أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل ينبغي التسليم بالعولمة كحقيقة وجودية ج1














المزيد.....

هل ينبغي التسليم بالعولمة كحقيقة وجودية ج1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4590 - 2014 / 10 / 1 - 21:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد ظن البعض أن القبول بالعولمة ما هو إلا استبدال للهوية الوطنية بالهوية العالمية التي تعني حرية اكبر ورفاه أوسع وسد للحاجات أسرع من ذي قبل, بل تعني تمتع حقيقي بمبادئ وشرعة حقوق الإنسان, لقد داعب هذا الوهم مخيلة الجنوب والشرق الذي لم يعي الهوية أيضا وفشل مرة أخري في توضيحها وبلورة موقف جاد منها كما فشل سابقا اثناء فترة الحداثة وما بعدها فأسترسل البعض بأحلامه ليصطدم بواقع مرير تفرضه الحمائية التي سنها الغرب والشمال, بكل الصور الدينية والاقتصادية وصولا إلى الفكر لينتهي حلم المواطنة الكونية على قوارب تطعم البحار والمحيطان من لحم ذلك الإنسان الحالم بالكونية والذي صدق وأمن بالمقولة دون أن يعني أنه يواجه عالم لا اخلاقي عالم تدفعه غريزة الصراع للغلبة والإلغاء دون أن يهمه أصلا مصير الإنسان.
إن انهيار صورة الإنسان الكوني هذه لها أسباب كثيرة منها ما يتعلق بالفكرة أصلا وتهافتها المريع كما بينا سابقا ,ومنها حقيقية رؤية وفكر واستراتيجيات من دعا وبشر بها ,دون أن يكون جادا ومخلصا في دعوته تلك ومنها ما هو أصلا متجدر بصورة الوجود الكوني الأولي وحقائق التكوينات التي قسمت العالم إلى غرب وشمال متحد وإلى شرق وجنوب فاقد للوعي والوحدة والحزم والقدرة على الأستجابة للتحديات المصيرية, هذه الصورة التي تبلورت دون أن تؤسس لها شبكة من المستوجبات البدية, مثل مفاهيم حقيقية للمواطن الكوني كحقوق وواجبات, ومفهوم العقد الاجتماعي الجديد الذي يؤطر للنظرية, كما أنه لا بد من تجسيد الفكرة من خلال مؤسسات قادرة على تصحيح وتصويب الأخطاء والممارسات ,وغيرها من الضرورات الحتمية التي تفتضيها التجربة وتمعن في تأصيلها.
هنا أستذكر مما فهم من فلسفة نيتشه ((أن الفلاسفة يقدمون أنفسهم في خطاباتهم تحت شعارات العقل المحض والمعرفة المطلقة والحقيقة المتعالية والقيمة العليا واليقين بلا توسط، ولكن ما يتسترون عليه في أقاويلهم ومزاعمهم هو طغيان الغريزة وإرادة القوة والمذكرات الذاتية والاعتقادات المسبقة والحيل اللطيفة والشعوذات الفكرية وهذه الأشياء لا تُرى في العقول ليس لأنها خفية، بل هي ظاهرة ولكنها لا تُرى وسط الرؤية بالذات))الاستذكار هنا ينصب في الشق الاخير من المقولة لكونها لا ترى وسط الرؤية الذاتية الأنانية التي لا تتوافق اصلا مع المثل والقيم العليا.
إن ارتباط الهوية الذاتية من جهة بالذاكرة والوعي، ومن جهة أخرى بالإرادة وذلك تبعا للمنظور الذي يتم منه وفيه البحث عنها هو الإعلاء الحقيقي من قيمة الأنا الإنسانية، أي الكائن العاقل والأخلاقي الذي يدخل في علاقات مع الغير، مبنية على التضامن واحترام الكرامة الإنسانية وأن خضوع هذه الأنا لشروط موضوعية تحت ظرف ما، لا ينفي قدرتها على المبادرة و الفعل و التباعد، فالأنا حرة بحرية مشروطة تتأكد عبر الاختيار الحر والطبيعي والتضحية والمسؤولية بوعيها بالموضوع بالأخر بالعالم المحيط بالنتائج التي ستؤول إليها التجربة وما يتمخض منها وما يبنى عليها من أفكار تتجدد وتتبدل تبعا لتطور الزمن ومستحصل التغير اللازم أبدا.
إن العولمة بهذا الشكل المفاجئ بالظهور والمتسارع خارج حدود السيطرة عليه بالوعي والتأمل والذي طرحت به نفسها سوف تصطدم بقوى وقيم تنبع من نفس المنظومة التي أنتجتها الأن, ولأن عوامل الانهيار حتمية فيها من خلال تبني القطبية الواحدة وإلغاء الأخر, وأن للعولمة استحقاقات تأتي لا حقا لها كما حدث مع ظهور الحداثة وتشكل فكرة ما بعد الحداثة بمفهومها التفكيكي وإعادة القراءة وفق قوانين الحداثة نفسها التي مهدت لمرحلة ما بعد الحداثة, إن مصير العولمة اليوم مرتبط بقدرتها على الحفاظ على أحادية القطب وهو ما مشكوك فيه مع تزايد نمو وتسارع هذا النمو لصالح قوى اقليمية ودولية مؤثرة وظهور مجتمعات أقتصادية صارت تزاحم وتنافس هذه القطبية الواحدة وإعادة إنتاج للوعي الشرقي وخاصة الصيني الروسي وتحدي النمور الأقتصادية التي استفادت من العولمة وحولته من مصدر للجذب نحو الغرب إلى مصدر تدخلي مؤثر في مفاصل الغرب الاقتصادية .
تقول الباحثة كوثر خليل في نقدها للكونية وما جلبته كحس نفسي عانت منه الإنسانية من خلال التركيز على فوبيا الأخر وبعدها الأخلاقي التي جعلت من العالم اليوم عالم أكثر خشونة وأقل دفأ في علاقته وفي ما يفرض من حس طبيعي بالأشياء((إن الكونية في بُعدها المدني تظل مسؤولية ذات شِق وجودي و آخر مادي إنها تعني الاضطلاع بوجودنا كبشر مسؤولين عن قيم إنسانية أساسية مثل محاربة الظلم والفساد والاعتراف للآخر بنفس الحق في الحياة والكرامة واُحترام رأيه والمدافعة عنه حتى عند الاختلاف معه ،إنها الارتفاع عن مصالح ذاتية مادية للحد من الخلل في توزيع الثروات في العالم واُعترافٌ لصاحب الأرض بِحقـّه مقابل الخطاب الاستعماري الذي يلتهم كل شيء ويشرّع الظلم بغايات موهومة مثل جلب الديمقراطية للعالم الثالث وكأن الديمقراطية مجرد مظلة تحمينا من المطر)) .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيار الصعب في نقد الذاكرة
- هل كان العراقيون القدماء وثنيون ؟.
- الأنا والأخر ونحن في عولمة الوجود
- التكامل بين الأنا والآخر في سياق ومفهوم فلسفة العولمة
- إشكالية البحث عن الهوية في ظل عالم عولمة متعدد الهويات
- أنماط الأحلام وتنوع الصور الحلمية
- الفعل البيويلوجي أثناء التحلم أو الحلم
- الحلم في دائرة الفهم العلمي
- علاقة الأحلام بالعقل ونظامه التشغيلي
- الحلم ومحدد الزمن
- الأحلام صور عقلية منتجة
- إشكالية الحداثة في تجسيدها للواقع الما بعدي
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح1
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح2
- سلعو وشنه , قصة قصيرة
- التجديد الفكري واعادة قراءة الفهم الديني


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل ينبغي التسليم بالعولمة كحقيقة وجودية ج1