أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سلام ابراهيم عطوف كبة - عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 9















المزيد.....



عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 9


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 4591 - 2014 / 10 / 2 - 02:10
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في 26/10/2014 يكون قد مضى عقد كامل على رحيل الدكتور ابراهيم كبة،العالم الاقتصادي المعروف والباحث الاكاديمي والمربي الاجتماعي والوزير السابق في اول حكومة بعد ثورة 14 تموز 1958.ولاطلاع الرأي العام العراقي على دوره السياسي والاقتصادي والاكاديمي في بلادنا نلقي الاضواء على جوانب هامة من نشاطاته ومؤلفاته!
-;- الرأسمالية نظاما CAPITALISM AS A SYSTEM
-;- هنري دنى H.DENIS وموضوعة عدم اكتمال "رأسمال" ماركس/هل التجارة الخارجية شرط مسبق للتراكم الرأسمالي؟


-;- الرأسمالية نظاما CAPITALISM AS A SYSTEM

جاء في مقدمة د. ابراهيم عطوف كبة في ترجمته لكتاب أوليفر.س.كوكس "الرأسمالية نظاما"،والذي صدر عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي/جامعة بغداد/عام 1979...
"(1)
ان مؤلف هذا الكتاب القيم: (الرأسمالية نظاماً)،هو الاستاذ الاجتماعي الامريكي،الزنجي،المعروف،اوليفر كوكس،الاستاذ في جامعة لنكولن، ميسوري.وهو بالاضافة الى اختصاصه الاصلي في علم الاجتماع،بمعناه التكنيكي المحدود،ملم الماماً واسعاً بسائر العلوم الاجتماعية،وفي مقدمتها علوم الاقتصاد والقانون والسياسة،بالاضافة الى مختلف الحقول الفلسفية.ومفهومه لعلم الاجتماع هو ليس المفهوم الضيق التجزيئي،التبضيعي،الاكاديمي،السائد اليوم في الجامعات الغربية،وخاصة الجامعات الامريكية،والجامعات الالمانية الغربية بل هو المفهوم الشمولي،الموسوعي،الذي يدرس مجموع الصراع الاجتماعي،بقاعدته الاقتصادية،ومستوياته الاجتماعية المختلفة،وفكرياته وقيمه السلوكية،على غرار ما كان يفعل اعلام هذا العلم العتيد،من امثال كارل ماركس واوغست كونت،وماكس فيبر،واميل دور كهايم،وهربرت سبنسر(1).وبالرغم من تعدد اهتمامات كوكس،وتنوع الحقول التي حاضر والف وبحث فيها،الا انه ركز اهتمامه بصورة خاصة على الجوهر الاقتصادي لتطور التاريخ،والكابع التدريجي(الهيراركي)للانظمة الاجتماعية التاريخية،وعلى الاخص،النظام الرأسمالي.وحاول ان يكشف اسباب هذا الطابع الاساسي،والمظاهر المختلفة المعقدة التي يتخذها،ومختلف انواع القيم التي يفرزها،وآثار كل ذلك على السياسات الاجتماعية والسياسية والاخلاقية الروحية،العملية،للدول والحكومات والمؤسسات والشركات والافراد،في مختلف العلاقات الاجتماعية المتشابكة.وقد سجل الاستاذ كوكس نتائج ابحاثه العلمية المهمة في هذا الحقل الخطير،في عشرات الدراسات،كان من اشهرها مؤلفه الاساسي الاول(الطائفة المغلقة والطبقة والعنصر)،الذي حاز على احدى اهم الجوائز العلمية في امريكا عام 1948،وكتابه النظري المهم(اسس الرأسمالية)الصادر عام 1959،وأخيراً هذا الكتاب التاريخي الرائع،الذي نشرته مجلة(مونثلي ريفيو)الامريكية التقدمية التي يشرف عليها الاستاذ الكبير(بول سويزي)،والذي جعلناه موضوع ترجمتنا هذه.
ان منهج المؤلف في مؤلفاته بصورة عامة هو المنهج التاريخي الذي يؤكد على موضوعية الظواهر الاجتماعية،وطابعها التاريخي النسبي،وتطورها الطبيعي الداخلي ان صح التعبير،وتشابكها مع جميع الظواهر الاخرى في نظام شمولي متكامل،يجب تحديد شروطه الزمانية والمكانية،ودراسة جوهره الحي ومظاهره وقواه الفعالة،وخاصة وضع اليد على ما يسميه المؤلف بـ (القوة الاولية) او الاصلية للنظام،اي القوة التي تطلق حركة الظواهر الاجتماعية،وتدفع بتطورها الى الامام،وتحافظ على زخم حركتها ووتائر سرعتها،وتحدد في نفس الوقت اتجاهات تلك الحركة.وبالرغم من ان هذا المنهج الذي يتبناه المؤلف بصرامة في ابحاثه الاجتماعية والاقتصادية،مستوحى اساسا من المنهج الماركسي،الا انه من الواضح ان المؤلف متأثر،الى حد كبير،ببعض المدارس البورجوازية الاكاديمية في الاجتماع والاقتصاد والتربية،وخاصة المدرسة(الروحية)المرتبطة بأسم ماكس فيير M. Weber،وبعض اقطاب المدرسة التاريخية الالمانية وعلى رأسهم فيرنر سومبارت W.Sombartوبعض المدارس السوسيولوجية المعاصرة(كورفيتش)،وأخيرا بعض التحليلات الكينزية.وبالرغم من ان المؤلف يوجه احيانا انتقادات شديدة لاكثر هذه المدارس،الا ان تأثره المنهجي بها واضح لا لبس فيه،كما يبدو خاصة في تحليله لظاهرة الامبريالية،وفي تأكيده المبالغ فيه على العوامل الاخلاقية والدينية والسلوكية(2)في تطور المجتمع..الخ.ويبدو ان من تأثيرات هذه المناهج البورجوازية المتناقضة على منهجية المؤلف،انها طبعتها مع الاسف،في احيان كثيرة،بالطابع(الانتقائي)،مع جميع السلبيات المعروفة عن هذا المنهج الاكاديمي،الشكلي وغير العلمي في جوهره،بالرغم من كل ما يحيط نفسه من مظاهر الموضوعية الكاذبة والحياد الزائف والنقاء النظري المزعوم.
لقد قلنا بأن المؤلف يستوحي الكثير من افكاره بالاضافة الى منهجه،من الفكر الماركسي اساسا،الا ان تفسيراته للماركسية في بعض الاحيان،تفسيرات ساذجة وخاطئة ووهمية،وهو متأثر فيها،من دون ريب،ببعض التفسيرات البورجوازية المعاصرة للماركسية دون ان يشير اليها صراحة.ويمكن ان تنسب الكثير من اخطاء المؤلف،وخاصة في القسم الثاني من الكتاب،وعلى الاخص في الفصول المتعلقة بقوانين حركة الرأسمالية(3)،الى هذا الاضطراب في فهم المنهج الماركسي.وفي احيان اخرى،وخاصة بالنسبة لاحدى الافكار الاساسية في الكتاب،وهي تركيزه على الطابع التجاري للرأسمالية كنظام واعتباره التجارة الخارجية(القوة الاصلية)المحركة له(4)،يتناقض المؤلف جوهريا مع المفهوم الماركسي الذي يؤكد،كما هو معروف على الرأسمالية كنمط انتاجي،وليس كنمط تبادلي.وبهذا ينحدر المؤلف بعيدا الى تبني المفاهيم السطحية،المبتذلة،الفجة،للرأسمالية،السائدة في الاوساط الاكاديمية الغربية،منذ الردة الكبرى في الفكر الاقتصادي الكلاسيكي،في عشرينات القرن الماضي،على يد جان بابتيست سلي ومدرسته الاكاديمية حتى اخر اعمال هكس وبولاني وهاملتون ونوسباوم وبيرين وكرومويل وجرنوفسكي(5).كما ان من الملاحظ ان المؤلف يتعاطف كثيرا مع بعض التفسيرات الخاطئة داخل الفكر الماركسي نفسه،وخاصة مع نظرية(الاستهلاك الثالث) – اي الاستهلاك خارج النظام الرأسمالي – كشرط اولى مسبق لعمل او آلية الرأسمالية،ونظرية الطابع الامبريالي الاصيل للرأسمالية،الملازم لها بالضرورة منذ بداية النظام حتى نهايته،والنظرية التي تنسب ازمة النظام الرأسمالي الى(نقص الاستهلاك)الجماهيري .. تلك النظريات التي ترتبط باسماء روزا لوكسمبرغ وشتيرنبرغ والشعبيين(النارودنيك)الروس(6).وفي رأيي ان المؤلف هنا ينساق ايضا،من دون وعي،مع بعض التشويهات الاكاديمية المعاصرة للفكر الماركسي،وخاصة تلك التي ينشرها ويدافع عنها بحماس ما يسمى بالجناح اليساري للكينزية،وعلى رأسهم الاقتصادية البريطانية جون روبنسن(7)،وبعض الماركسيين من اساتذة الجامعات في الغرب،ولعل في مقدمتهم،في المدة الاخيرة،الاستاذ الفرنسي هنري دني(8).
واخيرا فأن الاستاذ المؤلف يلتقي في الكثير من استنتاجاته،خاصة بالنسبة لاهمية بلدان(العالم الثالث)في الحركة الثورية العالمية(9)،وفي اندماج الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية المتقدمة بالنظام الرأسمالي نفسه،جزئيا،مع بعض آراء الاجنحة الماركسية الراديكالية في الغرب(10)،ولكنه يتطرف غالبا في هذا الاتجاه،ويبلغ في تفاؤله احيانا درجة(الطوبائية)،ويفقد ما يمكن تسميته ب(حس التناسب) Sense of Proportion ويعود ذلك بالدرجة الاولى،في نظري،الى اضطراب منهجيته وطابعها الانتقائي.
وبالرغم من هذه العيوب الاساسية للكتاب،وبعضها عيوب خطيرة،الا ان الفكرة الرئيسية في الكتاب،التي تتغلغل في جميع تفاصيله،والتي تؤكد على الطابع العالمي والشمولي والتكاملي والموحد للرأسمالية،هي فكرة صحيحة تماما،وعلى درجة من الاهمية النظرية والعملية،تجعل من المستحيل الاستغناء عنها في اية دراسة جدية،ليس من اجل فهم تاريخ تطور الرأسمالية نفسها فحسب،بل من اجل استيعاب مجموع ظواهر العالم المعاصر،وامكان التنبوء باتجاهات حركته في المستقبل القريب.على انه من المضحك ان هذه الفكرة العظيمة التي تعتبر من اهم مآثر المنهجية الماركسية والتي طورها ونظرها وحللها مؤخرا بتفصيل وعمق،بعض ابرز المنظرين الماركسيين المعاصرين(باران،بتلهايم،سويزي،مانديل،ماكدوف..الخ)،استنادا الى الكلاسيكيات الماركسية نفسها،ينكرها الاستاذ كوكس على الماركسية،ويخلط بشكل مدهش،في هذا الصدد،بين النظرية الماركسية والنظرية الكلاسيكية(خاصة آدم سميث وساي وجون ستوارت مل)(9)،ويزعم ان المفهوم الماركسي للرأسمالية هو المفهوم الكلاسيكي المغلق،والاقليمي والقومي..الخ،ويفضل نسبة هذه الفكرة الماركسية الجوهرية الى تجار المدن الايطالية في اواخر العصور الوسطى،واقطاب الاحتكارات الامبريالية العملاقة في عصرنا الراهن(10)،وآيديولوجي التوسع الشوفيني من ماكيافلي وماندفيل الى سيسل رودس وجوزيف شمبرلن(11).
(2)
استعراض سريع لموضوعات الكتاب
يبدأ المؤلف كتابه بمقدمة قصيرة يبرز فيها الفكرة الاساسية للكتاب،اي الطابع المتكامل والموحد والدولي للرأسمالية منذ بدايتها،وجوهرها التجاري الخارجي،وملازمة الامبريالية لها على الدوام.ومن هنا يميز المؤلف بين مفهومي(النظام)الرأسمالي System الذي يشمل الرأسمالية العالمية بالمعنى السابق،و(المجتمعات)الرأسمالية Society التي تضم الرأسماليات القومية في البلدان المختلفة،على اختلاف مستوياتها في الهرم الرأسمالي،وتباين المراكز التي تحتلها في درجات السلم الرأسمالي،ابتداء من الرأسماليات القائدة Leader التي تحتل القمة وتسيطر على مجموع النظام،وهي تشمل في نظر المؤلف الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا،وهبوطا الى الرأسماليات المتطورة في اوروبا واليابان التي يطلق عليها المؤلف تعبير الرأسماليات المساعدة او الروافد Tributary ثم انحداراً الى ما يسميه الكاتب بالرأسماليات التقدمية Progressive التي تشمل الدومنيونات البريطانية والارجنتين،ومرورا بالرأسماليات التابعة او التوابع التي تشمل روسيا والصين قبل ثورتيهما الاشتراكيتين،والشرق الادنى وبلدان امريكا اللاتينية،انتهاء بالقاعدة السفلى للنظام التي تتكون من بقية الشعوب الآسيوية وجميع الشعوب الافريقية وسكان جزر الهند الغربية وجزر المحيط الهادي،التي يطلق عليها المؤلف اسم الشعوب السلبية Passive.ويقوم المؤلف بشرح هذه المفاهيم الاساسية التي يقوم عليها هيكل الكتاب،في الفصل الاول من فصوله،راسما لها رسما بيانيا يوضح هذه العناصر الخمسة المكونة لهيكل النظام الرأسمالي(12).
بعد هذه المقدمة يقسم المؤلف كتابه الى قسمين رئيسيين،يكرس القسم الاول لدراسة(هيكل ووظيفة)النظام الرأسمالي بصورة تفصيلية،وذلك في عشرة فصول:-
يخصص الفصل الاول لدراسة ما يمكن تسميته بـ (الخلية)الاولى للنظام،وهي(المشروع) او المنشأة الرأسمالية Enterprise ويستعرض فيه تاريخ هذه الخلية منذ القرن الثالث عشر تقريباً،ويتوسع جداً في دراسة ما يسميه بتباين(الأوضاع السوقية)للتجارة الرأسمالية Market Situation،الذي يعطيه اهمية حاسمة في تطور مجموع النظام الرأسمالي،ويحدد خمسة مستويات لهذه المراكز السوقية التجارية:المستوى الاول يشمل التجارة بين الرأسماليات المتقدمة نفسها،والمستوى الثاني يشمل التجارة بين الرأسماليات المتقدمة والراسمالية القائدة،والمستوى الثالث يشمل التجارة بين الرأسماليات المتقدمة(بما في ذلك القائدة)والشعوب المتأخرة،حيث يعلق المؤلف على هذا المستوى اهمية كبرى،والمستوى الرابع يشمل التجارة الداخلية في كل رأسمالية محلية،واخيراً يشمل المستوى الخامس المراكز التنافسية في المعارض التجارية سابقا والبورصات الدولية في الوقت الحاضر.وهنا ايضا يرسم المؤلف رسما بيانيا(13)،يوضح العلاقة المتبادلة داخل هذا الهيكل الهرمي للاوضاع السوقية.وبالاضافة الى ذلك، يستعرض كوكس في هذا الفصل القيم تطور الاشكال القانونية والتنظيمية للمشروع الرأسمالي،من الشكل الفردي،والعائلي،الى اشكال المشاركة المختلفة،الى شكل الشركات المساهمة العملاقة في الوقت الحاضر.واخيرا يستعرض المؤلف تطور الادوات التكنيكية للمشروع،مؤكدا بصورة خاصة على اهمية النظام المحاسبي بالطريقة المزدوجة،والحوالات التجارية،والنظام المصرفي،ونظام التأمين.
اما الفصل الثاني فيكرسه لما يسميه(الرحم الاجتماعي)(14) للرأسمالية،Matrix،اي شروط النشأة الاولى للنظام الرأسمالي في اواخر العصور الوسطى،ويستعرض بصورة مفصلة سبعة من هذه الشروط الاساسية،تحت سبعة عناوين فرعية هي: الحكومة،والقيادة،والمواطنة،والحرية،والقومية،والنفسية او الروح، Ethos واخيرا الشخصية،اي السمات الشخصية لرواد الرأسمالية.وفي هذا الفصل بالذات،القيم جداً من ناحية غزارة المعلومات التاريخية،يقع المؤلف في شباك بعض التفسيرات الروحية او الاخلاقية للنظام الرأسمالي،وخاصة المدرسة التاريخية الالمانية المثالية(ماكس فيبر وفيرنر سومبارت)من جهة،والمدرسة المؤسسية الامريكية من جهة اخرى(فبلن وكومنز على الأخص)وبعض اقطاب الليبرالية الجديدة من جهة ثالثة(هايك،وميزس،وشومبيتر)،بالرغم من انتقاداته الشكلية لبعض تصورات هذه المدارس،وعدم اشارته دائما الى مصادره الآيديولوجية بصورة صحيحة.
ويكرس المؤلف الفصل الثالث لدور الدين المسيحي،وخاصة بعض المذاهب المسيحية الاصلاحية(البروتستانية والبيوريتانية)،في تطور النظام الرأسمالي.وهنا يقوم الاستاذ كوكس بنقد مركز للتفسيرات الدينية لنشأة الرأسمالية،ويناقش تفصيلا آراء (فيبر) المشهورة في هذا المجال،ولكنه لم يستفد في رأيي بالدرجة الكافية من النقد الماركسي الجذري والغزير جدا لهذه المدارس المثالية في تفسير الرأسمالية،وخاصة من دراسات الماركسي البريطاني الكبير(موريس دوب)الذي خصص لهذا الموضوع بالذات احد اهم الكتب المؤلفة في هذا الموضوع في جميع اللغات،وهو كتابه العبقري"دراسات في تطور الرأسمالية"(15)،هذا بالاضافة الى الاجزاء التاريخية المعروفة من التراث الماركسي الكلاكسيكي(ماركس،انجلز،كاوتسكي،مهرينغ،بليخانوف،لينين،روزا لوكمسبرغ..الخ).ثم يكرس المؤلف الفصلين الرابع والخامس لدراسة(اخلاق)الرأسمالية.وفي رأيي،ان هذين الفصلين من اضعف فصول الكتاب واقربها الى المنهج(الوعظي)الذي يميز الكثير من الكتابات التاريخية المؤلفة لمؤرخي الرأسمالية البورجوازيين،حيث نجد التأكيد على دور القيم الخلقية والخصائص الفردية،والمعايير السلوكية،والاشكال القانونية والدبلوماسية،واهمية(النخبة) و(المنظمين) و(ربابنة الصناعة)في تطور النظام الرأسمالي،بدون الربط الجدلي(الدايكتلي)الدقيق بين هذه(المستويات العليا)في النظام و(القاعدة) الاقتصادية.ولا شك ان السبب الاساسي في فشل هذه الفصول،في رأيي،هو نظرة الاستاذ المؤلف الاساسية للرأسمالية،ليس باعتبارها (نمط انتاج) تاريخي محدد،وانما باعتبارها مجرد(اشكال تبادلية)،او حسب تعبير كوكس(مراكز سوقية) تمتد تاريخيا الى الوراء،الى صميم العلاقات الاقطاعية نفسها.ولهذا الخطأ الاساسي القاتل،تعود في رأيي،جميع الاخطاء التفصيلية الاخرى.ومن هنا تتجسد اهمية صياغة(المفاهيم النظرية)الدقيقة للرأسمالية،وحسن استخدامها في دراسة وتحليل مجموع الظواهر الرأسمالية،كما موضح ذلك الاستاذ شارل بتلهايم مرار وتكرارا(16).ان الاستاذ كوكس يفتقر،مع الاسف،لهذا الوضوح النظري في تحديد وصياغة المفاهيم الاساسية للرأسمالية.
بعد ذلك يكرس المؤلف الفصل السادس من كتابه لدراسة(ديناميات) النظام الرأسمالي،اي القوى الاجتماعية التي عملت على انتشاره وتوسعه من مواطنه الاولى في مدن العصور الوسطى الى سائر انحاء اوربا،ومنها الى سائر انحاء العالم.وهنا ايضا نجد المؤلف يركز اهتمامه على القوى الخارجية(التجارة،الحرب،القرصنة..الخ)،وبصورة خاصة على القوى والمؤسسات الفوقية،وبشكل اكثر خصوصية،على التحالف الثلاثي - في نظر المؤلف- بين المدن الرأسمالية والكنيسة البروتستانتية وبعض مراتب طبقة النبلاء الاقطاعية،ودورها الاساسي في تطور الرأسمالية،دون ان يحاول ادراك ان هذه القوى والمؤسسات لم تكن في التحليل الاخير القوى (الدافعة) للنظام،بل كانت بالاحرى جزءا من القوى(المدفوعة)في تيار النظام،وان مصدر الدفع انما يكمن في خصائص(النمط) الرأسمالي نفسه،اي في خصائص (رأس المال)،لا بالمعني التكنيكي السطحي الذي ما زال سائدا في المدارس الاكاديمية المعاصرة منذ اعمال الاقتصادي النمساوي الكبير بوم بافرك(17)، Bohm- Bawerk،بل بالمعني الاجتماعي العميق الذي يستخدمه الماركسيون....لا كطريقة انتاج،بل كعلاقة اجتماعية – اقتصادية طبقية تقوم على عملية الفصل بين (العمل) و(وسائل العمل)،وبالتالي تؤول بالضرورة الى خلق الهيكل الطبقي اللازم لتحقيق عملية(الاستغلال)،وما يلازمها بالضرورة من الطابع التوسعي لعملية تكرار الانتاج،ليس انتاج السلع من اجل الاستهلاك كما يزعم الاقتصاد البورجوازي،بل انتاج رأس المال نفسه،اي اعادة الانتاج الموسع للنظام الرأسمالي بالذات.
ثم يخصص الاستاذ المؤلف الفصلين السابع والثامن لدراسة ما يسميه(القوة الاولية)المحركة للنظام الرأسمالي ويعني بها التجارة الخارجية.وفي اعتقادي ان المؤلف يقع في هذين الفصلين في خطأ تشويه العلاقة الحقيقية بين الانتاج والتبادل في النظام الرأسمالي،وذلك باعتباره النشاطات التبادلية في الرأسمالية وكل ما يرتبط بها من مؤسسات وسائل وادوات (الاسواق الخارجية،المؤسسات النقدية والمصرفية والتأمينية،النظام المحاسبي،الاشكال التنظيمية المختلفة للمشروع،المعاهدات والاتفاقات التجارية،العلاقات الكولونيالية..الخ)هي التي تحرك وتدفع وتجر وراءها مجموع النشطات الانتاجية للنظام(من زراعية وصناعية وخدمات)وجميع ما يرتبط بها من مؤسسات اقتصادية وقانونية وتنظيمية،وادوات ووسائل وطرق انتاجية،بما في ذلك الثورات السياسية والصناعية والعلمية والتكنولوجية.وانطلاقا من هذه العلاقة المقلوبة بين عناصر ومستويات نمط الانتاج الرأسمالي(قوى وعلاقات الانتاج) يرسم المؤلف لوحته التاريخية العريضة لتطور الرأسمالية منذ بدايتها(في القرن الثالث عشر في رأيه)الى الوقت الحاضر،وكأن الرأسمالية بقيت جوهريا طيلة هذه القرون الثمانية هي نفسها،دون تطورات اساسية عبر مراحل تاريخية متمايزة تماما(رأسماية تجارية/رأسمالية مشاغل/رأسمالية ليبرالية/رأسمالية امبريالية ذات اطوار مختلفة..الخ).ومن المؤسف ان الاستاذ كوكس الذي يكثر من توجيه التهم للمدرسة الكلاسيكية،وبدون حق احيانا،وخاصة تهمة التجريد والتعميم واللاتاريخية يقع هو نفسه،في هذا الجزء من دراسته،في صميم هذه الاخطاء،عندما ينظر للرأسمالية كنمط عام (تجريدي)،يتحرك بقوة قاهرة تقع خارجه – هي التجارة الخارجية – وليس كنمط تاريخي طبيعي،له قوانينه وضوابطه الداخلية،وتكمن قواه الدينامية الذاتية في صميم التفاعلات الجدلية المعقدة بين مختلف عناصر وعلاقات ومستويات النظام،على الصعيدين الداخلي والخارجي،وفق القوانين الاجتماعية الاساسية الثلاثة التي تضبط حركة النظام،وحسب التفاصيل المعروفة،في علم الاجتماع الماركسي(المادية التاريخية)(18).والواقع ان المؤلف يتابع في فصله هذا نفس افكار المدرسة التاريخية الالمانية،القديمة والجديدة(خاصة ليست وهلد براند وكارل كينز)،مع اعطاء هذه الافكار طابعا كوسموبوليتيا بدل الطابع القومي الشوفيني المميز للمدرسة المذكورة.كما انه من الجهة الاخرى يتابع بعض الافكار الخاطئة المعروفة لبعض الاكاديميين المعاصرين(جيدروست،بلوغ،باربر.. الخ).والتي تحاول تصوير ماركس وكأنه مجرد امتداد للمفكرين الكلاسيكيين،دون ادراك الفروق النوعية بين المدرستين الكلاسيكية والماركسية،من حيث النظرة الاساسية للمجتمع،والمنهج العلمي في البحث،وادوات التحليل الاقتصادية،فضلا عن الفروق الجذرية في الافكار الاساسية نفسها،المعبرة عن التناقض الاساسي بين الطبقتين الاساسيتين في المجتمع الرأسمالي البروليتاريا والبورجوازية.ان الهدف الحقيقي لهؤلاء الاكاديميين هو انكار (الثورة) الماركسية في الفكر الاقتصادي.
وأخيرا يكرس المؤلف آخر فصلين من القسم الاول،لدراسة (الامبريالية).وفي هذا الجزء الحساس من الدراسة يقع المؤلف في الخلط العجيب بين(الامبريالية)كمرحلة متأخرة من مراحل النظام الرأسمالي،و(الكولونيالية)،التي تعبر عن العلاقات الخارجية بين عناصر ومكونات النظام الرأسمالي في جميع مراحله.والواقع انه يوجه انتقاداته السطحية للمفهوم الماركسي للامبريالية(لينين ولوكسمبرغ وبوخارين)من هذا المنطلق الخاطئ – معيدا بذلك الاخطاء القديمة لكاوتسكي – بحيث تتهاوى جميع انتقادته،كبرج من الورق- حالما يعمد المرء لتصحيح مقدماته الخاطئة(19).
اما القفسم الثاني من الكتاب،الذي يجعل الاستاذ المؤلف عنوانه(مفاهيم رأسمالية) فهو القسم (النظري) (المستقبلي) من الكتاب،تمييزا له عن القسم الاول(التاريخي) و(الوصفي) – ان صح التعبير – وان كان من صفات المؤلف الجديرة بالتقدير،انه يربط بشكل دقيق ومستمر بين هذين العنصرين في اغلب فصول الكتاب.ويقع هذا القسم في خمسة فصول،يكرس الفصلين الاول والثاني منها لدراسة ما يسميه(انكماش الحدود).اي ظاهرة التراجع والانحسار والتدهور لنظام الرأسمالية العالمي،وآثار ذلك على العلاقات الطبقية والصراع الطبقي في سائر اجزاء ومواطن النظام.وفي رأيي ان المؤلف يتابع هنا الكثير من تحليلات واستنتاجات التيارات الراديكالية والماركسية الجديدة في العالم وخاصة في الامريكيتين،مع ميل انفعالي واضح الى المبالغة في هذه الاستنتاجات والتنبؤات وفصلها عن جذورها التحليلية في المنهج العلمي الماركسي.
ويكرس الاستاذ الفصلين الثالث والرابع من هذا القسم لدراسة(قانون حركة)النظام الرأسمالي،وفيه يعالج مشكلة(الدورة الاقتصادية)المميزة للنظام الرأسمالي،ويميل بوضوح – انطلاقا من مفهومه التجاري السوقي للرأسمالية من دون شك – الى بعض التفسيرات والمعالجات الاكاديمية المعروفة التي تنسب الازمة الى الاختلالات في التوازن بين قطاعات النظام الرأسمالي(توكان – بارانوفسكي،افتاليون،هايك)،كما انه يستعرض بعض النظريات العامة الاكاديمية التي تقدمت في اوائل هذا القرن لتفسير الازمة العامة للرأسمالية – والحلول الممكنة لتجنبها او معالجة آثارها – والنظم البديلة الممكن ان تحل محلها،ويركز خاصة على النظريات المشهورة لكينز وشومبيتر ومولتن.ويقدم المؤلف في هذا الجزء النظري من دراسته نقدا سليما لهذه النظريات الاكاديمية الواسعة الانتشار في العالم الاكاديمي،وان كان ينطلق في نقده من تصوراته الخاصة(الخاطئة في نظري)لقوانين حركة النظام الرأسمالي.
اما الفقرات التي خصصها في هذا القسم(راجع الفصل 15)لنقد التحليل الماركسي للازمة الدورية والازمة العامة للرأسمالية،فهي شاهد حي على ان المقدمات الخاطئة لابد ان تنتهي الى نتائج خاطئة.ان الاستاذ كوكس مازال يتوهم – بالرغم من آلاف الكتب الماركسية التي وضحت هذه النقطة(20) – بأن نظرية الماركسية للازمة هي نظرية(نقص استهلاكية) – على غرار سيسموندي وهوبزن وروزا لوكسمبرغ مثلا – ولايستوعب الجوهر الجدلي لهذه النظرية،ولا طابعها المركب ولا تركيزها على الصراع الطبقي،ولا على نسبتها في التحليل الاخير(لتناقضات)النظام الرأسمالي بالذات(21).
واخيرا ينهي كوكس مؤلفة القيم بفصل قصير جدا يكرسه لمرحلة(الانتقال)من الرأسمالية الى الاشتراكية.وفي رأيي ان الافكار الاساسية لهذا الفصل هي افكار صحيحة على العموم،يتابع فيها،في الحقيقة،آراء واستنتاجات وتنبؤات الماركسيين الجدد،بصورة عامة،وان كان يبالغ – كما ذكرت سابقا – بصورة خطيرة،في تقديره لدور الحركات التحررية في العالم الثالث – دون تحديد دقيق لمحتواها الاجتماعي - ،ويهمل الوزن التاريخي – الكامن الآن – للطبقات الكادحة في الرأسماليات المتقدمة.
(3)
بعض حسنات الكتاب
هذه هي الموضوعات الاساسية لكتاب الاستاذ كوكس،ومنها يتبين الطابع الشمولي الواسع لمنظوره التاريخي للنظام الرأسمالي،وابرازه التفصيلي لمختلف العوامل المادية والفكرية التي ساعدت في تطوره،وربطه الممتاز بين الاقتصاد الرأسمالي ومختلف عناصر التربة الاجتماعية،او حسب تعبيره البايولوجي ((الرحم الاجتماعي)) التي ولد وترعرع فيها النظام – ونظرته الطبيعية العضوية لولادة ونمو ونضوح وشيخوخة الرأسمالية والحاحه المشروع على التفاعل المستمر بين التاريخ الاقتصادي وتاريخ الفكر الاقتصادي – وتلك عظة كبرى حبذا لو اتعظ بها اليمين الرجعي المسيطر الان على المراكز الحساسة في الاقتصاد الجامعي العراقي - واخيرا وليس اخرا،نقده العنيف الصائب لمختلف الفكريات التبريرية في الفكر البورجوازي المعاصر،وخاصة الآيديولوجية اليلبرالية والآيديولوجية التكنولوجية،وادانته القاطعة لجوهر العنف الملازم للرأسمالية في ماضيها وحاضرها،وحماسته التفاؤلية للاقتصاد الاشتراكي الذي يطلق عليه اسم(الاقتصاد المخطط)(22).
على ان اروع ما في كتاب الاستاذ كوكس،في رأيي – هو الجهد العلمي الخارق الذي بذله في مراجعة آلاف المصادر التاريخية لصياغة مفهومه عن الرأسمالية،من مؤلفات ودراسات ومقالات الى وثائق حكومية او دولية رسمية،الى معاهدات واتفاقات دبلوماسية،الى مراسلات شخصية او عامة،الى خطب رجال السياسة او رجال الاعمال،الى مذكرات وسير شخصية،الى محاضر الجمعيات والمؤتمرات العلمية،الى احكام الفقه والقضاء،الى حسابات وسجلات المشروعات الرأسمالية،الى مناقشات البرلمانات والمجالس التشريعية،الى الفتاوى والمراسيم والمجادلات الدينية،..الخ.والواقع ان ثبت المراجع والحواشي والتعليقات يحتل ثلث حجم الكتاب(133 صفحة من حوالي 400 صفحة)،وهو جهد رائع حقا،في كتاب متواضع الحجم،ككتاب الاستاذ كوكس،ويدل على(موسوعية)المؤلف وقدراته الممتازة على البحث العلمي الجاد.ولو تيسرت للاستاذ كوكس منهجية علمية صائبة،واستيعاب دقيق للمادية التاريخية وتحرر كامل من الانتقائية،لخرج على القراء،من هذا المحصول التاريخي الضخم بكتاب في تاريخ الرأسمالية لا يقل فائدة ومتعة عن امهات الكتب الماركسية في هذا الموضوع.وعلى كل حال فأن كتاب الاستاذ المؤلف سوف يحتل مكانة مرموقة بين ابرز الكتب المعروفة في تاريخ النظام الرأسمالي،الى جانب مؤلفات هكشر وفيبر وتوني وسومبارت وهنري سي وبيرين،خاصة وانه يقيم مجموع بنائه الفكري،على واقعة صلدة متينة هي الطابع الدولي والموحد للنظام الرأسمالي.
هذا وفي الختام يسرني ان انتهز هذه الفرصة لاتقدم بالشكر للأخ الدكتور محمد سلمان حسن على تقريره القيم الذي قدمه لجامعة بغداد حول هذه الترجمة بصفته خبيرا في الموضوع،كما اشكر ابنائي الطلبة في جامعتي بغداد والمستنصرية،الذين كانوا الدافع وراء نقل هذا الكتاب الى العربية لمساعدتهم مع سائر القراء الافاضل في اقتحام هذا الميدان العلمي الشائك."

ابراهيم كبة
اب / 1972

هوامش المقدمة
1. راجع في هذا الصدد الاستاذ انطوني جدينكس Giddingsفي كتابه الاخير – الرأسمالية والنظرة الاجتماعية الحديثة،مطبعة جامعة كمبرج،1971 بالانكليزية،حيث يحلل تحليلا مقارنا نظريات ماركس وفيبر ودوركهايم.
2. راجع الفصل الثاني.
3. راجع الفصلين الثالث عشر والرابع عشر.
4. راجع الفصل السابع.
5. راجع تعليقنا على كتاب الاستاذ هكس"نظرية للتاريخ الاقتصادي"في العدد(13)من مجلة (الاقتصاد)وراجع في مناقشة رائعة لمفاهيم هؤلاء الكتاب،من وجهة نظر ماركسية،الفصل الاول من كتاب الاستاذ موريس دوب"دراسات في تطور الرأسمالية"،طبعة روتلج وكيفان 1963،بالانكليزية.
6. راجع نقدنا لهذا الاتجاه في دراستنا حول"هنري دني وموضوعة عدم اكتمال رأسمال ماركس"،المنشورة في العدد الاول من مجلة الاقتصادي – شهر اذار،السنة 13،1972.كذلك تراجع حول الخلفية التاريخية والنظرية لهذه الاتجاهات،المؤلفات الحديثة التالية:"الماركسية"لجورج ليشتهايم،روتلج،1967 بالانكليزية،و"ماركس حول الاقتصاد"لروبرت فريدمان،مع مقدمة طويلة تحريفية لهاري شفارتز،بنكوين – 1968،و"الماركسيون"للاجتماعي الامريكي المشهور رايت ملز،خاصة الفصل الاول ص 11- 32،بنكوين،1962،بالانكليزية .
7. راجع المقدمة التي كتبتها روبنسن للترجمة الانكليزية لمؤلف لوكسبمورغ الاساسي"تراكم رأس المال"ترجمة شفارتز فيلدر 1951 – بالانكليزية.
8. "هنري دني وموضوعة عدم اكتمال رأسمال ماركس"دراستنا في – الاقتصاد -،اذار 1972.
9. راجع على الاخص باران"الاقتصاد السياسي للنمو"،علما بوجود عدة طبعات عربية لهذا الكتاب القيم،وكذلك،باران وسويزي"الرأسمال الاحتكاري"الذي ترجم مؤخرا الى العربية،واخيرا مؤلفات الراديكاليين الفرنسيين – خاصة بيير جاليه التي ترجمت بعض كتبه الى العربية،والبلجيكين...وعلى رأسهم ارنست مانديل – ولا يتسع المجال للاشارة الى المصادر.
10. راجع الفصل السابع،حيث يستشهد المؤلف بعشرات الشخصيات من كبار الاحتكاريين.
11. راجع نفس الفصل،حيث يستشهد المؤلف،بغزارة من خطب شمبرلن ورودس وكشنر ..الخ.
12. راجع الرسم البياني في هذا الكتاب.
13. راجع الرسم البياني هذا الكتاب.
14. راجع الفصل الثاني،بعنوان(الرحم الاجتماعي).
15. دوب"دراسات في تطور الرأسمالية"طبعة ووتلج،1963،بالانكليزية،وربما كان هذا الكتاب الكلاسيكي،اعظم ما الف في موضوعه،وهو امتداد تاريخي لرأسمال ماركس و التراكم الرأسمالي لروزا لوكسمبرغ.
16. راجع تعليقاتنا على مؤلفات شارل بتلهايم في مجلة(الاقتصاد)العراقية.
17. راجع،على الخصوص مؤلف بومبافرك الكلاسيكي"ماركس ونهاية نظامه"الصادر عام 1896 ورد هلفر دنك عليه بعنوان"نقد بومبا فرك لماركس"الصادر عام 1902 بالالمانية،وقد نشر الاستاذ سويزي ترجمة لهذين المؤلفين بالانكليزية،مع مقدمة تحليلية رائعة،في مجلد واحد بعنوان"كارل ماكس ونهاية نظامه"دار نشر كيلي،نيويورك،1949.ويجد القاريء في هذا الكتاب القيم الخلفية التاريخية لاكثر التشويهات الاكاديمية المألوفة للماركسية في الفكر المعاصر،والتي يجد المرء انعكاسات مبتذلة لها في مؤلفاته الجامعية.
18. تراجع،على الخصوص،مؤلفات بليخانوف الكلاسيكية في هذا الصدد،وخلاصة مركزة للموضوع،في كتابنا"دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي"بغداد،1970،الفصل الثاني،ص 83 – 112..
19. راجع الفصل الرابع عشر.
20. راجع مؤلفات لينين حول هذه النقطة،وخاصة كتابه المشهور"خصائص الرومانسية الاقتصادية"1897،حيث يحلل القائد الثوري الكبير جذور هذه الاتجاهات في مصالح وامزجة البورجوازية الصغيرة،وفي رأيي – ان هذه الاتجاهات اصبحت اكثر تعقيدا في الوقت الحاضر،وتحتاج لتحليل يربطها بمصالح الامبريالية من جهة،وبمصالح رأسمالية الدولة في البلدان النامية من الجهة الاخرى.
21. راجع عن هذه النقطة الفصول الرائعة التي كرسها بول سويزي لدراسة نظرية الازمة الماركسية في كتابه الخالد"نظرية التطور الرأسمالي"،1942، ص 133 – 239،بالانكليزية،وهناك شبه اجماع بين المؤرخين الاقتصاديين،بما فيهم الاكاديميون،على ان هذا الكتاب هو افضل – تمهيد – لدراسة الفكر الاقتصادي الماركسي.
22. راجع الفصل الخامس عشر.

مقدمة المؤلف كوكس

بالنسبة لعالم الاجتماع ليس هناك ما هو اكثر اهمية من فهم طبيعة الرأسمالية.
ان جميع التغيرات الكبرى المعاصرة تتضمن جوهريا عمليات تصير للنظام الرأسمالي – هذا النظام الذي بلغ من الشمول في بداية القرن العشرين،ان اصبح عمليا يلف حياة كل فرد على وجه الكرة الارضية.ان الانسانية لم تعرف ثقافة مماثلة.والاهم،انه ليس بالامكان اظهار ان النظام نشأ واكتسب القدرة على الحياة كنتيجة"طبيعية"للتطور التاريخي.انه لم يكن وليد الاقطاع.
ولأن الرأسمالية تركزت في المدن،فقد ارتبط توسعها مباشرة بالحركة الشاملة لنمو المدن.انها تتجول في الخارج بحثا وراء الفرص التجارية،وفي ذلك،تخضع الاقاليم المتأخرة،وتجمع ثروات اسطورية،ولم يضاهها اي نظام اجتماعي سابق في قدراتها على دفع الافراد للقيام بالانجازات الطموحة في شمولية واستمرار(كما حاولت ان اظهر في كتابي اسس الرأسمالية).والواقع انه بدون الحصول على صورة واضحة عن جذور النظام،قد لا يستطيع المرء تجنب الوقوع في المزلق التي تنتظره عندما يريد تفسير مشاكل الانتقال الاجتماعي الحديث.
اني احاول ان اظهر في هذا الكتاب ان الرأسمالية،كنظام للمجتمعات،تتميز بقوام وهيكل محددين،لا يميزانها عن النظم الاجتماعية الاخرى فحسب،بل يقرران ويحددان العلاقات المتبادلة بين الاشخاص الداخلين ضمنها.ومن الوهم الاعتقاد بأن الرأسمالية تمنح رجال الاعمال حرية غير محدودة للتخطيط وللتصرف بالموارد كما تشاء.وسوف نرى في المحل المناسب،انه فقط،استنادا الى فرضية نمط معين من التنظيم المجتمعي،يمكن تصور المصلحة الخاصة للافراد كمصلحة للمجتمع ككل.اما في المجتمعات غير الرأسمالية،فليس هناك شبيه برجل الاعمال كما نعرفه اليوم.ان هذا النمط لا يمكن ان يظهر الا ضمن هيكل الرأسمالية الاقتصادي والسياسي والاجتماعي(ان فيرنر سومبارت،الذي يحاجج انطلاقا من فرضية الخصائص الفطرية للشخصية،لا يوافق على هذا الرأي.وكذلك يفعل آخرون كما سنرى).
لقد وجدت ان المفيد التمييز بين المجتعات الرأسمالية والنظام العالمي الذي تؤلفه هذه المجتمعات.وصحيح ان تعبير(النظام) قد يشير الى اي ترتيب وظيفي لاجزاء مترابطة،وبالتالي يشير الى التنظيم الاجتماعي الداخلي لأي امة او اقليم رأسمالي.والواقع ان هذا المعنى كان الاكثر استعمالا.ولكن بما انني احاول التأكيد على اهمية مجموعة الامم والاقاليم التي غدت تعمل كوحدة تحت تأثير الرأسمالية،فأنا استعمل تعبير النظام بصورة رئيسية للاشارة الى النظام العالمي،وتعبير(المجتمع) للاشارة الى التنظيم الداخلي للوحدات القومية.ويجب ان يكون واضحا انه ليس من الممكن ان تجد امة رأسمالية خارج النظام الرأسمالي،وان سلسلة الحركة كانت تنتقل بصورة اساسية من النظام الى المجتمع:اي ان التنظيم الداخلي للمجتمعات يبدو متوقفا على الحاجات والمستلزمات الناشئة بصورة رئيسية عن فعل الظروف الخاصة بالنظام،وبالاضافة الى ذلك فان النظام اجمالا قد سبق تاريخيا المجتمعات التي يتألف منها،والتي كانت تنضم اليه تدريجيا مع عملية توسعه.
ان الوحدات القومية للنظام تميل الى تفاوت في الاهمية والوزن الاقتصاديين،وحتى تلك الوحدات التي تبلغ من القوة الدرجة التي تمكنها من السيطرة على الاقاليم الصغرى كملحقات،تميل الى التجمع بدورها حول امة مهيمنة،تحدد النمط العام للجميع.وهكذا يضم النظام الرأسمالي،من الناحية الوظيفية،سلسلة متدرجة من الامم والاقاليم،مع امة قائدة معترف بها في القمة.ومع ذلك،وفي جميع الاوقات،يميل التنظيم الداخلي للامة القائدة الى التأثر،بصورة متقابلة،بظروف التوابع.
ومن النتائج الواضحة والحيوية التي يمكن استخلاصها من هذه العلاقة،هي ان الرأسمالية لا تعني ولا يمكن ان تعني نفس الشيء بالنسبة لجميع الامم والاقاليم الداخلة في النظام. ففي الطرف الاقصى الاول يمكن ان تعني لشعوب كاملة مستوى معيشة اعلى،وحرية اوسع،وجود اكثر امتلاء من اي مستوى تمتعت به الانسانية سابقا،ولكن في الطرف الاقصى الآخر يمكن ان تعني للجماهير الواسعة من البشر،الفقر الطاحن،والعمل الاجباري،والاذلال العنصري،والضرب بالسياط.ولذالك يمكن توجيه البحث حول هيكل الرأسمالية منذ البداية،اما الى خصائص النظام،او الى خصائص المجتمعات التي تكون اجزاءه.وليس هناك من شك في ان ايا من هذين الوجهين للرأسمالية،لا يمكن ان يفهم بمعزل عن الآخر،ولكن يبدو لي ان النظر الى الرأسمالية،في دراستنا اياها،كنظام قومي مغلق،كما جرى العمل بصورة عامة في الاقتصاديات الكلاسيكية وفي الصيغ المشتقة عنها،معناها تمهيد الطريق لاستنتاجات خاطئة.
لقد ناقشت في(اسس الرأسمالية)الوضع الاجتماعي الفريد في البندقية الذي احتضن المجتمع الرأسمالي الاول.ومع استقامة عود هذا المجتمع،ادخل في مساره مساحات متزايدة في العالم.وقد اشرت الى ان النظام كان له اصل واحد.ان المجتمعات غير الرأسمالية سابقا،تحولت الى رأسمالية مع تشابك تنظيماتها الداخلية،وخاصة هياكلها الاقتصادية،بصورة خطيرة،بوظائف النظام الملزمة.ذلك لان احدى سمات النظام البارزة هي قوته الموحدة.وكما لاحظنا في اعلاه،نجح النظام،على الاقل الى عام 1914 في ادماج جميع شعوب الارض من الناحية العملية.وبالرغم من ان القوة العسكرية كانت ولا تزال احد العوامل في هذة الانجاز،الا ان الروابط الدائمة صيغت جوهريا من قبل الاقتصاد- والعلاقات السوقية،والدبلوماسية،والدين.ان بعض سمات الرأاسمالية خاصة بالنظام تمييزا له عن وحداته القومية.مثال ذالك ان القيادة،تاريخيا،انتقلت من الناحية الوظيفية من امة لاخرى – من البندقية وعصبة الهانسا الى هولندا وانكترا ومنها الى الولايات المتحدة.كذلك يمكن تمييز العمليات السوقية بين الوحدات عن تلك العمليات داخل الوحدات.كذلك يمكن ملاحظة ان الدورات الاقتصادية ظاهرة تميز النظام،ولكن هناك اخلاقية دولية وخلافية داخلية في نفس الوقت.وبصورة عامة لا توثر التغيرات الاقتصادية او السياسية التي تحصل في الاقاليم المتأخرة – على افتراض ان الاقليم يبقى في اطار النظام – بصورة محسوسة في عمليات النظام الدولي،بل يمكن حتى ان تدخل البلدان المتخلفة في الحرب دون ان تثير ردود فعل مهمة في النظام،ولكن من الجهة الاخرى يمكن ان يؤدي اي تغير في الامة القائدة،حتى لو كان صغيرا،الى نتائج خطيرة،بدرجة او بأخرى،في جميع اجزاء النظام.
وتقوم الرأسمالية – ربما اكثر من اي نظام سابق – على العلاقات الاقتصادية،وتميل جميع العلاقات الاخرى الى التوقف على ملابسات النظام الاقتصادي.ويمكن تشبيه النظام الرأسمالي نفسه بمؤسسة شاملة أنشئت لانتاج البضائع وتوزيعها،ولذلك فتتمثل علامة القيادة داخل النظام في السيطرة على التجارة والانتاج الدوليين.وبما ان هذا المركز يعود على القائد بمزايا اقتصادية مهمة،فانه يضطر بصورة طبيعية للمحافظة على النظام الذي يمكن له من القيادة.وقد قبل القائد،تقليديا،هذه المسؤولية.
ومع انتشار نفوذ الرأسمالية في العالم،انحسرت جميع الاشكال الاخرى للتنظيم الاجتماعي،ولم يستطع اي منها ان يصمد امام النظام هذا،كما لم يستطع اي منها ان يستعيد قوته بعد الاندحار.وسأحاول ان اظهر في المكان المناسب بانه لم يحدث اطلاقا احياء مجتمعي بالمعنى الدقيق في اوربا.ان الحضارات التقدمية لم يتم انبعاثها،ولم يعان النظام الرأسمالي،منذ اصوله في القرن الخامس عشر،اية"عصور مظلمة"،ومع ذلك فان الرأسمالية تتضمن منطقها الاجتماعي الخاص وتطورها الذي كان،بشكل ينطوي على بعض المفارقة،يتجه نحو التحول الاساسي للنظام نفسه.
وبالرغم من ان موضوع طبيعة التحول الرأسمالي يقع خارج نطاق هذا الكتاب،فانني مع ذلك سأبدى رأيي في طبيعة القوى التي يتضمنها.ان اقتصاديات الامم الرأسمالية القائدة لا تستطيع التطور والازدهار الا بقدر توسع النظام الرأسمالي نفسه،لأن(الرأسمالية السكونية) – ستاتيكية – كما يلاحظ جوزيف . آ. شومبيتر بحق،مستحيلة.وكلما زادت هذه الامم من امكانياتها،زادت الضغوط عليها نحو(المجال الحيوي)الذي يجب ان يوجد بصورة رئيسية في المناطق المتخلفة من العالم.وبسبب اعاقتها التجديدات التنظيمية والتكنولوجية،تتركز القوى الحركية (ديناميات) للرأسمالية،في الاقطار المتأخرة التي تشكل لهذا السبب النهاية المفتوحة للنظام.ولكن هذه المنطقة الحساسة بدأت بالانحسار فعليا منذ 1917،عندما اخرجت الثورة الروسية مناطق واسعة من العالم من نطاق عمليات الرأسمالية.وبالاضافة الى ذلك فان الاقطار المتأخرة ابدت مقاومة متزايدة للتوسع الرأسمالي الاعتيادي.وقد ادت هاتان الحركتان المضادتان الى تفاقم الركود الاقتصادي داخل النظام.
وتميل الثقافة الرئيسية للرأسمالية الى اعلى اشكال التطور،بصورة نموذجية في الامة القائدة،مما يجعل هذه الامة نموذج الكمال للتنظيم الرأسمالي،كما يجعلها تتفوق – خلال فترة صعودها – على جميع الامم الاخرى،ليس في حجم تجارتها وصناعتها فحسب،بل في التكييف الموفق لمؤسسساتها السياسية والدينية ايضا.وهناك اسباب تفسر ايضا تفوق العلوم والتكنولوجيا في الامة القائدة.وسينصرف غرضي الى ربط هذه الاوجه الحيوية للمجتمع الرأسمالي بالظاهرة المسيطرة للنظام كمجموع.
ولا حاجة للقول بان دراسة الرأسمالية كانت لمدة طويلة الشاغل الاساسي لعلماء الاجتماع ورجال الاعمال العمليين على السواء.لقد افترض ميكافلي وجود الرأسمالية عندما اشتق مذاهبه المثيرة في الحكم.وتشبث الفيزيوقراط والتجاريون،بالدرجة الاولى،بحجج وتفسيرات تتعلق بعمليات الرأسمالية.وتصور آدم سمث انه فهم هذه العمليات افضل من التجاريين.والواقع ان جميع النظريات الاجتماعية بشأن المجتمع المعاصر غير الاشتراكي،تفترض على الاقل،وجود الرأسمالية كمسلمة.وفي القسم الثاني من هذا الكتاب سأحاول استعراض المساهمات المهمة بهذا الصدد لبعض الدارسين البارزين.
ان تحليل هذه الاستنتاجات سوف يساعد،دون ريب،في تحديد وجهة نظري بصورة اوضح،وهكذا سوف يكون اهتمامي الاول في هذه الصفحات منصبا على تحليل وتحديد خصائص الظواهر الاقتصادية والاجتماعية المهمة للنظام الرأسمالي،كما تتبدى في هيكله الاقتصادي ورحمه الاجتماعي وقواه المحركة.

ان استعداد الانسان للكمال غير محدود اطلاقا.... وبالتالي فان نمو هذا الاستعداد،الذي لا تستطيع أية قوة ان تعيقه بعد الآن،لا يمكن ان يحد بغير مدى الكرة الارضية التي وضعتنا الطبيعة فوقها.ولاشك ان مجرى هذا التقدم قد يتفاوت في سرعته،ولكنه لن يرجع ابداً الى الوراء،على الاقل ما دامت الارض محتفظة بوضعها الحالي في نظام الكون.
* * *
أية عادة قبيحة يمكن ذكرها،واية ممارسة مخالفة لحسن النية،بل واية جريمة،لا يمكن ارجاع اصلها وسببها الاول،الى التشريعات والمؤسسات والاحكام المتحيزة في البلد الذي تسوده تلك العادة او الممارسة او الجريمة المقترفة؟

ماري جان دي كوندورسيه "خلاصات لنظرة تاريخية في تقدم العقل الانساني"

الفصل الخامس عشر من كتاب كوكس
النظام في انتقال

اذا كان صحيحا بأن النظام الرأسمالي،بطابعه غير متناسب الاجزاء،من النواحي الاقليمية والاقتصادية والسياسية،يكون الوحدة الاساسية المنطوية على تغيرات وتطورات داخل وحدته الجزئية المختلفة،فيجب تحليل مشاكل الانتقال بالاشارة الى القالب الاجتماعي ككل.وبعد التسليم بهذا الافتراض تبقى هناك نظرتان مهمتان للمسألة:الاولى تؤكد على التغير باصطلاحات الصراع الطبقي،والاخرى تؤكد على نتائج التحول بالنسبة لمختلف مجتمعات النظام.ويبدو ان نظرية الصراع الطبقي ترى بأن قلبا بروليتاريا للمجتمع الرأسمالي،في أي جزء من اجزائه تقريبا،سوف يؤدي بحكم ذلك وحده الى اطلاق طاقات الجماهير لاقامة نظام جديد يمكن توسيع رخائه بصورة غير محددة.ولكن يندر ان نجد توغلا في تفاصيل هذه العملية.والواقع ان ماركس نفسه،الواضع الاصلي لهذا الاتجاه لم يكن لديه ما يقوله الا القليل حول تلك العملية وحول عناصر النظام الجديد.على ان الكفاح الطبقي،كالحرب،قد يلف المشاكل الحقيقية بالغموض.ان المشاكل الحقيقية تتصل بالتحول نفسه،وتمكن معرفة هذه المشاكل من التنبؤ حتى بدرجة النجاح التي يمكن ان يحرزها الكفاح المذكور في مختلف المواقف.ويظهر ان الناس سوف لا يقنعون بصورة دائمية،بمجرد نقل السلطة الى(الشعب)،اذ لو كان هذا صحيحا لزاد الطلب على الطوبائيين،اكثر مما هو الآن بكثير.ان الانسانية على العكس،مكتوب عليها ان تعيش في مجتمعات منظمة حسب مبادئ منطقية داخلية.صحيح ان التخطيط الاجتماعي قد اصبح الان في متناول شعوب عديدة،ولكن هذا له حدوده.لذلك دعنا نحاول اولا الاشارة الى ماهية الشروط التي يسهم فيها النظام الرأسمالي في نجاح التمرد الجماهيري المعاصر.يجب ان يستبعد،كمسألة ذات اهمية خاصة،تذمر العمال في البلدان المتقدمة.بصورة عامة كان العامل المنظم في الامم الراسمالية القائدة،مواليا للرأسمالية،وحسب مواعظه المستمرة،يقيم العبيد،في البلدان الاشتراكية.ويبدو ان العامل الاساسي والاول هو الاتجاه الثابت نحو الركود في النظام الرأسمالي.وطالما كان النظام غير قابل للتوسع بصورة طبيعية في قمته – حسب تقاليد السوق الحرة – لابد من ظهور المشاكل المتضمنة حلولا غير سوقية خلال مجموع اجزائه.ومن نتائج هذا التطور هي حقيقة ان الرأسمالية تفقد باستمرار مثاليتها الاممية.ان الروح الاممية التي ولدتها المنافسة على القيادة سابقا،لم تعد سائدة الان.لقد انقطعت سلسلة الوراثة.
العمل الثاني الحتمي هو نضوج الفكر العقلاني ونمو العلمانية وتقدم العلم والتكنولوجيا.ان هذه من المنتجات الايجابية للرأسمالية،التي تبعث الثقة في مختلف البلدان بأن وسائل التخطيط الناجح للمجتمعات اصبحت متيسرة.وبهذا المعنى،تعود الاشتراكية لاستلهام مفكرين من قبيل روجر بيكون وفرانسيس بيكون وكوندورسيه.لقد كونت الرأسمالية مجتمعا عقلانيا وعلمانيا،وربطت العلم والتكنولوجيا وظيفيا،بالتقدم الانساني.
ان هذين التطورين المتعارضين،ركود النظام السوقي الرأسمالي الذي يتطلب اللجوء المتزايد للتدابير الاشتراكية حتى في البلدان المتقدمة،وظهور الامكانيات غير المحدودة للعلم والتكنولوجيا،يقويان باستمرار الحركة نحو الانتقال.
الا ان عقم الرأسمالية،لا يشعر به على الوجه الاشد في تلك البلدان التي حققت هيكلا رأسماليا متقدما،قبل مجئ الركود.ان الامم الناضجة لا تزال تأمل في المحافظة على اوضاعها الامبريالية،بتعديل ممارستها ستراتيجيا.الا ان الامل معدوم بالنسبة للبلدان المتأخرة للتدرج نحو مكانة الامم الرأسمالية المزدهرة وكاملة التكوين.وفي هذه البيئة الاخيرة،تصبح قيم الاقتصاديات المخططة اكثر جاذبية.ويمكن ان يكون هذا هو الدافع الوحيد حقا لاطلاق النزاع الطبقي،الهادئ او العنيف.على ان الهدف يبقى نفسه دائما:مثال ذلك ان قليلا من المسؤولين يبدو عليهم التأثر الشديد من اتجاه قادة الشعوب المتأخرة الذين يحرزون الاستقلال لبلدانهم،لاحتلال نفس المراكز المادية للامبرياليين المطرودين،بينما يعتبر تبني الاشتراكية تحركا في منتهى الخطورة.وكما اشرنا سابقا،ان تجريد النظام من قاعدته في الشعوب المتأخرة،معناه الاجهاز عليه،ولا يمكن للطبقة الحاكمة في الامم القائدة ان تقابل ذلك ابدا بعدم الاكتراث.وهكذا يصبح الكفاح نحو الانتقال الى اقتصاد مخطط ظاهرة دولية تتركز في الاقطار السلبية سابقا.
وفي محاولة تقدير معدل النمو،كان يؤخذ تقليديا ظرفان اساسيان بنظر الاعتبار:احتمال الحرب بين الدول الرأسمالية الكبرى،واحتمال تكرر ازمات الكساد من نوع كساد 1929-1939.وبالرغم من ان حربا عالمية رأسمالية،او كسادا كبيرا،سوف يطلقان من دون ريب قوى الاشتراكية،الا ان الظروف الموضوعية،ومزاج القيادة في الامم الكبرى،لا تبرر فيما يبدو توقع حصول اي منهما.وليس الامر ان النظام استطاع التخلص من الدورة الاقتصادية،ولكن دور الحكومة في العمليات الاقتصادية يستبعد امكانية حصول كساد نموذجي(وبالمناسبة،يجب اعتبار دور الحكومة غير المعتاد هذا،احد الجوانب المهمة في الانتقال).
وفي غياب اي انشغال طويل الامد بالحرب الداخلية او الكساد،تبقى قيادة النظام حرة نسبيا لمقاومة اية حركة نحو الاشتراكية في الخارج،بالقوة او المقاطعة او الخديعة.وبالرغم من ان هذه القدرة على المقاومة تتناقص باستمرار،الا انها ما زالت قادرة على انزال العقاب الفظيع بالامة المتأخرة التي تحاول الانسحاب من النظام.الا ان الوضع يتميز الآن،بالحاجة لتقديم (وجبة اكبر من الجزر) قبل استخدام العصا.والى جانب هذه المعارضة،تواجه كثير من الشعوب المتأخرة مشاكل مستعصية في طموحها الى اقامة اقتصاديات مخططة.ان الجزء الاضخم من كفاحها ليس موجها ضد القضاء على الطبقة الحاكمة،بقدر ما هو موجه لتنظيم مجتمع جديد قادر على البقاء.ان الاشتراكية قد تقدم الجواب،ولكن ادارة هذا النظام اصعب بكثير من ادارة لون سلبي من الرأسمالية.ان المجتمع الاشتراكي القابل للحياة،يتطلب بيروقراطية حكومية جديدة واسعة نسبيا،ومؤسسة عسكرية مرنة،ونواة صغيرة على الاقل من العلماء والتنكيكيين،وحجما معينا مهما من السكان،ومقدارا كافيا من الموارد الطبيعية،وشعبا يمكن ان يفهم وان يدافع لتحمل الحرمان ومواصلة العمل دون انقطاع في سبيل المستقبل السعيد الذي قد لا يتمتع به في حياته ابدا.
ان كل بلد ينسحب من النظام الرأسمالي،يجب ان يتوقع ان يصاب بهزة ثقافية وبتوقف اقتصادي قد يكون خطيرا.ان البلدان التي تعتمد على المحصول الزراعي الواحد او التي يقوم اقتصادها على استخراج المعادن،قد تجد نفسها معرضة للتجويع بمجرد اغلاق الاسواق في وجهها.وهكذا فأن المنافع الاشتراكية المعلنة،قد تظهر غالية الثمن بسهولة.وفي الوقت الحاضر قد تستطيع بعض البلدان الاشتراكية الراسخة،خاصة الاتحاد السوفيتي والصين،ان تقدم المساعدات لتخفيف بعض الصعوبات،ولكن ليس في كل الظروف.
يجب التذكر دائما بأن التطور الاشتراكي يعتمد على ركيزة واحدة اساسية،تلك هي استخدام العلم والتكنلوجيا،بالشكل الذي يضمن الانتاجية الاقتصادية بمعدل نمو اسرع من معدل نمو السكان.ولا يمكن ان يحقق ذلك،لا الانتاج المباشر،ولا الاعتماد على استيراد السلع الرأسمالية.ان البلد نفسه يجب ان يكون قادرا على وراثة القابلية الذاتية للتوسع،المميزة للاستخدام غير المحدود لرأس المال.وهكذا فلا مندوحة عن التصنيع الواسع.ومع ذلك فليس بامكان جميع الامم المعاصرة ان تحقق هذا النوع من التصنيع،لأن الكثير منها محدود السكان والموارد.ان البلدان الاشتراكية،خلافا للرأسمالية،لا تستطيع ان تخطط لاستغلال موارد الشعوب الاخرى.انها يجب ان تتطلع لاراضيها الخاصة وقوة عملها فقط.ولذلك فان البلدان الصغيرة يجب ان تتوقع اما البقاء توابع الى الابد،او ان تندمج في وحدات اقليمية أكبر.ان ايا من امم جزر الهند الغربية مثلا،او البلدان القارية للكاريبي،لا يمكن ان يأمل ابدا الاستفادة بصورة متصاعدة من وفورات الحجم،الملازمة للصناعات التقليدية،في انتاجه من اجل اشباع استهلاكه الداخلي الضروري.
ان هذه البلدان،بقدر ما يمكن التنبؤ به الآن،يجب عليها دائما ان تستورد السلع الاستهلاكية التي تنتجها الصناعات المذكورة.ولكنها،كجزء من اقليم اكبر،تتمتع بمرونة سكانية حرة،وقد تصبح مساهمة واعية في عملية الانتاج الكلي.
وفي بلدان مثل روسيا والصين،حيث تتمتع بظروف ملائمة من ناحية السكان والموارد الطبيعية،تستطيع القيادة الاشتراكية ان تؤجج الحماس المطلوب في الشعب ليقوم بالتضحيات الاولية الفظيعة،في العمل والادخار،وان تبقي فيه جذوة الأمل متقدة،بأظهار النتائج المتراكمة.ويمكن التغلب على الاخفاق،باعادة تأكيد اضافية على التقدم.ان الطلب الداخلي يكون على درجة من السعة بحيث يستمر الضغط على المعامل والمصانع ومشاريع الطاقة المائية ومشاريع الري والمؤسسات التربوية.. الخ،للعمل بكفاءة متزايدة،الامر الذي يظهر ضرورة الانضباط الاشتراكي.
يجب التذكر بأن الرجل الرأسمالي عانى هو الآخر فترة انضباطه الخاص.واذن فهذا العامل – الدفع المجزي لتحقيق اهداف اقتصادية وثقافية – يصبح أساس الدوافع والحوافز في المجتمع الاشتراكي.ان البلدان التابعة لا تستطيع ان تمارس هذا بشكل كامل.انها – كوحدات – قد تعاني اخفاقات تراكمية.انها لا تستطيع(الانطلاق).
اما امريكا الجنوبية وافريقيا جنوب الصحراء،فأنها،بالرغم من تمتعها بالسكان والموارد الكافية لضمان تطورات اشتراكية،اساسية لديها،الا انها تواجه الحقيقة المانعة وهي التشتت القبلي.وكبلدان منفردة – الا في حالة البرازيل والكونغو احتمالا – يجب عليها اما الاستيراد في تحمل معدل التطور غير الملائم او حتى الهبوط،المفروضين بالمؤامرات الامبريالية،او القيام بمحاولات يائسة في اتجاه الاشتراكية لتدرك بسرعة انها امام طريق مسدود.وفي هذه الاقاليم،تصبح الوحدة هي الشرط المسبق الصارخ للتطور التقدمي عن طريق التخطيط.وكما يجب ان تتوقع،تحاول قيادة النظام الرأسمالي بالضبط ان تصد وتحبط هذه الرغبة.ويمكن ان يعد بين رؤساء الدولة الافريقيين الذين هم اكثر ادراكا،بألم، للنتائج المحددة لهذه الفرقة،جمال عبد الناصر في الشمال وكوامي نيكروما في الجنوب،وبسبب سلوكهم سبيل الوحدة هذا،بالدرجة الاولى،لم يعودوا مشبوهين فقط،بل اصبحوا اهدافا للهجوم من قبل القومية المغذاة بسهولة،في البلدان الاخرى.
وبالنظر لمعارضة الامم المتقدمة،فان صعوبات تنظيم دول اشتراكية قادرة على البقاء في هاتين المنطقتين صعوبات مذهلة حقا.ومن العوامل الداخلية المعيقة للتوحيد،هو طابع عدم التكامل للانتاج والمهارات البشرية في الوحدات الداخلية المتعددة.ان تفرغها للزراعة والتعدين،يميل الى عدم خلق الاسواق،او خلق القليل منها فقط،لتصريف منتجات بعضها البعض،ولهذا فانها تتوجه اعتياديا،من الناحيتين الاقتصادية والثقافية نحو الامم المصنعة،وهي مضطرة غالبا للاتجار مع بعضها البعض،بصورة دائرية مغلقة،عن طريق انظمة متركزة في البلدان الصناعية.
ومع ذلك فان الاتجاهات الاجتماعية ملائمة للحركة.ان كل محاولة ثورية تقوم بها الامم على انفراد في امريكا الجنوبية،ناجحة او فاشلة،تضطر قيادة الرأسمالية باستمرار على اثبات قدرة النظام على سد حاجيات جماهير الشعب،بفعالية اكبر من الثوريين.ومن الصعب (محاصرة) هذه الحاجات،كما ان الحركات التي تحاول التكيف معها تقضي دائما التخطيط الى ابعد من قدرات المشروع الحر.ويمكن اعتبار حتى السوق الاوربية المشتركة،كجانب مهم للتحول.انه جزيئا،استجابة للضياع الحقيقي او المحتمل للمستعمرات،وجزئيا رد فعل للتحدي التنافسي للاتحاد السوفيتي.وبالنظر لملكيتها لمقاطعات كولونيالية،تستطيع حتى اقطار صغيرة كهولندا وبلجيكا ان تقوم بتسليفات يعول عليها،كالامم الصناعية.وبالاضافة الى ذلك،فان ايا من الامم الاوربية،قد لا يملك الحجم الكافي ولا المواد الخام الكافية للشروع في تحقيق منهاج للتنمية،موجه داخليا وقادر على البقاء الذاتي.او بعبارة اخرى،لا يستطيع اي منها - بنفسه – ان يستغل بصورة كاملة القيم المتوالدة ذاتيا للعلم والتكنولوجيا.اما بالوحدة فتكون اوروبا قد اقامت قاعدة السكان والموارد،اللازمة لمجتمع اشتراكي كبير.ولكن هذا لا يعني بان مهندسي السوق المشتركة قائمون،عن وعي،ببناء الاشتراكية.انها الرأسمالية،دون شك،التي يحاولون اسنادها.ان كثيرا من قادة البلدان المتخلفة،خاصة القادة الافريقيين يخشون اهداف السوق المشتركة،كوسيلة لادامة الاستغلال الامبريالي.وهكذا يحذر كوامي نيكروما رئيس جمهورية غانا:"ان الامبريالية لا تغير طبيعتها.انها تغير واجهتها فقط..ان منظمة السوق المشتركة تستهدف تعبئة البلدان الافريقية لاشباع نهم الربح للكتلة الامبريالية،ومنعنا من اتباع سياسة محايدة مستقلة.ومن السهل رؤية ان الامبرياليين الكولونياليين مصممون على ابقاء الاقطار الافريقية في وضع المجهزين للمواد الخام الرخيصة..ان المنظمة تشكل محاولة لاستبدال النظام القديم للاستغلال الكولونيالي بنظام جديد من الاستغلال الجماعي الذي سوف يكون اقوى واخطر من الشرور القديمة التي نكافح لتصفيتها من هذه القارة".(1)وليس هناك شك حول المصلحة الذاتية للسوق المشتركة.والقوة الفعالة الوحيدة للرد عليها هي الوحدة الافريقية.الا ان هذه القوى التجزيئية السائدة التي اشرنا اليها،ومنها القومية الاقليمية والقبلية والطابع غير التكاملي للاقتصاد،قد مكنت السوق المشتركة في نهاية عام 1962 من تحقيق وحدة اوربية المركز،لحزام مهم من الامم الافريقية.وقد وقعت اتفاقية في بروكسل تربط اقتصاديات هذه الامم الجديدة،المشتقة من الامبراطوريات الفرنسية والبلجيكية السابقة،بالنظام الصناعي للسوق.ان هذا الاتحاد من شانه ان يحبط اية وحدة اساسية ذات مركز افريقي،ويعزل عددا من البلدان الافريقية،ويحول غانا بصورة خاصة الى منطقة محاصرة مع امكانيات محدودة جدا للتطور.
هل ستلغى التجارة الدولية في مجتمع اشتراكي مبني على اسس اقليمية؟لقد طرحت احيانا المسألة بالشكل التالي:اذا كان على الاقطار الاشتراكية الرئيسية ان تتطلع الى عملها وارضها الخاصة للتطور،وليس الى الاقطار الاخرى للاستغلال افلا يصبح العالم مجزءاً الى شعوب منعزلة؟ابدا.بالدرجة الاولى ان الكرة الارضية متخصصة بصورة طبيعية في مواردها المتنوعة،وكلما ازداد التطور الثقافي لشعوبها،ازداد حرصها على هذا التنوع.ثم ان المهارات البشرية،كذلك،لا بد ان تتنوع من مكان لآخر.وسوف تلقى الرواج،كل منتجات هذه المهارات،والمعارف المتميزة.وبالاختصار فان التصنيع العام لا يحتاج ان يعني الغاء التخصص.انه قد يؤدي الى زيادة حجم التبادل الكلي.فمن الممكن مثلا،اذا وضع حد للعداء نحو الاشتراكية،ان تكون السوق الحالية للسلع والخدمات الامريكية في الصين اكبر من اي وقت في الماضي.الا انه سيكون هناك فرق مهم:ان الصين سوف تشتري ما تحتاجه حسب ما هو مقرر في خططها للتنمية،بينما كانت قبل الثورة تشتري اعتياديا ما كانت الاقطار الصناعية تريد وتلح ان تبيعه اليها.
ان المسائلة،الآن وللمستقبل الغير محدود،هي ما اذا كان سكان المعمورة،التي انكمش حجمها،بالمواصلات الفورية والنقل السريع،يستطيعون مواصلة السير بوسائل التعاون بدل المنافسة العدائية،نحو حلمهم العظيم في بلوغ الكمال المطلق.لقد ادت الرأسمالية الخدمة التي لا تقدر بثمن،في الغاء الحواجز الكبرى التي كانت تعزل فئات العائلة البشرية.وامام هذه الفئات المتصلة ببعضها،اما ان تتطور معا في سبيل ذلك الهدف المشترك،او ان تقيد تطور المجتمع.


1 – كوامي نكروما،"تحرير افريقيا ووحدتها"،خطاب امام المؤتمر القومي للمدافعين الافريقيين عن الحرية،حزيران 1962،واعيد نشره في "طرق الحرية"،خريف 1962،ص 420 – 421،بالانكليزية.


-;- هنري دنى H.DENIS وموضوعة عدم اكتمال "رأسمال" ماركس/هل التجارة الخارجية شرط مسبق للتراكم الرأسمالي؟
الدراسة منشورة في مجلة الاقتصادي/العدد الاول لشهر اذار 1972!وفيما يلي مقتطفات منها:
"
1. كلمة اولية
من المعروف ان الاستاذ هنري دنى من المع الاقتصاديين الماركسيين في الوسط الاكاديمي الفرنسي،له مؤلفات قيمة في شرح وتحليل الاقتصاد الماركسي،وخاصة في دراساته في نظرية القيمة،كما ان له مساجلات ممتعة مع كبار الاقتصاديين العالميين المعاصرين وخاصة الكينزيين منهم،وقد سبق لكاتب هذه الدراسة ان عرب له في اوائل الخمسينيات احد كتبه الممتازة في نقد الفكر الاقتصادي الاكاديمي(1).وفي عام 1966 ظهر له مؤلف ضخم في مجلدين يتناول تاريخ الفكر الاقتصادي منذ بداية العصر اليوناني الى الوقت الحاضر،معززا باقتباسات كاملة من كبار المفكرين(2).ولا ريب ان هذا الانجاز الجديد يضيف الى المكتبة الاقتصادية العالمية ذخرا جديدا من انفس ذخائرها،سوف يحتل مكانة فريدة في هذا الحقل الهام من حقول العلوم الاقتصادية،الى جانب مؤلفات ماركس وشومبتر وجيد وريست وهانى وهايمان وكوسا وبن سلغمان ومومبرت وشتافنهاغن.ولعل من امتع فصول هذا الكتاب الجديد هو الفصل الذي كرسه الاستاذ دنى لفكر ماركس الاقتصادي،فهو يمتاز بالتبسيط مع العمق،والمقارنة بالفكر الاكاديمي المعاصر،ولكن احدى سماته البارزة،في اعتقادي،هي محاولة المؤلف التوفيق بين بعض النظريات الماركسية والنظريات الاكاديمية الحديثة وخاصة الكينزية في بعض تفسيراتها اليسارية،والركودية لامثال هانسن،والدينامية لامثال شومبتر.وقد دفعت هذه الاتهامات التوفيقية الاستاذ دنى،كما يبدو لي،الى الخروج بعيدا احيانا على التفسيرات اللينينية للفكر الماركسي،والتفسيرات الماركسية المألوفة للفكر البورجوازى،والميل الى بعض التفسيرات الاصلاحية(خاصة في دراسته للكينزية) والنارودية(3) الشعبية(في دراسته للتراكم والاسواق الخارجية)،والكلاسيكية الجديدة(خاصة في دراسته لمالتس وريكاردو)والليبراالية الجديدة(خاصة في دراسته للفكر السوفياتي بعد المرحلة الستالينية).
لا يمكن طبعا في دراسة قصيرة كهذه الالمام بالسمات الاساسية لكتاب الاستاذ دنى القيم،او القيام بتقييم شامل لمقولاته الجديدة،ولذلك سوف اقتصر على دراسة جانب واحد من جوانب تقييمه لفكر كارل ماركس،وهو الجانب المتعلق بما يعتبره ثغرة بارزة في تحليل عملية التراكم في(رأسمال)ماركس.
2. حول موضوعية عدم اكتمال (رأس المال) لكارل ماركس
من المعلوم ان الكتاب الرئيس لكارل ماركس(رأس المال)بقى عملا غير منجز،ولذلك لا يمكن معرفة كيف كان ماركس ينهى تحليله لتناقضات النظام الرأسمالي،لو امتد به العمر.ويرى الاستاذ دنى ان من المحتمل انه كان يقدم تركيبا synthese لتحليلاته الثلاثة المشهورة(4):تحليل الاملاق وتحليل الازمات الدورية وتحليل انخفاض معدل الربح،ذلك لان ماركس كان يعتقد بالتأكيد ان انهيار النظام الرأسمالي سوف ينتج عن العمل الموحد والمشترك والذي يجري في نفس الوقت لمختلف تناقضاته المذكورة.واذا اردنا ملء هذه الثغرة بعض الشئ والتعويض عن غياب التركيب في مؤلف ماركس نفسه،وجب علينا اولا ملاحظة ان الاتجاه نحو انخفاض معدل الربح والاتجاه نحو املاق العمال لهما طابع تناوبي Alternal.ففي حالة عدم ارتفاع او حتى انخفاض الاجور الحقيقية يرتفع معدل فائض القيمة وبالتالي يمكن الاحتفاظ بمعدل الربح.ولكن يجب ثانيا ملاحظة ان هناك علاقة بين اتجاه الاملاق وظاهرة الازمات الدورية.ولم يفت ماركس احيانا التصريح بذلك.انه يكتب مثلا:"ان شروط الاستغلال المباشر وشروط تحقيق القيمة ليست واحدة.انهما ظاهرتان منفصلتان منطقيا،ومنفصلتان من حيث الزمان والمكان.فالظاهرة الاولى لا تحدها غير القوة المنتجة للمجتمع بينما الثانية تحدها النسب القائمة بين قطاعات الانتاج المختلفة وقدرة المجتمع الاستهلاكية.والقدرة الاخيرة لا تحددها القوة المنتجة المطلقة ولا القدرة الاستهلاكية المطلقة،بل فقط القدرة الاستهلاكية المبنية على شروط التوزيع التناقضية،التي تخفض استهلاك الجماهير العريضة للسكان الى الحد الادنى الذي يتغير في حدود ضيقة بصورة عامة.ومما يزيد في انخفاض القدرة الاستهلاكية هي الميل للتراكم والحاجة لتنمية رأس المال وانتاج فائض القيمة بمقياس متزايد"(5).ان هذا النص يظهر بوضوح نية ماركس في تطوير تحليله للازمات،ذلك لانه لا يمكن الاكتفاء بالقول بأن عدم توجيه الاستثمارات يعيق استمرار تحقق التنسيق المطلوب بين قطاعات الانتاج،بل لابد،اكثر من ذلك،من تفسير سبب تناوب زيادة الاستثمار وضعف الاستثمار بصورة منتظمة،واسباب تكرار ظاهرة الازمة في القرن التاسع عشر في فترات زمنية منتظمة تقريبا.ويرى الاستاذ دنى ان هناك ثغرة مهمة في تحليل ماركس هي عدم ادراكه الكافي لدور الاسواق الخارجية في النمو طويل الاجل للاقتصاديات الرأسمالية.صحيح ان ماركس لا يجهل ان توسع الاسواق هو سمة مميزة للاقتصاد الرأسمالي،وانه كتب منذ 1848 في (البيان الشيوعي):"بأن البورجوازية تغزو العالم اجمع مدفوعة دوما بحاجات الاسواق المتجددة"،وانه كذلك كتب منذ 1853 في احدى مقالاته لجريدة (نيويورك ديلي تربيون):"لقد جلبنا غالبا انتباه قرائنا لنمو الصناعة الانكليزية الذي لا سابق له منذ 1850،ولكن في وسط الرخاء المدهش لم يكن من العسير تشخيص امارات واضحة على الازمة الصناعية المقبلة.وبالرغم من كاليفورنيا واستراليا،وبالرغم من الهجرة الواسعة التي لا مثيل لها الى الخارج،لابد من مجيء لحظة،حتى بدون عارض خاص،يعجز فيها نمو الاسواق عن ملاحقة وتيرة نمو الصناعة الانكليزية.وهذا الاختلال لابد ان يؤدي – كما حدث بالتأكيد في الماضي – الى أزمة جديدة".واخيرا،يعود ماركس لهذه النقطة في عدة اماكن من كتابه(رأس المال)،ويلاحظ ارتباط الازمات بهذا التوسع في السوق العالمية.مثال على ذلك انه يكتب:"ان قابلية التوسع الهائلة وغير المنقطعة لنظام المعامل،مرتبطة بأعتمادها على السوق العالمية،تولد بالضرورة حمى في الانتاج،يتبعه امتلاء في الاسواق يؤدي نقصها الى الشلل"(6).كذلك يكتب في نفس الكتاب:"يجب اذن توسع الاسواق دون توقف،بحيث ان ارتباطاتها الداخلية وشروط تنظيمها تأخذ مع الوقت طابع القوانين الطبيعية المستقلة عن المنتجين،والخارجة بصورة متزايدة عن سيطرتهم"(7).
على انه بالرغم من هذه النصوص، يتسائل دنى،عن الدور الذي تلعبه الاسواق الخارجية في الرأسمالية المتطورة على وجه الدقة،في التحليل الماركسي؟يبدو ان هذا الدور- في تفسير الاستاذ دنى- وهو دور المنفذ او المخرج Exutoire الذي يسمح في النظام بالتخلص من السلع الفائضة التي تهدده بالاختناق.يقول ماركس:"ان التناقص الداخلي يبحث عن حل له في توسيع المجال الخارجي للانتاج".يستنتج دنى،خاصة من هذا النص الاخير،ان ماركس ينظر للمسألة من زاوية اتجاه الرأسمالية للتخلص من سلعها الفائضة بعد ان تكون ازمة فيض الانتاج قد حلت. الا اننا نرى عدم وجاهة هذا التفسير؟ ذلك،لانه في هذه الحالة،تكون الازمة نفسها قد حلت،ولو مؤقتا،التناقض الداخلي،ولا يعود الى الاسواق الخارجية دور في هذا الحل، مما يتناقض مع صراحة النص.ومن المعروف ان الازمات- في التحليل الماركسي- ما هي الا حلول عنيفة ومؤقتة للتناقضات الداخلية للنظام الرأسمالي.ان دورها هو اعادة التوازن الاقتصادي بشكل عنيف،وذلك بتحطيم قيمة جزء من رأس المال،لايقاف انخفاض معدل الربح وتشجيع التراكم- ولكنها في الامد الطويل- عاجزة عن التغلب على(حواجز)النظام الرأسمالي الكامنة في علاقات الانتاج(8) نفسها.
ان النص الماركسي لا يشير اذن الى السوق الخارجية كمخرج للازمة،بل يشير بوضوح الى دورها كأحد الحلول الغير عنيفة للتناقضات التراكمية،والى جانب الحل العنيف الذي يتمثل في الازمة.ان التفسير الصحيح للنصوص الماركسية،هو في نظري،اعتبار التجارة الخارجية احد اشكال وميادين(عمليات المنافسة)التي تلعب دور اساسي في اقامة التوازنات الاعتيادية Normal Balances بين قطاعات الانتاج فيما بينها من جهة،وبين الانتاج والاستهلاك من جهة اخرى(9).ولكن هذه العمليات التنافسية تتضمن التراكم وزيادة التركيب العضوي لرأس المال وانخفاض معدل الربح،اي انها تجدد الشروط الموضوعية لزيادة الاضطراب والاختلال في التوازنات الاقتصادية المذكورة.

3. بين ماركس وسيسموندي ولينين

ولكن من المؤسف ان الاستاذ دنى لا يقدم اية حجج مقنعة لاثبات موضوعته في كون ماركس قصر دور التجارة الخارجية على انها مجرد منفذ لازمة فيض الانتاج بعد حصولها،وبالتالي اعتباره من تلاميذ سيسموندي في هذا الصدد.ان نفس النصوص التي يستشهد بها – كما يلاحظ القارئ بوضوح – تؤكد،على العكس،الدور الايجابي للتجارة الخارجية في آلية التراكم الرأسمالي،وذلك باتاحتها فرص الاستثمار بمعدلات ربح عالية.ولكن ماركس- وبعده ابرز المفكرين الماركسيين وخاصة لينين وهلفردنغ وكاوتسكي وكروسمان ودوب وسويزي – رفضوا دائما النظريات نقص الاستهلاكية Under consumptionist التي روج لها امثال سيمسوندي ورودبرتس والشعبيون الروس وروزا لوكمسبورغ وهوبزن،والقائلة باستحالة التطور الذاتي او الداخلي للنظام الرأسمالي بسبب نقص الاستهلاك،نتيجة خراب البورجوازية الصغيرة واملاق الشغيلة،وتعليق التراكم الرأسمالي وتحقيق فائض القيمة على فائض التصدير.ان ما ينكره ماركس هو ليس دور التجارة الخارجية في عملية التراكم،بل تفسير الدور المذكور.ان ضرورة التجارة الخارجية في الرأسمالية مصدرها الطبيعة التوسعية لنمط(الانتاج)الرأسمالي وليس ضرورة(تحقق)فائض القيمة،وهذا هو جوهر خلاف ماركس مع سيسموندي.
لقد هاجم ماركس آراء سيسموندي حول ضرورة التجارة الخارجية كشرط حتمي لتحقيق فائض القيمة والمنتوج في الرأسمالية في عشرات المواضع في مختلف اعماله الاقتصادية وخاصة في(رأس المال)و(نظريات فائض القيمة).ففي الجزء الاول من(رأس المال)اشار ماركس الى اعمال سيسموندي في احد عشر موضعا،اغلبها يتعلق بنظرية القيمة وفائض القيمة والعمل الاجير وانتاجية العمل وتجديد الانتاج البسيط والتراكم البدائي(10).اما في الجزء الثاني من(رأس المال)الصادر عام 1885 فقد قارن ماركس بين آراء سيسموندي وآراء رودبرتس،ولخص مذهبه،بالعبارة الآتية،المقتبسة من اعماله:"وهكذا فان تركز الثروة في ايدي عدد قليل من المالكين يقلص السوق الداخلية اكثر فاكثر،بحيث ان الصناعة تضطر بصورة متزايدة للبحث عن اسواق خارجية لتصريف سلعها،حيث تهددها ثورات كبيرة"(11).وفي الفصل الرابع من هذا الجزء نفسه،يشير ماركس مرة اخرى الى سيسموندي بصدد صياغة معادلاته الثلاث لدورة رأس المال اثناء تحليل عملية التداول الرأسمالي،ويؤكد ان التجارة الخارجية هي احدى فروض او مقدمات الانتاج الرأسمالي،ولكنه يهمل مع ذلك الاشارة الى الرأسمال التجاري اثناء صياغة معادلات التداول،للتركيز على ما هو اساسي مهم في نمط الانتاج الرأسمالي(12)ولعل اعنف نقد وجهه ماركس لنظرية نقص الاستهلاك لسيسموندي هو نقده الوارد في كتابه الجدلي المشهور ضد برودون( بؤس الفلسفة 1847)حيث ربط بين اخطاء الاقتصادي الالماني رودبرتس وبين نظرية سيسموندي،التي لخصها بالعبارة المركزة التالية:"لقد اقام سيسموندي مذهبه الاساسي على التعارض بين القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية،ذلك المذهب الذي يرى بان انخفاض الدخل يتحدد بنفس نسبة زيادة الانتاج"(13).كما اتهمه صراحة بالرجعية لدفاعه عن نظام البورجوازية الصغيرة وعدم فهمه الشروط الجديدة للنظام الرأسمالي،وحقيقة ان الانتاج او العرض،فيه هو الذي يسيطر على الاستهلاك او الطلب،على عكس نمط الانتاج السلعي الصغير الذي يكون الخلفية الفكرية والاجتماعية لمذهب سيسموندي(14).
اما بالنسبة لتقييم لينين لسيسموندي،فقد كرس كتابا كاملا لنقد مذهب سيسموندي وتلامذته من الاقتصاديين الشعبيين الروس،وهو(خصائص الرومانسية الاقتصادية، 1897)الذي يعد بحث من اروع ما ابدع الفكر الاقتصادي على الاطلاق،هذا فضلا عن الفصل الاول من كتابه الضخم(تطور الرأسمالية في روسيا،1899).يلخص لنين جوهر المذهب السيسموندي المشروح في كتابه(المبادئ الجديدة للاقتصاد السياسي او الثروة في علاقاتها بالسكان،1819،بالفرنسية)حول ما يسمى بمشكلة السوق الداخلية للرأسمالية او مشكلة(التحقيق)في انه المذهب الذي يؤكد بانه بنتيجة تطور المشروع الكبير الرأسمالي في الزراعة والصناعة،فان الانتاج يزيد على الاستهلاك حتما،وبذلك لا يجد النظام مستهلكين في داخل البلاد،لانه يحول جماهير السكان الى مجرد عمال،ولانه يخلق البطالة،ولذلك فالحل الوحيد هو البحث وراء الاسواق الخارجية،وهنا ايضا يجد النظام صعوبات كثيرة بسبب منافسة الدول الرأسمالية الاخرى(15).ويعلق لينين على ذلك مؤكدا ان هذه النظرية تتجاهل ان تطور الانتاج في الرأسمالية،بتحطيمه النظم السابقة لا يضيق السوق الداخلية بل يخلقها خلقا لرأس المال،وذلك بتحويله الجماهير الى(قوة عمل)والفلاحين الى مشترين للسلع الصناعية،ليس فقط السلع الاستهلاكية،بل وايضا السلع الانتاجية.ان سيسموندي وامثاله يجهلون هذا الاستهلاك الانتاجي،اي الاستهلاك من قبل رأس المال،ولا يعرفون الا الاستهلاك الشخصي اي الاستهلاك من قبل البشر(16).كذلك يرى لينين في موضع اخر من كتابه بأن التناقض بين القدرة الانتاجية والقدرة الاستهلاكية في التحليل الماركسي ليس التناقض الوحيد بل هو احد عدة تناقضات تعبر جميعها عن التناقض الاساسي بين نسب القطاعات الانتاجية،كما ان مشكلة(التحقق)نفسها لا تظهر فقط في تصريف السلع الاستهلاكية بل في السلع الانتاجية ايضا،وليس في فائض القيمة فحسب بل ايضا في تحقيق الرأسمال المتغير والرأسمال الثابت على السواء.ويفصل لينين رأيه موضحا بأن نمو رأس المال مرتبط حتما بنمو في السلع الرأسمالية اسرع منه في السلع الاستهلاكية،لان رأس المال الثابت ينمو اسرع من الرأسمال المتغير حسب القانون العام للتراكم الرأسمالي،وهكذا فان نمو سوق داخلية للرأسمالية مستقل لحد ما عن نمو الاستهلاك الشخصي،ويتم بالاحرى على حساب الاستهلاك الانتاجي اي الاستثمار في الرأسمال الثابت(17).ويستدرك لينين مؤكدا بان ما يظهر هنا وكأنه تناقض فكري،انتاج من اجل الانتاج اي دون توسيع مقابل للاستهلاك،ما هو الا تناقض في النظام الرأسمالي نفسه،وفي هذا تتجسد رسالة الرأسمالية،ومنها يظهر بطلان الرأي القائل بالاستحالة الآلية للتطور الرأسمالي من دون توسع السوق الخارجية.كذلك يؤكد لينين في نفس المصدر على انعدام العلاقة بين حاجة الرأسمالية للتجارة الخارجية ومشكلة تحقق القيمة،بأي عنصر من عناصرها القيمية:رأسمال ثابت او متغير او فائض قيمة،وباي شكل من اشكالها المادية:سلع انتاجية او سلع استهلاكية،كما يؤكد ان مصدر هذه الحاجة هو الطبيعة التوسعية لنمط الانتاج الرأسمالي(ان الحاجة للسوق الخارجية ناشئة عن كون الانتاج الرأسمالي بجوهره يكافح في سبيل التوسع غير المحدود،على عكس الانماط الانتاجية السابقة التي كانت محدودة بالمجتمع الريفي او المراتب الابوية او القبيلة او المنطقة الاقليمية او الدولة.وكان الانتاج في النظم الاقتصادية السابقة يستأنف كل مرة بنفس الشكل وعلى نفس النطاق السابق.اما في النظام الرأسمالي فان الاستمرار على نفس الشكل يصبح مستحيلا،ويصبح التوسع غير المحدود اي التقدم هو قانون الانتاج)(18).

4. بين هنري دنى وروزا لوكسمبرغ

يبدو ان الاستاذ دنى في تقييمه السلبي لنظرية التراكم في (رأس المال) متأثر بوضوح بتفسيرات الماركسية البولونية الكبيرة روزا لوكسمبرغ الواردة في كتابها المشهور(تراكم رأس المال) الصادر عام 1913،والمرتبطة بنظريتها او تصورها ل(انهيار) النظام الرأسمالي(19).ومما يؤيد ظننا هو تقييم دنى الايجابي لآراء لوكسمبرغ وخاصة في مسألة الاسواق الخارجية،وضرورة(الاستهلاك الثالث)ونقده الشديد لحجج لينين وبوخارين وهلفردنغ الموجهة ضد لوكسمبرغ وضد تلاميذ سيسموندى من الشعبيين الروس(20).
يمكن تلخيص نظرية لوكسمبرغ،بقدر ما يتعلق الامر بموضوعنا،باقتباس النص التالي من كتابها المذكور"ان قيام وتطور الرأسمالية يشترط بالضرورة احاطتها بأشكال انتاجية غير رأسمالية...ان الرأسمالية بحاجة الى وسط اجتماعي غير رأسمالي،كسوق لفائض قيمتها ومصدر للمواد الاولية اللازمة لسلعها الانتاجية واحتياطي لقوة العمل اللازمة لنظام اجورها"(21).ان هدف لوكسمبرغ من كتابها النقدي المذكور هو اثبات استحالة التراكم في نظام رأسمالي مغلق.وبالتالي تفسير ظاهرة الامبريالية كأداة لتوفير شرط(الانفتاح)اللازم لتحقق نمو الرأسمالية(22).وقد عبرت في هذا الكتاب عن رأيها بان الكولونيالية،بالاضافة الى القطاعات غير الرأسمالية داخل الدول الرأسمالية،هي التي تفسر التراكم الرأسمالي،اي تصريف جزء فائض القيمة من المنتوج الاجتماعي،وذلك بخلق اسواق خارجية،اي خارج نطاق النمط الرأسمالي،لانه لا الرأسماليون يستطيعون تحقيق هذا الفائض عن طريق استهلاكهم المباشر ولا العمال يستطيعون ذلك لأن اجورهم تستنفد في تحقيق الرأسمال المتغير،فلا يبقى الا مستهلكون من خارج النظام الرأسمالي.وترى لوكسمبرغ ان تطور الرأسمالية يتضمن توسعها الى ان تصبح نظاما عالميا،وعندئذ تصبح في الاخير نظاما مغلقا،وعندها يسقط او ينهار النظام الرأسمالي بصورة آلية،وهذه هي نظرية لوكسمبرغ المشهورة عن(الانهيار).ويطلق الاستاذ موريس دوب على هذه النظرية"نظرية السوق الثالثة او السوق الخارجية"(23).ويرى انها نظرية ازمات اولا،ومخطط اولى لنظرية في الامبريالية،وان هدفها السياسي هو محاربة نظريات التطور الطبيعي او المنظم للرأسمالية التي روج لها بعض الاقتصاديين الاصلاحيين وخاصة الاقتصادي الروسي المعروف توكان بارانوفسكي(24)كما انه يشخص جوهرها في ان المستعمرات هي جزء من مضمون الرأسمالية وليست مجرد اضافة خارجية اليه،وان الرأسمالية نظام لا يستطيع العيش على نفسه بل يعيش على النظم الخارجية،وانه لا بد من سقوطه لانه عاجز داخليا عن التحول الى نظام عالمي(25).
لقد تعرضت نظرية لوكسمبرغ منذ البداية الى نقد شديد في الاوساط الماركسية لطابعها المادي الآلي،ولاخطائها التحليلية الواضحة،فتصدى لتفنيدها كبار الاقتصاديين الماركسيين،من كاوتسكي وهلفردنغ ولينين وبوخارين حتى سويزي وموريس دوب(26)،ولكنها وجدت نوعا من الرواج في بعض الاوساط الاصلاحية بين الحربين العالميتين(27)،وتجد الآن نوعا من الاحياء في بعض الاوساط الاكاديمية وخاصة الجناح اليساري من الكينزية الذي يحاول تفسير نظرياتها ضمن الخط العام الكينزي(28).
ويمكن تلخيص ابرز اخطاء لوكسمبرغ من زاوية التحليل الاقتصادي في النقاط التالية :
1. الخطأ الاساسي في نظرياتها هو افتراضها ثبات حجم استهلاك العمال،بسبب افتراضها نفس فرضيات التجديد البسيط في نموذج تجديد الانتاج الموسع.الواقع ان الرأسمال المتغير V يزداد هو الآخر في عملية التراكم،وليس الرأسمال الثابت C فقط،وهذا ما اهملته لوكسمبرغ.اذن فالعمال يستطيعون ليس فقط استهلاك الرأسمال المتغير،بل جزء من فائض القيمة ايضا.وعليه فان مجموع البناء النظري الذي اقامته لوكسمبرغ على فرضياتها غير الصحيحة ينهار كبيت من ورق،حسب تعبير سويزي(29).ان اذكى تعليق على نظرياتها هو تعليق بوخارين"اذا استثنى الانسان تجديد الانتاج الموسع في بداية قضية منطقية،فمن السهل عليه طبعا استثناؤها في النهاية:انها ببساطة مسألة اعادة انتاج بسيط لخطأ منطقي"(30).
2. هناك خطأ اخر ثانوي في نظريتها،وهو تصورها امكان تصدير السلع الى العالم غير الرأسمالي دون استيراد يقابله.السؤال هو من الذي سيشتري السلع المستوردة؟واذا كان هناك طلب فعال عليها فلماذا لا يكون هناك طلب فعال على السلع المصدرة؟الواقع هو انه لو كانت افتراضات لوكسمبورغ صحيحة،فأن الاسواق الخارجية لا تحل المشكلة،انها فقط تغير اشكال عملية تداول رأس المال،ولكنها لا تحل مشكلة تحقيق الفائض.ان نظريتها لو صحت لما اثبتت قرب انهيار الرأسمالية،وهو ما تهدف اليه لوكسمبرغ،بل استحالة حياة النظام الرأسمالي نفسه.
3. ان جوهر تحليلها – كما لاحظ الاستاذ دوب(31) – هو ان عملية التراكم تتطلب،ليس فقط نسبا معينة،اي شروط توازنية،بين القطاعات الانتاجية،بل ايضا نسبا معينة بين القدرة الانتاجية والقدرة الاستهلاكية،ومن هنا تنبثق مشكلة (التحقق) لفائض القيمة،ولكنها عندما حاولت تعليل ظاهرة الاختلال بين الانتاج والاستهلاك ارتكبت اخطاء عديدة،يشير دوب من بينها الى ما يلي:-
أ‌- انتقدت النموذج الماركسي للتراكم اذا كان يجري بمعدل ثابت،أي على أساس ثبات التركيب العضوي لرأس المال وبالتالي ثبات نسبة الدخل المدخر Saved Income أي التراكم الى الدخل الصافي Net Income وثبات العلاقة بين نمو قطاعي الانتاج.انها لم تتصور امكانية النمو الرأسمالي مع ثبات نسبة التركيب العضوي،حتى في حالة توفر احتياطي كافي مكن قوة العمل (32).
ب‌- النموذج الذي تختاره لوكسمبورغ هو نموذج تجديد موسع،مع ارتفاع التركيب العضوي،وارتفاع معدل الفائض معا.ومنه يظهر وجود فائض حتمي في السلع الاستهلاكية في القطاع الثاني،بحيث لا يمكن بيعه الا في السوق الخارجية.وبدل ان تعترف لوكسمبرغ بان نموذجها يظهر(نقصا)في وسائل الانتاج،تتكلم وكأن هناك(فائض)ايضا في السلع الانتاجية.
ج‌- تنسب لوكسمبورغ المشكلة لارتفاع التركيب العضوي،في حين ان نموذجها يظهر ان سبب المشكلة هو ارتفاع معدل الاستغلال،اي ارتفاع نسبة(الدخل المدخر)الى مجموع (الدخل الصافي) بتعابير دوب(33).اما في حالة ارتفاع التركيب العضوي فأن معدل نمو القطاع الاول يكون اسرع منه في القطاع الثاني،وفي هذه الحالة لا تظهر مشكلة التحقق،او حسب عبارة دوب،لا يكون الادخار عقيما.او بعبارة اخرى يمكن ان يتم التراكم،ويحصل ذلك فعلا لحد كبير،على اساس السوق الداخلية.
4. تعتبر لوكسمبورغ التجارة الخارجية وحدها الحل لمشكلة التحقق،في حين انها تتضمن تبادل سلع مقابل سلع.ان الحل اذن هو تصدير السلع دون استيراد،أي الحصول على فائض التصدير،أي التصدير بالقروض أي تصدير رأس المال،والحال ان لوكسمبرغ في تحليلها للأمبريالية،تبالغ في مسألة الاسواق،وتهمل عنصر تصدير رأس المال كجزء جوهري،بل تعالجه كأحد وسائل اخضاع الشعوب المستعمرة.ومن هنا تميل الى اعتبار الكولونيالية ملازمة لكل مراحل الرأسمالية،ولا تعالجها بالارتباط مع مرحلة الرأسمالية الناضجة،كما انها تنتهي الى ان سقوط النظام الرأسمالي حتمي وآلي،بمجرد غياب(السوق الثالثة)،وان كانت تتوقع ان الكوارث الرأسمالية والحروب الاستعمارية سوف تعجل بسقوطه قبل حلول لحظة(الانهيار).
وبالرغم من هذه الاخطاء التحليلية في الجزء(الاقتصادي)من عملها الكبير،الا ان القسم(التاريخي)من كتابها المذكور،وخاصة فصوله الستة الاخيرة،يرسم لوحة دقيقة وواضحة لتطور النظام الرأسمالي في البلدان الاوربية المتقدمة،هي من اروع ما كتب في التاريخ الاقتصادي المعاصر،وتعتبر بحق اضافة قيمة للاجزاء التاريخية من(رأس المال).كما ان الاستنتاجات (السياسية)التي خرجت بها المؤلفة من تحليلها للرأسمالية كانت استنتاجات بالغة الثورية:ثورة الطبقة العاملة الدولية ضد النظام الرأسمالي،الذي لا يتطور الا عبر ازماته الدورية اولا،والكوارث والانفلابات السياسية والعسكرية التي ستعجل بسقوطه ثانيا،قبل حلول آجل(الانهيار الذاتي)بحكم تناقضاته الداخلية.ومن المعروف ان تلك الاستنتاجات الثورية الشجاعة كلفتها حياتها الغالية على يد الطغمة العسكرية الالمانية.ولهذا السبب بالذات كان رد الفعل الرسمي لكتابها في داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني معاديا جدا،ليس بسبب الطابع النظري لكتابها،بل لاستنتاجاتها الثورية التي تتعارض مع الخط الاصلاحي الانتهازي للحزب حينذاك.ومع ذلك وبالرغم من مفهومها الآلي لمصير النظام الرأسمالي،فأن هذه السمة،كما يؤكد سويزي(34)،ثانوية في عملها،لان مفهومها للمادة التاريخية،بصورة عامة،كان مفهوما علميا وثوريا،وهي اكثر ماركسية حتما من جميع نقادها الاصلاحيين والوسطيين.

5. هنري دنى والمنهج الماركسي

يبدو ان من اسباب التفسير(النقص استهلاكي)لنظرية التراكم الرأسمالي،هو ان الاستاذ دنى لم يأخذ بنظر الاعتبار،بدرجة كافية،المنهج الماركسي في دراسة الاقتصاد والمجتمع.والواقع ان من الضروري،لفهم مجموع الفكر الاقتصادي الماركسي ان نتعرف على منهجه العلمي الذي يبدأ دائما بدراسة اكثر المقولات الاقتصادية تجريدا ولكن بشرط ربطها بتشريح النظام الرأسمالي(35).ان منهجه يقوم على البدء ببناء نماذج(موديلات)تجريدية(36)مبسطة،يهمل فيها العناصر التفصيلية او السمات الخاصة للتركيز على العناصر الاساسية في عمليات التحول الاقتصادي والاجتماعي،وهي التناقضات بين القوى الاقتصادية،معبرا عنها في الكفاح الطبقي – اي ان الطبقات، داخل نمط الانتاج هي ما يكون (جوهر)النظام الاقتصادي،وهي الجديرة بعملية التجريد،لغرض التحليل،تمهيدا للتحديد.ولهذا السبب فان نماذج ماركس هي بالضرورة ذات طابع مؤقت،ومن الضروري تعديلها عند مواجهتها بالواقع،وهي غير قابلة لأخذها كتوقعات للمستقبل(37).وقد التزم ماركس بهذا المنهج تماما في تحليله لعملية التراكم الرأسمالي،ووضع نموذجه التراكمي انطلاقا من فرضية (الاقتصاد المغلق)،ليس لاعتقاده بعدم اهمية الاسواق الخارجية في واقع عملية النمو الرأسمالي،بل لاعتقاده بعدم اهميتها في بناء النموذج التجريدي للواقع المذكور،اي مجموع الادوات العلمية لتحليل هذا الواقع.ان الاستاذ دنى يخلط بين الواقع والنموذج،بين التجريد والتحديد،ويهمل مايسميه ماركس عملية(التقريب المتعاقب)بين النموذج والواقع(38).
ان ما نقوله ليس من باب التخمين،تأمل في هذا النص المقتبس من (رأس المال):(لا يمكن قيام الانتاج الرأسمالي بدون تجارة خارجية. ولكن في حالة افتراضنا تجديد انتاج سنوى في حجم معين،فاننا نفترض بذلك ايضا ان التجارة الخارجية تعوض البضائع القومية ببضائع ذات قيمة استعمالية وشكل طبيعي مختلف دون المساس بعلائق القيمة،واذن فهي لاتؤثر،بالتالي،في علائق القيمة التي يتبادل فيها القطاعان(قطاع وسائل الانتاج وقطاع الوسائل الاستهلاكية)،وهي من باب اولى لا تؤثر في العلاقات بين الرأسمال الثابت والرأسمال المتغير وفائض القيمة التي تنحل اليها قيمة المنتوج في كلا القطاعين.لذلك فان ادخال التجارة الخارجية في تحليل قيمة المنتجات المجدد انتاجها سنويا لا يخلق الا التشويش بدون اضافة اي عنصر جديد،لا الى المشكلة ولا الى حلها. لهذا يجب الاستغناء عن ذلك تماما )(39).
ويمكن الخروج من هذا النص بالاستنتاجات التالية:-
1. ان ماركس يضع (نموذجا) تجريديا لتجديد الانتاج الموسع،او التراكم،يستثنى منه الاسواق الخارجية،ليس لعدم ضرورتها في الانتاج الرأسمالي او تجديده،كما يتوهم الاستاذ دنى،بل لعدم تأثيره على استيعاب ماهو جوهري في آلية التراكم الرأسمالي.ان ماركس يطبق هنا منهجه(الجدلى)الذي يدرك العلاقة بين الاستقراء والاستنتاج وبين الوصف والتجريد وبين العام والخاص(40).
2. ان هذا النص يتعلق بتحليل عملية الرأسمال الاجتماعي ككل،وليس الرساميل الفردية،فمن وجهة نظر الرأسمال الفردي،تكون الاسواق الخارجية ضرورة اساسية ل(تحقيق) فائض القيمة ورفع معدل الربح بالنسبة للمشاريع الفردية.ولكنها من وجهة نظر تحقيق الرأسمال الاجتماعي ككل،لا تشكل التجارة الخارجية اية ضرورة لازمة،لان بيع المنتوجات في الخارج يقابله شراء المنتوجات من الخارج،واذن فالاسواق الخارجية تسهل فقط تسويات القيم الاستعمالية ولكنها لاتسمح بتحقيق مقدار اضافي من القيم المنجة (41).
3. ان اعطاء التجارة الخارجية دورا اساسيا مسبقا في عملية التحقق،يتعارض مع جوهر التحليل الماركسي القائم على حقيقة ان شروط التحقق للمنتوج الاجتماعي انما تخلق في عملية الانتاج نفسها،بفضل زيادة معدل الاستهلاك الانتاجي في حجم الاستهلاك الكلي،اي زيادة معدل الاستهلاك من قبل رأس المال على معدل الاستهلاك من قبل البشر،كما سبق ان اشار الى هذا لينين.
والواقع ان تطور الانتاج في الرأسمالية يثير نفسه زيادة مشتقة Induite في سوق تحقيق الانتاج المذكور،كما لاحظت االاستاذة موسيه(42).وهكذا يمكن تصريف الانتاج الرأسمالي اساسا في نطاق القطاع الانتاجي نفسه،دون حاجة الى الاعتماد على(استهلاك ثالث)كما تصورت روزا لوكسمبرغ او (استهلاك غير منتج) كما توهم الشعبيون الروس وخاصة فورونتسوف(43).
4. ان الاستهلاك الثالث (خاصة في المستعمرات) يمكن،من دون شك،ان يسرع في نظام انتاج الرأسمال الاجتماعي،ولكنه لا يكون شرطا ضروريا مسبقا Apriori لتطور الانتاج الرأسمالي،كما يتوهم دنى،وقبله سلسلة طويلة من الاقتصاديين،ابتداء بمالتس وسيسموندى،وحتى الاقتصاديين المعاصرين،بما فيهم بعض الماركسيين.

6. الخلاصة والاستنتاجات

يمكن تلخيص نقدنا لموضوعة الاستاذ دنى حول (عدم اكتمال راسمال ماركس ) في النقاط التالية) :
1. ان النصوص الماركسية لا تحتمل تفسير دنى في ان ماركس قصر دور التجارة الخارجية على كونها مجرد منفذ لازمة فيض الانتاج بعد حلولها،بل بالعكس،تؤكد النصوص المذكورة دورها في عملية التراكم نفسها،باتاحتها فرص الاستثمار بمعدلات ربح عالية.
2. ان تشبيه موقف ماركس من هذه المسألة بموقف سيسموندى،الذي يقصر دور الاسواق الخارجية على مجرد تصريف الازمة،تشبيه خاطئ تماما،بسبب نقد ماركس،وبعده لينين، المستمر لمجموع آراء سيسموندى،وخاصة تفسيره (النقص استهلاكي) للازمة الدورية.
3. ان تفسير دنى هذا يتناقض مع تفسيره هو بالذات لنظرية الازمة الماركسية.انه يفسرها على اساس نقص استثماري Sous Investissement اي اختلال التوازن بين الادخار والاستثمار.واذا كان ماركس يدرك اهمية التوازن في هذا القطاع الرأسمالي - فضلا عن القطاع الاستهلاكي- لتحقيق التوازن العام،فكيف يمكن ان تفوته اهمية التجارة الخارجية في تحقيق هذا التوازن وبالتالي في عملية النمو الرأسمالية؟
4. ان دور التجارة الخارجية اساسا هو دور تعويقي لمفعول قانون انخفاض معدل الربح Profitrate وبالتالي لعملية انهيار النظام الرأسمالي،وهو،لهذا،مرتبط بالمعوقات الاخرى التي اشار اليها ماركس،وخاصة زيادة معدل فائض القيمة،وانخفاض الاجور الى مستوى ادنى من قيمة قوة العمل،وانخفاض قيمة الرأسمال الثابت،وارتفاع حجم البطالة،والاشكال المعقدة الجديدة للتنظيم المالي للمشاريع الرأسمالية.كما ان لينين طور هذه العوامل المعوقة في نظريته عن(الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية)،فأشار الى الاحتكارات،والمنافسات الاستعمارية والحروب الكولونيالية ... الخ. ولا ريب ان من الضروري دراسة جميع هذه العوامل المعوقة،بما في ذلك التجارة الخارجية،ضمن خلفية الصراع الطبقي،المعبرة عن جماع تناقضات النظام الرأسمالي(44).وكما يلاحظ الاستاذ الامريكي وليم بربر Barber.ان نظرية الثورة الماركسية هي جزء لا يتجزأ من جهاز التحليل الماركسي(45).
5. ان دور التجارة الخارجية لا يتعارض مع النموذج الريكاردي القائم على الربط بين التراكم وبين معدل الربح،ذلك لان الاسواق الخارجية هي احدى وسائل الحصول على معدل الربح الوسطى او على معدل اعلى منه.كما ان الزعم بأن ماركس كان مشدودا بالنموذج الريكاردي وانه كان يرى(توقف التراكم على معدل الربح وحده)كما يتصور دني،يتعارض بصورة صارخة مع الطابع الجدلي المعروف لنظرية التراكم الماركسية والنظريات المرتبطة بها وخاصة نظرية الازمات.ان جوهر تناقضات الانتاج والتراكم الرأسماليين يكمن في ان(تحقيق)القيمة ضروري لتحقيق هدف الرأسمالية وهو خلق ورسملة فائض القيمة،ولكن شروط هذا(التحقيق)هي غير شروط (خلق)الفائض:الشروط الاولى تتوقف على القوة الاستهلاكية للمجتمع وتوازن قطاعاته الانتاجية،اي على الشروط التناقضية للتوزيع،بينما تتوقف الشروط الثانية على القوة الانتاجية للمجتمع.وبكلمة واحدة،ان التناقض الرئيسي هو التناقض بين القوة المنتجة للمجتمع وشروط او علاقات الانتاج الرأسمالي.ان التراكم يتضمن استمرار زيادة القوة المنتجة،بحكم المنافسة على الاخص،وبالتالي زيادة حدة التناقض بين الانتاج والاستهلاك،وهذا هو الجانب الذي بالغت في التأكيد عليه روزا لوكسبمبرغ وتلاميذها بما في ذلك الاستاذ دني.الا ان الواقع هو ان هذا الجانب(النقص استهلاكي)هو فقط احد الجوانب للتناقضات الرأسمالية.ويجب عدم اهمال الجوانب الاخرى:مثلا عدم التناسب بين القطاعات الانتاجية،او هبوط معدل الربح.انها جميعا تعبر عن الصراع الطبقي المميز للنظام الرأسمالي.ولا تمثل المنافسة بما في ذلك على الاسواق الخارجية،ولا الازمات الدورية،الا حلول مؤقتة لهذه التناقضات المختلفة لانها جميعا تجدد باستمرار عملية التراكم،وزيادة معدل التركيب العضوي وانخفاض معدل الربح،اي انها تجدد شروط التناقضات الرأسمالية وتزيد من حدتها باستمرار.
ان مشكلة المشاكل في النظام الرأسمالي هي انه يتضمن من جهة زيادة قوة الانتاج،دون اعتبار للقيم وفائض القيم وعلاقات الانتاج،ومن جهة اخرى يتضمن زيادة القيم الرأسمالية بأسرع ما يمكن.وهكذا فان (هدف)النظام هو خلق وتراكم الفائض،ولكن(وسيلته)لتحقيق ذلك هي زيادة القوى المنتجة،ولاشك ان الوسيلة هي اكبر من الهدف،وهذا هو جوهر التناقض الرأسمالي.ان قاعدة النظام الرأسمالية لا تتحمل جهازه الانتاجي،حسب تعبير رول(46).
ان تركز رأس المال واجتماعية العمل يتناقضان مع فردية تملك الفائض.فما هو الحل؟ان العوامل التعويقية المشار اليها سابقا،والازمات الدورية،ماهي الا معوقات او مسكنات،قد تستطيع،في ظروف معينة لا مجال لذكرها الان،ان تمد في اجل النظام بعض الشئ ولكنها عاجزة عن التغلب على العقبات الاصلية الكامنة في صلب النظام الرأسمالي،اي في الرأسمال نفسه.ان الحل الوحيد،كما يرى ماركس،هو مصادرة رأس المال هذا،اي الغاء النظام الرأسمالي وبناء نظام جديد قائم على المكية الاجتماعية لوسائل الانتاج.ان ماركس ضد المفهوم الجبري Fatalist للثورة،لانها تتوقف في الواقع على(ارادة)الانسان،ولكن بعد (فهم) قوانين التطور الاجتماعي.وما الاقتصاد السياسي الا العلم الذي يكشف،او يزيح القناع،بتعبير ماركس،Enthullen عن هذه القوانين(47).

7. هوامش الدراسة

1. راجع:(ازمة الفكر الاقتصادي)تأليف هنري دني،عربه من الفرنسية ابراهيم كبة،بغداد، 1953.وقد نشرت مقدمة المعرب لهذا الكتاب بصورة مستقلة في(هذا هو طريق 14 تموز)،بيروت،1969.
2. دني:(تاريخ الفكر الاقتصادي)في مجلدين،باريس،1966 بالفرنسية،الفصل الذي تتناوله هذه الدراسة هو الفصل السادس من القسم الخامس،ص 387-452،في ضوء الخلفية الفكرية العامة للمؤلف.
3. نسبة الى(النارودنيك)اي الشعبيين الروس،الذين شن لينين ضدهم حملات فكرية عنيفة في بداية نضاله السياسي والآيديولوجي،لمواقفهم الفوضوية والطوبائية والرجعية،ودفاعهم اليائس عن البورجوازية الصغيرة،خاصة في الريف.
4. راجع الفقرة التي كرسها هنري دني لتحليل تناقضات الرأسمالية،تحت عنوان(نمو المتناقضات داخل الظواهر الاقتصادية)،المرجع المذكور،ص 419-443،بالفرنسية.
5. ماركس:(رأس المال)،المجلد الرابع،من طبعة الايدسيون سوسيال،بالفرنسية،ص257.
6. راجع مؤلف هلين دانكوس وستوارت شرام(الماركسية في آسيا)،باريس،1965،بالفرنسية،ص 148،وهذا النص موجود في الصفحة 137 من الترجمة العربية لهذا الكتاب ( الماركسية اللينينية امام مشاكل الثورة في العالم غير الاوربي)بيروت،1970.
7. ماركس:(رأس المال)،المجلد السادس،نفس الطبعة،بالفرنسية،ص 258.
8. راجع عن هذه النقطة،ماركس:(رأس المال)،الجزء الثالث،الطبعة الالمانية،برلين،1957،ص 231،وكذلك الاستاذ رول(تاريخ الفكر الاقتصادي)طبعة 1952،بالانكليزية،ص 321،ويستحسن قراءة جميع الفقرات الخاصة بنظرية التطور الرأسمالي.
9. راجع:(مراسلات ماركس وانجلز)،الطبعة الانكليزية،ص 243،1943.
10. راجع هذه المواضع استنادا الى فهرست الاعلام الوارد في اخر الكتاب،الجزء الاول من(رأس المال)،الطبعة الانكليزية،موسكو،1958.
11. ماركس،(رأس المال)،الجزء الثاني،الترجمة الانكليزية،موسكو،1957،ص 17.اما الثورة المشار اليها في هذا النص فهي ازمة 1817.
12. نفس المرجع، ص111-112.
13. ماركس:(بؤس الفلسفة)،الترجمة الانكليزية،طبعة موسكو،دون تاريخ، ص 36.
14. نفس المرجع،ص 68.
15. لنين: (خصائص الرومانسية الاقتصادية)،الطبعة الانكليزية،موسكو،1967، ص 7.
16. نفس المرجع، ص12-13، بالانكليزية.
17. راجع حول هذه النقطة،موريس دوب:(حول النظرية الاقتصادية والاشتراكية) 1955،بالانكليزية، ص 266- 272.
18. لينين،المرجع المذكور،الفقرة السادسة بكاملها،خاصة ص 36-37.
19. راجع عن نظرية (الانهيار) هذه Zusammenbrush والجدل الطويل حولها في الادب الماركسي،الفصل الذي كرسه لها الاستاذ سويزي في كتابه(نظرية التطور الرأسمالي)،طبعة 1949،ص 190- 214.
20. راجع دنى:(تاريخ الفكر الاقتصادي)،المرجع المذكور،في تقييم روزا لوكسمبرغ،ص 637- 642،وفي تقييم لينين وبوخارين ص 643 – 649.
21. لوكسمبرغ:(تراكم رأس المال)،الترجمة الانكليزية لشفارتز فيلد،1951 مع مقدمة للاقتصادية البريطانية جوان روبنسن،ص 368.
22. راجع، سويزي(نظرية التطور الرأسمالي)،المرجع السابق،ص 202.
23. موريس دوب (حول النظرية الاقتصادية والاشتراكية)،1955، ص 266-272، بالانكليزية.
24. كرست لوكسمبرغ حوالي 150 صفحة من كتابها لمناقشة النظريات الاصلاحية وتفنيدها وعلى الاخص آراء توكان بارانوفسكي.
25. لوكسمبرغ،المرجع السابق،ص 467، بالانكليزية.
26. راجع استعراضا ممتعا لردود الفعل التي أحدثها كتاب لوكسمبرغ في الاوساط الماركسية خلال وبعيد الحرب العالمية الاولى،مجموع القسم الثالث من مؤلف سويزي،السابق الذكر،ص 133- 234، بالانكليزية.
27. تراجع على الاخص المؤلفات التالية:-
شترنبرغ – (الامبريالية)، 1926، بالالمانية.
غروسمان – (قانون التراكم والانهيار للنظام الرأسمالي)، 1929، بالالمانية.
اوتو باور – (بين حربين عالميتين)، 1936، بالالمانية.
ناتاليا موسكوفسكا – (حول نقد نظريات الازمة الحديثة)، 1935، بالالمانية.
28. راجع مثلاً، مقدمة جوان روبنس للترجمة الانكليزية لمؤلف لوكسمبرغ،وكذلك تقييم الاقتصاد الامريكي كوكس Cox في كتابه (الرأسمالية نظاماً)،1964 بالانكليزية، ص 217،حيث يرى ان نظرية لوكسمبرغ تمثل خطوة الى الامام بالنسبة لماركس،لانها وسعت من الاطار المغلق والقومي للتحليل الماركسي ووجهته وجهة عالمية،وان كانت في رأيه،بقيت حبيسة المفهوم الاصلي الصناعي لماركس.هذا وسوف نقوم بنقد كامل لمؤلف كوكس في عدد قادم.
29. سويزي،المرجع السابق، ص 204.
30. بوخارين:(الامبريالية وتراكم رأس المال)،1926، بالالمانية، ص 20.
31. دوب:(حول النظرية الاقتصادية والاشتراكية)،1955، ص 267.
32. دوب، نفس المرجع، ص 268.
33. دوب، ص 269.
34. سويزي، المرجع المذكور، ص 207.
35. راجع حول المنهج الماركسي:-
روزنتال – (مشاكل الجدل في رأسمال ماركس)، باريس وموسكو،1959، بالفرنسية.
دوب – (نظرية التطور الرأسمالي)، المقدمة، 1962،بالانكليزية.
رول – (تاريخ الفكر الاقتصادي)، 1952، ص 272 – 285، بالانكليزية.
ابراهيم كبة – (دراسات....)، المرجع السابق، ص 283-301.
36. حول مفهوم (التجريد) الماركسي ومستوياته الثلاثة،راجع،لانكه:(الاقتصاد السياسي)،الصادر عام 1959،الفصل الرابع، في أي من ترجماته الاوربية او العربية.
37. من المؤسف ان الاستاذ دنى لا يفسر ماركس اطلاقاً من المادية الجدلية والتاريخية،بل انطلاقا مما يسميه المذهب الانساني الجديد،وهو خليط من (الروحية) اليونانية و(الطبيعية) الهيغلية أي انه يفسر ماركس تفسيرا مثاليا وينسب اليه تناقضات وهمية،راجع مقدمة كتابه موضوع النقد،او كتابنا (دراسات) ص 285 و286.
38. راجع ماركس، (حول نقد الاقتصاد السياسي)، طبعة ديتز،1908، بالالمانية.
39. ماركس: (رأس المال)،الكتاب الخامس من طبعة الايدسيون سوسيال، ص 118، بالفرنسية.
40. راجع مادة(المجرد والمحدد) في (قاموس الفلسفة)، نشر، روزنتال ويودين، موسكو، 1969، الطبعة الانكليزية، ص 6 – 7.
41. راجع كتاب الاستاذة الفرنسية اليان موسيه Mosse (ماركس ومشكلة النمو في اقتصاد رأسمالي)،1956، ص 118،بالفرنسية.
42. موسيه، المرجع المذكور، ص 119.
43. راجع في آراء فورونتسوف، مؤلفات لينين المبكرة، خاصة نقده للرومانسية الاقتصادية، في كتابيه المشار اليهما في المتن سابقا.
44. راجع رول، المرجع السابق، ص 320، بالانكليزية.
45. وليم بربر: (تاريخ الفكر الاقتصادي)، نيويورك، 1968، ص 150، بالانكليزية.
46. راجع ماركس (رأس المال)، الجزء الثالث، ص 231، من الطبعة الالمانية. وكذلك رول، المرجع السابق، الفصل المتعلق بنظرية التطور الماركسية.
47. ماركس، مقدمة الطبعة الاولى من (رأس المال)، الجزء الاول،دار نشر ديتز، 1959، ص 7، بالالمانية.



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 8
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 7
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 6
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 5
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 4
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 3
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 2
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 1
- العلوم والتكنولوجيا في العراق
- التهجير القسري في الادب السياسي العراقي الراهن
- القوات المسلحة العراقية اليوم الوليد الضال للشعب العراقي
- عن احوال العراق اليوم ماذا كان سيكتب غائب طعمة فرمان؟!
- مهام مركبة تنتظر الحكومة العراقية الجديدة
- حركية اليسار الرث في العراق
- استئصال اللغو وترك الحنقبازيات مهمة اساسية
- ماذا ينتظر حكومة ما بعد انتخابات 30 نيسان البرلمانية؟
- كهرباء العراق..بشائر التقطعات والتقاطعات!
- السلطة القضائية في العراق لصوصية بامتياز
- تأسيس الحزب الشيوعي العراقي والانتخابات البرلمانية 2014
- مقالاتنا مدفوعة الثمن دائما .. اسأل الشعب العراقي عنا؟!


المزيد.....




- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سلام ابراهيم عطوف كبة - عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 9