أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الحكيم البابلي - سفينة نوح ... زبدة سخافة الأديان الأرضية !.















المزيد.....


سفينة نوح ... زبدة سخافة الأديان الأرضية !.


الحكيم البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 4590 - 2014 / 10 / 1 - 23:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن كُنا لا نُحب أن يضحك الشطار على عقائدنا، فيجب أن لا يكون لنا عقائد مُضحكة …. أحدهم.

* التُراث الأدبي لبلاد الرافدين ترك بصمات واضحة جداً على أغلب الآداب التي نشأت لاحقاً في جغرافية الأقوام المحيطة به، وكان من ضمن التراث الأدبي الذي  تناسخته وتلقفته تلك الأقوام "قصة الطوفان" التي عُرِفَت بأسطورة (أتراحاسيس) وتم دمجها لاحقاً بملحمة كلكامش. وهي الشاهد الذي لا يقبل التكذيب على إقتباس التوراة لها في قصة الطوفان التوراتي والنبي الوهمي نوح.
وصحيح أن القصص والأساطير كانت تدخل ضمن ديانات البشر في العصور القديمة، لكنها وبمرور الزمن وتوفر العلوم والبحوث لم تعد إلا ( أساطير وقصص قديمة وخرافات )، وهذا هو موقعها الأصلي، حيث ليس من المفروض بها أن ترقى لتصبح تراثاً "مُقدساً سماوياً مُنزلاً" كما حدث، والذي تبنته ونشرته الأديان التوحيدية بعد أن الصقوه بطريقة غير منطقية أو معقولة ب "الإله" و الدين والأنبياء!!.

* تأريخياً هناك العديد من قصص الطوفان في حضارات العالم القديم. إن فكرة طوفان عام شامل غطى سطح الأرض هو تصور نجده ليس فقط في الأساطير الرافدية، بل في أساطير تراث الكثير من الشعوب، ولكن .. تبقى بلاد الرافدين أول من صَدَرَ للعالم هذه القصة الأسطورية الجميلة، لولا أن العبرانيين اليهود أدخلوها -كعادتهم- في إطار المُقدس، بعد أن إقتبسوها بحذافيرها وأضافوا لها البعض من خيالهم!.
وربما كانت تلك القصص متباينة في بعض التفاصيل الثانوية بسبب إختلاف المكان والزمان والأقوام (البيئة) وذهنية المُقتَبِس، لكنها متشابهة في الفكرة العامة والنتائج، كونها جميعاً من جذر واحد تابع لأول نسخة عالمية لأسطورة الطوفان المكتوبة على اللوح (# 11) من ملحمة كلكامش المتكونة من 12 لوحاً.
أما الوقائع والأحداث الرئيسية في أغلب قصص الطوفان فيمكن تلخيصها بأن الآلِهة غضبت على البشر بسبب شرورهم، ثم بطريقة ما تختار الآلِهة رجلاً صالحاً تأمرهُ أو تقترح عليه بناء سفينة يضع فيها عائلته ومن حوله من ناس طيبين، ويحمل من كل كائن حي زوجين (ذكراً وأنثى) لإنقاذ "الخليقة" من الفناء الكامل!. وبعد أهوال الطوفان تستقر السفينة على قمة جبل ما، ومرة أخرى يبدأ البشر في التكاثر!.
يعتقد الكثير من المختصين في التأريخ أن طوفاناً حقيقياً حدث في أرض الرافدين في الفترة الواقعة بين (2800-3000 ق.م)، وهو تأريخ تخميني لكنه أقرب ما يكون إلى التأريخ الحقيقي. وكان مُدَمِراً لدرجة إعتقد السكان المحليين وقتئذٍ بأنها كارثة شملت كل العالم الذي لم يكونوا يعرفون عنه أو منه إلا أجزاء صغيرة مُحيطة بهم. وقد تناقلت أجيالهم قصة ذلك الطوفان شفاهياً إلى حين إختراع السومريين للكِتابة حوالي سنة (3100 ق.م) حيث قاموا بتسجيل روايتهم فوق الحجر بعد أن البسوها حُلة أسطورية جميلة وقشيبة.

ملخص القصة السومرية:
*****************
قررت آلهة السومريين تسليط طوفان عظيم على الأرض يُهلك كل كائن حي!. ولم يكن هناك إجماع عام من قبل كل الآلِهة حول القرار، لِذا يقوم أحد الآلِهة (أنكي) بإخبار الملك الطيب (زيوسودرا) سِراً بقرارالآلهة، فيقوم (زيوسودرا) ببناء سفينة يضع فيها خاصته من الناس، إضافة لبعض الحيوانات والطير (ذكر وأنثى)، ثم يهطل المطر لمدة ستة أيام وست ليالي فيحصل الطوفان لِيُغرِق كل الأرض وما عليها من حياة!.
وبعد توقف المطر يُطلق (زيوسودرا) طيوره للتأكد من ظهور اليابسة، ثم  تنحسر المياه ويظهر (أوتو) إله الشمس ليُنير الأرض، ثم ترسو السفينة على سفح جبل (نيزير) الذي يُقال أنه بين دجلة والزاب الأسفل، ويقوم (زيوسودرا) بذبح ثور وعجل (أضاحي وقرابين) لكل من الآلهة (آن و أنليل)، ثم تقوم الآلهة بتخليد (زيوسودرا) كمنقذ للبشرية، ويتم نقله إلى جنة (دلمون) ليكون أول بشر يحصل على الخلود ويعيش مع الآلهة.
أما سبب قرار الآلِهة بتسليط الطوفان على البشر في الرواية السومرية فغير معروف، بسبب تهشم جزء كبير من اللوح الطيني لهذه الأسطورة.
وكما قالت الأسطورة، فقد وضعوا في السفينة من كل حيوان زوجين إثنين بغية إنقاذ النسل الحيواني، ومن خِلال ذلك نستشف أن السومريين كانوا يعتقدون أن الطوفان قد شَمَلَ كل العالم، وليس فقط منطقتهم في أرض الرافدين، وهو تصور مغلوط إقتبسه اليهود العبريين على عِلاتِهِ وأدخلوه في قصتهم التوراتية مما يدل على أنهم إقتبسوا حتى الأفكار المغلوطة للسومريين والبابليين!، وهذا يدعو للسخرية حقاً، لأنهم يكونون قد وقعوا في الشرك السومري من حيث لا يدرون !!.

وكان قد تم إكتشاف النسخة السومرية من قصة الطوفان في (نيبور- نفر) من قِبَل أول بعثة أميركية إلى العراق (1889-1900) حيث عثروا على لوح طيني يعتقد المتخصصون أنه تم تدوينه في الثلث الأخير من الألف الثالثة قبل الميلاد. وكان عالِم السومريات (د. صمويل نوح كريمر) قد أكد أن تفاصيل ملحمة الطوفان كانت معروفة عند شعب المنطقة منذ الألف الثالث ق.م. 

مُلخص القصة البابلية:
***************
تقول الرقم الطينية (مُختصر): [ إن الآلِهة قرروا التخلص من البشر!!، لأنهم تكاثروا جداً وبدأ ضجيجهم يزعج الإله أنكي وبقية الآلِهة، لِذا عقدوا إجتماعاً مهماً لكل الآلِهة الكبار، وقرروا التخلص من البشر عن طريق إغراقهم بطوفان لا يُبقي منهم أحداً، وهنا يقوم الإله (أنليل) بتسريب معلومة الطوفان لملك دولة سبار الورع الطيب (أوتنابشتم)، الذي يقوم بدوره ببناء فلك كبير للنجاة من كارثة طوفان الأيام السبعة الرهيبة. ويضع فيه أهله وبعض الحِرَفيين والحيوانات البرية والحيوانات آكلة العشب وكذلك الطيور. ثم يحدث الطوفان ويُدمر كل ما على وجه الأرض، وبعد أن ينقطع المطر يقوم بإطلاق الطيور للتأكد من ظهور اليابسة، بعدها ترسو السفينة على قمة جبل ما، ويقوم أوتونابشتم بحرق بعض حيوانات السفينة كأضاحي للآلِهة. 
وبعد الطوفان يتمتع (أوتنابشتم) بالحياة الأبدية مع الآلِهة في جنة (دلمون) الخالدة، مكافأة لهُ على إنقاذهِ للجنس البشري ].
كان المُنقبون في آثار العراق قد عثروا على نسخة من الرواية البابلية للطوفان سنة (1853). ويقول أصحاب الإختصاص بأن هناك أكثر من نص بابلي لقصة الطوفان، أوضَحَها وأطوَلها ما جاء في ملحمة كلكامش، وهناك نص أقدم منه عُثر عليه في خرائب مدينة ( نيبور) في العراق، ويعود إلى الدولة البابلية القديمة، لكن فيه بعض الكسور التي حالت دون معرفة كل تفاصيل القصة. كذلك هناك (ملحمة أتراحاسيس)، وهي النص البابلي الثالث للطوفان حيث نجد فيه أن الإله كان قد أرسل قبل الطوفان أنواع الأمراض والأوبئة في محاولة للتقليل من أعداد البشر الذين كان تكاثرهم وضجيجهم يقض مضجعهِ ويمنعه من النوم!.

مُلخص القصة التوراتية:
*****************
وهي مدونة في التوراة (سِفر التكوين من 6 إلى 9) وتجري على الشكل التالي (بإختصار شديد لأنها طويلة جداً):
رأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، فحزن على صنعه للإنسان، وتأسف في قلبه، وعزم على أن يمحو الإنسان والبهائم والدواب والطيورعن وجه الأرض، وأن يستثني من كل ذلك (نوح) "الرجل البار الطيب". فيأمر الرب نوحاً بأن يصنع فلكاً ضخماً، وأن يحمل في السفينة إثنين من كل ذي جسد حي (ذكراً وأنثى)، وأن يصطحب معه زوجته وأولاده الثلاثة (سام وحام ويافث) ومعهم زوجاتهم، وطعام يكفي لكل من في داخل الفلك. كذلك تقول الرواية التوراتية أن الرب هو الذي جمع كل أنواع الحيوانات وساقها إلى سفينة نوح !.
ثم أسقط الرب مطراً لأربعين يوماً وأربعين ليلة حتى مات كل من على وجه الأرض من بشر وحيوان وطيور ومزروعات. وبعد توقف المطر إستقرت السفينة فوق جبل أرارات. وبعد خروج نوح من الفلك أو "التابوت" كما تُسميه التوراة، يجمع أحجاراً ويبني مذبحاً يحرق فوقه بضعة حيوانات، فتتصاعد رائحة القرابين المشوية ليتنشقها الإله الذي سيبارك نوحاً ونسله ممن سيُعمرون الأرض !!.
 
أما الزمن الذي بقي فيه نوح ومن معه داخل السفينة -وبحسب ما جاء في التوراة- فبعد العملية الحسابية نستنتج أنه كان لعدة أشهر وربما سنة!!. وهذا غير معقول أبداً لأسباب كثيرة لا يتسع المجال هنا لذِكرها!. بينما كان الوقت الكلي في النص السومري هو ستة أيام بلياليها، وفي النص البابلي سبعة ايام بلياليها.
كذلك نجد أن الرواية التوراتية لم تقل لنا في أية مدينة كان يعيش (نوح)!، ربما لمعرفة الكاتب التوراتي بأن بلاد العبرانيين (فلسطين أو إسرائيل) لم يحدث فيها أي طوفان تأريخي. لكننا نجد أنه يقول لنا مثلاً بأن الحمامة التي أطلقها نوح للمرة الثانية عادت وفي منقارها غصن زيتون!!!، وهذه لفتة ذكية ( شطارة) من قبل المُستَنسِخ التوراتي، لأنه أعطى لروايتهِ التوراتية صبغة الجغرافية العبرية، لأن شجرة الزيتون معروفة في الشام وفلسطين، ولم تكن معروفة في العراق القديم. وفي عالم اليوم ترمز الحمامة وغصن الزيتون في منقارها للخير والسلام والأمل .

يقول كِتاب التوراة بأن الطوفان حدث حين كان عمر نوح (600 سنة)!، وأنه مات عن عمر يناهز ال (900 سنة)!!. وحول هذه المُبالغات يقول المؤرخ أحمد سوسة:
[ لقد إستنتج العلماء أن مُدَوِني التوراة إقتبسوا هذه الطريقة أو المبالغة في ألأعمار من السومريين الذين زعموا بأن عدد ملوكِهم الذين حكموا قبل الطوفان بلغ 8 ملوك حكموا في خمس مدن ولمدة (241.000 الف سنة)!!، وهذه الأعمار الخيالية في تدوين أعمار الأشخاص لم تزل لغزاً لم يتوصل علماء الآثار إلى حله لحد الآن رغم وجود بعض الإجتهادات حول ذلك ].
ومرة أخرى نظبط كتبة التوراة بسرقة أشد المبالغات إضحاكاً في الحضارة السومرية. ومرة أخرى نقول: إن كل السرقات التأريخية هي مدعاة للسخرية حقاً!. 
كذلك هناك قصة طوفان يونانية هي نسخة كاربونية من القصة الرافدينية مع تبديل أسماء الأبطال والآلهة طبعاً!.
وبعد عرض القصص الثلاث نسأل المُصدقين بقدسية وألوهية التوراة: مالذي يجعل القصة التوراتية المسروقة "مقدسة" في أعينكم، بينما نفس القصة -وبنسختها الأصلية- لا ترقى لأن تكون أكثر من أسطورة في كتب التأريخ!؟. 

من ضمن مئات الإقتباسات والسرقات التي شفطها كتبة التوراة وأحبارهم من حضارة بلاد الرافدين كانت قصة (نوح وسفينته الشهيرة) التي لو كانت حقاً حَمَلَت من كل كائن حي "زوجين إثنين" لكان المفروض بها أن تكون أكبر من التايتانك بمئات المرات!!.
كل هذا يقول لنا أن الأسطورة والخرافة يجب أن لا تخرج عن إطارها ومفهومها الميثولوجي لتصبح حقيقة ثابتة مُرسلة من لدن الرب ومطموغة بطمغتهِ المُقدسة!. وهذه كانت واحدة من أكبر أخطاء الأديان التوحيدية، خطأ تبني الخرافة، وهذا لوحده يُعطي ملايين الناس أكبر وأهَم سبب لعدم التصديق والإيمان بهذه الأديان الأرضية!، وكما يقول الكاتِب وعالِم الفيزياء (أسحق أسيموف): "إن الكِتاب المُقدس هو أهم دافع لعدم الإيمان إذا قُريء بشكل دقيق".

ورغم علمنا أن القصص والأساطير مبنية على مخيال البشر، لكنها قد لا تخلو من نتف حقائق تمتزج بالإسطورة، وكما يقول المثل الشعبي العراقي: (ماكو نار بلية دخان)، وهكذا نجد أن الطوفان كان حقيقة واقعة كما ذكرنا أعلاه، ولكن من دون قصة ترافقه، وهذا ورد في تقرير حفريات العالِم الأثاري الإنكليزي (ليونارد ولي 1960-1880م) الذي إكتشف مدينة (اُور) في جنوب العراق، وقام هناك بحفريات (1928م) توصل من خِلالِها إلى دليل جيولوجي يُفيد بحدوث فيضان عظيم في جنوب العراق في الأزمنة الغابرة،  وإليكم القصة الكاملة:
[ حفرفريق العالِم (ليونارد ولي) حفرة في موضع قمامة تجمعت خلال آلاف السنين تحت جدران العاصمة السومرية القديمة، فوجد على عمق (14 متراً) مقبرة للملوك السومريين من حكام بداية الألف الثالثة ق.م، وكانت المقبرة مليئة بالكنوز الفنية وبقايا الأجساد البشرية. ثم أراد هذا العالِم معرفة ما تحت تلك المقبرة، وبعد الحفر في المنطقة التي تحتَ المقبرة، وجدوا طبقة من الطمى النهري بعمق ثلاثة أمتار خالية تماماً من بقايا آثار الحياة الإنسانية، والظاهر أن هذه الطبقة بالذات كانت من نتائج الطوفان التأريخي الرهيب لأرض ما بين النهرين.
الحسابات (المثلثية!) أوصلت العالِم ( ولي ) لنتيجة مفادها أنه لم يصل بعد للطبقة العذراء من الأرض، والتي لم يلمسها إنسانٌ بعد، لهذا واصلوا الحفر إلى أن ظهر تحت طبقة الطمى آثار مستوطنات بشرية (لبن وقذارة وبقايا أوانٍ فخارية)، وأثبتت كِسَر الأواني الفخارية تلك أنها تعودُ لحقبة زمنية وحضارة بدائية مختلفة تماماً عن تلك الموجودة فوق طبقة الطمى النهري!، بمعنى أن طبقة الطمى ذات عمق الثلاثة امتار كانت تفصل بين زمنين ومُجتمعين لا علاقة للواحد منهما بالأخر غير علاقة المكان!.
ولم يكن هناك غير تفسير واحد: وهو ان طوفاناً رهيباً حدث في زمن ما وأغرق مستوطنات قديمة وغير معروفة لنا، وبعد إنتهاء الطوفان وجفاف الأرض أتت شعوب وأقوام اخرى وسكنت بلاد ما بين النهرين، وكان هؤلاء هم السومريون الذين شكلوا أول وأقدم حضارة مكتوبة في تأريخ الجنس البشري.
كذلك تقول معلومات العلماء أنه ولكي يتجمع الطمى على إرتفاع حوالي ثلاثة أمتار، يجب أن يبقى الماء مدة طويلة على إرتفاع لا يقل عن ثمانية أمتار!، وقد بَيَنَت الحسابات العلمية أنه لو وصل إرتفاع الماء لمثل هذا الحد (8 أمتار) لإنغمرت كل الأرض في بلاد ما بين النهرين بالماء !.
إذن فقد وقعت هنا حقاً كارثة مخيفة نادرة الحدوث في التأريخ، ورغم ذلك فهذه الكارثة كانت إقليمية وموضعية، ولكن سكان المنطقة من الناجين ومَن أعقَبَهُم ظنوا آنذاك أن الكارثة عَمَت العالم كله وأن الطوفان كان شاملاً بعثته الآلِهة المُقتدِرة الباطشة كعِقاب للبشر بسبب خطاياهم ]. إنتهى

وحول الطوفانات العالمية يذكر الأب (حبيب هرمز النوفلي) في مقال له بعنوان: (أُمنا الأرض) ما يلي:
[ شهدت الأرض خِلال المليون سنة الماضية أربعة عصور جليدية إستغرقت أحياناً (100.000 سنة)، وقد إرتفع فيها الجليد إلى سُمك يتراوح بين 2 إلى 3 كيلو متر أحياناً!!، إضافة إلى الثلاجات المُترسبة منذُ أزمنة قديمة جداً.
إن آخر فاعلية للجليد تم رصدها كانت قبل 11.000 سنة فقط. وربما يكون سبب هذه العصور الجليدية هو إنقلاب أو إنحراف الأقطاب المغناطيسية الأرضية ].إنتهى.

كذلك نجد في كِتاب (حداثة الحضارات القديمة) معلومة تقول: [ يذكر الجيولوجيون أنه خِلال الحقبة الأخيرة من العصر الجليدي الأخير، هبطت كُتل هائلة من الثلج حتى بلغت ولاية وسكانسن الأميركية، وأن المُجلدات لم تبدأ إنحسارها البطيء شطر الشمال إلا بحدود سنة (900 ق.م). وبينما كانت جبال الثلج تذوب، إرتفع مستوى المُحيط لقرابة مئة متر بالنسبة لمستواه السابق، بحيث غمر عدداً كبيراً من الجزر المعروفة وجزء كبير جداً من سواحل القارات.
ونجد أن طوفاناً حقيقياً أثبته العِلم حدث في بلاد ما بين النهرين. كذلك تقول الأساطير أن طوفاناً حدث في كل من (استراليا، الهند، بولينيزيا، التبت، كشمير، لتوانيا)، ولا ننسى كل الروايات الأغريقية واللاتينية القديمة حول القارات المفقودة (أطلانتس) وغيرها، والجزرالغامضة، والمدن المنسية المغمورة بأمواج البِحار ]. إنتهى.

ماذا يقول بعض الكُتاب والباحثين عن قصة الطوفان:
************************************
كبداية .. أقتبس لكم هذه القراءة المُمتعة من كتاب (بلاد النهرين) للكاتب وعالِم السومريات جان بوتيرو:
[ وإذا كان الكِتاب المقدس -العهد القديم- الذي عُد لمدة طويلة كنتاج فائق الطبيعة وكأنه قد حفظ لنا أقدم وثائق البشرية قد فقد هذا الإمتياز الساذج اليوم، فإنما سبب ذلك قد جرى يوم 3 كانون الأول سنة 1872، حينما اعلن العالِم والآثاري (جورج سمث) في لندن إنه قد إكتشف على لوح مسماري رواية للطوفان قريبة جداً من رواية سِفر التكوين في العهد القديم، بحيث لا يمكن لنا ان ننفي تبعية سِفر التكوين تجاه تلك الرواية في موضوعها وإسلوبها الأدبي ]!!!.
 
وحول نفس الموضوع يقول العالِم الآثاري الشهير (صمويل نوح كريمر) المختص أيضاً في عِلم السومريات وبلاد الرافدين في كِتابهِ (ألأساطير السومرية):
[ إن قصة الطوفان التي دَوَنَها كتاب التوراة لم تكن أصيلة، وإنما هي من المبتكرات السومرية التي إقتبسها البابليون من سومر، ووضعوها في صيغة الطوفان البابلي ].
كذلك يقول في كِتاب آخر له (من ألواح سومر): [ صرنا متأكدين الان من أن قصة الطوفان التي وردت في التوراة لم تكن في الأصل من وضع مُدَوِني أسفار التوراة ].

 وفي كِتابه (مغامرة العقل الأولى) يقول الباحث فراس السواح: [ تبدأ هذه الخطوط العريضة لإسطورة الطوفان عند السومريين ثم تنتقل إلى البابللين ومنهم إلى العبرانيين، ومع السُفن الفينيقية تنتقل إلى اليونان ].

أما الكاتب والمفكر (سيد محمود القمني) فيقول في كِتابهِ (الأسطورة والتراث):
[ لقد سَجَلَ الكاتِب التوراتي الملحمة الرافدية بكل منمنماتِها وزخارفِها الدقيقة، ولكن إذا كان سكان الرافدين قد سجلوها تذكرة بحدث يتعلق بظروف طبيعة بلادهم، وبأنساقِهم الفكرية، فإن الكاتب التوراتي الذي لم يَعِش واقع الحدث ولا علاقة له بالأمر، يتناول الملحمة ليُحَقِق منها أغراضاً أخرى، فيُنَسِب الأمر كله للرب العبراني، ثم يُنَسِب بطولة الملحمة للرجل الذي نَسَبوا إليهِ النسل الميمون (نوح)، لأن من نوح سيأتي بنو (عابر). ثم يُضيف الكاتِب التوراتي ما لم يكن في الأصل الرافدي، بما يُصادق على رؤيتنا بشكل وضاء، تلك الرؤية التي تزعمُ أن بني (عابر) قد إستلبوا التُراث، وحشوه بما يلزم، ثم أعادوا تصديره إلينا مرة أخرى، ملحقاً بما يُحقق أغراضهم المرصودة ]!!.

كذلك نقرأ رأي الكاتب (الأب سهيل قاشا) المطروح في كِتابهِ (تأريخ الفكر في العراق القديم) حيث يقول:
[ … والسؤال الأخير الذي يطرح نفسه: هل إعتمد النص التوراتي على النص البابلي أو أي من النصوص الأخرى؟. والجواب الذي أراه بالدراسة الموضوعية للنصوص هو نعم. والواقع أن الهيكل العام للرواية التوراتية ينطبق بكل خطوطه العريضة، وبكثير من تفاصيله على النص البابلي، حتى أن بعض التعابير تكاد تنطبق بحرفية مُطلقة. أما من ناحية الصياغة الأدبية، فإن النص البابلي يتفوق بشكل واضح جداً على نص التوراة ].

وتقول (ستيفاني دالي) في كِتاب (أساطير من بلاد ما بين النهرين): [ وقد عُثر على روايات أخرى للطوفان في بقاع مختلفة من العالم، ومن المُرجح أن الرحالة والمُرسلين المسيحيين الأوائل هم الذين نشروها، ولا يوجد أي سبب للإعتقاد أن جميع هذه الروايات على إختلاف نصوصها تولدت محلياً ].

أما المؤرخ والباحث الراحل (أحمد سوسة) فيقول في كِتابهِ (تأريخ حضارة وادي الرافدين): [ وقد أثبتت المُكتشفات الأخيرة أن قصة الطوفان التي وردت في التوراة ترجع إلى العصور السومرية والبابلية، ثم تناقلها كتبة التوراة وغيرهم من الأقوام، وأصبحت بعدئذٍ جزءاً من العقيدة المسيحية ].

أما أجمل إستشهادات الكُتاب المختصين والمعروفين فكان ما كتبه الراحل الرائع (بهنام أبو الصوف) في واحدة من مقالاته، حيث يقول:
 [ ثم إنتقلت هذه القصة (الطوفان) وبعد تحويرات كثيرة اُجرِيَت عليها إلى التوراة في قصة نوح والطوفان العظيم، وذلك أن نبوخذ نًصر الثاني لما جاء باليهود اُسرى إلى بلاده كان من ضمنهم مجموعة كبيرة من أنبياء بني إسرائيل، ومنهم (دانيال، حزقيال، نحميا، عزرا)، وهذين الأخيرين هم أذكى الأربعة، وكانوا في الواقع الكتبة الذين سطوا على تراث بلاد الرافدين (ميزوبوتيميا) وتأريخها وأفكارها، وقاموا بتدوينه ونقله إلى تُراثهم، وأسبغوا عليه صفة تأريخية ودينية أخذت بالتجذر والتعمق في وعي اليهود ومن ثم في تأريخ المنطقة.
إن الأسفار الخمسة بداية من سفر التكوين الذي إستعاد ملحمة الخلق السومرية تم تدوينها جميعاً في بابل، إلى جانب قصة الطوفان وغيرها من أساطير المنطقة، كجنة عدن التي هي عبارة عن قصة السهل الخصب في الخليج كما قلنا…. الخ ].   
 
وهناك عشرات الإستشهادات العالمية والأكاديمية الموثقة لأكبر الكُتاب المختصين وعلماء الآثار والمؤرخين، التي تفضح مِئات الإقتباسات التوراتية المُخجلة التي نشرها اليهود للعالم من خِلال كِتابهم (التوراة) على أساس أنها دين سماوي مُقدس وجديد من وحي "يهوة" رب اليهود العبريين!!.والأنكى أن الدينَين المسيحي والإسلامي يؤكدان على صُدق قصة الطوفان والسفينة الأعجوبة والنبي الوهمي نوح !!!، وهذا يقول لنا بأن العيب والخلل ليس في مَن يبيع للناس أدياناً مُضحكة، بل العيب .. كل العيب في الشاري الساذج المسكين !!.

 القراء الأفاضل
البحث في قصة الطوفان الأصلية ومقارنة النص التوراتي المُستَنسَخ بها ليس بالعمل الجديد، فقد تناوله قبلي الكثير من الكُتاب والباحثين والدارسين. وأنا هنا أدلو بدلوي كما يُقال، وأتمنى أن أكون قد قدمتُ لكم ما يُفيدكم ويمتعكم ويُنوركم من أمور التأريخ العريق لوطننا العزيز العراق (ميسوبوتاميا)، فإن كنتم تعلمون مُسبقاً (بكل) ما جاء في البحث من معلومات .. فخيراً على خير، وإن لا .. فيُسعدني ويُشرفني إنني شاركتُ في زيادة معرفتكم بتأريخكم الجميل وبعض حضارة وتراث أجدادكم التي سرقها وإدعاها لنفسه من لم يكن له موهبة غير التزييف والإحتيال وسرقة الشعوب وتقديس الخرافة والسخافة!. تحياتي.
 
لمعرفة التناقضات والمُضحِكات واللا معقول في قصة الطوفان التوراتية أُقدم لكم أدناه، ولمدة ست دقائق، فلم (كارتون) ساخر وناقد لرواية الطوفان التوراتية!.
http://www.youtube.com/atch?v=GRGiPgsVlf0

المجد للإنسان.
الحكيم البابلي - طلعت ميشو. أكتوبر - 2014
[email protected]
*************************************************
مصادر المقال:
1- بلاد النهرين ……………….…………......…. جان بوتيرو.
2- الأساطير السومرية ……………......………. صموئيل نوح كريمر.
3- من الواح سومر ……………….......………. صموئيل نوح كريمر.
4- مغامرة العقل الأولى …………......………… فراس السواح.
5- الأسطورة والتراث ………………........…… سيد محمود القمني.
6- قصة الخليقة …………………….......…….. سيد محمود القمني.
7- تأريخ حضارة وادي الرافدين ……...……. احمد سوسة.
8- تأريخ الفكر في العراق القديم ……………. الأب سهيل قاشا.
9- التوراة بين الأسطورة والحقيقة والخيال…. ابراهيم شاهينيان.
10- الأساطير بين المعتقدات القديمة والتوراة .. علي الشوك.



#الحكيم_البابلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُذكرات حزينة على هامش دفتر الوطن.
- الكائنات الدينية الخيالية الطائرة !!.
- نقد .. من أجل موقع للحوار أكثر ديمقراطيةً وعدلاً !.
- نقد وتثمين لقصة -الرقص على الأحزان- للسيدة الأديبة فاتن واصل ...
- أسباب هجرة مسيحيي العراق ، ومن كان روادها الأوائل ؟.
- الشعراء الصعاليك في الجاهلية ، ( تأبط شراً نموذجاً ) .
- اللعنة التي تُلاحق العراقيين !.
- الجذور التأريخية لتحريم العمل في السبت اليهودي
- هل حررتنا أميركا حقاً ؟
- -أكيتو- .. عيد الربيع البابلي ، جذوره ، أيامه ، عائديتهِ
- حكاية ... لم تلفظها الأمواج بعد
- المسطرة الجنسية بين الحلال والحرام
- نقد النقد ، حول مقال السيد سيمون جرجي الناقد لمقال الحكيم ال ...
- الكلمات النابية الدخيلة في اللهجة العراقية الدارجة
- رحلة إلى تركيا والأراضي المقدسة - القدس
- جذور إقتباسات الأديان التوحيدية -- الجزء الأول
- شجرة عيد الميلاد ، بين دمعةٍ وإبتسامة
- نقد لسلبيات موقع الحوار المتمدن
- هل الأرض مُختَرَقة فضائياً ؟
- يَرمازية وجراد .. ووطن


المزيد.....




- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الحكيم البابلي - سفينة نوح ... زبدة سخافة الأديان الأرضية !.