أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم فرهود - في ذكرى قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958















المزيد.....

في ذكرى قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958


كاظم فرهود

الحوار المتمدن-العدد: 4593 - 2014 / 10 / 4 - 13:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صدر قانون الاصلاح الزراعي الاول في 30 ايلول 1958، اي بعد شهرين ونصف من انتفاضة الجنود والضباط في 14 تموز الرائعة، والتي اسقطت النظام الملكي واقامت الجمهورية .
وكان الاصلاح الزراعي في العراق من الوجهة الاقتصادية و السياسية ضرورة قصوى من ضرورات اخراج البلاد من ظلمة العلاقات الانتاجية الاقطاعية وشبه الاقطاعية وبقايا القرون الوسطى. وكان شعارا ملحا ومطلبا لا مفر منه لأ نهاض القوى القومية والمجتمع الريفي من سباتهما الطويل ودفعهما الى النضال ضد الاقطاع العشائري وضد الكبار الملاكين, وضد الاستعمار والحكم الملكي العميل.
و كانت الاوضاع السائدة في الزراعة وفي علاقات الانتاج والعلاقات الاجتماعية و الطبقية قبل صدور قانون الاصلاح الزراع تجسد اشد انواع الاستغلال والنهب وإذلال الفلاحين. وفيما يلي بعض الارقام الاحصائية للتدليل على ذلك:
2% من مجموع المالكين من اقطاعيين وملاك عقاريين يحوزون 68% من المساحة الكلية لمجموع الاراضي, اي ما لا يزيد عن 3418 اقطاعيا وملاكا يستحوذون على 15.855.621 دونما.
وكان للكثير منهم حيازات وملكيات شاسعة وجاذبة للنظر والاندهاش, كأسرة الفرحان من شيوخ شمر يهيمنون على 375.722 دونما, وامراء ربيعة 293.348 دونما, واسرة الجاف في كردستان 447.772 دونما, وعبد الله وبلاسم ال ياسين 379.672 دونما وغيرهم الكثير.
وفي الوقت نفسه كان 86.1% من العاملين في الأرضي هم من صغار ومتوسطي الفلاحين, وتتراوح حيازتهم بين 4-100 دونم, ولا يملكون سوى10.5% من مجموع الاراضي. اما المالكين المتوسطين فنسبتهم 11.9% من المجموع العام, بحوزتهم 21.5%من مجموع الاراضي.
ولم تكن هذه كل مشكلة الريف العراقي فهناك حوالي 1.5 مليون فلاح لا يملكون شبر واحد من الارض ويشكلون 89.4% من مجموع العاملين في الزراعة يعملون في اراضي الاقطاعيين بالمحاصصة او مستأجرين. (الارقام قديمة وقد طرأت عليها بعض التغيرات).
مضى نصف قرن ونيف على صدور قانون الاصلاح الزراعي , ولم يعد للقانون تاثيرات في مجرى الحياة الواقعية. فثورات الردة التي تتالت على البلاد منذ انقلاب شباط وقبله في منتصف 1962 ولغاية 2003 لم تبقي من قانون الاصلاح الزراعي وتطبيقاته سوى هيكلا اقرب ما يكون شبهاً ب (خيال المآته).
ان قانون الاصلاح الزراعي جاء في اوانه، مع ان السلطة الحاكمة قد سارعت في تشريعه لاسباب سياسية و تكتيكية وعلى راسها كسب تاييد وعطف جماهير الفلاحيين والمجتمع الريفي نظرا للصراعات السياسية المشتعلة في قلب السلطة وخارجها و المعارضة المتسعة لحكومة اللواء الركن الشهيد عبد الكريم قاسم, فضلا عن ان القانون قد حتمته الضرورة والحاجة.
وكانت المرحلة السائدة هي مرحلة الديمقراطية الوطنية( الثورة البرجوازية الديمقراطية) والتي طرحت فيها كافة الاحزاب العراقية, معارضة كانت ام جزء من الحكم, برامجها وشعاراتها لحل مسالة الاراضي وفي سبيل اصلاح زراعي.
وكان الحزب الشيوعي, خلاف بقية الاحزاب القائمة, قد تبنى شعارات نافذة الى قلوب الفلاحين الفقراء واهل الريف عموما مثل مصادرة اراضي الاقطاعيين و كبار الملاكين وتوزيعها بلا بدل على الفلاحين, والى جانبه كان شعار الفلاح اخ الفلاح وعدوهما الاستعمار والاقطاع. وربط الحزب الشيوعي حل المسأله الزراعية وانهاء نظام الاقطاع وعلاقته الباليه بالنضال الوطني ضد الاستعمار والرجعية ودعا الى تحالف العمال والفلاحين كاساس لتحالف القوى السياسية-الوطنية في جبهة وطنية متراصة.
هذا هو ما كانت عليه سمات مرحلة النضال الوطني الديمقراطي (الثورة البرجوازية الديمقراطية) من وجهة النظر الماركسية. ان مضمون الثورة الديمقراطية البرجوازية هو تصفية العلاقات الاقطاعية الانتاجية ومخلفات القرون الوسطى من القنانه واقامة علاقات جديدة قوامها الاصلاح الزراعي الجذري وتصفية نظام الاقطاع. وتحت زعامة الحزب الشيوعي قائد العمال والفلاحين سيتقرر مقدار التقدم والتطور بمسيرة النضال الشعبي ومصير الصراع الطبقي.
ان حكومة 14 تموز الليبرالية البرجوازية, شكلا ومحتوى, كانت قد شرعت قانون الاصلاح الزراعي كمحصلة واقعية تتناسب مع فكرها و مصالحها وارتباطاتها الطبقية وكان تشريعها للقانون, كما اسلفنا فيما مضى, قد تم في اجواء الخلافات الحادة داخل السلطة وخلافات حول صياغة القانون. فكانت ولادته ناقصة ووسطية اصلاحية وليبرالية كما هي صفة الحكومة التي شرعته.
وقد عبرعنه الاستاذ اكرم الطالباني في مؤلفه في سبيل اصلاح زراعي جذري في العراق قائلا:
((....ان مبادئ القانون لا يمكن ان تكون الا حلا وسطا لمناهج مختلف الفئات الوطنية والقومية باعتباره حد اقصى لما يمكن ان تتنازل عنه البرجوازية و سلطتها في الحكم, و حد ادنى لما يمكن ان تقبل به الجمعيات الفلاحية التي تكونت في غمرة كفاح الفلاحين قبل الثورة ! و توسعت بعدها بالرغم من ان بعض الاحزاب السياسية, حرصا منها على تجنب الفرقة و تفكك الوحدة الوطنية, قد قبلت بهذه المبادئ. الا ان الاحزاب وثيقة الصلة بجماهير الفلاحين لم يكن بامكانها تجاهل طموح الفلاحين للضغط على الحكومة لانتزاع المزيد من المكاسب للفلاحين و التقرب تدريجيا من اصلاح زراعي اكثر عمقا و اقرب الى الجذرية.))
وفي ضوء ما تقدم نستنتج ان قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 كان عبارة عن حلول وسطية وليبرالية لم يكنس النظام الاقطاعي و شبه الاقطاعي ولا سلطة الملاكين العقاريين.
وكان من نواقصه و عيوبه ما يلي:
اولا: تحديد الحد الاعلى للحيازة الزراعية بمساحات شاسعة. وكانت بحدود 1000-2000 دونم في الاراضي السيحية و الارواء بالواسطة, او التي تسقى ديميا. وقد بلغت مساحة الاراضي المجنبه للاقطاعيين والملاكين ضمن الحد الاعلى اكثر من 4مليون دونم من اجود الاراضي!
ثانيا: اقرار مبدأ التعويض المالي للاقطاعيين والملاكيين عن الأراضي المستولى عليها وقد قدرت الجهات المسؤولة المجموع الاجمالي لتعويض الاقطاعيين والملاك عن الأراضي المستولى عليها عدا المكائن و المنشآت بحوالي 100 مليون دينار حسب الاسعار السائدة انذاك.ويبلغ مجموع فوائد هذا المبلغ 31.5 مليون دينار. فيكون المجموع 131.5 مليون دينار. و عدلت مبالغ التعويض الا ان اصبحت 40 مليون دينار.
ثالثا: الاقرار بمبدأ حق الاختيار بالأراضي المجنبه للاقطاعين و الملاكين, وكذلك الاقرار بحق الاستبدال.
رابعا: فرض البدل المستوفي من الفلاحين عن الاراضي الموزعة لهم مع الفوائد وقد قدر هذا البدل
ب 1363.500 دينار سنويا ولمدة عشرين عاما عن مساحة لا تزيد على 30 دونم.
خامسا: لم يمس القانون مصالح 20.121 اقطاعيا و ملاكا ممن يمتلكون 1000 دونم فما دون. وكانت مساحة الاراضي التي تخصم بحدود 5 ملايين دونم.
وقديما قيل: ما الناس الا مع الدنيا وصاحبها فكيفما انقلبت يوما به انقلبوا.
وكتب لينين في كراسة ما العمل قائلا:
((..ان الخطا الصغير يمكن دائما تحويله الى خطأ فاحش, اذا ما اصر المرأ على الخطأ, واذا ما تمادى في تعليله, واذا ما سار به الى النهاية))
و الامر يرتبط هنا بمصالح تحالف السلطة مع الإقطاعيين و الملاكين ولم يكن مجرد خطأ. و يتعلق بأيديولوجية و منهجية ومنه يتضح السبب او الاسباب التي تحت تأثيرها توقفت ثورة 14 تموز في منتصف الطريق.
لقد تعرض قانون الاصلاح الزراعي مرات عديدة للتعديل, ليس لصالح الفلاحين وانما لصالح اعداء الاصلاح الزراعي، الامر الذي جرأ كبار رجال الاقطاع, امثال عجيل الياور لأن يطالبوا بالغاء الاصلاح الزراعي والغاء تطبيقاته من الاساس.
وفي ظل حكومة 14 تموزكانت التسويات والترضيات لا تتوقف, فيما كانت حركة الفلاحين الديمقراطية و الجمعيات الفلاحية واتحادها العام تتعرض للملاحقة والاضطهاد.
وفيما بعد منذ انقلاب 8 شباط 1963 فصاعدا, ساءت الامور اكثر, فقد تم استرجاع العديد من القطع والمقاطعات التي خضعت للاستيلاء والتوزيع بما فيها البساتين ومزراع النخيل والمشاتل لصالح الاقطاعيين والملاك, وتم الاتفاق مع المستفيدين الاخرين من تطبيقات الاصلاح الزراعي في قسمة الحاصلات الزراعية مناصفة وكذلك تحمل بعض تكاليف الانتاج مناصفة.
وفي الجانب الاخر من الموضوع , وضعت الحكومات المتعاقبة قانون الاصلاح الزراعي في دائرة المساومات والترضيات, وخاصة في ظروف التحضير للانقلابات العسكرية وفي ظل الحرب ضد الاكراد.
وفي عهد السلطة البعثية الصدامية تناهبت اراضي الاصلاح الزراعي اسرة صدام, رجالا ونساءا, وكذلك محيط الاسرة, ورجال صدام في الحزب وفي السلطة, واصحاب النفوذ والمكانة كانت لهم القطع والمقاطعات في العديد من انحاء العراق حيث اقاموا حقول الدواجن ومعامل العلف والمفاقس وحضائر الماشية والاستثمارات الزراعية الاخرى والبساتين.
ومنه يتضح انه ليس الاقطاعيين والملاكيين الكبار, هم الذين عادوا الى الحياة بل هذا الجرثوم .... من الطفيليين من اعضاء الحزب الصدامي وسلطته حيث شكلت فئة جديدة تشارك الاقطاع القديم النهب والسلب.
تلك هي الحكاية باختصار , فتحية الى الاخوة الفلاحين ... تحية اكبار لنضالهم .. مجدا وخشوعا لشهدائهم الاماجد.

كاظم فرهود
السويد
30 ايلول 2014



#كاظم_فرهود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ما زال الاصلاح الزراعي حي يرزق ام تناهبته الحيتان؟
- حول مسودة قانون مجلس قبائل وعشائر العراق
- النسر الاحمر
- ثورة العشرين الخالدة والاهزوجة الشعبية


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم فرهود - في ذكرى قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958