أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عطا درغام - شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 9














المزيد.....

شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 9


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4589 - 2014 / 9 / 30 - 13:39
المحور: حقوق الانسان
    


طفل في القفر
ويروي فائز الغصين:
وبعد أن قطعنا مسافة غير قليلة من الطريق رأينا طفلا لا يتجاوز الرابعة من عمره ، أبيض اللون بعينين زرقاوين وشعر ذهبي تلوح عليه آثار الترف والدلال واقفا بالشمس لا يتحرك ولا يتكلم ، فأمر الضابط الحوذي أن يوقف العجلة ، ونزل وحده وسأله فلم يجبه علي سؤاله ، ولم ينبس ببنت شفة فقال ، لو أخذنا هذا الطفل معنا لديار بكر ، لأخذته منا الحكومة ، وكان نصيبه كنصيب كنصيب أبناء جنسه القتل .
فالأوفق أن تتركه لعل الله أن يحنن عليه الأكراد يأخذه ويربيه.فلم يقدر أحد منا أن يكلمه بشيء وركب العجلة وسرنا وتركنا هذا الطفل كما رأيناه لا يتكلم ولا يبكي ولا يتحرك أبدا.
زمن يعلم ابن أي مثر أو ابن أي من أعيان الأرمن وأشرافها، كان لا يري الشمس أصبح يتيما بعد قتل أبويه وأقاربه وملء الذين كانوا متكفلين بحمله وضجروا منه ؛ إذ أن كل امرأة كانت عاجزة عن حمل نفسها ، فتركته في أرض الله فيقفر بعيد عن المدن والقري.
فيا سبحان الله ، إن الإنسان الذي يشفق علي الحيوان ، فيؤلف جمعيات الرفق بالحيوان أصبح لا يشفق علي أبناء جنسه ، وخصوصا علي الأطفال الذين لا يقدرون يبقون شكواهم وهم علي الكلام بقادرين ، فيتركهم تحت حرارة الشمس ظمأي هلكي من الجوع معرضة حياتهم للوحوش.
وبعد أن تركنا ذلك الطفل وقلوبنا علي جمر الغضب، وقد أخذ الكدر والحزن منا كل مأخذ. وصلنا قبيل المغرب لخان يبعده عن ديار بكر بضع ساعات ، فبتنا فيه .
وفي الصباح سرنا بين أشلاء القتلي، فما كنا نري إلا رجلا ملقي علي الأرض مضروبا برصاصة وطفلا نائما نومته الأبدية بجانب أمه ، وشابة في ريعان عمرها واضعة يدها بين فخذها خجلا .
وهكذا ، كان طريقنا إلي أن جئنا لقناة ماء يقال لها " قره يوكار" بقرب من ديار بكر. وهناك وجدنا أن أنواع القتل والوحشية تبدلت.
ورأينا أجسادا أحرقت حتي غدت رمادا ، فسبحان علام الغيوب .كم من عروس لم تهنا بعرسها ، وكم من شاب في زهرة شبابه ، وكم من شابة في ربيع شبابها اختارت لها رفيقا يرافقها بحياة تشاطره الأسي ، ويشاطرها أحرقوا في ذلك الحل المشئوم.
وكنا نظن أنا لا نري من أجساد القتلي قرب جدران المدينة ، فخاب ظننا ؛ إذ إننا بقينا نسير بين الأجساد إلي أن دخلنا باب سور مدينة ديار بكر السوداء، وقد دفنت جميع جثث الأرمن التي بجوانب الطرق عن أمر من الحكومة بعد أن كتبت جرائد أوربا عن هذه الجثث الملقاة في الطرق حسبما علمته من بعض الأوروبيين الذين عادوا من أرمينيا بعد المذابح.
وعند وصولنا لديار بكر سلمنا الضابط لحكومة ديار بكر ، وألقينا في السجن . وبقيت في سجن ديار بكر اثنين وعشرين يوما وقفت أثناءها علي الحركة بتمامها ، إذ قص علي أحد المسجونين هناك وهو مسلم من أهالي ديار بكر قصة ما جري للأرمن في ديار بكر ، فسألته ما سبب وقعة الأرمن ؟
تري لماذا فعلت الحكومة بهم هكذا ؟ فهل فعل الأرمن أمرا أوجب تلفهم جميعا ؟ فقال : أما ما فعله الأرمن وخصوصا الشبان منهم منذ إعلان الحرب بداوا ألا يعبأون بأوامر الحكومة، وأكثرهم فر من الجندية وشكلوا توابير( توابير السطوح)، وبدأت هذه التوابير تأخذ دراهم من أغنياء الأرمن ليشتروا بها سلاحا وكانوا لا يسلمون حالهم للحكومة ، لترسلهم لتوابيرهم حتي أن وجهاء الأرمن وزعمائهم اجتمعوا وذهبوا إلي دائرة الحكومة وطلبوا منها أن تؤدبهم ، لأنهم ليسوا براضين بالأعمال التي يفعلونها .فقلت له : هل قتل الأرمن أحدا من مأموري الحكومة أو من الأكراد أو من الأتراك في ديار بكر ؟ فأجاب كلا لم يقتلوا أحد بل انه بعد مجيء الوالي رشيد بك وقائد الدرك رشدي بك ببضعة أيام ، وجاء عند بعض الأرمن أسلحة ممنوعة ووجد بالكنيسة أيضا من هذه الأسلحة ، جلبت بعض زعماء الأرمن وزجتهم في السجن ، فجاء الرؤساء الروحيون ، وراجعوا الحكومة وطلبوا إخلاء سبيل الزعماء ،فلم تجبهم الحكومة لطلبهم ، بل أنها أرسلت الرؤساء الروحيين إلي السجن أيضا ، فبلغ عدد الوجهاء الذين أدخلوا السجن نحو السبعمائة وجيه .
وفي احد الأيام ، جاء قائد الدرك وبلغهم أنه صدرت الإرادة السامية بنفيهم إلي الموصل ليقيموا فيها إلي أن تضع الحرب أوزارها. فصقفوا بأيديهم استحسانا وكان منهم أخذ ما يلزمه من الدراهم والثياب والفرش وذهبوا ليركبوا الكلك ( أخشاب توضع علي قرب منفوخة يستعملها سكان تك البلاد ويسافرون علي ظهرها في نهر الفرات والدجلة ).
ولم يصل منهم أحد إلي الموصل ، ثم استمرت الحكومة علي إرسال الأرمن وإتلافهم كل عائلة بعائلتها رجالا ونساء وأطفالا وأول من أرسل من ديار بكر عائلة قزازيان وطرنجيان وميناسيان وكشيشيان ، وهذه العائلات هي أغني عائلات الأرمن في ديار بكر، وقد أرسل مع السبعمائة شخص أحد المطارنة وهو " ماندرياس" علي ما أتذكر ، وهو مطران الأرمن الكاثوليك ، وكان شيخا جليلا عالما عمره نحو الثمانين سنة ، فلم يحترموا لحيته البيضاء فأرقوه في الدجلة .
وكان وكيل مطران الأرمن في ديار بكر " مغرديج" مسجونا مع السبعمائة شخص، فلما رأي ما حل بقومه لم يتحمل الذل وعار السجن فكب علي نفسه نفطا وأحرق نفسه .
وقد حدثني أحد المسلمين وكان مسجونا ،لأنه كتب لهذا المطران مكتوبا قبل الوقعة بثلاث سنوات أن " مغرديج" كان عالما شجاعا جريئا مقداما لا يهاب الموت ولا يقبل الضيم والذل ، يحب أمته محبة عجيبة.
وقد هجم بعض الأكراد المسجونين علي الأرمن وقتلوا شخصين أو ثلاثة في وسط السجن ، وذلك طمعا بأموالهم وثيابهم ، ولم تجر العدالة بحق معاملة ما ، ولم تبق الحكومة الأرمن في الحبس وتحادثت وإياهم مرارا عديدة وهؤلاء من فدائي الأرمن علي ما تزعجهم الحكومة.
وآخر من أرسل من عائلات ديار بكر عائلة دونيجيان ، فقد أرسلت في شهر تشرين ثاني سنة 1915 تقريبا ، وكان يحميها بعض وجوه ديار بكر ، إما طمعا بمالها أو بجمال بعض نسائها .







#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 8
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 7
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 6
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 5
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 4
- شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 3
- شهادات عن مذابح الأرمن سنة 1915- فائز الغصين -2
- شهادات عن مذابح الأرمن سنة 1915- فائز الغصين -1
- شهادات عن مذابح الأرمن في أضنة وطرسوس في أبريل 1909
- شهادات أحياء ناجون من مذابح أضنى أبريل 1909
- شهادات عن الإبادة الأرمنية سنة 1915 – فائز الغصين
- المسرح الأرمنى القديم
- القضية الأرمنية في الدولة العثمانية ( 1887 -1923 )
- الأرمن والغرب والإسلام :جناة وضحايا و متهمون
- الأرمن في الدولة العثمانية ( وفقا لرؤية بورنوتيان )- 2
- الأرمن في الإمبراطورية العثمانية ( وفقا لرؤية بورنوتيان )
- الشرق والغرب يلتقيان ( مملكة قيليقية الأرمنية ) وفقا لرؤية ب ...
- أحوال أرمينية تحت الهيمنة العربية ( 640-844) ( وفقا لرؤية بو ...
- أرمينية في العهدين الفارسي والبيزنطي ( وفقا لرؤية بورنوتيان ...
- حول التاريخ الأرمني في العصور الوسطي ( من كتاب موجز تاريخ ال ...


المزيد.....




- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...
- صحيفتان بريطانيتان: قانون ترحيل اللاجئين لرواندا سيئ وفظيع
- قبالة جربة.. تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عطا درغام - شهادات عن مذابح الأرمن- فائز الغصين – 9