أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزوار محمد سعيد - الايروسية والفردوسية 2














المزيد.....

الايروسية والفردوسية 2


مزوار محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3 - 12:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



"... ثلاثين سنة وأنتِ تحملينني على ظهرك كالجندي الجريح، وأنا لم أستطع أن أحملك بضع خطوات إلى قبرك، أزوره متثاقلا وأعود متثاقلا... "
(علي حرب، الحب والفناء، منشورات الاختلاف – الجزائر، 2009، ص: 51)
سنوات والفرد الإنساني يحمل اضطرابا روحيا، يعود به إلى النشأة الأولى، حين كان واقفا على أعتاب مقبرة الحب، حينها رسم ابتسامة المشتاق إلى علامات الدجى، رسم كلمات عبّرت عن مخططات تعلّم الإنسان كيف يبقى، كيف يحيى، كيف يمسك ألمه بكفه اليمنى، ويلملم ثوبه الفضفاض ليمضي بعيدا، ليركب نهاية قد تكون نهاية البداية، لأنّ الكل منخرط في لعبة لم يولد لها، لعبة توهم البشر أنهم يتسلون بها، لكن نتائجها جرحتهم بطريقة منهجية ومنظمة، ومع ذلك فإنّ هناك منذ الأزل لاعبين جددا ينخرطون فيها، على الرغم مما تحدثه من أثـر.
"... ولكن إن كان لا بدّ من زعيم أرفع رايته وأعلن ولائي له، فليكن قيس بن الملوح، لأنه أحبّ حتى الجنون، والحب الذي لا يكون كذلك ليس حبا حقيقيا، أي هو حب غير معقول. ولدا فإنّ كلمة "المجنون" هي من أعقل وأجمل ما قيل في أمر الحب... "
(علي حرب، الحب والفناء، منشورات الاختلاف – الجزائر، 2009، ص: 177)
لقد بيّنتُ سابقا بأنّ كلمة "مجنون" هي ليست مفهوما سلبيا فلسفيا، وها هي ذي الكلمة تعود إلى قاموس كلماتي، باعتبارها جمالا شاعريا، التصقت بأسماء مُحبّة خلال تاريخ العرب، تلك القطعة الزمنية من تاريخ الإنسانية، فالملهَم هو مجنون، كونه يستخدم ما لم يعتد على استخدامه الآخرون، وفي هذه الحالة، فإنّ المجنون يستخدم لسان الإنسانية الصافي تماما؛ وبما أنّ الحب هو قائم على المحِب ومحبوبه، فإنّه يرغب كل منهما في الآخر، وحتى الضغط الثقافي أو الالتزام الاجتماعي لا يمكن لأي منهما ايقاف أو كبح رغبة من هذا النوع، حيث: "... وحده ذلك يفسر لنا كيف أن الرئيس الأميركي قد اخترق السقف الرمزي، عندما لم يجد مكانا آمنا لممارسة الحب مع عشيقته مونيكا لوينسكي، فعاقرها في مكاتب البيت الأبيض وردهاته... " (علي حرب، الحب والفناء، منشورات الاختلاف – الجزائر، 2009، ص: 179).
لا يمكن ايقاف الرغبة التي تعتري الرجل أمام المرأة مهما كلف ذلك، هي رغبة روحية تتخذ مسارها في عالم آخر قبل عالم الإنسان، وهو ما يجعل الإنسان المحب مجنونا بكل المقاييس، مجنونا برغبته العقلية قبل كل الأمور الأخرى، وعليه تتكون المسارات التي تقود إلى التحام الحبيبيْن من الجنسيْن، وليخرب العالم إن هو أراد ذلك.
"... لكل حسناء فتنتها التي تأسر النظر وتجتاح الأحاسيس والمشاعر، هذا ما يحدث لك عندما تقتحم عالمك وتبدد سكينتك المرأة الخارقة بلطفها، الباهرة بحضورها وتألقها. إنك تحس بأنّ كل شيء فيك يتحرك ويضطرب: فإذا هي تحركت أدرت معك بصرك، وإن اهتز نهداها شعرت بأن قلبك يكاد يفرّ من صدرك، وإن جلست مجلسها حاسرة إلى ما فوق الركبتيْن أدركتَ لم تتسلق أعلى الوظائف ذات الساقيْن الجميلتيْن "المقدّستيْن"... "
(علي حرب، الحب والفناء، منشورات الاختلاف – الجزائر، 2009، ص: 182)
هي الحالة النفسية الغريبة التي تبقى مجهولة الأسباب، كون أنّ الفرد الإنساني هو محتاج إلى من يكلمه ويكمله، فرد يرتاد صحوة البشر من أجل اعلاء نداء يستوي على كافة تفاصيل ضميره، فما جعل العظماء يتلذذون بعظمتهم هو حبّهم العظيم لكلّ ما هو عظيم، وبما أنّ العظمة هي المكوّن الذي ينساق إليه العارف، العالم والفيلسوف، فإنّه يجد راحته أو سكينته في مساحة الأقفال الأنثوية بين الحين والآخر، لأنّ هذه الأخيرة ما هي سوى تعبير صادق عن ضرورة ملحة، تدفع الرجل العظيم إلى حبّ أبشع النساء، فيثيرها بعظمته، ويجعل جمالها القبيح ملكه وحده، لدا ما يحرّك حبّ العظمة هو جمال خفيّ لرغبة دفينة وقاهرة، فينسَج كفن الحياة بخيوط البقاء، وليلتفت الفرد الإنساني إلى علامات رمزية سحيقة، أين يدرك بأنّ لذائذ المتعة ما هي سوى نغمة تولد من أجل العقم.
"... إنّ لحظة حب واحدة هي اختلاسة فردوسية عجيبة تختزل كيان العاشق بكليته، لأن من يهوى ويعشق يحيا حياته، بكل قواها ومدركاتها: بآلات الحس وسيناريوهات الخيال، برهافة الذوق وحيل العقل، ببهجة المعرفة وسلطة الغواية، بسحر الكلام وفيض الالهام... "
(علي حرب، الحب والفناء، منشورات الاختلاف – الجزائر، 2009، ص: 9)
إنّ خاصية كهذه، هي ميزة إنسانية خالصة، هي مرافقته ومتعبته، هي التي توصد الأبواب أمامه، وتجعله يسلك أوامرها، هي علامة تستأنف العمود الفكري للإنسان، حيث أنها تمثل ألما، ألم المخاض؛ فكما لا بد للأم من صرخات مدوية حتى تتمكن من رؤية صغيرها، على الفيلسوف أن يمرّ بآلام المحبة حتى يتمكن من تلمس مسعاه، وهذا أمر يخلق حالة نفسية مظلمة النور، حالة تتأكد مع تناغم مجنون، ذاك الحاصل بين لحظات المعقول، وأزمات المبذول.
لا يهم الإنسان إن تخلى عن قطعة منه في سبيل حصوله على دفء روحيّ، لا يهمه إن كان ممزوجا بصفاء مكلف، ما يهمه حقا هو أن يعيش لحظة في كنف الحماية الايروسية، وقتها يصيح الفرد الإنساني قائلا لعمقه: رُدَّ لِي عَقْلِي، فَلِلْمَشَاعِرِ رَبٌّ يَحْمِيهَا.



#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الايروسية والفردوسية 1
- أَخْشَى عَلَيْكِ مِنْ كَلِمَاتِي
- فلسفة كالخاس الجزائري 12
- فلسفة كالخاس الجزائري 11
- فلسفة كالخاس الجزائري 10
- فلسفة كالخاس الجزائري 9
- فلسفة كالخاس الجزائري 7
- فيلسوف بعقل البيشمركة
- نابليون إسلامي، فمن أنتم أيها الإسلاميون؟
- العالم كهدية إلى كونثيا
- باسم يوسف و فلسفة الضحك
- الجزائر، المقبرة الفلسفية
- المسلمَة الأخلاقية
- البراءة من الاعتداء للإدانة بالقتل
- الفلسفة البورانية، عقلانية النص العقلي
- فيلسوف جزائري: بين الألف و الألف
- المينوتور لثقافة الحضارة
- الثامن
- الدوق: هلوسة مكسيمنيوس الطاهي
- الدوق: كوموروس الصوت القاني


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزوار محمد سعيد - الايروسية والفردوسية 2