أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - العجوز مقدمة الطبعة الفرنسية














المزيد.....

العجوز مقدمة الطبعة الفرنسية


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4589 - 2014 / 9 / 30 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


مقدمة الطبعة الفرنسية

بقلم المستعرب الكبير دانيال ريج

"كل شيء يختلط، ويذهب حُلُمُها ذهاب الزمان على مر الأيام. الشهور تمر والأعوام والقرون، وهي ها هنا، ترى الزمان يمضي في أحلامها...".

من الممكن أن تكون العجوز حكاية شهرزادية، مسرحية تراجيدية، قصيدة ملحمية... لكنها من حيث الجوهر رواية. نُشرت أول مرة بالعربية في بغداد عام 1974، وأُعيد نشرها في الجزائر عام 1991، وها هي اليوم عام 2003 تُعاد كتابتها بالفرنسية كلها بقلم مؤلفها، أفنان القاسم، الكاتب الغزير الإنتاج من أصل فلسطيني.

إنها لرواية رمزية، لأن من الواضح أن العجوز، محور الرواية، لهي في قلب شعب بأكمله، معبودة، مغنّاة، يُحلم بها في غالب الأحيان... ولكنها أيضًا مكروهة، ملعونة، فحضورها يعني الشيخوخة، الانحطاط، السقوط. إنها تاريخ هذا الشعب نفسه، وبوصفها تخثرًا للزمن، تغلغلت في العقول قاطبة، وتيبست فيها.

إنها كذلك هذه العجوز، التمثال المشيّد للمكان الراهن: "وجهها حفرته الريح والدموع، خريطة ممزقة، قطّعته التجاعيد، شعرها عشب يابس، وجسدها ما هو إلا غصن مكسور، معقوف...". هذه الجغرافيا من الآن فصاعدًا جغرافيا البلد. عندما تستدير لا ترى شيئًا من ورائها، "لا شيء"، وعندما تريد التقدم خطوة تعجز ساقاها عن حملها، والشيء نفسه بخصوص عينيها اللتين لا تقدران على تمييز ما هو على مرمى يدها أو يكاد.

القرية، قريتها، مغلقة داخل جدران بناها القرويون أنفسهم، على الرغم منهم، وهي محاصرة، ألم يقل شيخ الجبل، الأعرج: "نظرت إليكم من أعلى، وشاهدتكم في الليل نيام، وفي النهار عبيد"؟ الحقل المهمل، الأعشاب الرديئة، المحراث المكسور، أليست إشارة إلى أن "الأرض اليوم مثلي، الأرض أنا، عجوز"؟ الظلام، الليل الساحق، البرد، ألم يجتاحوا البلد؟

إلا أن في الوجه المقابل هناك عالم الحاكم حيث يسود الغنى، القوة، وحيث يقع الاغتصاب، القتل: "هذه الورقة الخضراء من حديقة الحاكم الذي جعلتموه أممكم وحصونكم... في البداية تركوني أزرع الأرض، فزرعتها، وهم أكلوا... في أرض الحاكم خراف ترعى... في ليلة ليلاء لا قمر فيها ولا نجوم، اقتحم علينا جنود الحاكم الدار، واختطفوني، ثم رموني في أحضانه، ليفترسني... إذن فهم أخذوك في أحضانهم، وها أنت جسد مباح!".

ومع ذلك، كان يوجد عالم آخر: "الماضي أين هو؟ الماضي هو شبابك، أيامك الخضراء، الماضي هو أنتِ قبل أن تصبحيك. أنت الآن غريبة عنك، ومع هذا، فلم تكوني يومًا أنت. نعم، أردتُ أن أكون المستقبل، ولكن...".

تحلم العجوز بعالم يقدر كل شيء فيه على استعادة مكانه: "ستعود إلى الحقل ليونةُ جسدكِ لما كنتِ في السادسة عشرة!" إلا أن هذا العالم لم يعرفه أحد غيرها، حتى ولو اعتقد الجميع بتذكرهم إياه. إنه ينتمي إلى زمن آخر اكتمل، لم يعد موجودًا سوى في الذكريات وفي الكتب الصفراء، لم تعد المعجزة منه تجيء.

العجوز إذن عبارة عن مِشْكال، الألوان فيه ألوان حقيقية في ظاهرها، براقة، حية، مرحة، والأشكال أشكال حقيقية في تجليها، واضحة، صادقة، كاملة. ومع ذلك، لا صلة لنا إلا بالظلال. الفضاء رمادي، ضبابي، لا يحتل أي مكان محدد، أو مسمى، والزمان لا يتوقف في أية لحظة محددة. كل شيء غير محتمل كما في الحُلم، وتغدو العجوز المكان نفسه حيث تتقاطع الهنا والهناك، أمس والغد، لأنها رواية ذات معالجة باروكية (الأسلوب الباروكي في التعبير الفني أدبًا وبناءً تميز بالزخارف والحركية والحرية في الشكل، وهو يخالف الأسلوب الاتباعي).

تُبَيِّنُ الرواية الحيوية والتباهي، ويطيب لها الكشف عن المجد الدنيوي للغَناء والإفراط وكذلك الحيوية ذات الكبرياء واللا اكتراث لشعب وعظمته. إلا أنها تقول في الوقت ذاته اضطرابَ من يكتشف، كل يوم، أنه يحيا على الرماد. فيها يُعنى المؤلف بفن الظاهر والباطن، يُظهر المظاهر في نفس الوقت الذي يكون فيه وسيطًا، ويقود البطلة المقنّعة خطوةً خطوةً في تواترها إلى لقاء نفسها، عبر مأساة الشعب الذي تجسده.

يقترح علينا أفنان القاسم هنا عملاً نادرًا وناجحًا في محتواه الكونيّ العمقِ وبالقدر ذاته في هندسته المكثفة عَبر سيرٍ للأحداثِ واحدٍ يفرشه في زمن واحد ومكان واحد. ومن هذه الناحية، يلتقي هذا العمل على دروب الإبداع بالأعمال الكلاسيكية.







#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسى وجولييت النص الكامل نسخة مزيدة ومنقحة
- موسى وجولييت الفصل الرابع والثلاثون
- موسى وجولييت الفصل الخامس والثلاثون والأخير
- موسى وجولييت الفصل الثاني والثلاثون
- موسى وجولييت الفصل الثالث والثلاثون
- موسى وجولييت الفصل الحادي والثلاثون
- موسى وجولييت الفصل الثلاثون
- موسى وجولييت الفصل الثامن والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل التاسع والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل السابع والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل السادس والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الرابع والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الخامس والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الثاني والعِشرين
- موسى وجولييت الفصل الثالث والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الحادي والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل العِشرون
- موسى وجولييت الفصل الثامن عشر
- موسى وجولييت الفصل التاسع عشر
- موسى وجولييت الفصل السابع عشر


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - العجوز مقدمة الطبعة الفرنسية