى هنالك حمل نعشي عدد من الأقارب وسار في الجنازة بعض المعارف والأصدقاء.
في الطريق إلى المثوى الأخير كان الوجوم يغطي كل شيئ بحلة رماديةٍ صنعها بإتقانٍ إلهٌ حزين.
أمام القبر المفتوح مددوا جسدي ولأني كنت قد أوصيتهم بعدم استدعاء شيخ ليصلي استعاضوا عنه بمسجل صدحت منه أم كلثوم برائعتها ( هذه ليلتي) رغم أن الموت لم يكن يوماً من الأيام ( حلم حياتي) إلا أن لألحان عبد الوهاب في هذه الأغنية وقعها الخاص في نفسي.
لم أك أعلم أن بمقدور الميت سماع ما يفكر به الآخرون حتى مت.
حول القبر تحلق الأهل والأصدقاء ثم بدأت قطرات من المطر تهطل كما كان متوقعاً في هذا اليوم الشتائي البارد.
قبل أن يدفنوني شد انتباهي ما يفكر به أخي الصغير وهو يشعل لفافة تبغه..
- وأخيراً رحلت.. صرعتني بقصصك وقصائدك وكأن ما من كاتب إلاك،، كلما رغبت بمناقشتك في كتاب قرأته كنت تقول،، دعك من هؤلاء الكتاب واقرأ لي أنا،، هل قرأت قصتي رحل وحيداً،، هل انتبهت لسردي الشيق في قصتي دموع لسبب آخر،، هل وصلتك شاعريتي العظيمة في قصيدة أوراق نساء،،، أففففف وأخيراً ارتحت منك ومن قصصك وقصائدك الفاشله،،، مللتُ يا رجل.
صدمني ابن الذين،،، هكذا إذاً،، أبي كان يفرك رأسه بعصبية ويقول،، الآن ليس بمقدورك أن تلقي بلوم فشلك علي... أرهقتني بأحاديث المال واستثمار الأرض وعدم قدرتي على تأمين حياتك وحياة أخوتك،، ها أنت تغادر الحياة نهائياً..لن أسمع منك هذا الموشح المكرور بعد الآن،،، أرحت واسترحت.
سيفٌ ساطعٌ من اللمع خرق السحاب ثم زمجر الرعد لتهب بعد ذلك رياحٌ عنيفةٌ جعلت الجميع يتمنى انتهاء هذه المراسم الكئيبة على عجل.
زوجتي الحبيبة،، لا بد أنها الوحيدة هنا حزينة علي..
- أيها الحيوان الجنسي اللئيم،،، يا صاحب العين الفارغة والطمع العظيم،، اذهب في التراب ولا تعد،،، أنسيت كم قهرتني بمغامراتك الجنسيه وخياناتك الوضيعه،، أخيراً تخلصت منك ومن هلوساتك،، أنا بشر ولست جارية ايها الحقير الدنيئ..
بينما كانت أم كلثوم تشدو ( بعد حين يبدل الحب دارا).. رغبت بالبكاء لكني غير قادر على ذلك،، الموتى لا يستطيعون البكاء.
اللعنة،،، أما من أحد هنا يحبني،،، أنت يا امي،، أنت الوحيدة التي تذرفين دمعاً صادقاً علي.. انا بكرك والشاعر الكبير بنظرك..
- كدت تتسبب بموتي لحظة ولادتك،،، رفضت الخروج ايها الاحمق وكاد ذلك يودي بحياتي،،، ارحل من عالمنا فمذ رأيتك لم أر الراحة والهناء..
لو لم أنجبك أنت وأخوتك المجانين لكان لي شيء من حياة خاصة أعيش فيها،،، لما أنهكني المرض والتعب جراء السعي خلف احتياجاتكم لتلبيتها،،، أنت تحديداً أيها الداعر،، كم مرة تسببت لي بمشاكل مع عائلات فتيات كانوا أصدقاء لنا ووضعتني مع أبيك في مواقف محرجة،،، فلتبتلعك الأرض ولتنبت من جسدك شجرة يستظل بها الناس لعلك تكون مفيداً لمرة واحدة.
وصلتني من بعض الأصدقاء فتافيت كلمات مثل ( مغرور،، تافه لم يهتم يوماً سوى بمهابل النساء،،،كاتب مغمور ذهب ولم يسمع به أحد وكان يظن نفسه أسطورة،،، فاشل...) وغيرها من أوصاف كانوا يفكرون بها بينما تصدح سومة في نهاية أغنيتها ( فتعال أحبك الآن أكثر).
هكذا إذاً،،، تتصنعون الحزن على رحيلي وبودكم لو ترقصون فوق جسدي المسجى،،، يا لكم من أنذال...
سأركب قارب هذا الملاك الذي جاء ليقلني ولن أعود... زعلت منكم جميعاً... ( ضشم).
بعد انتهاء الحفل التأبيني المتواضع سارع حفار القبور ليواري جسدي الثرى بينما الجميع يشاهدون...
قبل أن يغمرني التراب سمعته يقول...
أسفي عليك أيها الكاتب التعيس
كان قلمك مغمساً بالحلم والشقاء..
أرقد في سلام.



#حازم_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عينان خضراوان في سماء بعيدة
- حدثَ في سوريا ذاتَ حرب
- تلكَ البقعة الزرقاء
- المطرُ الساحِر
- أنا لا أنسى أصدقائي
- لا شيءَ يا صديقي،، لا شيء
- أشياء مفقودة
- عَن خَمرِ نهديكِ...
- يومٌ واحدٌ كصورةٍ لِسَنَة
- غرفةٌ نائيةٌ خلفَ حدودِ الضباب
- في الانتظار
- كَأسٌ خَاويةٌ لِغَرِيبٍ فِي المَنفَى
- اسمُهَا مَريَم
- عندما يصبحُ (الدين) مُشكلة!
- كُونِي بِلادِي
- بوحٌ لناياتِ القَصَبْ
- لَن أعضَّ شفتيكِ... كثيراً
- بُرجُ الدُّب
- العَاشِقة والسِّندِبادْ
- مَجنون


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - جنازة عادية لكاتب مغمور