أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ندى أسامة ملكاني - ما بين الإقصاء والتطرف...استلاب المواطن العربي















المزيد.....

ما بين الإقصاء والتطرف...استلاب المواطن العربي


ندى أسامة ملكاني

الحوار المتمدن-العدد: 4594 - 2014 / 10 / 5 - 11:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مفهوم التطرف -من الناحية الشائعة والدارجة إعلامياً ولاسيما عربياً- غالباً ما ينصرف إلى الجانب الديني، فيغدو كل غلو في الدين المعتقد مع الرغبة والعمل على إقصاء الآخر هو تطرف، والعمل على إقصاء الآخر يبدأ على صعيد الكلمة وقد ينتهي إلى ممارسة العنف المادي.
صحيح أن عنصر "الغلو" هو تطرف ولكن إقرانه أيضاً بالرغبة والعمل على الإقصاء هو جزء لا يتجزء من تحديد مفهوم التطرف، فالإنسان يعيش في مجتمع ولا يمكن إلا أن تؤثر أفكاره على سلوكه الشخصي أولاً ثم على صيغ التفاعل والتعاطي مع من حوله في كل دوائر الانتماء الاجتماعية .
إن الأخذ بالجانب السيكولوجي- السياسي لفهم ظاهرة التطرف لهو ضرورة ملحة، فليس كل تطرف هو ديني،.فكل من التزم الحد الأقصى من الفكرة التي يؤمن بها بشكل لا يقبل ضحدها ولا نقاشها ولا فسح مجالاً للتعبير عن سواها هو متطرف، بهذا المعنى يأخذ التطرف بعداً أكثر شمولاً ، إذ بإمكاننا الحديث عن تطرف فكري، ومن تفرعاته التطرف السياسي.
فإذا الحديث عن الجانب الفكري هو المقدمة الضرورية لتشريح ظاهرة التطرف. أقول تشريح وأستعمل هذا المصطلح تحد لتعقيد هذه الظاهرة وتجذرها وصعوبة تفنيد مكوناتها، كما أنها ظاهرة -وكما هو متداول في العلوم الاجتماعية- فذلك لأنها تأخذ بعدي التكرار والاستمرار
فهل بذور ونشأة التطرف بكل معانيه الفكرية ومضامينه الإقصائية في الوطن العربي هو الحكومات ذاتها؟ أو بصيغة أخرى هل الإقصاء هو منتوج فوقي وكفانا الحديث على أن التطرف هو نتاج عملية تنشئة اجتماعية والأسرة كونها الخلية الأولى هي المسؤولة بداية عن تكوينة المواطن العربي اليوم لأن السلطة السياسية في الأساس تهيمن على أدوات التنشئة الاجتماعية؟
الإقصاء في السياق العربي هو منتوج فوقي أي نتاج عوامل السلطة وشخصية "السلطان" العربي أو "الحاكم" العربي أو "الراعي" العربي، وأستخدم هذه المصطلحات لأشير إلى أن العلاقة القائمة بين المواطن العربي والسلطة بمعناها السياسي تأخذ شكل الوصاية والأفكار الملهمة عن القائد وأنه من يدرك أكثر مصلحة رعيته. السلطة هي من دفعت باتجاه سيادة واستمرارية العلاقة الرعوية، حيث أخفقت بإنتاج بدائل سياسية سلمية، تجسد ديناميكية متوازنة للتداول السلمي للسلطة، متوازنة أي تقوم على بنى متماسكة وفكر تنويري يضطلع بعملية تغيير فعالة، قادرة على ترسيخ فكرة العقد الاجتماعي في أن الحاكم هو فرد من الأفراد وليس "صاحب الإرادة السامية" في المجتمع السياسي أي مجتمع السلطة أو التنظيم السياسي. انعدام هذه البدائل المتوازنة رسخ اتجاهات النخب الحاكمة في المزيد من الإقصاء. ولا شك تجهيل الفرد هو مبعث طمأنينة النخب الحاكمة حرصاُ على إبقاء حالة الركون الاجتماعي التي كثيراً ما تربطه "بأمن المواطن"، والتجهيل والاستلاب لإرادة الفرد لهو خير وسيلة
يفسر الإخفاق بإنتاج البدائل المتوازنة "سياسيا" أنه بفعل تكوينة الإنسان العربي كما يظهر على شاشات الإعلام اليوم، حينما يفسر أحد المسؤولين العرب بأن "التربية على الديمقراطية تبدأ بالأسرة" إذا افترضنا جدلاُ بأن هذه المقولة لها نصيب من الصحة والمنطقية، وأنها تقوم على مفهوم جورج بوردو الذي حدد معنى الديمقراطية بأنها نمط حياة ..فهل يصدق ذلك على شخصيبة المواطن العربي؟ من أنتج هذه الصيغة من التعاملات "غير الديمقرإطية" في الأسرة؟؟..كيف تكونت هذه العقلية الإقصائية بالأساس؟ وإذا كان المناخ الملائم لتبلور ديمقراطية حقة وليس ديمقراطيات "الزينة" أي الشكلية التي تبهر المواطن بقانون "شكلي" لتعددية حزبية "مظهرية" ، ديمقراطية فعلية توفر جميع الظروف السياسية والاقتصادية لتبلور فرد بصيغة المواطن الحق، فكيف تغدو الديمقراطية نمط حياة في مناخ التجهيل؟
وما الارتداد عن مفاهيم التنوير التي حمل لواءها مفكرو عصر النهضة والانكفاء إلى حلول مضادة سوى نتاج إخفاق النخب الحاكمة في ترسيخ دعائم "الرأي الآخر" ، شعار الإسلام هو الحل بدأ مع بعض مفكري النهضة كجمال الدين الأفغاني، كان مقترباً فكرياً لتفسير التأخر عن اللحاق بركب الغرب، يحمل طابع الدين، وكان القسم الآخر من النهضويين العرب كرفاعة الطهطاوي يرى في انتهاج الأدوات الفكرية الغربية أنجع سبيل للنهضة من جديد، كان التجسيده السياسي المتبلور لفكر القسم الأول من رواد النهضة مع حسن البنا بإطار جماعة الأخوان المسلمين 1928، ولم يكن كل الصراع بين هذه الجماعة والنخب السلطوية إلا نتاج فشل هذه النخب في الاضطلاع بمسؤولياتها في تهيئة الظروف الاقتصادية –السياسية لمعيشة تليق بالمواطن وخنقها المنابر والبدائل السياسية لتغيير سلمي في السلطة وهذا ما سيدفع ثمنه مع الاستمرار في الإخفاق والمزيد من القمع ليس لحركة معينة بل لكل اتجاه فكري "متمايز" عن سياساتها التي تتبناها، كان هذا الاتجاه أي الحامل للواء الدين يسير في نموه جنبا إلى جنب مع مسيرة المشروع القومي للوطن العربي، وشهد تقدمه مع تداعيات هزيمة 1967ونهاية المشروع الناصري الاشتراكي. وكان من المقدر لو توافرت القنوات السياسية المتعددة أن تكون الحركة الفكرية القائمة على شعار الإسلام هو الحل اتجاهاً "مقبولاً نسبياُ" في إطار مناخ التعددية لو كان هناك بدائل أخرى أمام المواطن العربي
والملفت للنظر أن الإقصاء السياسي الذي مورس ضد هذه الجماعة زاد من تعاطف الرأي العام ولاسيما مع التنكيل بأعضائها (مثلا سيد قطب الذي شنق 1966).. هذا مؤشر على أن أزمة الإقصاء متجذرة في الواقع العربي. وأن قمع الفكرة هو إسهام في نضجها، والملاحظ عند دراسة ظاهرة العنف المضاد أنه هو نتيجة العنف بحد ذاته ..فحالات القمع ضد الآخر والذي يحمل "تهديدا" لأنه يحمل فكرا مختلف ..النتيجة المنطقية له هو الإقصاء المضاد. فيتحول البرنامج من بديل إلى إقصائي بحد ذاته...هذا التوصيف المناسب نسبيا لشعار الحل هو الإقصاء الذي برأيي أصبح برنامجا لتنظيمات إسلامية متطرفة جهادية ومثالها جبهة النصرة و تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الإقصاء بمفهوم هذه التنظيمات المتطرفة هو ليس فقط طرح شعار الإسلام هو الحل....بل تصفية الآخر فهل يمكن أن نقتصر في فهم هذه الحركة على المصلحة الأمريكية "بتغول وحش إسلاموي" ؟
الإسلام السياسي اليوم يفسح مجاله للإسلام السياسي "الجهادي" المتطرف ، وليس أدل على ذلك من أن انبثاق تنظيم القاعدة هو نتاج عملية طويلة من الإخفاقات في توافر البدائل السياسية ، حالة الاستبداد والخنق الذي مارسه صدام حسين ضد جميع التيارات الاجتماعية الأخرى سهل عمل غزو العراق..وبالتالي قيام مصعب الزرقاوي بتأسيس هذا التنظيم ضد القوات التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها العراقيين. وليست الفكرة الرئيسة هنا أن أظهر دور الولايات المتحدة ومبررات غزوها العراق ولا تقزيم حالة تبعية الوطن العربي لقوى طامعة .. وإنما إظهار دور حالة الإقصاء الذي مارسته وتمارسه السلطة في الوطن العربي في تيسير وتهيئة المناخ الحاضن لبلدان منهكة غير قادرة على الاستقلال السياسي بإقصائها للمواطن عن الفعل وحشره في ردود الفعل، وها هي حالة غزو العراق وتداعياته والفوضى في المنطقة، فتغرق هذه البلدان في دوامة وحلقة مفرغة بين السبب والمسبب...بل إن مصلحة النخب الحاكمة تصب في مصلحة تلك القوى وقاسمها المشترك تغييب العقل العربي.
كيف تبدأ التنئشة على قبول الآخر في الأسرة في مناخ سياسي اجتماعي اقتصادي قائم على سلب شخصية المواطن؟ أليس الحديث عن التنشئة الاجتماعية في جو كهذا هو الإبقاء على حالة الركود السياسي؟ ولكن أليس كان من المنطقي أن تتعلم النخب الحاكمة في الوطن العربي دروس التاريخ وتتخلى عن "السلطنة" والبدء بسياسات ترسيخ أركان دولة ديمقراطية فعلياً، فلتتحمل "خطر الخلافة" والتطرف!
نحن ولاسيما في هذه الأحداث بحاجة إلى تغيير سياسي تبدأ من فوق...بدون قانون وأحزاب وبدون تغيير النخب البالية ووصول نخب حاكمة مستقلة وطنية يبقى الحديث عن أن الديمقراطية نمط حياة وهم واستعارة الأفكار الديمقراطية من جورج بوردو وغيره ضرب من العبثية حتى في ظل "الربيع العربي" يبقى تجديد النخب الحاكمة وهم إذا أعادت إنتاج مخلفات وإرث الماضي.. فالتطرف بدأته السلطات السياسية والتطرف الديني اليوم هو نتيجة إخفاقها وتعنتها وإقصائها. التطرف هو أولاً وليد سياسات التخب الحاكمة، تطرفها وخنقها الحريات كانت نتيجته المنطقية حالة التطرف "الديني" الذي تصر على تفسيره بدءاً من نتيجته وليس مسببه.



#ندى_أسامة_ملكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ندى أسامة ملكاني - ما بين الإقصاء والتطرف...استلاب المواطن العربي