أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد حسن يوسف - علمانيتي ببساطة















المزيد.....

علمانيتي ببساطة


خالد حسن يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4594 - 2014 / 10 / 5 - 16:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



لا شك أن من أكثر الأمور التي تسبب سوء الفهم بين الناس, هو إختلاف المفاهيم لديهم ومدى فهمهم ايضا للمفاهيم التي يعتقدون بها, ولصوماليين مثل عظيم يقول "AfSoomaaliygu waa mergii", وبمعنى أن كل منا لديه فهمه الخاص للغة والتي تقع في دائرة الشد والجذب, رغم وجود قواعد عامة وفهم عام صومالي مشترك للغة, وأعتقد أن هذا يسري على العنصر الانساني بشكل عام.

ومبدئيا يأتي الفهم الخاص للفرد من داخل منظومة الفهم العام للمجتمع, إلى أنه يصبغ عليه فرديته الاجتماعية, ويحدث أن يأتي فرد ما على المدى العام, برؤى وقراءة جديدة للغة والثقافة في اطار مجتمعة العام, ولكنه بغض النظر عن الجديد الذي يقدمه للمجتمع إلى أنه في نهاية المسار, يظل بجزء من المنظومة المعرفية لمجتمعه.

وما يكتسبه أو يضيفه لها, فإنه لا ينتهي إلى بناء خاص مستقل بقدر ما يصبح بجزء رديف وعضوي من المنظومة المعرفية لمجتمعه, بغض النظر عن مدى انتشاره, وحتى إذا غادرها فإن الإرث, شاء أو لم يرد, يظل بملك للمجتمع ذاته.

قد يسألني شخص ما لماذا أنت علماني وما فهمك للعلمانية, وما صلتها بك كصومالي لا زال مجتمعه يعيش في ظل قيم القبيلة والطائفية, على غرار الكثير من المجتمعات الانسانية وكمسلم يمكن أن يشكك بمدى إيمانه من قبل البعض؟

وببساطة ووضوح الغير باحث عن تنصيع منظره الاجتماعي لدى الآخرين, أنا أولا وأخيرا انسان في ظل إنتمائي الاجتماعي والديني, لم أختر أن أصبح من أسرة ما,قبيلة وقومية معينة, بل أني وجدت ذاتي منذ عشرات العقود, بجزء من منظومة اجتماعية تتراوح ما بين الخاص والعام.

ولكوني كأبن أسرة معينة وما يترتب منها من إنتماءات متعددة على الصعيد الاجتماعي, فلا يمكني رفض هذه الإنتماءات بغض النظر عن مدى رضاء الشخصي عن مدى إيقاعات أنساقها, نعم أظل بجزء من المنظومة الاجتماعية المعينة.

ولكن ذلك لا يفرض علي أن اجاريها في مجموع قيمها,طريقة تفكيرها,مصالحها,وممارستها, وبذلك يمكنني القول أن صوماليتي الممتدة ما بين الخاص والعام(الأسرة والقومية), هي أولا وأخيرا أنتهت إلى منحى انساني نقذي, وإذا لم تمر بهذه القراءة فليس لها معنى بالنسبة لي.

وفي اطار العلاقة مع الآخر القريب والجار والبعيد, أراعي التعاطي مع عموم هذه الإنتماءات انطلاقا من البعد الحقوقي والانساني بشكل عام, وبمعنى أدق يمكنني أن أخذلك مهما كانت درجة القرابة ما بيننا وعموم الصلات, إذا ما جاءت على هذه الأبعاد, دون أدنى مراعاة لمدى الربح والخسارة التي قد تترتب على هذه المعادلة الحسابية الاجتماعية.

ولسبب بسيط, هو أنني تعودت أن أكون ذاتي بمحاسنها ومساوئها, مهما ترتب من حرمان لخروجي على دائرة من دوائر فهم تيار,مصالحه وقناعته في الحياة, فأنا متفرد في رغباتي, في رؤيتي لمصلحتي وقناعتي ومنذ زمن مبكر, لا شك أن هناك تأثير اجتماعي من هنا وهناك, إلى أني أظل أمثل ذاتي وليس ما دونها.

لذلك أدركت أني علماني, وذلك منذ وقت مبكر من حياتي, عشت كما أردت وفكرت انطلاقا من حاجتي كانسان ومارست طقوس حياتي انطلاقا من قناعتي, رغم أنه كان لدور المجتمع والدين مساحة كبيرة في فؤادي وقناعتي, وفي ظل الإنكسار الصومالي والاسلامي عرفت,سمعت وشاهدت من يتعري من صوماليته أو من يتحامل على تاريخنا وقيمنا من أبناء مجتمعي, أو إسلامه من قبل مسلمين.

ولكني نجوت من الوقوع في مثل هكذا إحساس أو قناعات, ولم أشعر أو أقع في مثل هذه الاحاسيس, فكلاى الدائرتين لا تمثلان بدوائر اجتماعية يحق للانسان تفاديها أو أن يدير ظهره له,كما هي القناعة حسب رؤيتي, وهما يمثلان بإنتماءات ومنظومات اجتماعية منطقية ومشروعة ومشرفة, لا تسبب حالة الخلل لصاحبها, والبديل لمن يتجنبها هو استبدالها بمثيلات أخرى تعيش بدورها المحن واشكاليات المنضوين في نطاقها الاجتماعي, أو العيش في ظل غياب نسق اجتماعي وفوضوى.

ونظرا لإيماني بهذا الفهم النقذي الدائم, أدركت ببساطة أنني علماني, جاء اسلامي بالميلاد دون خياري, وتسألت لعقود طويلة بين فترات متعددة هل أنا مسلم؟ هل الاسلام يلبي قناعتي في الحياة أم لا؟ ولماذا أنا مسلم أو متدين أولا وأخيرا؟ ما الحكمة وما المصلحة في ذلك بالنسبة لي أولا وأخير؟

ووصلت لقناعة هي أنني قد جددت إيماني بالدين بعيدا عن حساب الميلاد الأول كمسلم, وكان ذلك بعيدا عن الرغبة في العمل بالتقية والتخوف وتجديد قراءة دوائر اجتماعية وجدت ذاتي في داخلها بحكم الرابطة الاجتماعية أو الدينية, رغم أن الخروج عليها وعن ما تمثل فيه الصعوبة, وما يترتب عليه اجتماعيا من التضييق والقمع.

خياري في الاستمرار باسلاميتي كان فرديا, لم يأخذ في الحساب بقناعات المجتمع أو بعض الفقهاء أو الدين ذاته, لكوني أرى أن حاجتي ورغباتي وقناعتي كانسان, تأتي بالنسبة لي كاولوية تسبق ما يمثلون, وشعرت بعمق أنني مسلم ومتدين, رغم أني لست بذلك النموذج للمسلم الذي يحث عليه الاسلام.

أحببت الاسلام كدين لمدى سموه وما يحمل من مضمون اجتماعي عام, والاسلام المقصود ليس فهم الفقهاء والمفسرين وفرق المسلمين, رغم أنه لا يمكنني أن انفي بالمطلق فهمهم للدين, إلى أني توصلت لقناعة لأني لست بملزم بكل ما طرح أو يقدم من قبلهم, وأنهم لا يملكون الحقيقة المطلقة

وقناعتي في أنه من الضرورة للانسان والمجتمع أهمية وجود نظام عام يرشد ويصيغ أسلوب عيشه, وليس الدين فحسب بل ايضا في ظل المنظومة الاجتماعية الغير دينية أيضا, وادركت أن الاسلام يلبي حاجتي المنشودة, وهذا لم يحصرني في نطاق عدم الأخذ من فكر انساني به شيئ من الحكمة والمصلحة, حتى إذا تباين مع الاسلام في بعض مفاهيمه وأفكاره, ففي عالم الأفكار ليس هناك كمال, بل هناك كم من الطبقات التي علي أن أخذ منها ما يتناسب مع رغباتي وحاجتي وقناعتي.

وجدت في الاسلام والتدين مصلحة ملحة وحقيقية, رأيت في الاسلام الدين الذي أجاب على اسئلتي المتكررة والمتعلقة بالوجود الانساني ورغم أنه لم يمنحني الإجابات المطلقة بصدد صلة الطبيعة بالانسان من المنظور التجريبي, إلى أني تحصلت من خلاله على المحاور العامة لصلة الانسان مع نسق العام لطبيعة, لاسيما أن هذه الصلة المشار إليها لا زالت تمثل بهاجس الانسان منذ قدم التاريخ, ولم يحسم أمره مع جزئياتها, ولن يستطيع الوصول إلى فهم ذلك إلى بصورة نسبية.

فالانسان رغم أنه كائن اجتماعي خلاق وصاحب قدرة كبيرة للإجابة على قدر كبير عن ماهية الكون, إلى أنه في نهاية الأمر ليس بذلك الكائن المثالي على صعيد حسم أسئلة الوجود المعقدة والصعبة بفعل تعدد الكم الهائل لجزئياتها وتراكمها التاريخي والمعرفي, خاصة وأن المسيرة الاجتماعية وايقاع الطبيعة ذاتها في ظل تغير مستمر.

وأدركت أننا كبشر لا زلنا نرواح في ظل هذه المنطقة وغيرها, وأن كبرى إشكاليتنا الانسانية هي في تعدد المفاهيم وتعدد فهمنا للغة والتفسير الاجتماعي, والذي لا زلنانعيش تحت تأثيره ولن نستطيع تجاوزه كبشر ومؤمنيين, وبمعنى أن الدين في الواقع هو نظام نسق اجتماعي انساني, أكثر ما هو حقيقة مطلقة في واقع ممارسته الانسانية, وهو ما أشار إليه الاسلام انطلاقا من رؤية الإختلاف.

ومن ما تقدم , خرجت بقناعة أن لا أعُبد ربي انطلاقا من فهم الفقهاء, رغم أني لا أنفي أن لهم حضور كمفسرين في فهمي للاسلام وماهيته, كما أنه لا يمكنني أن أنفي حضور فهم البشر ممن لهم الحضور في فهمنا لماهية الحياة وتأثيرهم على فهمنا وقناعتنا في الحياة العامة, حتى أن لم يكونوا مسلمين.

نعم أنا علماني, أنا أولا أعيش انطلاقا من قناعتي الخاصة, قبل تأثير الدين أو الفكر البشري, حيث أعيش كما أريد, فكل ما أمارسه ليس بالضرورة أنه من الدين, ويختلف البشر والعلمانيين ذاتهم في فهم العلمانية, وللعلمانيين مدارس تتباين, من شموليين يؤمنون بأن لا يكون للدين دور في الحياة العامة ويحصرون دور الدين على المستوى الفردي, ويسمون ذلك فصل الدين عن السياسة, وهناك علمانيون مؤمنيين ويرون أن العلمانية هي فصل الدين عن السلطة وبعض رجال الدين الذين يسيئون فهم الدين وممارسته, ويرون أن الاسلام تحديدا دين شمولي في حياة الانسان المسلم.

وفي الاتجاه الثاني أجد ذاتي, والمساحة والفهم بين كلاهما كبير, كما هو واضح لمن ليس له مواقف مسبقة في التحامل, وكمسلم وكعلماني, بالمطلق يحق لي أن اؤمن وأن أكفر متى أردت أو شئت, وكل الروايات والتي يطلق عليها البعض بالآحاديث لا تعنيني وتعني البعض غيري ومن أرادها, من حقي أن أرفض الدين وأعيش كما أرغب بعيدا عن مسار وتعاليم االاسلام طالما أردت الخروج عليه ولم تؤثر بشكل مباشر على حياة الآخرين, وليس من حقك الإعتراض على مشيئاتي ومشيئة غيري واللتان توازيان مشيئة الفكر الديني للآخر والذي لا يعني سواه, وبالنسبة لمجتمعي فإني لآ أرى أن حصيلة الفكر الديني المتراكم لدى أفهام الكثير من أبنائه, بمسألة ملزمة, لدى اؤمن بحق الاعتقاد,والمساواة في المواطنة بغض النظر عن الدين.

وكإنسان وكمسلم ايضا أرى أن من حق الانسان في اختيار دينه وتنحية الدين من حياته إذا أراد ذلك أيا كان هذا الدين, رغم أن العيش تحت سقف دين معين يعني بدوره الإمتثال لدائرة تعاليمه ونسقه, لدى على المسلم أن يكون صادق أولا وأخيرا مع ذاته وبعيدا عن الإزدواجية, وحتى لا تظلم نفسه,الآخرين والدين, وذلك هو الاستحقاق الأكبر وليس في أن تكون مؤمن بدين أو غير مؤمن.



#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجلان وإنهيار الصومال واليمن1
- الجنرال أحمد سليمان عبدالله2
- البيض ورجال اليمن في وهم
- تكفير كاتب صومالي
- قراءة لمذكرات داعية2
- الجنرال أحمد سليمان عبدالله1
- إلى أين سورية الدامية؟
- العلمانية كحاجة وجدوى
- قراءة لمذكرات داعية1
- أثر التلموديين الجدد في حياة المسلمين!
- مظاهرة ضد رئيس الصومال
- تغيرات عقائدية في الأوساط الصومالية المعاصرة!
- مظاهرة ضد رئيس جيبوتي
- ما معنى مفهوم الخلافة الاسلامية؟2
- ما معنى مفهوم الخلافة الاسلامية؟1
- الصومال وتبعات حظر السلاح
- الاسلام الإلهي والإنساني
- الصومال وتراث الابل
- أبعاد الاعتراف الأمريكي بالحكومة الصومالية
- ذاكرة ذات صلة بسفير صومالي


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد حسن يوسف - علمانيتي ببساطة